اتصال علم جهة الإدارة بنقض الحكم الصادر بحبس العامل الذى صدر قرار بإنهاء خدمته لهذا السبب والحكم من جديد ببراءته مما نُسب إليه يجرد قرارها بإنهاء خدمة العامل
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والخمسون - من أول أكتوبر سنة 2006 إلى آخر سبتمبر سنة 2007 – صــ 196
(30)
جلسة 23 من ديسمبرسنة 2006م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد أحمد عطية إبراهيم
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ بلال أحمد محمد نصار، وناجى سعد الزفتاوى، ومنير عبد الفتاح غطاس، وفوزى على حسين شلبى نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد الوهاب السيد على عبد الوهاب مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد رمضان عشماوى سكرتير المحكمة
الطعن رقم 5262 والطعن رقم 5365 لسنة 47 قضائية. عليا:
موظف - إنهاء خدمة - نقض الحكم الصادر بحبس العامل واتصال علم جهة الإدارة بذلك - أثره.
المادة (94) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/ 1978.
اتصال علم جهة الإدارة بنقض الحكم الصادر بحبس العامل الذى صدر قرار بإنهاء خدمته لهذا السبب والحكم من جديد ببراءته مما نُسب إليه يجرد قرارها بإنهاء خدمة العامل من السبب المشرع الذى يبرره قانونًا ويضحى خليقًا بإلغائه - أثر ذلك - اكتمال أركان مسئولية جهة الإدارة (من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما ) عن تعويض العامل عن قرارها بإنهاء خدمته - تطبيق.
الإجراءات
بتاريخ 28/ 2/ 2001 أودع الأستاذ/ ....... (المحامى) بالنقض قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الرقيم 5262 لسنة 47ق عليا – بصفته وكيلاً عن الطاعن - وذلك طعنًا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط (الدائرة الثانية) بجلسة 10/ 1/ 2001 فى الدعويين رقمى 914 لسنة9 ق و562 لسنة 10ق الذى حكمت فيه (أولاً - بالنسبة للدعوى رقم 914 لسنة 59. ق بإثبات ترك المدعى للخصومة فيها وألزمته المصروفات.
ثانيًا- بالنسبة للدعوى رقم 562 لسنة 10ق: 1- بإلغاء القرار رقم 40 لسنة 1998 فيما تضمنه من إنهاء خدمة المدعى اعتبارًا من 21/11/1995 مع ما يترتب على ذلك من آثار، 2- بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلب التعويض، وفى الموضوع بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للمدعى تعويضًا مقداره (10000 جنيه) عشرة آلاف جنيه، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات).
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، ثم إحالة الطعن للمحكمة الإدارية العليا للحكم: أولاً - بقبول الطعن شكلاً، ثانيًا- وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من الحكم فى موضوع التعويض بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى له تعويضًا مقداره 10000 جنيه عشرة آلاف جنيه، والقضاء مجددًا بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى له تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية مقداره (99098.60ج تسعة وتسعون ألفًا وثمانية وتسعون جنيهًا وستون قرشًا) وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة فى يناير 2004 تقريرًا بالرأى القانونى فى الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بزيادة مبلغ التعويض المقضى به بالقدر الذى تراه عدالة المحكمة مناسبًا لجبر الأضرار التى لحقت بالطاعن، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وبتاريخ 1/ 3/ 2001 أودع الأستاذ/ ...... النائب بهيئة قضايا الدولة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن رقم 5365 لسنة 47ق - عليا نيابة عن الطاعنين - وذلك طعنًا فى ذات الحكم المشار إليه الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط (الدائرة الثانية) بجلسة 10/ 1/ 2001 فى الدعويين رقمى 914 لسنة 59ق و562 لسنة 10ق سالف الذكر.
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - إحالة الطعن إلى دائرة فحص الطعون لتأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة عاجلة وبإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة فى ديسمبر 2002 تقرير بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات.
