أيام الخليقة الستة
اليوم الأول -1: السموات و الأرض
تبدأ دراستنا العلمية للكتاب المقدس هنا في موقع سانت تكلا بدراسة الأصحاح الأول من سفر التكوين، الذي يعتبر مرجعاً علمياً رغم أسلوبه المبسط الخالي من المصطلحات العلمية.. فنرى فيه كنوزاً علمية مخفية فيه تم كشف أسرارها مع تقدم العلم الحديث.
في البدء خلق الله السموات والأرض
الله هو خالق الكون.. ولن ندخل في تفاصيل إثبات هذا الأمر، أو الرد على القائلين بأنه وهم، أو موجود تلقائياً أو أزلياً.. ولكن إن أردت معلومات أكثر عن هذا الموضوع، إتصل بنا وسوف نقوم بإضافتها..
وفي البداية نجد أن الكتاب عندما يتحدث عن خلق السماء يذكرها بصيغة الجمع "السموات":
أولا: حيث طبقاتها المختلفة؛ فمنها سماء الطيور، والتي يوجد فيها الهواء، وسماء النجوم.
ثانياً: لحديثه الشامل عن السماء المادية والسماء الروحية كالفردوس وسماء السموات.
كما يُلاحَظ إشتراك أنبياء آخرين في تأكيد حقيقة خلق الله لكون. فيخاطب داود النبي الله قائلاً: "من قدم أسست الأرض، والسموات هي عمل يدي" (مز5:102). وكلمه "قدم" تؤكد عبارة "في البدء" التي ذكرها موسي النبى، وتعني ما قبل الحياة بصفة عامة..
وكذلك إشعياء النبي يقول: "لأنه هكذا قال الرب خالق السموات هو الله، مصور الأرض وصانعها.. هو قررها.. لم يخلقها باطلاً.. للسكن صورها.. أنا الرب وليس آخر" (إش18:45). وهنا في هذه الآية التي دونها اشعياء النبى في الكتاب المقدس يكشف لنا عمقاً علمياً عجيباً يتماشى مع أحدث النظريات العلمية الخاصة بتكوين الكون؛ فيقول عن الله أنه خالق السموات أما عن الأرض فيقول أنه مصورها وصانعها. وهنا نلاحظ ملاحظتين:
الملاحظة الأولى: إنه يذكر عملية خلق السموات قبل أن يتحدث عن الأرض، وهذا ما يتوافق مع ما جاء بالإصحاح الأول من سفر تكوين، بل وما يتفق تماماً مع الحقائق العلمية.. فالأرض أُخِذَت من أصل نجمي موجود، حيث تم إنفصالها منه، مما يؤكد وجود فاصل زمني بين تكوين الأرض والشمس. مصدر المقال موقع أنبا تكلاهيمانوت.
الملاحظه الثانية: عندما يتحدث عن السماوات يقول: "خلق"، أي أوجدها من العدم. إلا أنه عندما يتحدث عن الأرض وإن كان يذكر أنه خلقها كما في (تك1)، إلا أنه يضيف في أشعياء 45 عبارة "صانعها". وكل صانع شيء لا يصنعه من لا شىء بل من شيء آخر يصنعها، من شيء أولي كما تُصنَع المعدات من خاماتها المتعددة كالحديد والنحاس.. إلخ. وكما يُصنَع الخزف من الطين، هكذا أُخِذَت الأرض وصُنِعَت من المادة الأولية للمجموعة الشمسية، والتي كانت سديماً مثلاً أو نجما آخراً. وهذا يوضح دقة تعبير الكتاب المقدس، والذي يبرز التوافق العجيب بين ما جاء فيه وبين الحقائق العلمية الحديثة، وإن كان كتابنا المقدس يذكرها بأسلوب بسيط خال من المصطلحات العلمية التي لا يفهمها الكثيرون. وهذا يؤكد صحة الكتاب المقدس، بل أن الذي أوحى به لكاتبيه هو الله نفسه.
++++++++
اليوم الأول -2: صورة الأرض
"وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الله يرف على وجه المياه" (تك2:1). ونجد كلمة خربة في الترجمة الإنجليزية formless أي بلا شكل.
