موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

121-استعمال آلة قاتلة بطبيعتها فى إحداث الجرح بالمجنى عليه قصدا وإصابته فى مقتل من مسافة قريبة لا يقتضى حتما توافر نية القتل لدى الجانى.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 965

جلسة 10 من مايو سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصفطى كامل، واسحق عبد السيد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.

(288)
القضية رقم 169 سنة 25 القضائية

قتل عمد. نية القتل. تقدير قيامها لدى الجانى. موضوعى. استعمال آلة قاتلة بطبيعتها فى إحداث الجرح بالمجنى عليه قصدا وإصابته فى مقتل من مسافة قريبة. لا يقتضى حتما توافر نية القتل لدى الجانى.
يصح فى العقل أن تكون نية القتل عند الجانى منتفية ولو كان قد استعمل فى إحداث الجرح بالمجنى عليه قصدا، آلة قاتلة بطبيعتها (مسدسا) وكان المقذوف قد أصاب من جسمه مقتلا من مسافة قريبة، إذ النية أمر داخلى يضمره الجانى ويطويه فى نفسه ويستظهره القاضى عن طريق بحث الوقائع المطروحة أمامه وتقصى ظروف الدعوى وملابساتها، وتقدير قيام هذه النية أو عدم قيامها موضوعى بحت متروك أمره إليه دون معقب متى كانت الوقائع والظروف التى بينها وأسس رأيه عليها من شأنها أن تؤدى عقلا إلى النتيجة التى رتبها عليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن المذكور بأنه قتل محمد سويلم الخولى عمدا بأن أطلق عليه عيارا ناريا قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. وطلبت من قاضى الاحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات فقرر ذلك.
ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضوريا عملا بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 منه بمعاقبة أحمد فضل الهوارى بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وذلك على اعتبار أن المتهم فى الزمان و المكان سالفى الذكر قد أطلق النار عامدا على المدعو محمد سويلم الخولى فأحدث به الاصابات الموضحة بالصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله، ولكن الاصابات أودت بحياته. فطعن الطاعن هذا الحكم بطريق النقد... الخ.


المحكمة

 