وقد نظر الطعن رقم 5262 لسنة 47ق عليا المشار إليه أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 27/ 11/ 2006 فحص فقررت إحالته إلى دائرة الموضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 2/ 12/ 2006، وتنفيذًا لذلك أحيل الطعن إلى هذه المحكمة ونظرته بجلسة 2/ 12/ 2006 وقررت إصدار الحكم فيه بجلسة 23/ 12/ 2006، كما نُظر الطعن الرقيم 5365 لسنة 47ق عليا المشار إليه أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 24/ 9/ 2005 وبالجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر جلسات الفحص، وقررت بجلسة 23/ 1/ 2006 فحص إحالته إلى دائرة الموضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 1/ 4/ 2006 وبها نظرته هذه المحكمة وبالجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وقررت إصدار الحكم فيه بجلسة 23/ 12/ 2006، وفى هذه الجلسة قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لجلسة اليوم وقررت ضم الطعن رقم 5365 لسنة 47ق إلى الطعن رقمى 5262 لسنة 47ق ليصدر فيهما حكم واحد، وفى ذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعين آخر الجلسة، وقد صدر هذا الحكم فى الطعنين معًا - وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا سائر أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما جاء بالأوراق - فى أن المدعو/ ..... أقام بتاريخ 9/ 3/ 1998 الدعوى رقم 914 لسنة 9 ق، وطلب فى ختام صحيفتها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار الجهة الإدارية السلبى بالامتناع عن إعادته إلى عمله الذى كان يباشره قبل صدور الحكم فى القضية رقم 3627 لسنة 1994 جهينة ورقم 1733 لسنة 1994 كلى سوهاج بإدانته بالحبس لمدة سنة مع عزله من الوظيفة لمدة سنتين، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، كما أقام المذكور بتاريخ 3/ 1/ 1999 الدعوى رقم 562 لسنة 10ق وطلب فى ختام عريضتها الحكم بقبولها شكلاً، وبصفة مستعجلة: بإلغاء قرار الجهة الإدارية السلبى بالامتناع عن إعادته إلى عمله لإنهاء خدمته من 21/ 11/ 1995 تاريخ صدور الحكم بحبسه فى القضية رقم 2627 لسنة 1994ج جهينة رقم 1733 كلى سوهاج - نظرًا لصدور الحكم الجنائى النهائى بجلسة 19/ 10/ 1998 ببراءته مما نُسب إليه، والحكم بإلزام المدعى عليهم بصفتهم متضامنين بأداء التعويض له عن الأضرار المادية والأدبية بمبلغ مائة ألف جنيه، وبضم القضية رقم 914 لسنة9ق إلى الدعوى ليصدر فيهما حكم واحد، وإلزام المدعى عليهم بالمصروفات، وأبدى المدعى فى عريضته الدعوى - شرحًا لدعواه - أنه حاصل على بكالوريوس الهندسة دور مايو 1971 من كلية الهندسة جامعة الأزهر، وأنه يشغل الدرجة الثانية التخصصية هندسة بوظيفة رئيس قسم المشروعات العمرانية بالوحدة المحلية لمركز ومدينة أخميم محافظة سوهاج ومنتدب للوحدة المحلية لمركز ومدينة جهينة، وأنه قد أسند إليه الإشراف على عملية إنشاء الإدارة البيطرية بجهينة وعملية إنشاء وحدة الرعاية التناسلية البيطرية بجهينة، وعملية إنشاء وحدة الصيانة بمدينة جهينة، وعملية إنشاء فصول إعدادى ودورات مياه بمدرسة نزلة على.
