الحكم كاملاً
المكتب الفني - أحكام النقض - جنائي
السنة 57 - صـ 938
جلسة 6 من ديسمبر سنة 2006
برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد الباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسين مصطفى، إبراهيم الهنيدي، حسن الغزيري ومصطفى محمد أحمد نواب رئيس المحكمة.
(108)
الطعن رقم 45127 لسنة 76 القضائية
(1) إعدام. قتل عمد. محكمة النقض " سلطتها ". نيابة عامة.
وجوب عرض النيابة العامة الحكم الحضوري الصادر بالإعدام على محكمة النقض مشفوعًا بمذكرة بالرأي. المادة 46 من القانون 57 لسنة 1959.
رقابة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام. ذات طبيعة خاصة. شمولها عناصر الحكم موضوعية كانت أو شكلية. وجوب نقضها الحكم للخطأ في تطبيق القانون أو البطلان غير مقيدة بحدود أوجه الطعن أو رأي النيابة. أساس ذلك؟
(2) إثبات " خبرة ". أسباب الإباحة وموانع العقاب " الجنون والعاهة العقلية ". مسئولية جنائية. حكم " تسبيبه. تسبيب معيب ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". دفوع " الدفع بانعدام المسئولية الجنائية ".
فقد الإرادة أو الإدراك لجنون أو عاهة عقلية. أثره: انعدام المسئولية الجنائية للمتهم أيًا كان نوع الجريمة. أساس ذلك؟
منازعة المتهمة في سلامة قواها العقلية أمام قاضي المعارضات. جوهري. وجوب تحقيقه وتعيين خبير للبت في هذه الحالة وجودًا وعدمًا أو إيراد أسباب سائغة لرفضه. إغفال ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع.
(3) محكمة النقض " سلطتها ".
حق محكمة النقض أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها إذا وقع بطلان في الحكم يندرج
تحت الحالة الثانية من المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959. أساس ذلك؟
1 - لما كانت المادة 46 من القانون 57 لسنة 1959 المار ذكره تنص على أنه
" مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادرًا حضوريًا بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34، وتحكم المحكمة طبقًا لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 "، ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها إعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وتقضي بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان ولو من تلقاء نفسها غير مقيدة في ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة تلك الأحكام، وذلك هو المستفاد من الجمع بين الفقرة الثانية من المادة 35، والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 من القانون 57 لسنة 1959 المشار إليه.
2 - لما كان البين من الاطلاع على الحكم المعروض والمفردات المضمومة أن المدافع عن الطاعنة طلب بجلسة ...... أمام قاضي المعارضات عند النظر في أمر تجديد حبسها إحالتها لمستشفى الأمراض العقلية لبيان مدى سلامة قواها العقلية. لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقًا لنص المادة 62 من قانون العقوبات أن فقد الإرادة أو الإدراك لجنون أو عاهة عقلية يترتب عليه من الناحية الجنائية انعدام مسئولية المتهم أيًا كان نوع الجريمة المسندة إليه، وسواء كانت عمدية أو غير عمدية فإن هذا الدفاع من الطاعنة وإن أبدي أمام قاضي المعارضات لدى النظر في تجديد حبسها إلا أنه كان مطروحًا على المحكمة عند نظر موضوع الدعوى وهو من بعد دفاع جوهري إذ إن مؤداه - لو ثبت إصابة الطاعنة بعاهة في العقل وقت ارتكابها الأفعال المسندة إليها - انتفاء مسئوليتها عنها عملاً بنص المادة 62 من قانون العقوبات، وكان من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية وإن كان في الأصل من المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها إلا أنه يتعين عليها ليكون قضاؤها سليمًا أن تعين خبيرًا للبت في هذه الحالة وجودًا وعدمًا لما يترتب عليها من قيام أو امتناع عقاب المتهم، فإن لم تفعل كان عليها أن تورد في القليل أسبابًا سائغة تبني عليها قضاءها برفض هذا الطلب، وإذا ما رأت من ظروف الحال ووقائع الدعوى وحالة المتهم أن قواه العقلية سليمة وأنه مسئول عن الجرم الذي وقع منه. ولما كانت المحكمة لم تفعل شيئًا من ذلك فإن حكمها يكون مشوبًا بعيب القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يبطله.
3 - من المقرر أن البطلان الذي لحق بالحكم يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39 وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا ما وقع فيه بطلان من هذا القبيل فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية ونقض الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليها والإعادة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها: قتلت ...... عمدًا مع سبق الإصرار بأن عقدت العزم وبيتت النية على قتله وأعدت لذلك الغرض عقار " الثيوبنتال المنوم " مستغلة في ذلك خبرتها المكتسبة من عملها السابق بمجال التمريض، ولما أتتها الفرصة لتنفيذ مشروعها الإجرامي قامت بحقنه بكلا وريدي ساعديه الأيمن والأيسر بجرعات قاتلة من ذلك العقار مع علمها بتأثيره قاصدة من ذلك قتله، فأحدثت به الأعراض الموصوفة بتقريري الصفة التشريحية والمعامل الكيماوية والتي أودت بحياته. وأحالتها إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتها طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وبجلسة ..... قررت المحكمة المذكورة بإجماع الآراء بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وحددت جلسة ..... للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت حضوريًا عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات بإجماع الآراء بمعاقبة المتهمة بالإعدام.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها.
المحكمة
حيث إن النيابة عرضت القضية على محكمة النقض إعمالاً لنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة انتهت في مضمونها إلى طلب إقرار الحكم بإعدام المحكوم عليها.
ومن حيث إن المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المار ذكره تنص على أنه " مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادرًا حضوريًا بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 وتحكم المحكمة طبقًا لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 "، ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها إعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وتقضي بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان ولو من تلقاء نفسها غير مقيدة في ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة تلك الأحكام، وذلك هو المستفاد من الجمع بين الفقرة الثانية من المادة 35، والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المشار إليه. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على الحكم المعروض والمفردات المضمومة أن المدافع عن الطاعنة طلب بجلسة ...... أمام قاضي المعارضات عند النظر في أمر تجديد حبسها إحالتها لمستشفى الأمراض العقلية لبيان مدى سلامة قواها العقلية. لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقًا لنص المادة 62 من قانون العقوبات أن فقد الإرادة أو الإدراك لجنون أو عاهة عقلية يترتب عليه من الناحية الجنائية انعدام مسئولية المتهم أيًا كان نوع الجريمة المسندة إليه وسواء كانت عمدية أو غير عمدية فإن هذا الدفاع من الطاعنة وإن أبدي أمام قاضي المعارضات لدى النظر في تجديد حبسها إلا أنه كان مطروحًا على المحكمة عند نظر موضوع الدعوى، وهو من بعد دفاع جوهري إذ إن مؤداه - لوثبت إصابة الطاعنة بعاهة في العقل وقت ارتكابها الأفعال المسندة إليها - انتفاء مسئوليتها عنها عملاً بنص المادة 62 من قانون العقوبات، وكان من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية وإن كان في الأصل من المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها إلا أنه يتعين عليها ليكون قضاؤها سليمًا أن تعين خبيرًا للبت في هذه الحالة وجودًا وعدمًا لما يترتب عليها من قيام أو امتناع عقاب المتهم، فإن لم تفعل كان عليها أن تورد في القليل أسبابًا سائغة تبني عليها قضاءها برفض هذا الطلب وإذا ما رأت من ظروف الحال ووقائع الدعوى وحالة المتهم أن قواه العقلية سليمة، وأنه مسئول عن الجرم الذي وقع منه. ولما كانت المحكمة لم تفعل شيئًا من ذلك فإن حكمها يكون مشوبًا بعيب القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يبطله. لما كان ذلك، وكان البطلان الذي لحق بالحكم يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا ما وقع فيه بطلان من هذا القبيل، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية ونقض الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليها والإعادة.
ساحة النقاش