"وكانت الأرض خربة وخالية":
هذه العبارة وإن كانت صغيرة في مظهرها، إلا أنها كبيرة في محتواها. بسيطة ولكنها عميقة في جوهرها لما تحتويه من أسرار وخبايا. ولقد ظلت هذه العبارة غريبة على الآذان، إلى أن تقدم العلم وأثبت أن الأرض لابد أنها كانت خربة وخالية من كل مظاهر الحياة في بداية تكوينها.. فلم تكن في بدايتها إلا مجرد تجمع من الأبخرة الملتهبة للعناصر المختلفة، والتي لم يتحدد لها شكل بعد formless. فالحرارة المرتفعة لم تسمح بتكوين مركبات ولا بوجود المادة في الصورة الصلبة ولا السائلة.. بل كانت على هيئة أبخرة (بخار حديد - بخار نحاس.. إلخ). لذا لم يكن لها شكل محدد؛ مثل السحب.. ومع الوقت وبدورانها حول الأصل الذي أُخِذَت منه (السديم أو النجم مثلاً) متأثرة بقوتي الجاذبية والطرد المركزي، بالإضافة إلى دورانها حول نفسها.. كل هذا أدى في النهاية إلى اكتمال شكلها الحالي القريب من الشكل الكروي.
* "وعلى وجه الغمر ظلمة"
يا لها من لآلئ ثمينة في الكتاب المقدس، فلم يفطن الإنسان لمعنى هذا الكلام الغريب إلا مع تقدم العلم.. فكلمة "غمر" توضح أن الأرض كانت مغمورة بسبب أن درجة حرارتها وقت أن انفصلت عن مصدرها النجمي كانت حوالي 6000 درجة، وهي كدرجة حرارة سطح الشمس حالياً.. وفي هذه الدرجة تكون العناصر حرة ولا يوجد بها مركبات كيميائية.
ومع انخفاض درجة حرارة الإرض تدريجياً، بدأ الإتحاد بين العناصر لتكوين المركبات.. فعندما وصلت درجة الحرارة إلى 400 درجة، تم اتحاد الأكسوجين مع الهيدروجين مكوناً جزئي الماء من ذرتين هيدروجين وذرة اكسجين. وبتكوين الماء بدأ يتجمع على سطح الأرض، ولكنه لا يلبث ويتبخر مرة أخرى إلى مسافات قد تصل إلى بضعه أميال نتيجة لإرتفاع درجة الحرارة.. ومع تلامس الأبخرة بالفضاء يتكاثف البخار ويعود إلى سطح الأرض على هيئة مياه لتغطي هذه المياه سطح الأرض (الغمر)، وتعود المياه فتتبخر مرة أخرى بتأثير الحرارة، ثم تتكاثف.. وهكذا تتكرر العملية مما يسبب الآتي:
1- غمر الأرض بالمياه مما أدى إلى تسميتها "غمراً".
2- المشاركة في جعل الأرض مظلة، والتي يرجع ظلامها في ذلك الوقت إلى عاملين:
العامل الأول: هو ذلك السُمك الهائل من الأبخرة التي تحيطا بالأرض فتفصلها عن الضوء الخارجي.. ويحدث هذا حالياً أحياناً مثلما نراه في حالات "الشبورة"؛ حيث أن جزيئات بخار الماء تعمل على إنكسار آشعة الضوء مما لا يسمح للضوء أن يصل إلا لمسافات قصيرة. ويمكن ملاحظته كذلك عندما تمر سحابة أسفل الشمس فتحجب عنا الضوء، وهذا ما كان يحدث بالفعل في بداية تكوين الأرض، ولكن بصورة أكبر نتيجة لذلك السمك الهائل من الابخرة.
العامل الثاني: يرتبط بمصدر الضوء نفسه (الشمس في مراحل تكوينها الأولى) والتي لم تكن قد وصلت إلى كمال قوتها بعد.. مصدر المقال موقع أنبا تكلاهيمانوت.
ومن هنا كانت عبارة سفر التكوين "وكانت الأرض خربه وخاليه وعلى وجة الغمر ظلمه"، والتي قد عبر عنها ارميا النبي بقوله: "ونظرت إلى الأرض وإذا هي خربة وخالية، وإلى السموات فلا نور لها" (إر23:4) مما يعطي إحساساً بالروح الواحد الذي يحرك كاتبي الكتاب المقدس ألا وهو روح الله القدوس
+++++++++++=
اليوم الأول -3: النور والحرارة
* النور دعامة الحياة:
"وقال الله ليكن نور فكان نور" (تك3:1). ولإكمال ترتيبات الله للخلق كان لابد له قبل أن يخلق الكائنات الحية أن يهيئ لها ما يعطيها الحياة؛ إذ أنه لابد من النور قبل الحياة من أجل إستمرارية الحياه. فكان لابد للضوء الذي يمثل مصدراً للطاقة المتنوعة..
أولا: الطاقة الحرارية:
* تلك الطاقة التي تبخر المياه وتحركها من موضع لآخر، من موضع مُغطى بالمياه (كالبحار) لتنتقل على هيئة سحب إلى مواضع بلا ماء فتُمطِرها بمائها.