وأضاف المدعى أنه فى 12/ 10/ 1992 حدث زلزال تأثرت به جميع مناطق الجمهورية أدى إلى حدوث خلل بالكثير من المبانى الحكومية وألحق أضرارًا بمبانى خمسين مدرسة فى نطاق محافظة سوهاج، ومنها مدرسة نزلة على الإعدادية مركز جهينة، وأردف أنه أحيل للنيابة العامة من جراء ذلك فقررت جبسه احتياطيًا فى 31/ 10/ 1994 وجددت حبسه حتى قُدم لمحكمة جنايات أمن الدولة العليا بسوهاج متهمًا فى القضية رقم 2627 لسنة 1994ج جهينة المقيدة برقم 1733 لسنة 1994 كلى سوهاج، وبجلسة 21/ 11/ 1995 أصدرت محكمة جنايات أمن الدولة العليا بسوهاج حكمها بحبسه مع الشغل لمدة سنة واحدة وبعزله من الوظيفة لمدة سنتين فطعن فى هذا الحكم بالنقض وبجلسة 12/ 2/ 1998 قضت محكمة النقض فى الطعن رقم 2870 لسنة 66ق بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية لمحكمة جنايات أمن الدولة العليا بسوهاج لتحكم فيها من جديد من دائرة أخرى، وبتاريخ 16/ 3/ 1998 أصدر رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة أخميم القرار رقم (40) لسنة 1998 بإنهاء خدمته اعتبارًا من 21/ 11/ 1995 تاريخ صدور الحكم بحبسه وذلك طبقًا لنص المادة (94/ 7) من القانون رقم 47 لسنة 1978.
واستطرد المدعى قائلاً إنه تظلم من هذا القرار للجهة الإدارية، وأضاف أن محكمة جنايات أمن الدولة العليا بسوهاج قضت مجددًا من هيئة أخرى بجلسة 19/ 10/ 1998 فى القضية المذكورة ببراءته مما نُسب إليه، ونعى المدعى على القرار رقم 40 لسنة 1998 بإنهاء خدمته المطعون عليه أنه مخالف للقانون لأنه صدر بتاريخ 16/ 3/ 1998 استنادًا للحكم الجنائى الذى تم نقضه بجلسة 12/ 2/ 1998 من محكمة النقض قبل إصدار القرار، إضافة إلى صدور الحكم مجددًا بجلسة 19/ 10/ 1998 المتضمن براءته مما نُسب إليه.
وخلص المدعى من ذلك، وعلى النحو الذى أورده تفصيلاً فى عريضة دعواه، إلى طلباته سالفة الذكر التى اختتم بها صحيفة الدعوى، وبموجب صحيفة تعديل طلبات معلنة بتاريخ 1/ 4/ 1999 إلى هيئة قضايا الدولة عدل المدعى طلباته إلى طلب القضاء له بصفة مستعجلة باستمرار صرف مرتبه إليه كاملاً من تاريخ حبسه احتياطيًا فى 31/10/ 1994 وحتى يفصل فى الموضوع، وإلغاء القرار رقم 40 لسنة 1998 المشار إليه، وإلزام المدعى عليهم متضامنين بأداء تعويض مائه ألف جنيه له عن الأضرار المادية والأدبية والنفسية من جراء اتهامه وحبسه فى المدة من 31/ 10/ 1994 حتى 6/ 12/ 1995 عن جريمة ثبت بحكم جنائى نهائى براءته منها، وضم الدعوى رقم 914 لسنة 9ق قضاء إدارى أسيوط المرفوعة منه قبل نقض الحكم الجنائى وقبل صدور الحكم ببراءته، وإلزام المدعى عليهم المصروفات، وبجلسة 28/ 7/ 1999 أصدرت محكمة القضاء الإدارى بأسيوط (الدائرة الثانية) حكمها فى الشق العاجل من الدعوى رقم 562 لسنة 10ق المشار إليها الذى حكمت فيه بقبول طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه شكلاً، وبوقف تنفيذ ذلك القرار فيما تضمنه من إنهاء خدمة المدعى اعتبارًا من 21/ 11/ 1995 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وتقديم تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها، وبموجب صحيفة تعديل طلبات معلنة فى 28/ 8/ 2000 إلى هيئة قضايا الدولة عدل المدعى طلباته الختامية فى الدعوى رقم 562 لسنة 10ق قضاء إدارى أسيوط المشار إليها إلى (طلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع: (1) بإلغاء القرار رقم 40 لسنة 1998 فيما تضمنه من إنهاء خدمته اعتبارًا من 21/ 11/ 1995 المشار إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
(2) بإلزام المدعى عليهم بصفاتهم متضامنين بأن يؤدوا إليه تعويضًا ماديًا مبلغ 34098.60 جنيه أربعة وثلاثون ألفًا وثمانية وتسعون جنيهًا وستون قرشًا قيمة متوسط ما حُرم منه من رواتب ومزايا مالية، ومبلغ 65000 جنيه (خمسة وستون ألف جنيه) تعويضًا عما أصابه من أضرار أدبية ونفسية من جراء صدور القرار رقم 40 لسنة 1998 المطعون فيه، (3) ترك السير فى الخصومة فى الدعوى رقم 914 لسنة 9ق المودعة فى 9/ 3/ 1998 لقيام الجهة الإدارية بسحب القرار رقم 30 لسنة 1998 الصادر فى 11/ 3/ 1998 من رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة جهينة واستمرار السير فى الدعوى رقم 562 لسنة 10ق، وفى جميع الأحوال بإلزام المدعى عليهم بالمصروفات.
