رواية عبد الرحمن مُنيف "مدن الملح" من أهم الأعمال الروائية، وهي تؤرخ لما مرت به شبه الجزيرة العربية من تحولات إثر اكتشاف النفط.
"قصدتُ بـ"مدن الملح" المدنَ التي نشأت في برهة من الزمن بشكل غير طبيعي واستثنائي، بمعنى أنها لم تظهر نتيجة تراكم تاريخي طويل أدى إلى قيامها ونموها واتساعها، وإنما هي عبارة عن نوع من الانفجارات نتيجة الثروة الطارئة. هذه الثروة (النفط) أدت إلى قيام مدن متضخمة أصبحت مثل بالونات يمكن أن تنفجر، أن تنتهي، بمجرد أن يلمسها شيء حاد": هكذا أوضح الروائي الراحل عبد الرحمن منيف (1933 – 2004) ما يقصده من عنوان خماسيته الشهيرة "مدن الملح".
وتصور الرواية الحياة في دولة مُتخيلة يطلق عليها "موران" مع بداية اكتشاف النفط والتحولات المتسارعة التي حلت بمدن تلك الدولة وقراها. وتتناول الرواية في جزئها الأول بعنوان "التيه" الفترة التي تلت اكتشاف البترول في الجزيرة العربية، وكيفية نشوء الدولة، وفي الجزء الثاني "الأخدود" يسرد منيف تاريخ المنطقة فيتحدث عن رجال الأعمال الذين دخلوا في تحالفات مع ساسة "موران" وحكامها، وفي الجزء الثالث "تقاسيم الليل والنهار" يعود منيف إلى جذور العائلة الحاكمة وإلى سنوات الصراع القبلي، ثم يواصل رصد التحولات السياسية في دولته المتُخيلة في الجزئين الرابع "المنبت" والخامس "بادية الظلمات".
وقد حققت "مدن الملح" نجاحاً كبيراً عربياً وعالمياً، وترجمت "مدن الملح" إلى لغات عديدة، وهي تعكس البانوراما التاريخية الشاملة والساخرة والنقدية لدول النفط.
وبخماسيته "مدن الملح" أضحى عبد الرحمن منيف - الذي ولد في عمان بالأردن لأب سعودي وأم عراقية - أحد أهم الروائيين العرب. ومن أعماله المشهورة الأخرى رواية "شرق المتوسط" التي تتناول موضوع التعذيب في السجون العربية. وقد ترجمت لاريسا بندر هذه الرواية أيضاً إلى جانب "سيرة مدينة" التي كتبها عبد الرحمن منيف عن مدينة عَمّان في الأربعينات.
ساحة النقاش