ذكاء فتى
- إعداد د. صالح هويدي
ورطة أبي العلاء المعري
يروى أن غلاماً من العرب لقي الشاعر المعروف أبو العلاء المعري، فسأله: من يكون الشيخ؟، فأجابه الشاعر أنه أبو العلاء المعري. فقال الغلام: أهلاً بالشاعر الفحل، ثم قال: أأنت القائل في شعرك؟
فإني وإن كنتُ الأخيرَ زمانَهُ لآتٍ بما لم تستطعهُ الأوائلُ
فأجابه الشاعر: نعم أنا من قلته. فقال الغلام: قول طيب يدل على ثقة طيبة بالنفس والقدرة، ولكن الأوائل وضعوا ثمانية وعشرين حرفاً للهجاء، فهل لك أن تزيد عليها حرفاً واحداً؟ فسكت أبو العلاء ثم ردد: والله ما عهدتُ لي سكوتاً كهذا السكوت من قبل
قبس من الحكمة
قالوا: لا تُمارِ جاهلاً ولا عالماً، فإن العالم يحاجّك فيغلبك، والجاهل يلاحيك فيغضبك
وقيل: استأذن العقل على الحظ، فلم يأذن له. فقال له: لم لا تأذن لي؟ قال: لأنك تحتاج إلي، ولا أحتاج إليك
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها
فروق لغوية
الفرق بين الغيظ والغضب، أن الإنسان يجوز أن يغتاظ من نفسه، ولا يجوز أن يغضب عليها، وذلك أن الغضب إرادة الضرر للمغضوب عليه، ولا يجوز أن يريد الإنسان الضرر لنفسه، والغيظ يقرب من باب الغم
فوائد لغوية
يستعمل كثير من العرب الفعل (نطّ) في الدلالة على القفز من مرتفع إلى أسفل أو بمعنى الوثوب من مكان إلى مكان. ويحسب بعضنا أن هذا الاستعمال للفعل استعمال عامي، في حين أنه استعمال فصيح ولا غبار عليه. فقد ورد في اللغة أن النطّاط هو الوثّاب والقفّاز، وأن نطّ: تعني وثبَ
مغزى مثل
«سبق السيف العذل»
يُحكى أنه كان لرجل اسمه ضبّة ابنان، هما سعدُ وسُعيْد، وقد فقدت لأبيهما إبل تحت جنح الليل، فأرسل ابنيه للبحث عنها، فذهب كل منهما إلى جهة يبحثان عنها، فوجدها سعد وردّها، لكن سعيد ظل يبحث عنها، فلقيه الحارث بن كعب فطالبه بالبُردين اللذين كانا عليه، فامتنع سعيد عن ذلك، فقتله وسلبه البردين. فحزن الأب عليه، ثم قرر الحج بعد مدة، وإذ هو في عكاظ لقي الحارث بن كعب، ورأى عليه بردي ابنه سعيد، فعرفهما، وطلب منه أن يخبره قصة البردين، فقال: لقيت غلاماً وهما عليه، فطلبتهما فأبى عليّ فقتلته، وأخذت برديه هذين. فقال له ضبه: بسيفك هذا؟ قال: نعم! فقال: فاعطنيه أنظر إليه فإني أظنه صارماً، فأعطاه الحارث سيفه، فلما أخذه من يده هزّه ثم ضربه به حتى قتله. فلما شهد منه الناس ذلك، قالوا له: أفي الشهر الحرام يا ضبّة؟ فقال: سبق السيفُ العَذَل