وقد جرى تحضير الشق الموضوعى من الدعوى رقم 562 لسنة 10ق قضاء إدارى أسيوط لدى هيئة مفوضى الدولة على النحو الوارد بالأوراق، ونظرت محكمة القضاء الإدارى بأسيوط الشق الموضوعى من الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها، حيث أصدرت فيها بجلستها بتاريخ 10/ 1/ 2001 حكمها سالف الذكر (المطعون فيه) وشيدت قضاءها على سند من أن المدعى تنازل عن الدعوى رقم 914 لسنة 9ق وقرر بتركه الخصومة فيها وقدم إقرارًا بالترك موثقًا بالشهر العقارى بتاريخ 21/ 2/ 2000، ومن ثم فإنها تقضى بإثبات تركه الخصومة فيها، وإلزامه مصروفاتها طبقًا لحكمى المادتين (141) و(143) من قانون المرافعات، وأنه بالنسبة للدعوى رقم 562 لسنة 10ق وعن طلب إلغاء القرار المطعون فيه رقم 40 لسنة 1998 فإنه قد سبق للمحكمة أن قضت بقبوله شكلاً، واستعرضت المحكمة نص المادة (94) فقرة (7) من قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وخلصت المحكمة إلى أن القرار رقم 40 لسنة 1998 الصادر بإنهاء خدمة المدعى جاء مخالفًا للقانون وفاقدًا السبب الذى يبرره فى ضوء ما ثبت من أن حكم الحبس والعزل من الوظيفة الذى استند إليه القرار قد تم نقضه من محكمة النقض وأعيدت المحاكمة الجنائية مجددًا وقضى فيها ببراءة المدعى مما نُسب إليه وانتهت المحكمة من ذلك إلى إلغاء القرار رقم 40 لسنة 1998 المطعون عليه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وعن طلب التعويض خلصت المحكمة إلى أنه استوفى أوضاعه الشكلية وإلى أن أركان المسئولية الموجبة للتعويض من خطأ وضرر وعلاقة السببية بينهما متحققة فى جانب الجهة الإدارية وقدرت المحكمة التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بالمدعى من القرار رقم 40 لسنة 1998 بإنهاء خدمته بمبلغ عشرة آلاف جنيه وقضت له به، وخلصت المحكمة إلى حكمها سالف الذكر (المطعون فيه)، فلم يرتض المدعى بهذا القضاء وأقام عليه طعنه الرقيم 5262 لسنة 47ق عليا المشار إليه والذى قرر أنه يقصره على ما قضى به من تعويض له بمبلغ عشرة آلاف جنيه نظرًا لأن هذا التعويض لا يتناسب مع قيمة ما لحق به وبأسرته من أضرار مادية وأدبية ونفسية، وردد المدعى فى تقرير طعنه المشار إليه ما سبق أن ساقه وسطره تفصيلاً بصحيفة دعواه، ونعى على مبلغ التعويض الذى قضى له به الحكم الطعين أنه لا يتفق مع الواقع وصحيح القانون وأن الحكم الطعين جاء لذلك مشوبًا فى هذا الصدد بالخطأ فى تطبيق القانون وتأويله والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال وذلك على النحو الذى سطره تفصيلاً بتقرير طعنه وخلص منه إلى طلباته سالفة الذكر التى اختتم بها تقرير طعنه المشار إليه.