وحيث إن مبنى الوجه الأول من وجهى الطعن هو تناقض الحكم فى أسبابه ذلك بأن المحكمة وإن كانت استخلصت أن الطاعن أطلق النار عمدا على المجنى عليه بقصد إصابته فى بطنه غير أنها مع ذلك نفت توفر نية القتل استنادا إلى أسباب لا تؤدى إلى النتيجة التى استخلصتها، إذ أن تعمد إصابة المجنى عليه فى البطن وهو من المواضع القاتلة - يتلازم فى العقل والمنطق مع قصد إزهاق الروح بحيث لو استبعدت نية القتل استبعدت معها لزمانية تعمد إحداث جرح بجسم المجنى عليه، ولا يبقى بعد ذلك إلا أحد احتمالين وهما إما أن تكون الاصابة قد نشأت عن إهمال الطاعن وخطئه، وإما أن تكون قد حدثت قضاء وقدرا ولم يكن ثمة سبيل إلى معرفة أى الاحتمالين هو الواقع إلا بالتحقيق الذى حجبت المحكمة نفسها عن إجرائه اعتقادا منها أن الاصابة حدثت عن عمد، ولا يرد على ذلك بأن العقوبة المقضى بها مبررة لدخولها فى نطاق العقوبة المقررة لجريمة القتل الخطأ إذ لم تعرض المحكمة لبحث ركن الخطأ وهو الركن الجوهرى للجريمة للوقوف على ما إذا كان قد تحقق أو لم يتحقق، هذا من ناحية ومن ناحية آخرى فإن الحد الأدنى لعقوبة الضرب المفضى إلى الموت - حتى مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات هو الحبس - على حين أن جريمة القتل خطأ يجوز الحكم فيها بعقوبة الغرامة فقط، ولا يعلم الرأى الذى كانت تنتهى إليه المحكمة لو أنها اعتبرت الجريمة قتلا خطأ.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه "أن مواشى كانت قد سرقت من امرأة تدعى زينب أبو هاشم من أبو كبير ودلت التحريات على مشاهدة بعض الأهالى لبعض هذه المواشى لدى شخص اسمه إسماعيل الحكيم من عزبة أولاد أحمد بلدة المجنى عليه الحالى فقبض على هذا الشخص وفتشت بعض منازل العزبة ولدى سؤال هذا الشخص قرر أنه اشترى بعض المواشى من المجنى عليه الحالى وأخيه على سويلم وفى يوم الحادث قام المتهم أحمد فضل الهوارى ومعه الضابط رياض محمد صبح فى سيارة حتى وصلا لناحية طوخ القراموص و أخذا معهما شيخ خفرائها ووصلوا إلى منزل المجنى عليه (محمد سويلم الخولى) فوجدوه مع زوجته ولما أفهموه مأموريتهم وطلبوا منه أن يرافقهم أبى فلما هددوه امتثل فأخذوه وأرادوا الذهاب لمنزل أخيه على سويلم الخولى وفى أثناء الطريق تجمع أهل العزبة وأرادوا افلات المتهم فهددهم أفراد القوة ولما وصلوا ومعهم المجنى عليه إلى منزل أخيه على سويلم سألوا زوجته عنه فلم يجدوه وعندئذ كان الناس قد تكاثروا وتوترت أعصابهم وألقى بعضهم من فوق أحد الأسطح طوبة أصابت المتهم فى جبهته فأطلق عيارا على المجنى عليه أصابه، فحاول أهل العزبة الاعتداء عليه وعلى أفراد القوة فجروا حتى أدركوا السيارة التى كانت تنتظرهم خارج العزبة فركبوها فتبعهم الناس فلم يجدوا ملجأ إلى تفتيش الخاصة واعتصموا به ثم أبلغوا الواقعة فضبطها البوليس ثم أبلغ النيابة فباشرت التحقيق". ثم أورد الحكم على ثبوت وقوع جريمة الضرب المفضى إلى الموت من الطاعن أدلة من بينها شهادة زوجة القتيل وزوجة أخيه بأن الكونستابل الطاعن أطلق النار على المجنى عليه عمدا من مسافة قريبة و ما أثبته تقرير الصفة التشريحية من إصابته بجرح نارى فتحة دخول بالمنطقة الحرقفية اليسرى من البطن بأعلى النتوء الحرقفى الأمامى اليسارى وانسكابات دموية قوية بعضلات الالية عثر فيها على مقذوف ريفولفر عياره 45 وبوصة، وعرض الحكم بعد ذلك لدفاع الطاعن فقال إنه اعترف عند سؤاله أول مرة فى تحقيق النيابة بأنه أطلق النار عمدا على المجنى عليه ليعيقه عندما حاول الفرار وأنه عدل بعد ذلك عن هذا الاعتراف وأدلى برواية أخرى فى التحقيق هى أن المقذوف خرج من مسدسه عفوا على غير إرادة منه فأصاب المجنى عليه، وفند الحكم هذه الرواية الأخيرة بقوله "إن المحكمة لا تأخذ بهذه الرواية للأسباب الأتية: أولا - أن إشارة الحادث نفسها ذكر بها أن المتهم أطلق النار على المجنى عليه ولو كان الطلق قد خرج غصبا عن المتهم لما فات محرر الإشارة أو من آملاها أن يذكر ذلك: ثانيا - أن المتهم نفسه عندما سئل أمام النيابة لأول مرة قال إنه أطلق النار عمدا على المجنى عليه، وإن كان قد برر ذلك بحالة التوتر الموجودة ومحاولة المجنى عليه أن يهرب مع أن أحدا لم يذكر أن المجنى عليه جرى ليهرب فضلا عن أن هذا يتنافى مع التقرير الطبى الشرعى الذى قرر أن الإصابة على مسافة ربع متر ولو كان قد جرى ليهرب لكانت المسافة أكبر من ذلك، ثالثا - ما شهدت به حميده عبد الفتاح القراموصى زوجة القتيل وفهيمه إبراهيم حسن زوجة أخيه من أن المتهم أطلق النار عامدا على المجنى عليه وأنه كان قريبا جدا منه قد تأيد بما جاء تقرير الصفة التشريحية من أن المسافة بينهما لا تزيد عن الربع متر، وذلك خلافا لما ذكره شيخ الخفراء والمتهم