* تلك الطاقة التي تبعث الدفء الضروري للحفاظ على الحياة.
* تلك الطاقه المبخرة لمياه النتح من على سطح النباتات، فتتحرك العصارة الحاملة للحياة من التربة إلى الجذور فالساق ثم الأوراق فالثمار، لتحل محل المياه التي تبخرت، تاركة العصارة المركزة، لتستفيد منها كل أجزاء النبات، بل وتتبخر المياه على سطح النبات ملطفة له حافظة حياته من الجفاف.
ثانياً: الطاقة الضوئية:
التي تعمل وحدها على استمراية الحياة من خلال تأثيرها الفعال في عملية التمثيل الضوئي (الكلوروفيللي) Chlorophyll في النبات، والتي بها يتكون الأكسوجين الذي نستنشقه، فلو لم يكن الضوء لإنتهى الاكسجين في الجو متحولاً إلى المركبات الكربونية المختلفة وبخار الماء، وبالتالي لانتهت الحياة التي تعتمد أساساً على الإكسجين.
ولكن العجيب أن نرى الفلاسفة ينادون، والعلماء ويعلمون أن مصدر الضوء هو الشمس.. ولكن، كيف يتحدث موسي النبى عن الضوء في اليوم الأول؟! في حين أنه لم يخطئ، ولم يتأثر بعلوم عصره أو علوم المصريين؟!
وبعد مرور قرون عديدة يتقدم العلم، ويتأكد صدق كلام موسي النبى، فيتأكد لما وجود الوحى الالهى وراء ما كتبه.. بالدراسة المتأنية نرى أن نور اليوم الاول يرجع إلى نور الشمس التي لم تكن قد اكتمل نموها، ولم تكن قد وصلت إلى كمال قوتها الخالية، حيث كانت سديماً مبعثراً ضعيف الضوء. بالإضافة للضوء القادم من النجوم والسدم الأخرى المنتشرة في الفضاء. مصدر المقال موقع أنبا تكلاهيمانوت.
والنور في أليوم الآول كان باهتاً ضعيفاً، إلا أنه كان كافياً لحياة الكائنات الأولية التي خلقها الله بعدئذ، وكان كافياً لتجديد القليل من الأكسجين الذي تستنفذه تلك الكائنات في التنفس.
حقاً لو كان موسى من نفسه يكتب محكماً عقله معتمداً على علمه، متعلماً من فلاسفة عصره، لأخطأ الترتيب، وكان قد تحدث عن نجم الشمس قبل حديثه عن ضوء اليوم الإول.
وفي قول موسى النبي: "وقال الله ليكن نور"، لم يقل خلق الله أو عمل الله، بل "ليكن نور"، فلم يكن كلام الله متعلقاً بمصدر النور، بل بما يحجب النور الموجود بالفعل على الأرض، وكأنه يصدر أمراً بأن تبرد الأرض ليتكثف البخار فيدخل النور إلى الأرض.
* الليل والنهار:
وفصل الله بين النور والظلمة، ودعا الله النور نهاراً و الظلمة دعاها ليلاً".
هنا يتحدث الكتاب المقدس عن تعاقب النور والظلمة – النهار و الليل، ولكن كيف يحدث هذا والشمس لم توجد بعد؟! فهل أخطأ موسى؟! بالطبع لا.. فالعلم يوضح صحة كلام موسى النبي، عندما كشف أن تعاقب النور والظلمة مرتبط بأمرين:
الأمر الأول: دروان الأرض حول نفسها. وهذه الظاهرة وجدت مع وجود الارض من البداية.
الأمر الثاني: مركز الجاذبية الذي تدور حوله الأرض والذي تدور أمامه حول نفسها. وحيث أن هذا المركز لم يتغير ككيان، وإن كان قد تغير كهيئة وكشكل، فهو يتغير كلياً، ولكن تغير جزئياً، بوصوله إلى الشكل والحجم والقوة التي وصل إليها في اليوم الرابع كشمس.
من هذا نرى أن تعاقب الليل والنهار كان طبيعياً منذ اليوم الأول، وكل ما تغير فقط هو قوة الإضاءة أثناء النهار، لتغير مصدر الضوء وقدرته وقوته.
* ختام اليوم الأول: "وكان مساء وكان صباح يوماً واحداً".
ويختتم موسى النبي حديثه عن اليوم الأول بتلك العبارة البسيطة القوية، التي تتوافق أيضاً مع العلم تماماً.