كما لم يلق الحكم المطعون فيه قبولاً من الجهة الإدارية فأقامت عليه طعنها الرقيم 5365 لسنة 47ق عليا المشار إليه والذى قررت أنها تقصره على شق القضاء الصادر فى الدعوى رقم 562 لسنة10 ق فيما قضى به من إلغاء القرار رقم 40 لسنة 1998 المشار إليه، وما قضى به من إلزامها بأداء تعويض عشرة آلاف جنيه للمدعى وإلزامها بالمصروفات، ونعت الجهة الإدارية على هذا القضاء أنه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله من حيث الشكل والموضوع معًا لأن الثابت من الأوراق أن المدعى قد اختتم القرار رقم 40 لسنة 1998 بطلب إلغائه بعد انقضاء الميعاد المقرر قانونًا طبقًا لحكم المادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 محسوبًا من تاريخ علمه به وتظلماته منه وذلك على النحو الذى سطرته الجهة الإدارية تفصيلاً بتقرير طعنها المشار إليه، وأضافت الجهة الإدارية أن القرار المطعون فيه محل طلب الإلغاء ومحل طلب التعويض وهو القرار رقم 40 لسنة 1998 قد صدر سليمًا موافقًا حكم القانون مستندًا إلى سببه الصحيح وقت صدوره وهو صدور حكم جنائي، بالقضية رقم 1733 لسنة 1994 كلى سوهاج جنايات أمن الدولة بسوهاج بحسب المدعى (المطعون ضده) لمدة سنة واحدة والعزل من الوظيفة لمدة سنتين وذلك بجلسة 21/ 11/ 1995، وأن نص المادة (94) فقرة (7) من قانون العاملين المدنيين بالدولة آمر فى هذا الصدد ولم يعطِ للجهة الإدارية أى سلطة تقديرية إلا فى حالة صدور الحكم على العامل لأول مرة وهو ما اجتمعت بشأنه لجنة شئون العاملين وقررت أن بقاء العامل يتعارض مع مقتضيات العمل وذلك من واقع الحكم الصادر بحبس المطعون ضده، وخلصت الجهة الإدارية من ذلك إلى صحة القرار المطعون عليه وقيامه على الأسباب القانونية المبررة له وفق صحيح أحكام القانون الأمر الذى يكون معه طلب إلغائه عن غير سند وحقيقًا بالرفض، وكذا طلب التعويض لأن سلامة القرار تنفى ركن الخطأ فى هذا الصدد مما تكون معه مسئولية الجهة الإدارية منتفية ويكون طلب التعويض بدوره عن غير سند حقيقيًا برفضه، وخلصت الجهة الإدارية من ذلك إلى طلباتها سالفة الذكر التى اختتمت بها تقرير طعنها الرقيم 5365 لسنة47ق عليا على النحو الذى سطرته تفصيلاً بتقرير الطعن.
ومن حيث إن رحى المنازعة فى الطعنين الماثلين تدور حول القرار رقم 40 لسنة 1998 الصادر بتاريخ 16/ 3/ 1998 من رئيس الوحدة المحلية لمركز أخميم بمحافظة سوهاج بإنهاء خدمة السيد المهندس/ ....... من الدرجة الثانية التخصصية/ هندسة بوظيفة رئيس قسم المشروعات العمرانية بالوحدة والمنتدب للعمل بالوحدة المحلية لمركز جهينة وذلك اعتبارًا من 21/ 11/ 1995 (تاريخ صدور الحكم بحبسه) وذلك طبقًا لنص المادة 94 فقرة 7 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون العاملين المدنيين بالدولة.
