نظرة سريعة قبل القراءة.

هذا البحث يتعرض للتكنولوجيا وكيف أثرت في حياة المكفوفين بشكل كبير. واتبعت فيه الخطوط الآتية:

  • عرض لتاريخ المكفوفين وكيف كانت النظرة قديما لهم وكيف كانوا يعاملون.
  • لويس برايل واختراع طريقة الكتابة النقطية.
  • تطوير الإنجليز لطريقة برايل.
  • الأعمال التي اعتاد المكفوفون العمل فيها.
  • أثر التكنولوجيا في تطوير هذه الأعمال للكفيف.
  • الأعمال التي أتيحت للكفيف بفضل التقنية الحديثة.
  • معوقات الاستفادة من التقنية الحديثة في الشرق العربي.
  • مقترحات لإتاحة التقنية للمكفوفين العرب.
  • دراسة تطبيقية لتأثير التقنية في المكفوفين.

 

 

 

 

 

مقدمة.

عاش الكفيف منذ قديم الزمان حياة أبعد ما تكون عن أي ملمح من ملامح الانخراط في المجتمع. كان الكفيف معزولا في مكان يوفر له فيه الطعام والشراب, ولم يكن متاحا له -بحكم إعاقته- المشاركة المجتمعية بأي صورة من صورها. وكان الناس يعتبرون الكفيف دائما عاجزا عن أداء أي عمل. وكان ولي الأمر أو الحاكم مسؤولا عن توفير حياة منعزلة للمكفوفين -العجزة- يصرف لهم فيها الطعام والشراب ومكان النوم.

واستمرت حالة المكفوفين على الحال المزري  الذي سبقت الإشارة إليه حتى مطلع القرن الثامن عشر, حيث بدأ لويس برايل  -بعد إصابته بالعمى- في التفكير في الطريقة المناسبة التي من خلالها يمكنه القراءة والكتابة ومن ثم التعلم. فظل يفكر كثيرا في الطريقة المثلى حتى هداه تفكيره إلى شفرة نقطية مستخدمة في معسكرات الكشافة.
كانت هذه الشفرة تتركب من 12 نقطة, استطاع برايل أن يبتكر منها طريقة ملموسة يستطيع الكفيف من خلالها تلمس الحروف بدلا من النظر إليها -حيث يستحيل عليه إدراك المبصرات-

وكان لظهور طريقة من خلالها يستطيع الكفيف القراءة والتعلم أثر عظيم.
إلا أن طريقة لويس برايل الأصلية كانت ذات عيوب كثيرة. فبعد فترة فكر الإنجليز في تطوير تلك الطريقة فظهرت الطريقة التي نعرفها جميعا والتي تتألف في الأساس من 6 نقاط من خلالها يتم كتابة اللغات جميعها تقريبا بالإضافة إلى الرياضيات والموسيقا وشتى مناحي المعرفة والعلوم.
وفي هذه الأيام يقوم الأمريكان بتطوير الطريقة المعروفة لنا حتى يصلوا إلى شكل أقل جهدا في الكتابة وهم يركزون فيه على اللغة الخاصة بمصطلحات الكمبيوتر والإنترنت.
[i]

ومن الملاحظ أن تطوير طريقة برايل أحدث طفرة في مجال المكفوفين, حيث تحول مجال العمل المفتوح أمام الكفيف ليعمل به ويتكسب قوت يومه.
فبعد أن كانت الأعمال المتاحة أمام الكفيف هي بعض الأعمال البسيطة التي لا تشغل مكانة مجتمعية مرموقة مثل: الأعمال اليدوية البسيطة التي لا تحوي في مضمونها خطرا راجعا لعجزه مثل: أعمال الكليم والسجاد, أعمال القش مثل: صناعة أدوات النظافة وصناعة الكراسي من القش, وكذلك حشو بعض أنواع الكراسي بالقش, كذلك أعمال الخطابة وقراءة القرآن وأعمال الوعظ والإرشاد, وأيضا إصلاح الآلات  الموسيقية. في حين أن بعضهم ترك كل هذه الأعمال واتجه إلى احتراف العمل  بالموسيقا.
فقد أصبح أمام  الكفيف الآن فرص غير عادية للعمل, وظهرت أمامه فرص للعمل بالمحاماة والتدريس  وفي بعض الدول العربية أتيح أمامه العمل على مقسمات الهاتف (السويتش).

