إذا كان الموظف يحسن التصرف في حدود ما هو قائم من تنظيم مطبق، فإنه يكون من قبيل التعسف أن يتطلب فيمن في مثل موقعه الوظيفي أن يكون مسئولاً عن اقتراح تنظيم أفضل ورفع المذكرات في هذا الشأن وذلك أنه طالما لم يخالف قاعدة تنظيمية معمولاً بها.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والأربعون (من أول أكتوبر سنة 1998 إلى آخر سبتمبر سنة 1999) - صـ 1053
(103)
جلسة 31 من يوليو سنة 1999
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان عزوز - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: د. إبراهيم علي حسن، وفريد نزيه تناغو، ومحمد عادل حسيب، ويسري هاشم الشيخ - نواب رئيس مجلس الدولة
الطعن رقم 4040 لسنة 40 قضائية عليا
تأديب - مخالفات تأديبية - اقتصار الموظف في أدائه لعمله على تطبيق ما هو قائم من قواعد وتعليمات دون الاقتراح بشأنها أي تعديل لا يعد مخالفة.
إذا كان الموظف يحسن التصرف في حدود ما هو قائم من تنظيم مطبق، فإنه يكون من قبيل التعسف أن يتطلب فيمن في مثل موقعه الوظيفي أن يكون مسئولاً عن اقتراح تنظيم أفضل ورفع المذكرات في هذا الشأن وذلك أنه طالما لم يخالف قاعدة تنظيمية معمولاً بها، ولم يكن شاغلاً لموقع قيادي تفرض عليه واجبات وظيفته اقتراح القواعد التنظيمية، فإنه لا يكون قد أخل بواجب وظيفي أو ارتكب مخالفة تأديبية إذا ما اقتصر في أدائه لعمله على تطبيق ما هو قائم من قواعد وتعليمات دون أن يقترح بشأنها أي تعديل أو تبديل. تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الأربعاء الموافق 17/ 8/ 1994 أودعت الأستاذة الدكتورة/ ......... المحامية بصفتها وكيلة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 4040 لسنة 40 ق في الحكم الصادر بجلسة 19/ 6/ 1994 من المحكمة التأديبية بطنطا في الدعوى رقم 656 لسنة 21 والقاضي ببراءة كل من.... و...... مما هو منسوب إليهما.
وطلب الطاعن - للأسباب التي تضمنها تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ومجازاة المخالفين بالجزاء الذي تراه المحكمة مناسباًَ.
وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الموضح بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 6/ 9/ 1997 وبجلسة 22/ 4/ 1998 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة - لنظره بجلسة 18/ 7/ 1988، وفيها نظرت المحكمة الطعن وتداولت نظره بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 29/ 5/ 1999 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وصرحت بمذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين، وقد انقضى الأجل المعين دون أن يتقدم أي من الطرفين بمذكرات.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر إجراءاته الشكلية فمن ثم يعد مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 22/ 4/ 1993 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا أوراق الدعوى التأديبية رقم 656 لسنة 21 ق مشتملة على تقرير اتهام ضد كل من:
1 - ..... رئيس الوحدة الزراعية بالجمعية التعاونية الزراعية بالجيزة - درجة ثانية.
2 - ...... مهندس بالهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية بالغربية - درجة ثانية.
لأنهما بتاريخ 8/ 2/ 1988 حال كون الأول أمين صندوق الجمعية التعاونية للبناء والإسكان بالقوشية، وبوصف الثاني رئيس مجلس إدارة الجمعية، سلكاً مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب وكرامة الوظيفة العامة وأهملا في عملهما مما أدى إلى إلحاق ضرر بمصلحة مالية للدولة بأن: -
اشتركاً في صرف مبلغ 32728 جنيه كفروق أسعار للمقاول/ ........ بالمستخلص النهائي للعملية المنفذة بمعرفة المقاول لصالح الجمعية تنفيذاً لعقد المقاولة المحرر بينهما في 15/ 10/ 1984 وذلك بالمخالفة للبند الثاني عشر من هذا العقد الذي ينص على أنه لا يحق لأحد الطرفين طلب تعديل الثمن مهما حصل من تقلبات في أسعار مواد البناء أو أجور العمال.
ورأت النيابة الإدارية أن المتهمين بذلك قد ارتكبا المخالفة المالية المنصوص عليها في المواد 76/ 3، 77/ 4، 78/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة وطلبت محاكمتهما تأديبياً بمقتضى المواد سالفة الذكر والمواد الواردة تفصيلاً بتقرير الاتهام.
