<!--<!--
قامت الثورة وأتت نتائجها بنصر عظيم وكاسح للشعب المصري المقهور على مدى ثلاثون عاما عانى فيها الشعب معناه كبيرة سياسياً واقتصادياً وانعكس ذلك اجتماعيا على كافة أطياف المجتمع واختلط الحابل بلنابل وازداد الفقر والجهل وعدم المساواة في الحقوق والواجبات وانتشار الفساد بكافة أشكاله المادية والمعنوية وأثر ذلك على نفسية المواطن المصري وانعكس ذلك على اضمحلال كرامته وسقوطها سقوطاً متهاوياً في الحضيض ثم ثار الشعب وانفجر وخرج ليشجب ويندد ويخرج جم غضبه على السلطة وعلى النظام حتى استطاع أن يسقطه في سابقة من السوابق التاريخية المجيدة ووقف الجميع وبصوت مرتفع لقد نجحت الثورة ونجح الثوار في إسقاط النظام العتيد إسقاطاً ليس له نظير وبعد أيام قليلة خرج أبناء الشعب من شباب الثوار لينظفوا الشوارع ويبيضوا الطرقات ويجملوا مصرنا الحبيبة في أجمل مظهر للحضارة الثورية الجميلة وكان الشعب كله على قلب رجل واحد لمصلحة مصر ومصلحة شعبها ثم مرت الأيام والليالي وإذ بتحول المظهر الحضاري إلى العديد والعديد من مظاهر التخلف والعربدة حيث اكتظت الطرقات بالباعة الجائلين واستقطعوا الأرصفة التي يمشى عليها المارة لتكون مكان لرواد بضاعتهم دون أن ينتقدهم أحد بل يتشاجر هؤلاء على اقتطاع جزء من الرصيف ليفترش عليه بضاعته بالقوة ولا سيما يقتتل هؤلاء على الأرصفة أما المارة فلا يهم إن كانوا يجدون مكان يسيرون عليه أو يسيرون دون وعى في منتصف الطريق ليجد نفسه في وسط مظهر أخر لتخلف وهم قائدي المركبات (السيارات) بكافة أنواعها العامة منها والخاصة فيجد المارة أنفسهم لكي يعبر الطريق وسط معركة خطرة للعبور وهو يحاول أن يشاور لقائد المركبة بأن يهدأ من سرعته حتى يعبر وإذ بصاحب المركبة ينظر إليه بلا مبالاة ويزيد من سرعة سيارته أو لا يتوقف أو ينتظر قليلاً حتى يعبر المارة في سلام وهناك الكثير من المآسي التي تحدث أثناء عبور الطريق أو حتى السير به من قائدي السيارات وعجباً كل العجب عند عبور الطريق ويكون ذهاباً وإياباً فينظر عابر الطريق في اتجاه السيارة القادمة نحوه ليتفاداها فإذا بسيارة أخرى تمشى عكس الاتجاه تضربه وهو لا يراها وترديه إما مصاباً أو قتيلاً ويأخذ صاحب المركبة نفسه ويفر هارباً وكأنه لم يفعل شئ وأيضاً عجباً كل العجب حيث أن ارتفاع الأسعار الغير مبرر كان من الأسباب الرئيسية لقيام الثورة عازيين السبب على الحكومة ومن ثم تم إسقاط النظام ونجد الآن التجار والباعة وأصحاب المحلات المفترض أنهم أبناء هذا الشعب وأبناء هذا الوطن وأنهم ممن وقفوا في ميدان التحرير يطالبون بإسقاط النظام الفاسد الذي تجرأ على حق الشعب فإذا بهم يستغلون الحياة الصعبة للمواطن المصري في غياب الرقابة عليهم برفع الأسعار وتحقيق مكاسب مالية مستغليين حالة الفوضى والفراغ الأمني في البلاد فهل يحتاج الشعب المصري لثورة على نفسه لتغيير السلبيات والسلوكيات الخاطئة التي أوشكت أن تهدم الثورة وتطفئ نجاحاتها ومكاسبها التي حققتها فلا أتوقع أن من يفعلون ذلك هم من أبناء الشعب المصري الأصيل الذين شاركوا في الثورة وضحوا بأنفسهم من أجل إعلاء مصر ومن أجل حياة أفضل لمصر ويأتي هؤلاء المنتفعين الذين يريدون تشويه مظهر البلاد وتجويع شعبها بتصرفاتهم المتخلفة والهمجية فأين هم الثوار الحقيقيين هل يتركون مصر للعربدة والتخلف أم سيثور الشعب هذه المرة على نفسه وعلى عاداته السيئة والمتخلفة وهل سينظر المصريين لمصلحة مصر أم سيكتفون بمصلحتهم الشخصية؟ .
بقلم
الأديب الدكتور/ وليد فهمى