وبالطبع فقد فتحت الجامعات ابوابها أمام الكفيف -الذي أصبح مؤهلا لدخولها- وحقق بعضهم مراكز متقدمة ومكانات مرتفعة, حيث وصل بعضهم إلى مناصب التدريس بالجامعة.

أما بعد ظهور التقنية الحديثة المتقدمة والكمبيوتر, كانت الطفرة, وكان التحول العظيم الذي لا يقارن. حيث تغيرت حياة المكفوفين بشكل جذري. فما الذي حدث للمكفوفين بعد ذلك؟ وما الذي استفادوا منه من ظهور التكنولوجيا؟ إجابة كل هذه الأسئلة وغيرها سنحاول التعرض له بشكل مختصر في البحث الآتي.[ii]

المكفوفين والتقنية الحديثة.

تعريف التكنولوجيا:

(technology):- كلمة يونانية وتعني علم تطبيق المعرفة على الأغراض العلمية بطريقة منظمة .  وتعرف اليونسكو تكنولوجيا التعليم بأنها ( منحى نظامي لتصميم العملية التعليمية وتنفيذها وتقويمها ككل ، تبعا لأهداف محددة  نابعة من نتائج الأبحاث في مجال التعليم ، والاتصال البشري ,  ومستخدمة الموارد البشرية وغير البشرية من أجل إكساب التعليم مزيدا من الفعالية أو الوصول آلي تعلم أفضل وأكثر فعالية ) €[iii].

من هنا نرى أن التكنولوجيا والتقنية الحديثة ليست بالشيء الهين ولا الذي ينظر  إليه كشيء عادي. فبواسطتها تمكن الناس من أداء أعمال لم يجل بخاطرهم أنهم يمكنهم أداؤها في هذه السرعة الفائقة أو الدقة الهائلة أو أنهم -في بعض الأحيان- يمكنهم أداؤها أصلا.

إذا كان هذا هو الحال بالنسبة للأشخاص المبصرين الذين يعتمدون في حياتهم على كافة وسائل الاتصال والتواصل, فما الحال بالنسبة للمكفوفين؟
بالطبع كان المكفوفون -وما زالوا- في حاجة ماسة لمعينات مختلفة تعينهم على أداء أعمالهم التي تمكنوا من القيام بها -ولو بشكل قاصر- وتجعلهم يقومون به بشكل سليم يقترب شيئا فشيئا من مستوى أداء الأشخاص المبصرين لنفس تلك الأعمال.

حين حدثت الطفرة وتمكن المكفوفون من التعامل مع التكنولوجيا الحديثة, ظهر -وبحق- مستواهم الطبيعي الحقيقي دون اللجوء إلى معونة أو إرشاد الغير. ظهرت كفاءة المكفوفين في أداء الأعمال الموكلة إليهم وبقدرات فاقت -في كثير من الأحيان- كفاءة نظرائهم من المبصرين.
فالتكنولوجيا جودت مستوى المكفوفين في أعمالهم -البسيطة- التي سبقت الإشارة إليها, ومكنتهم من اقتحام مجالات جديدة لم يجل ببال أحد أن اليوم سيأتي أن يقتحم فيه المكفوفون مثل تلك المجالات.
وسنعرض في عجالة ما قدمته التكنولوجيا لمكفوفين في شتى نواحي العمل.

دور التكنولوجيا في الأعمال التي ألفها المكفوفون.

أشرنا فيما سبق إلى أن المكفوفين اقتصر دورهم على بعض الأعمال اليدوية البسيطة وبعض الأعمال الذهنية.
وسنحاول فيما يلي عرض كيف أن التكنولوجيا طورت من أداء المكفوفين في تلك المجالات:

 

في مجال المحاماة:
كان الكفيف الذي يعمل محاميا يحتاج إلى فريق من المساعدين حتى يقوم بما هو مفروض عليه أداؤه, فهذا يقرأ المراجع وذاك يكتب المرافعات, وآخر ينظم المواعيد, إلى غير ذلك من الأعمال المراد أداؤها بالنسبة للمحامي العادي.
وحين حدثت الطفرة وتمكن المكفوفون من التعامل مع جهاز الحاسب الآلي, انتهى عهد طويل من الاحتياج إلى المساعدة الخارجية. وتمكن المحامي الكفيف باستخدام تطبيقات (office) أن يكتب مرافعاته بنفسه وأن ينظم مواعيده باستخدام تطبيقات أخرى. واستطاع أيضا أن يقرأ في المراجع التي يريدها بأي لغة من اللغات المختلفة باستخدام الماسحات الضوئية أو قراءة تلك المراجع من على شبكة الأنترنت. واستطاع أن يدون ملاحظاته ومواعيده باستخدام تقنية (note taker) وغير ذلك من التقنيات التي أتاحت للمحامي الكفيف أن يصل وبحق إلى مراتب تفوق المحامين العاديين في بعض الاحيان.

في مجال التدريس:
كان المدرس الكفيف في الماضي مرتبط عمله بمدارس المكفوفين حيث إنه لا يستطيع كتابة الدرس بالخط العادي ولا مراجعة الواجبات المنزلية للتلاميذ. وكان دائما في حاجة إلى من يعد له دفتر درجات الطلاب وأن يراجع معه الامتحانات الشهرية والنهائية.
وظهرت التكنولوجيا لتجعل الكفيف المدرس يقول لكل ذلك: إليك عني فأنا أستطيع أن أعتمد على نفسي كلية.
فاستطاع المدرس الكفيف أن يعد دفتر درجاته ويحسب متوسطات التلاميذ باستخدام تطبيق (excel) واستطاع أيضا أن يكتب درسه ويعرضه على التلاميذ من خلال تقنية (projector) أو باستخدام تقنية الحاسب المحمول. وباستخدام تطبيق (Microsoft word) يستطيع أن يراجع الواجبات المدرسية وأن يعلق عليها ويعطيها درجاتها. كل ذلك دون الاعتماد على أحد.

في مجال الخطابة والوعظ الديني:
كان الخطيب والواعظ الكفيف يكتفي بما يمكنه سماعه من أحد أو من وسائل الإعلام. في حين أن أقرانه المبصرين كان المجال أمامهم مفتوحا لينهلوا من روافد المعرفة الدينية كما يشاءون. وذلك كان سببا في ضعف ثقافة الخطيب الكفيف -في معظم الأحيان- وظل الأمر كذلك حتى عرف المكفوفون الحاسب الآلي.
وحين ظهرت التقنية الحديثة, تمكن الواعظ والخطيب المكفوفين من الاطلاع على مجالات العلم والفقه المختلفة في مختلف مناحيها عن طريق استخدام الإنترنت أو عن طريق استخدام تقنية الماسحات الضوئية التي تمكنهم من إدخال الكتاب الذي يريد قراءته والتمكن من قراءته وقت الحاجة.

في مجال أمانة المكتبات:
كان أمين المكتبة الكفيف لا يستطيع التحكم في محتويات مكتبته حيث إن الكتب كثيرة أكثر من قدرته الشخصية على الحفظ. وكان نتيجة ذلك لا يستطيع القيام بمهامه كاملة حيث ينسى أماكن الأشياء وترتيبها وما حتى لا تضيع منه, واستطاع أيضا أن يقوم بعمل سجلات خاصة بأسماء الكتب المستعارة ومن الذي استعارها. وغير ذلك من أعمال أمانة المكتبة.

في مجال الموسيقا:
كان الكفيف الموسيقي في الماضي يقوم بالعزف فقط اعتمادا على أذنه الموسيقية الحساسة التي لا تنسى النغمات وتستطيع تقليدها بكل دقة. ولكن هذا لم يكن كافيا. فالكفيف كان لا يستطيع كتابة النوتات الموسيقية ولا قراءتها على الإطلاق, فظلت هذه مشكلة ينبغي النظر إليها بعين الاعتبار.
وبعد أن تعامل المكفوفون مع الكمبيوتر, تمكن الموسيقيون منهم من كتابة النوتات وقراءتها وطبعها حتى يتم توزيعها, وكذلك استطاع المكفوفون من استخدام التقنية الحديثة في مجال التلحين.

 

وهكذا كان للتكنولوجيا الأثر البالغ في حياة المكفوفين مع المهن والحرف التي عرفوها من قبل.

المجالات التي أتاحت التقنيات الحديثة للمكفوفين اقتحامها.