نفسه من مسافة تزيد عن ذلك كثيرا، رابعا - ما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أن اتجاه العيار كان أفقيا الأمر الذى يتفق مع التصويب. خامسا - ما جاء بالتقرير الطبى الشرعى الخاص بفحص السلاح وبمدى صحة الدفاع الأخير الذى أثاره المتهم من أنه لا يمكن القول بصحة دفاع المتهم من أن أصبعه الذى كان على التتك يضغط كاملا عليه وبالتالى لم تحدث لفة كاملة وأن الإطلاق حدث من رجوع الزناد وسقوطه من نفسه لأنه يتحتم فى هذه الحالة أن توجد نعومة غير عادية بحركة الساقية. سادسا - أن التصوير الذى جاء بنهاية التقرير السالف الذكر من أنه يصح إذا حدثت حركة غير إرادية من إحدى اليدين إذا كانت الأخرى ممسكة بالمجنى عليه تصوير افتراضى لم يقل به أحد فى التحقيق".
وخلص الحكم من ذلك إلى التقرير بأن المحكمة اقتنعت للاعتبارات التى ساقتها، بأن الطاعن أطلق النار على المجنى عليه عن قصد وتعمد، واستطرد الحكم بعد ذلك إلى التحدث عن نية القتل وقال إنها لم تتوفر للأسباب الآتية: أولا - إنه لم يثبت من التحقيقات وجود ضغينة أو نزاع بين المتهم وبين المجنى عليه بل إن الذى ثبت على لسان جميع من شهدوا بما فيهم أهل المجنى عليه أنه لا يوجد بينهما نزاع أو عداء، ثانيا - أن القوة بما فيها الكونستابل المتهم لم تكن هدفا لخطر جسيم من أهالى العزبة ولا سيما المجنى عليه بالذات فإنه لم يثبت أنه أو أحدا من المجتمعين كان يحمل سلاحا أو أداة قاتلة، ثالثا - أن المتهم كان قريبا جدا من المجنى عليه عند إطلاق النار كما ثبت من تقرير الصفة التشريحية والعيار أصاب المجنى عليه فى أعلى النتوء الحرقفى الأمامى اليسارى بمسافة 30 سنتيمترا فلو كان يقصد قتله لجعل هدفه من جسم المجنى عليه جزءا أشد خطرا أو أقوى فتكا وأسرع قضاء وأعجل فى إزهاق الروح مثل القلب أو أى جزء علوى من الجسم، رابعا - أن الإصابة التى حدثت بالكونستابل المتهم والتى أطلق على أثرها العيار الذى أصاب المجنى عليه كانت من البساطة بحيث لم يتقرر لها علاج فلا يستاغ مع ذلك القول بأن المتهم عندما أطلق النار على المجنى عليه إنما كان يقصد قتله بل الذى يستقيم والذى تؤيده ملابسات الواقعة أنه إنما أراد المساس بسلامة جسم المجنى عليه الذى كان سببا فيما حدث، وبقدر لا يصل إلى إزهاق الروح".
وحيث إنه لما كان يصح فى العقل أن تكون نية القتل عند الجانى منتفية ولو كان قد استعمل فى إحداث الجرح بالمجنى عليه قصدا آلة قاتلة بطبيعتها وكان المقذوف قد أصاب من جسمه مقتلا من مسافة قريبة، إذ النية أمر داخلى يضمره الجانى ويطويه فى نفسه ويستظهره القاضى عن طريق بحث الوقائع المطروحة أمامه وتقصى ظروف الدعوى وملابساتها، وتقدير قيام هذه النية أو عدم قيامها موضوعى بحت متروك أمره إليه دون معقب متى كانت الوقائع والظروف التى بينها وأسس رأيه عليها من شأنها أن تؤدى عقلا إلى النتيجة التى رتبها عليها. لما كان ذلك، وكانت محكمة الجنايات المطعون فى حكمها فى حدود سلطتها التقديرية قد أوردت أسبابا سائغة مقبولة من شأنها أن تؤدى إلى نفى نية القتل عند الطاعن، فإن ما ينعاه فى هذا الصدد لا يكون له محل، هذا إلى أنه لا مصلحة له فيما يثيره من جدل حول توفر نية القتل ما دام الحكم قد خلص إلى استبعاد هذه النية وهو ما تحقق به مصلحته. وحيث إن مبنى الوجه الثانى هو أن محامى الطاعن دفع فى جلسة المحاكمة بأن المقذوف انطلق من المسدس بحركة من يد الطاعن لا دخل لإرادته فيها، وأيده الطبيب الشرعى فى هذا التصوير وطلب محاميه من أجل ذلك استدعاء الطبيب الشرعى لمناقشته فى هذا الدفاع الذى يستند إلى تعليل فنى، غير أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب، وفى ذلك إخلال بحق الطاعن فى الدفاع يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض لهذا الطلب ورد عليه بقوله "إن الحاضر مع المتهم طلب استدعاء الطبيب الشرعى لمناقشته بشأن السلاح المضبوط وكيفية الإصابة ولا ترى المحكمة محلا لإجابة هذا الطلب لأن الطبيب الشرعى فحص السلاح وقال عنه إنه جيد كما أنه استبعد دفاع المتهم الذى أبداه من ناحية سقوط الزناد من تلقاء نفسه إلا فى حالة إمساك المتهم للسلاح بإحدى يديه والمجنى عليه باليد الأخرى الأمر الذى لم يقل به أحد بالتحقيق كما أن المحكمة فحصت السلاح بالجلسة فحصا دقيقا فلم تجد به عيبا أو خللا بعد أن أدخلت المظروف الفارغ به" وما قاله الحكم من ذلك يكفى لتبرير رفض طلب استدعاء الطبيب الشرعى لمناقشته.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعاً.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 46 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,934,820

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »