موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

195-انعدام مصلحة الطاعن في المجادلة في توافر سبق الإصرار. متى كانت العقوبة الموقعة عليه تدخل في الحدود المقررة لجناية الشروع في القتل مجردة من أي ظروف مشددة.حكم سبق الإصرار في تشديد العقوبة كحكم ظرف الترصد. إثبات توافر أحدهما يغني عن إثبات توافر الآخر.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 992

جلسة 4 من ديسمبر سنة 1986

برياسة السيد المستشار: حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مصطفى طاهر وحسن عميره وصلاح البرجي وحسن عشيش.

(190)
الطعن رقم 4106 لسنة 56 القضائية

(1) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محاماة. إجراءات "إجراءات المحاكمة".
جواز أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحده. متى كانت ظروف الواقعة لا تؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم.
مناط التعارض المخل بحق الدفاع: أن يكون القضاء بإدانة أحد المتهمين يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر.
تعارض المصلحة بين المتهمين الذي يوجب إفراد محام لكل يتولى الدفاع عنه. أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهم أن يبديه من أوجه دفاع.
(2) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لا يشترط أن يكون الدليل صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بجميع تفاصيلها كفاية أن يكون استخلاصها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
حق المحكمة أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض.
(5) إثبات "بوجه عام" "قرائن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "حجية". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم تقيد القاضي عند محاكمة متهم بحكم آخر في ذات الواقعة ضد متهم اخر اعتبار أحكام البراءة عنوانا للحقيقة للمتهمين فى ذات الواقعة أو غيرهم مما يتهمون فيها. شرطه؟
(6) قتل عمد. سبق إصرار. جريمة "أركانها". ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ لتوافر سبق الإصرار في جريمة قتل عمد.
(7) عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن". قتل عمد. سبق الإصرار. ترصد.
انعدام مصلحة الطاعن في المجادلة في توافر سبق الإصرار. متى كانت العقوبة الموقعة عليه تدخل في الحدود المقررة لجناية الشروع في القتل مجردة من أي ظروف مشددة.
حكم سبق الإصرار في تشديد العقوبة كحكم ظرف الترصد. إثبات توافر أحدهما يغني عن إثبات توافر الآخر.
(8) قتل عمد. سبق إصرار. ظروف مشددة. مسئولية جنائية. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل أن الخطأ في "الإسناد لا يعيب الحكم. ما لم تتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
إثبات الحكم تواجد الطاعنين على مسرح الجريمة ومساهمتهم في الاعتداء على المجني عليه مع توافر ظرف سبق الإصرار في حقهم. يرتب تضامناً بينهم في المسئولية الجنائية عن جريمة الشروع في القتل التي وقعت تنفيذاً لغرضهم المشترك.
الخطأ الذي لا يؤثر في عقيدة المحكمة. لا يعيب الحكم.
1 - لما كان من المقرر أن القانون لا يمنع أن يتولى محام واحد أو هيئة دفاع واحدة واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحده ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أن الطاعنين ارتكبوا معاً أفعال الشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ووضع النار عمداً والإتلاف عمداً، واعتبرهم فاعلين أصليين في هذه الجرائم، وكان القضاء بإدانة أحدهم - كما يستفاد من أسباب الحكم - لا يترتب عليه القضاء ببراءة أي من المحكوم عليهم الآخرين وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع، فإنه لا يعيب الحكم في خصوص هذه الدعوى أن تولت هيئة دفاع واحدة الدفاع عن الطاعنين، ذلك بأن تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل منهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا يبنى على احتمال ما كان يسع كل منهم أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده فعلاً.
2 - لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى، حسبما يؤدي إليه إقناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، ولها كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق.
4 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وباقي شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض.
5 - لما كان لا وجه لقاله التناقض التي أثارها الطاعنون استناداً إلى الحكم الصادر بالبراءة لمتهمين آخرين في الدعوى عن ذات التهم، إذ أنه لا سبيل إلى مصادرة المحكمة في اعتقادها ما دامت قد بنت اقتناعها على أسباب سائغة فإن الأمر يتعلق بتقدير الدليل ولا يتعدى أثره شخص المحكوم لصالحه، ذلك بأن من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر، ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الأخر، ولما كان من المقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة إلا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً، وهو الأمر الذي لا يتوافر في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يكون سديداً.