فتحدث أولاً عن المساء، لأن الظلمة كانت أولاً بسبب الأبخرة التي كانت تعلو الأرض، وتحجب عنها الضوء الخارجي، وبانقشاعها كان للنور أن يدخل إلى الأرض.
+++++++++++++++++++++++++++
اليوم الثاني: الجَلَدْ (الغلاف الجوي)
"وقال الله: ليكن جَلَدْ في وسط السماء، وليكن فاصلاً بين مياه ومياه" (تك6:1).
بعد حديث موسي النبى عن الضوء، يتوقع الكثيرون أن الخطوة التالية هي خلق الكائنات الحية، ولكن موسى النبي خرج عن هذا التفكير، فكتب بوحي من الله كما لو كان من أعظم العلماء، ويضع خطوة أخرى قبل خلق الكائنات، وهي تكوين الغلاف الجوي.
فكيف للكائنات أن تعيش دون ذلك الدرع الواقي الذي يصد عنها الأشعة الكونية المميتة التي تأتينا من خارج.. فنحن الآن نعيش في قلق من ثقب بسيط في طبقة من طبقات الغلاف الجوى وهي طبقة الأوزون Ozone، فكم وكم لو لم يكن الغلاف الجوي كله موجوداً؟! وهناك فوائد جمة للغلاف الجوي التي يستحيل بدونها الحياة..
* ومن الجدير بالذكر أن نذكر تصحيح معلومة أن الأوزون هو الذي أدى إلى رفع درجة الحرارة.. فنسبة ثاني أكسيد الكربون عندما تزيد، ترتفع الحرارة.. تؤدي إلى ظاهرة الصوبة أو الـGreen House Effect. فالأوزون يمنع الآشعة فوق البنفسجية من الدخول للأرض.. فهو يؤثر على الشبكية ويؤدي للعمى، وكذلك سرطان الجلد cancer، ويؤثر على توزيع النباتات..
فكيف لك أيها العظيم في الأنبياء موسى النبي أن تدرك هذه المعرفة، وهي لم تكن موجودة على الإطلاق في عصرك؟!
ومن هنا ندرك التوافق العجيب بين العلم الحديث وبين الكتاب المقدس، قديم الأيام، والمتجدد يومياً، والذي يتناسب مع كل عصر، والذي يؤكد كل حين بكل وسيلة أنه كتاب الله. مصدر المقال موقع أنبا تكلاهيمانوت.
بل والمتأمل في العبارة السابقة "ليكن جلد firmament فى وسط المياة، وليكن فاصلا بين مياة ومياة"، يرى دقة التعبير العلمي، فالجَلَد (أي الطبقة الأولى من السماء، وما نسميها سماء الغازات والطيور) والتي هي عبارة عن بخار مياه يتصاعد ويتجمع عند مستوى معين من الجلد محكوماً بعدة عوامل، منها الجاذبية الأرضية، كثافة الهواء، كثافه بخار الماء، كمية البخار المتجمعة، ودرجة حرارة الجو.. أما المياه التي تحت الجلد، فهي المياه التي كانت تغمر الأرض في ذلك الوقت.
ووجود المياه التي فوق الجلد (السحب) يؤكد لنا حقيقة علمية سابقة مرت علينا، وهي أن الطاقة الحرارية في نهاية اليوم الأول، والآتية من السديم كانت كافية لعملية البخر، بما يسمح بتكوين السحب.
فلنسبح الله.. فمواصفات الغلاف الجوي تساعد على حمل الموجات الكهرومغناطيسية مثل آشعة الراديو والتليفزيون والموبايل وغيره.. فبدون هذه المواصفات الدقيقة للغلاف الجوي، ووزنه الذري الدقيق، قد لا يستطيع على حمل هذه الموجات.. ولن يكون هناك أي من تكنولوجيا الاتصالات الحديثة هذه.. إلخ.+++++
++++++++
اليوم الثالث -1: البحار
أولاً: مجتمع البحار
"وقال الله لتجتمع المياه تحت السماء في مكان واحد، ولتظهر اليابسة. وكان كذلك. ودعا الله اليابسة أرضاً، ومجتمع المياه دعاه بحاراً" (تك10،9:1).
لقد كانت المياه كما سبق أن علمنا تغطي كل الأرض، مما جعل تسميتها (غمراً) أي الأرض المغمورة بالمياه.