من أعظم آثار التكنولوجيا الحديثة والتقنيات المتطورة تمكين المكفوفين من اقتحام مجالات لم يخطر ببال أحد أن كفيفا يستطيع القيام بها. وذلك سنعرض له الآن بشكل مختصر:

 

مجال التسويق:
استطاع الكفيف بحكم قدرته الفائقة على تكوين شبكة واسعة جدا من العلاقات الاجتماعية أن يكون مُسَّوِقا ناجحا. وخاصة بعد استخدام التقنيات الحديثة التي تمكنه بشكل كبير من الاحتفاظ بأرقام تليفونات الزبائن وعناوينهم وبعض المعلومات المختصرة عنهم. وهذا باستخدام تقنية (note taker) وأيضا باستخدام أجهزة الحواسب المحمولة.
وبعد ظهور برمجيات الهواتف النقالة التي تتيح أمكانيات النطق واللمس, أما بالصوت أو بطريقة برايل.
[iv]
هذا بخلاف تقنية البريد الإلكتروني وغيرها من الأدوات التقنية المساعدة. [v]

مجال المبيعات:
حيث يعتمد في المقام الأول على اللباقة وحسن التصرف وإمكانية الخروج من المواقف الحرجة. وكل هذه الاعتبارات تتوفر لدى المكفوفين حيث يغلب على معظمهم صفة حسن الكلام.
فالكفيف يستطيع أن ينتقل بنفسه إلى الموقع الذي يريد العرض لمنتج شركته فيه وعرض ما لديه, كما يستطيع إقناع الزبائن بجودة المنتج الذي لديه حتى يتمكن من بيع ما لديه. وباستخدام التقنيات المتطورة والتكنولوجيا الحديثة, تمكن المكفوفين من استخدام تطبيقات الحاسب الآلي في عمل عروض تقديمية باستخدام برامج مثل (power point) وغيره بشكل يجعله يتساوى بأقرانه من المبصرين. وبذلك يكون مدير أو مندوب مبيعات ناجح.

مجال السكرتارية:
يستطيع الكفيف -أو الكفيفة- من العمل في مهنة السكرتارية بكل سهولة, حيث يستطيع تنظيم المواعيد الخاصة بمدير العمل وتقديم موعد وتأخير آخر حسب ظروف العمل. كذلك يستطيع القيام بقراءة الرسائل الواردة باستخدام تقنية الماسحات الضوئية, أو الاطلاع على البريد الإلكتروني الخاص بالشركة والرد عليها. وباستخدام الماسحات الضوئية يمكنه الاطلاع على الفاكس الوارد بسهولة.
ويستطيع الكفيف من كتابة الرسائل أو التعليق عليها باستخدام برامج معالج النصوص المشهورة مثل (Microsoft word) وغيره من البرامج المستخدمة في الطباعة.

مجال المحاسبة:
الكفيف بطبيعته -في معظم الأحوال- يتميز بحضور الذهن وسرعة التفكير في اتجاه سليم. لذا فإن قيامه لمهمة المحاسب تعتبر مهمة ليست بالمستحيلة. إذ أنه وباستخدام التقنيات المتطورة مثل الآلات الحاسبة الناطقة يمكنه إجراء عمليات حسابية مختلفة بسرعة ودقة بالغتين.
كما أن اعتماده على تطبيقات الحاسب الآلي المتخصصة في الحسابات وإجراء العمليات الحسابية المعقدة يمكنه من القيام بأي عمل يوكل إليه في هذا النطاق.

مجال الطباعة:

يستطيع الكفيف الآن -وبمساعدة البرامج الناطقة- الكتابة بسرعة وكفاءة ودقة حيث تقل أخطاؤه في الكتابة إلى أقل مستوى ممكن.
كما يستطيع القيام بأعمال التنسيق داخل النص وإضافة الألوان المختلفة والقياسات المختلفة للخطوط وزخرفة النص المكتوب بما يتلاءم مع مضمونه وإخراجه بشكل لا يقل أبدا -بل يفوق أحيانا كثيرة- بعض المبصرين.

مجال الصحافة:
يستطيع الكفيف أن يكون صحفيا وإعلاميا متميزا وذلك بحكم قدرته على الإنشاء الجيد المنظم. وباستخدام تقنية الشبكة الدولية للمعلومات يستطيع الصحفي الكفيف أن يجمع الأخبار والمعلومات التي يحتاج إليها وباستخدام الحاسب يستطيع كتابة تقاريره المطلوبة أو إعداد البرامج الإذاعية المتميزة. وغير ذلك من مهارات الصحافة والإعلام.

مجالات الحاسب الآلي المختلفة:
فالكفيف يستطيع العمل كمدرس للحاسب الآلي بكفاءة بالغة. كما يستطيع العمل في مجال تصميم المنتديات وغرف الدردشة المختلفة وإدارتها بكفاءة. ليس ذك فقط, بل يستطيع الكفيف أن يعمل مبرمجا على دراية فائقة بلغات الحاسب المختلفة. وفوق كل هذا فهناك من المكفوفين من يعمل في صيانة الحواسب بكل دقة.

 

وتجدر الإشارة هنا إلى أن ما سبق ليس كل المجالات التي يستطيع الكفيف اقتحامها والعمل فيها بكفاءة ومقدرة حتى أصبح من الخطأ أن نقول أن هناك عمل مستحيل القيام به على الكفيف. €[vi]

معوقات تحول دون اشتغال المكفوفين بالأعمال غير المألوفة.

 

من الجدير بالذكر هنا أن المكفوفين في الغرب المتقدم وفي الولايات المتحدة الأمريكية يمكنهم أداء الأعمال بالشكل الذي سبقت الإشارة إليه.
أما في الدول العربية وفي مصر خاصة يصعب وجود ذلك لعدة أسباب من أهمها:

قلة الخبرة لدى أصحاب الأعمال سواء أكانوا مؤسسات أو أفراد
حيث تقل لدى أصحاب الأعمال الخبرة بأهمية التقنية الحديثة لدى المكفوفين وذلك يقلل في نظرهم أهمية وجود مثل تلك التقنيات.

ارتفاع ثمن التقنية وقلة الموارد:
فالمكفوفين في معظم حالاتهم يشتركون في أن مواردهم المادية ضعيفة لا تسمح القيام بشراء الأجهزة المتطورة التي تساعدهم في أعمالهم, كما لا توجد هيئات مانحة تمنحهم هذه التقنية بأجر مخفض أو مجانا.

قلة المراكز المتخصصة في تدريب وتأهيل المكفوفين:
حيث تقل في عالمنا العربي وفي مصر بشكل خاص مراكز التأهيل والتدريب المتخصصة في تدريب المكفوفين على القيام بمثل تلك الأعمال وتترك هذه المهمة للكفيف نفسه يدرب نفسه كيف شاء وبالأسلوب الذي يريحه.

قلة الشركات العاملة في مجال المكفوفين في مصر والعالم العربي:
حيث تقل الشركات العاملة في مجال تقنيات المكفوفين التي تعمل في بيع وإنتاج برمجياتهم.

 

ومن الجدير بالذكر أن السنوات الخمس الأخيرة شهدت تحركا نحو الأمام بصورة ملحوظة في مجال المكفوفين سواء في مصر او العالم العربي مما يبشر بميلاد فجر جديد أمام المكفوفين يبشر باحتمال وجود مكفوفين يعملون في إحدى المجالات غير المألوفة التي سبقت الإشارة إليها.[vii]

مقترحات لتمكين المكفوفين من استخدام التكنولوجيا الحديثة.

 

بعد أن عرضنا لأهمية التكنولوجيا والتقنية الحديثة في إخراج المكفوفين من شرنقة الأعمال التقليدية التي تعودوا عليها إلى العالم المفتوح الذي يحيط بهم, ورأينا أن هناك عقبات تحول دون حدوث ذلك الخروج, فلننظر الآن إلى الوسائل والمقترحات التي من خلالها يمكن كسر هذه الشرنقة المحيطة بالمكفوفين وذلك على المحاور الآتية:
الإعلام:
حيث يجب  توظيف الإعلام بكافة وسائله لتنمية الوعي لدى المجتمع أكمل بوجود مثل هذه الطائفة في حياته وأنها ذات كيان وله قدرات يجب أن تحترم.
وأيضا عن أهمية وجود الوسائل المساعدة في حياة الكفيف حتى يعيش في المجتمع بشكل أقرب ما يكون للطبيعي.
المؤسسات:

ينبغي تنمية وعي المؤسسات والهيئات المانحة بأهمية أيجاد الوسائل التعويضية
التي تمكن الكفيف من العمل بشكل أقرب ما يكون من المبصرين وحتى نعطيه الفرصة كاملة.
الجهات المانحة:

ينبغي السعي من أجل أيجاد جهات تدعم إمداد المكفوفين بما يحتاجون إليه من تقنية تساعدهم في اقتحام المجالات غير المألوفة للعمل أسوة بأقرانهم في الغرب.
جهات التوظيف الحكومية:

عدم الاعتماد على أيجاد نسبة مفروضة في المصالح الحكومية لتشغيل المكفوفين وإعطائهم أجورا بلا عمل لأن هذا يعتبر إهدارا لطاقات كامنة من الممكن الاستفادة منها لصالح المجتمع وتقدمه.

 

وفي النهاية, يجدر بي أن أعرض لحالة تطبيقية أثرت التكنولوجيا في حياتها تأثيرا عاليا وواضحا. إنه: محمدالشاعر. سأعرض بشكل مختصر تطور هذا الشخص مع التكنولوجيا منذ نعومة أظافره وحتى الآن.

دراسة حالة تطبيقية.

 

كانت البداية عندما فقد البصر وعمره آنذاك 4 سنوات. كان التعليم في مصر وقتها بدائيا جدا يعتمد على أدوات بدائية مرهقة تقوم فكرتها على حفر الورق بمسمار للحصول على خط نقطي بارز.
وكم كانت تلك الطريقة مرهقة وكم تأثرت عضلات اليد وأعصابها بسبب تلك الكتابة التي وصل الحال  به أن كره الكتابة بتلك الطريقة. لكن ما العمل؟ ليس لديه بديل من الاستسلام لها, خاصة وإنه يحب المذاكرة وكان متفوقا في دراسته.

بعد فترة من التعذيب بتلك الطريقة اللعينة, وفقه الله إلى الحصول على آلة كاتبة تكتب بطريقة برايل. وكم كانت سعادته حين وصلت إلى يديه وكان وقتها في الثانوية العامة.

استمر في استخدام الآلة الكاتبة التي وفرت له جهدا ووقتا عظيمين. ولكن ماذا لو أراد الكتابة بالخط العادي؟ -خاصة إن أراد كتابة شيء لمبصرين- كانت المأساة في رأيه أنه سيستمر في اللجوء إلى من يعينه في الكتابة ومن يقرأ له.

وعندما وصل إلى الجامعة, عرف طريقة لا بأس بها لحل مشكلة القراءة ومن يقرأ له. عرف استخدام الكاسيت في الاستماع إلى من يسجل له المادة العلمية ليسمعها.
واستمر محمد على فكرة الاستماع إلى ما يريد الاطلاع عليه, لكن رغبته العارمة في الاطلاع لم تشبع. كان دائم التشوق إلى مصادر المعرفة المتجددة خاصة وأن رفقاءه من المبصرين دائمي التحدث عن قراءاتهم وما يطلعون عليه باستمرار من روافد المعرفة المتنوعة.

فكر في اللجوء إلى وسائل الإعلام, لكن بلا فائدة. وظل هكذا يرتكن إلى المنابع القليلة والروافد الشحيحة المتوفرة له حتى حدثت في حياته الطفرة العظيمة.

عرف طريق الحاسب الآلي وتقنيات قارئ الشاشة (screen reader technology)

وهنا كان التحول في حياته. انطلق نحو التقنية الحديثة يتعلمها بكل ما أوتي من قدرة على الاستيعاب والمعرفة. كرس كل جهده للتعلم في هذا المجال. لم يترك فرصة واحدة للمعرفة إلا وحاول الظفر بها واكتساب ما استطاع من معلومات منها.

وهو الآن مدرس للغة الإنجليزية والحاسب الآلي, أحدثت التقنيات الحديثة في حياته طفرة لم يكن يتخيل حدوثها.

وهو الآن ينصح كل من يقابله من المكفوفين باغتنام أية فرصة لتعلم التقنية الحديثة التي لا بديل عنها للمكفوفين الذين عاشوا وقتا طويلا معتمدين على غيرهم في الأطلاع وموصدة في وجوههم كل أبواب المعرفة والاطلاع.


 



[i] www.syrianews.com

[ii] موقع السفير: www.arabambassador.org

[iii] موقع )لها أون لاين( www.lahaonline.com

[iv] موقع شركة الناطق: www.nattiq.com

[v] شبكة المكتبات المصرية: www.library.idsc.gov.eg

[vi] موقع برايل هاوس: www.braille house.com

[vii]لا www.ashraqalawsat.com

المصدر: إعداد: محمد الشاعر.

ساحة النقاش

بوابة الشاعر المعرفية لذوي البصائر.

blindteacher
بوابة الشاعر لذوى البصائر .. بوابة متخصصة لتعليم وتأهيل ذوى الاعاقة البصرية بمهارات حياتية وتكنولوجية وتعليمية »

ابحث لدى الشاعر.

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

304,927

مختارات

Large_1238304795