ومن حيث إنه عن دفع الجهة الإدارية فى طعنها المشار إليه بعدم قبول طلب إلغاء القرار رقم 40 لسنة 1998 شكلاً لتقديمه بعد الميعاد المقرر قانونًا، فإن هذا الدفع فى غير محله قانونًا لأن الثابت مما جاء بالأوراق أن القضاء بقبول طلب إلغاء هذا القرار الذى قضى به هو الحكم السابق صدوره بجلسة 28/ 7/ 1999 من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط (الدائرة الثانية) فى الشق العاجل من الدعوى رقم 562 لسنة 10ق ولم يثبت من الأوراق الطعن على هذا الحكم من الجهة الإدارية وصار هذا الحكم نهائيًا وحائزًا لحجية الأمر المقضى به فيما فصل فيه من قبول طلب الإلغاء شكلاً ويحوز الحكم هذه الحجية فى مواجهة الجهة الإدارية، وحتى فى مواجهة المحكمة ذاتها - حال تعرضها للشق الموضوعى من الدعوى - على نحو يمتنع معه عليها معاودة الخوض فى الشكل مرة أخرى ويتوجب عليها النزول على مقتضى ما سبق أن بسطته من قضاء حال نظر الشق العاجل متعلقًا بقبول طلب الإلغاء شكلاً بعد أن صار هذا القضاء نهائيًا وحائزًا لحجية الشيء المقضى به فى هذا الخصوص عملاً بحكم المادة (101) من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968. (ينظر حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 25/ 12/ 2004 فى الطعن رقم 607 لسنة 43ق عليا)، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول طلب إلغاء القرار رقم 40 لسنة 1998 محل التداعى يكون عن غير سند من صحيح القانون وفى غير محله وحقيقًا لذلك برفضه، وهو ما تقضى به هذه المحكمة فى هذا الصدد.
ومن حيث إن المادة (94) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون العاملين المدنيين بالدولة تنص على أن (تنتهى خدمة العامل لأحد الأسباب الآتية:
...............
(7) الحكم عليه بعقوبة جناية فى إحدى الجرائم المنصوص عليها فى قانون العقوبات أو ما يماثلها من جرائم منصوص عليها فى القوانين الخاصة أو بعقوبة مقيدة للحرية فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن الحكم مع وقف التنفيذ.
ومع ذلك فإذا كان الحكم قد صدر عليه لأول مرة فلا يؤدى إلى إنهاء الخدمة إلا إذا قدرت لجنة شئون العاملين بقرار مسبب من واقع أسباب الحكم وظروف الواقعة أن بقاء العامل يتعارض مع مقتضيات الوظيفة أو طبيعة العمل.
ومن حيث إن الثابت مما جاء بالأوراق أن الحكم الجنائى الصادر بجلسة 21/ 11/ 1995 بحبس المدعو/ ............ لمدة عام مع عزله من الوظيفة لمدة سنتين والذى ارتكن إليه القرار رقم 40 لسنة 1998 محل التداعى واتخذ منه سببًا له طبقًا لحكم المادة (94) فقرة (7) من قانون العاملين المدنيين بالدولة قد قضت محكمة النقض بنقضه وبإعادة القضية إلى محكمة الجنايات التى عاودت المحاكمة من جديد وقضت ببراءة السيد المذكور (المدعي) مما نُسب إليه (حكم محكمة جنايات أمن الدولة بسوهاج بجلسة 19/ 10/ 1998 فى القضية رقم 2627 لسنة 1994 ج جهينة المقيدة برقم 1733/1994 كلى سوهاج).
ولما كان ذلك كذلك، وأن هذا القضاء قد كشف بجلاء للجهة الإدارية عن أن قرارها الرقيم 40 لسنة 1998 قد تجرد من السبب المشروع الذى يبرره قانونًا واتصل ذلك بعلم الجهة الإدارية حال نظرها وفحصها للتظلمات التى تقدم بها إليها (المدعى) ورغم تكشف ذلك لها وأن قرارها فى الواقع وفى القانون أى حقًا وصدقًا غدا عاريًا من السبب المشروع الذى يبرره، رغم كل ذلك تنكبت الجهة الإدارية وأدارت ظهرها إلى الشرعية وسيادة القانون وحكم القضاء وأبت أن تستجيب لتظلمات المدعى وأبقت على القرار رقم 40 لسنة 1998 منتجًا لآثاره بغير سند قانونى ولم تقم بسحبه، فمن ثم فإن قرارها الرقيم 40 لسنة 1998 الطعين يضحى عاريًا من السبب المشروع الذى يبرره قانونًا وحقيقًا لذلك بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار، كما وأن مسلك الجهة الإدارية المتمثل فى إبقائها على القرار رقم 40 لسنة 1998 بعد أن تكشف لها تجرده من السبب المبرر للإبقاء عليه يقوم به ركن الخطأ فى جانب الجهة الإدارية وقد نتج عن هذا الخطأ بلا ريب أضرار مادية حاقت بالمدعى تمثلت فى استمرار إقصائه عن وظيفته وحرمانه منها عن غير مبرر قانونى ومن أجره إضافة إلى الأضرار المادية المتمثلة فى أن الجهة الإدارية قد ألجأته إلى ولوج طريق التقاضى وتحمله كلفته من بذل الوقت والجهد والمال للوصول إلى حقه الذى أبت أن تجيبه إليه بإبقائها على قرارها الطعين بعد أن تكشف لها عدم قانونيته على النحو سالف الذكر، إضافة إلى الأضرار الأدبية والنفسية التى حاقت بالمذكور من جراء تصرف الجهة الإدارية ومسلكها فى قرارها الطعين التى تتمثل بلا ريب فى المعاناة والآلام النفسية وما نال من سمعته فى محيط الأسرة والعمل والمجتمع، ومن ثم فإن أركان المسئولية الموجبة لالتزام الجهة الإدارية بالتعويض فى هذا الصدد من خطأ وضرر وعلاقة السببية بينهما تكون متحققة فى جانب الجهة الإدارية.
ومن حيث إنه لما كان الحال على ما تقدم بيانه، وأن القاضى حال تقديره للتعويض يتوجب عليه مراعاة الظروف الملابسة وذلك اهتداءً بما جرى به نص المادة (170) من القانون المدنى من أن (يقدر القاضى مدى التعويض عن الضرر .. مراعيًا فى ذلك الظروف الملابسة، ....)، ولما كان ذلك وأن الجهة الإدارية أصدرت قرارها الطعين ارتكانًا إلى حكم قضائى بإدانة المدعى ومعاقبته بالحبس والعزل من الوظيفة وفى الوقت الذى لم تكن فيه قد بُرئت ساحته بعد لأن الحكم ببراءته لم يصدر إلا لاحقًا على النحو سالف البيان، ولا ريب أن هذه الظروف الملابسة لإصدار القرار الطعين لجديرة بأن تضعها عدالة المحكمة نصب أعينها وتأخذها فى اعتبارها عند تقرير التعويض عن الأضرار المادية والأدبية محل التداعى الناجمة عن إبقاء الجهة الإدارية على قرارها الطعين بعد أن أتصل بعلمها وتكشف لها تجرده من سببه الذى ارتكنت إليه بقضاء لاحق على النحو سالف الذكر، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتعويض عشرة آلاف جنيه للمدعى، وهذا المبلغ جاء فى ضوء الظروف الملابسة التى ألمحت إليها هذه المحكمة ليس فيه بخس ولا رهق للمدعى، ومن ثم فإن مطالبة المدعى فى طعنه المشار إليه بتعديل مبلغ التعويض بالزيادة ونعيه على ما قضى به له يكون فى غير محله، وعن غير سند يبرره قانونًا.
ومن حيث إن قضاء الحكم المطعون فيه - والحال على ما تقدم بيانه - قد صادف صحيح القانون، فمن ثم فإن الطعنين الماثلين يكونان قد جاءا عن غير سند من صحيح أحكام القانون متعينًا رفضهما وإلزام كل طاعن مصروفات طعنه، عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات، وهو ما تقضى به هذه المحكمة فى هذا الشأن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعنين المصروفات.
ساحة النقاش