6 - لما كان الحكم قد استظهر توافر ظرف سبق الإصرار في قوله "وحيث إن ظرف سبق الإصرار قد توافر في جانب المتهمين باتفاقهم على قتل المجني عليه قبل ارتكاب الحادث بفترة طويلة بسبب الخلاف السابق بين المجني عليه وبين المتهم..... الشهير..... ومن التصميم على إزهاق روحه في هدوء ورويه ومبادرته بالتعدي دون مقدمات وإشعال النار في الحانوت التي احتمى فيه لتنفيذ الغرض الذي عقدوا العزم عليه بالصورة التي كشفت عنها التحقيقات بما يرتب في صحيح القانون تضامناً بين المتهمين في المسئولية الجنائية يستوي في ذلك أن يكون الفعل الذي قارفه كل منهم محدداً بالذات أم غير محدد، قل نصيبه في الأفعال المادية المكونة للجريمة أو قام بنصيب أوفى من هذه الأفعال، فإن كلاً منهم يكون مسئولاً عن جرائم الشروع في القتل والحريق العمدي والإتلاف العمدي التي وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه باعتبارهم فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات وكان ما ساقه الحكم مما سلف سائغ ويتحقق به توافر ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون.
7 - لما كانت العقوبة المقضى بها على الطاعنين تدخل في الحدود المقررة لجناية الشروع في القتل العمد أشد الجرائم التي دين الطاعنون بها، مجردة من أي ظرف مشدد، فإنه لا يكون للطاعنين مصلحة فيما يثيرونه من فساد استدلال الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار، هذا إلى أن حكم ظرف سبق الإصرار في تشديد العقوبة كحكم ظرف الترصد وإثبات توافر أحدهما يغني عن إثبات توافر الآخر.
8 - لما كان الأصل أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وإذ ما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين تواجدهم على مسرح الجريمة ومساهمتهم في الاعتداء على المجني عليه مع توافر ظرف سبق الإصرار في حقهم مما يرتب في صحيح القانون تضامناً بينهم في المسئولية الجنائية عن جريمة الشروع في القتل التي وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه يستوي في ذلك أن يكون هذا الفعل الذي قارفه كل منهم محدداً بالذات أو غير محدد، وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل في النتيجة المترتبة عليه، فإن الخطأ على فرض حصوله، ما دام متعلقاً بالأفعال التي وقعت من كل من الطاعنين لا يعد مؤثراً في عقيدة المحكمة ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم (أولاً): - شرعوا مع آخران سبق الحكم عليهما في قتل.... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقدوا العزم وبيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أدوات "عصي وكوريك" وتربصوا له في المكان الذي أيقنوا سلفاً مروره فيه وما أن ظفروا به حتى ضربه المتهم الرابع بعصى على رأسه ولما احتمى المجني عليه بحانوت بمكان الحادث تابعوه بقذفه بالحجارة وسكب الأول والثاني والثالث مادة بترولية (كيروسين) على ذلك الحانوت وأشعلوا النار قاصدين من ذلك قتل المجني عليه فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركته بالعلاج (ثانياً): - وضعوا عمداً نار في الحانوت المملوك لـ..... وذلك بأن قام كل من المتهمين الأول والثاني والثالث بإحضار ماده بترولية "كيروسين" وسكبوها على ذلك الحانوت سالف البيان وأشعلوا النار فيه على النحو المبين بالتحقيقات. (ثالثاً): - أتلفوا عمداً الحانوت موضوع التهمه الثانية بأن قاموا بإلقاء الحجارة عليه وتحطيم واجهته بالكوريك وأشعلوا النار فيه وترتب على ذلك ضرر مادي تزيد قيمته عن خمسين جنيهاً وجعل حياة الناس في خطر. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ واحد وخمسون جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً عملاً بالمواد 32، 45، 46، 230، 231، 232، 252، 361/ 1، 2، 3 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبه كلاً منهم بالسجن لمده ثلاث سنوات عما أسند إليهم وألزمتهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم الشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ووضع النار عمداً في أحد المحلات وإتلافه قد شابه إخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال وتناقض وخطأ في الإسناد، ذلك بأن محاميين توليا المرافعة عن جميع الطاعنين على الرغم من قيام التعارض بين صوالح كل منهم بالنظر إلى ما شهد به.... و..... من أن بعض المتهمين، دون البعض الآخر، هو الذي وضع النار في المحل، وتناقض الحكم عندما قضى بإدانة الطاعنين استناداً إلى أقوال المجني عليه، وباقي شهود الإثبات، مع أن المحكمة التي أصدرتها أهدرتها من قبل لعدم اطمئنانها إليها عندما قضت ببراءة متهمين آخرين في ذات الاتهام، ونسب الحكم إلى المجني عليه بأن المتهمين جميعاً أشعلوا فيه النار على خلاف الثابت في الأوراق واعتبر الحكم إشعال النار في المحل ضمن أدله توافر سبق الإصرار مع أن الفترة بين تعقب المجني عليه ودخوله لا تكفي