ولكن كيف تكون الحياة على الأرض مغمورة بالمياه؟! كيف يعيش الحيوان؟ وينمو النبات..؟! كيف تكونت الحياة والأرض التي نراها الآن مع وجود هذه المياه؟
لكي نفهم ما حدث، نحتاج إلى إلقاء الضوء على الأمثلة التالية:
1- ماذا يحدث عندما تفقد الأرض الزراعية جزءاً كبيراً من مياهها بالتبخير؟ أي ماذا يحدث للأرض الزراعيه عندما تفقد جزءا كبيرا من حجمها؟ هل تنقص مساحة الفدان لنقصان حجم الأرض؟! بالطبع لا.
إن ما يحدث هو تشقق الارض الزراعية، ليحل الهواء محل الماء. ولكن تبقى المساحة ثابتة رغم نقصانها.
2- ماذا يحدث لو تركنا بعض ثمار الفاكهة أو الخضراوات معرضة للهواء أو الشمس؟ ماذا لو تم وزن الثمار بعد عدة أيام بالميزان؟ إن ما يحدث هو أننا نجد أن وزنها قد نقص، وبالتلي نلاحظ أن حجمها قد نقص وصغر. ولكن مساحة سطحها لا تتغير. مما يجعل شكلها الخارجي يتغير نسبياً للمحافظة على مساحة السطح، على الرغم من تغير الحجم وهذا الشكل الجديد، نقول عنه أن الثمار قد ذبلت، أي أصبح سطحها خشناً متعرجاً.
3- ماذا يحدث لو تركنا لوحاً خشبياً حديث القطع من شجرة معرضاً لأشعة الشمس لفترة طويلة؟ إن ما يحدث هو أحد أمرين أو كلاهما: إما أن يشتقق اللوح (مثل الأرض الزراعية)، أو ينحني سطحه ويصبح مقعراً تجاه الشمس.
4- يظهر نفس الحال عندما يتبع شخصاً نظاماً غذائياً قاسياً، مما يتسبب في وجود بعض التجاعيد والهالات السوداء حول العين.. وما هذه الهالات إلا تجاعيد صغيرة جداً في الجلد المحيط بالعين.. فتحدث التجاعيد بدون أن ينكمش حجم الجلد.
إن ما حدث للأرض إنما هو أنها انكمشت بشدة بالتبريد مع الوقت، مما قلل من حجمها، في حين أن مساحة سطحها لا تتغير. وقد أدى ذلك إلى ظهور التجاعيد ولكن على نطاق واسع. وهذه التجاعيد بالنسبة لأرض، هي مجموعة من الظواهر الطبيعية والجيولوجية. ومن أمثلتها:
1- الفوالق faults: ومثال ذلك ما يمثله البحر الأحمر حالياً، فهو مجموعة من الفوالق المركبة.
2- الطيات folds: وهي عبارة عن تجاعيد وإنحناءات في الطبقات الأرضية.. مصدر المقال موقع أنبا تكلاهيمانوت.
وقد أدى ظهور هذه الفوالق والطيات إلى ظهور مرتفعات تمثل اليابسة، ومناطق منخفضة إندفعت إليها المياه لتكوين البحار. وقد أدت هذه الطيات وتلك الفوالق ليس فقط إلى ظهور اليابسه إلى أعلى، بل كشفت أيضاً الطبقات الصخرية وما تحويه من معادن وحجارة ثمينة أمام نظر الإنسان. ليبدأ في عملية استغلالها.
هذا وقد تغيرت المعالم الأولى لهذه الطيات والفوالق، نتيجة لعوامل التعرية والترسيبات المختلفة. وتوضح الرسومات كيف تكونت المرتفعات والمنخفضات سواء بالطيات أو الفوالق.
ثانياً: تأكيدات تاريخية علمية:
لقد ظلت معرفة البحار والمحيطات، ومدى ارتباطها ببعضها البعض معرفة قاصرة محدودة، حتى تمكن كريستوفر كولمبوس Christopher Columbus سنة 1492 من الوصول إلى الأمريكتين. وبعدها فرديناند ماجلان Ferdinand Magellan من الإبحار حول الأرض. ومن بعدها الطائرات وسفن الفضاء، لتؤكد صحة الحقيقة المذكورة في الكتاب المقدس: "لتجتمع المياه التي تحت السماء إلى مكان واحد". وهذا ما كتبه موسى النبي الذي لم ير في حياته أكثر من البحر الأحمر والبحر المتوسط، الذين كانا منفصلين في ذلك الوقت (لأن قناة السويس لم تكن موجودة حينئذ).
وحتى البحيرات الداخلية وإن كانت معزولة ظاهرياً، إلا أنها متصلة خفية عن طريق المياه التحت سطحية والجوفية.
حقاً، لم يكن موسي إلا قلماً يكتب به الله، ولساناً يتحدث من خلاله الله، وفكراً يفكر بما أوحى له الله من قبل.
ساحة النقاش