وبجلسة 19/ 6/ 1994 أصدرت المحكمة التأديبية بطنطا حكمها المطعون عليه وشيدت قضاءها على ما ثبت من تحقيقات النيابة الإدارية وما قرره المتهمان من أن صرف مبلغ 32728 جنيهاً إلى المقاول المذكور كان تنفيذاً لما قرره مجلس إدارة الجمعية التعاونية للبناء والإسكان بجلسة 14/ 3/ 1986 وبعد العرض على الاتحاد العام لتعاونيات البناء والإسكان وموافقته على صرف المبالغ المشار إليها للمقاول المذكور تأسيساً على انتهاء التعامل بالأسعار المدعمة وتحميل أعضاء الجمعية بفروق الأسعار، ومن ثم فإن مسلك المحالين لا يشكل مخالفة تخل بسمعتهما الوظيفية ومن ثم فلا وجه لمساءلتهما تأديبياً.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على أن الحكم الطعين قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبب على النحو التالي: - 1) أن الحكم الطعين استدل على براءة المحالين على أن الصرف قد تم بعد العرض على الاتحاد العام لتعاونيات البناء والإسكان وموافقة لجنة الخطة ولجنة الفتوى على الصرف في ميدان موافقة الاتحاد التعاوني انصبت على ما أنهت إليه لجنة الخطة ولجنة الفتوى من تحميل الأعضاء المنتفعين بمبلغ 63050 جنيهاً لانتهاء التعامل بالأسعار المدعمة، أما مبلغ 32728 جنيه فقد انتهى الرأي بشأنه إلى مخالفة الصرف لبنود العقد المبرم بين الجمعية والمقاول، وإن الحكم الطعين قد ساير ما انتهت إليه النيابة الإدارية بقضيتها رقم 600 لسنة 1989 من عدم قيام أي مخالفة لأن الصرف تم بعد سابقة العرض على الاتحاد التعاوني وهو ما يخالف ما انتهت إليه بقضيتها رقم 286 لسنة 1993 من ثبوت مسئولية المخالفين عما أسند إليهما.
2) إن ما نسب للمخالفين من صرف مبلغ 32728 جنيهاً للمقاول المذكور بالمخالفة للبند الثاني عشر من العقد المبرم بين الجمعية والمقاول منبت الصلة عن واقعة وجود زيادة فروق الأسعار قدرها 63050 جنيهاً نجمت عن انتهاء التعامل بالأسعار المدعمة وأن الربط بين هاتين الواقعتين يتمثل في وحدة العرض على الاتحاد التعاوني للبناء والإسكان.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن عقد المقاول المبرم بين الجمعية التعاونية للبناء والإسكان بالقرشية ويمثلها رئيس مجلس إدارتها/ ....... وبين المقاول/ ....... لبناء ستة عمارات سكنية لسكن أعضاء الجمعية قد نص في البند الثاني عشر منه على أن ثمن كل وحدة من أعمال المقاولة الموضح بالكشف المرفق قد تم تحديده والاتفاق عليه بصفة نهائية وعلى ذلك لا يحق لأحد الطرفين طلب تعديله بالتخفيض أو الزيادة مهما حصل من تقلبات أسعار مواد البناء أو أجور العمال فيما عدا المواد المسعرة رسمياً......"
ومن حيث إن النيابة الإدارية قد انتهت في مذكرتها في القضية رقم 600 لسنة 1989 في شأن اشتراك....... و........ في صرف مبلغ 32728 جنيهاً فروق أسعار للمقاول/ ....... قد تم بعد العرض على رئيس الاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي وموافقته على الصرف بعد العرض على لجنة الفتوى بالاتحاد بتاريخ 19/ 4/ 1987 تأسيساً على انتهاء التعامل بالأسعار المدعمة وتحميل أعضاء الجمعية بهذه الفروق، كما تضمن كتاب الاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي رقم 1463 المؤرخ 26/ 4/ 1987 والمرسل إلى رئيس الجمعية التعاونية للبناء والإسكان بالقرشية، وجوب الالتزام بأحكام العقد إذا كان ينص على أن التعاقد قد روعي فيه السعر المدعم وقد انتهى التعامل بهذه الأسعار فإن مقتضى ذلك استحقاق المقاول لفروق الأسعار ما بين سعر الأسمنت الذي تحدد وقت التعامل، والسعر الذي تحدد عند التنفيذ والذي يصرف بمقتضى أذونات وأن أعضاء الجمعية المنتفعين بوحداتها يتحملون كامل تكاليف إقامة المشروع الذي ينتفعون بوحداته ومن ثم يتحملون بقيمة كل زيادة تطرأ على تكاليف إقامة المشروع كل بنسبة ما يخصه وفقاً لتكاليفه الفعلية على أن يتولى المهندس الاستشاري للجمعية حساب فروق الأسعار بين السعر المدعم والحر.
ومن حيث إن صرف مبلغ 32728 جنيهاً كفروق أسعار للمقاول المذكور قد تم تنفيذاً لما قرره مجلس إدارة الجمعية التعاونية للبناء والإسكان بالقوشية بجلسته المنعقدة في 14/ 3/ 1986.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه إذا كان الموظف يحسن التصرف في حدود ما هو قائم من تنظيم مطبق، فإنه يكون من قبيل التعسف أن يتطلب فيمن في مثل موقعه الوظيفي أن يكون مسئولاً عن اقتراح تنظيم أفضل ورفع المذكرات في هذا الشأن وذلك أنه طالما لم يخالف قاعدة تنظيمية معمول بها، ولم يكن لشاغلها موقع قيادي تفرض عليه واجبات وظيفته اقتراح القواعد التنظيمية، فإنه لا يكون قد أخل بواجب وظيفي أو ارتكب مخالفة تأديبية إذا ما اقتصر في أدائه لعمله على تطبيق ما هو قائم من قواعد وتعليمات دون أن يقترح بشأنها أي تعديل أو تبديل.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب فيما قضى به من براءة - المطعون ضدهما استناداً لما تقدم بيانه ومن ثم يكون قد أصابه وجه الحق والقانون ويضحى الطعن عليه غير قائم على سند من القانون خليقاً بالرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ساحة النقاش