لتوافره، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعنون بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدله مستمدة من أقوال شهود الإثبات والتقرير الطبي الشرعي وتقرير قسم الأدلة الجنائية والمعاينة التي أجرتها النيابة العامة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لا يمنع أن يتولى محام واحد أو هيئة دفاع واحدة واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحده ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أن الطاعنين ارتكبوا معاً أفعال الشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ووضع النار عمداً والإتلاف عمداً، واعتبرهم فاعلين أصليين في هذه الجرائم، وكان القضاء بإدانة أحدهم - كما يستفاد من أسباب الحكم - لا يترتب عليه القضاء ببراءة أي من المحكوم عليهم الآخرين وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع، فإنه لا يعيب الحكم في خصوص هذه الدعوى إن تولت هيئة دفاع واحده الدفاع عن الطاعنين، ذلك بأن تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل منهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا يبنى على احتمال ما كان يسع كل منهم أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده فعلاً لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى، حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها مستنداً إلى أدله مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، ولا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، ولها كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وباقي شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا وجه لقالة التناقض التي أثارها الطاعنون استناداً إلى الحكم الصادر بالبراءة لمتهمين آخرين في الدعوى عن ذات التهم، إذ أنه لا سبيل إلى مصادرة المحكمة في اعتقادها ما دامت قد بنت اقتناعها على أسباب سائغة فإن الأمر يتعلق بتقدير الدليل ولا يتعدى أثره شخص المحكوم لصالحه، ذلك بأن من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر، ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الأخر، ولما كان من المقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة إلا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصيه بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً، وهو الأمر الذي لا يتوافر في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر تنافر ظرف سبق الإصرار في قوله "وحيث إن ظرف سبق الإصرار قد توافر في جانب المتهمين باتفاقهم على قتل المجني عليه قبل ارتكاب الحادث بفترة طويلة بسبب الخلاف السابق بين المجني عليه وبين المتهم.... الشهير..... ومن التصميم على إزهاق روحه في هدوء ورويه ومبادرته بالتعدي دون مقدمات وإشعال النار في الحانوت التي احتمى فيه لتنفيذ الغرض الذي عقدوا العزم عليه بالصورة التي كشفت عنها التحقيقات بما يرتب في صحيح القانون تضامناً بين المتهمين في المسئولية الجنائية يستوي في ذلك أن يكون الفعل الذي قارفه كل منهم محدداً بالذات أم غير محدد، قل نصيبه في الأفعال المادية المكونة للجريمة أو قام بنصيب أوفى من هذه الأفعال، فإن كلاً منهم يكون مسئولاً عن جرائم الشروع في القتل والحريق العمدي والإتلاف العمدي التي وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه باعتبارهم فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات" وكان ما ساقه الحكم مما سلف سائغ ويتحقق به توافر ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون فإن منعى الطاعنين في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقضى بها على الطاعنين تدخل في الحدود المقررة لجناية الشروع في القتل العمد أشد الجرائم التي دين الطاعنون بها، مجرده من أي ظرف مشدد، فإنه لا يكون للطاعنين مصلحه فيما يثيرونه من فساد استدلال الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار، هذا إلى أن حكم ظرف سبق الإصرار في تشديد العقوبة كحكم ظرف الترصد وإثبات توافر أحدهما يغني عن إثبات توافر الآخر. لما كان ذلك، وكان الأصل أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وإذ ما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين تواجدهم على مسرح الجريمة ومساهمتهم في الاعتداء على المجني عليه مع توافر ظرف سبق الإصرار في حقهم مما يرتب في صحيح القانون تضامناً بينهم في المسئولية الجنائية عن جريمة الشروع في القتل التي وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه يستوي في ذلك أن يكون الفعل الذي قارفه كل منهم محدداً بالذات أو غير محدد، وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل في النتيجة المترتبة عليه، فإن الخطأ على فرض حصوله، ما دام متعلقاً بالأفعال التي وقعت من كل من الطاعنين لا يعد مؤثراً في عقيدة المحكمة ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 43 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,934,820

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »