استجواب المتهم وسماع الشهود فى الدعوى الجزائيه بين النظزية والتطبيق من رابطة محامين المحله محبي/ المستشار عدنان عبد المجيد و البسيونى محمود عبده
http://kenanaonline.com/basune1
https://www.facebook.com/groups/1425390177692288/
في
الدعوى الجزائية
بين النظرية والتطبيق
(دراسة مقارنة)
الباحث:
أحمد محمد برّاك
النائب العام المساعد
2007
تمهيد وتقسيم:
سوف نتناول البحث في موضوعي استجواب المتهم وسماع الشهود في الدعوى الجزائية بين النظرية والتطبيق دراسة مقارنة بين القانون الفلسطيني وغيره من القوانين، وخاصة العربية موضحين إشكالية بعض النصوص في التطبيق العملي، وعليه بمشيئة الله سوف نقسم هذه الدراسة إلى فصلين تاليين:
الفصل الأول: استجواب المتهم.
الفصل الثاني: سماع الشهود.
الفصل الأول
استجواب المتهم
تمهيد وتقسيم:
سنتناول بمشيئة الله في هذا الفصل بحث ماهية الاستجواب، والطبيعة القانونية للاستجواب، ومفهوم الاستجواب من حيث الشكل والضمانات، وبطلان الاستجواب، وذلك على النحو التالي:
المبحث الأول
ماهية الاستجواب Interrogation
1) مفهوم الاستجواب:
لقد انفرد القانون الفلسطيني من بين القوانين العربية بتعريف الاستجواب في المادة 94 بالقول "الاستجواب هو مناقشة المتهم بصورة تفصيلية بشأن الأفعال المنسوبة إليه ومواجهته بالاستفسارات والأسئلة والشبهات عن التهمة ومطالبته بالإجابة عليها". فهو إجراء من إجراءات التحقيق بمقتضاه يتثبت المحقق من شخصية المتهم ويناقشه في التهمة المنسوبة إليه على وجه مفصل في الأدلة القائمة في الدعوى إثباتاً ونفياً. فلا يتحقق الاستجواب بمجرد سؤال المتهم عما هو منسوب إليه أو إحاطته علماً بنتائج التحقيق إذا لم يتضمن ذلك مناقشته تفصيلياً في الأدلة المسندة إليه. وعرفته محكمة النقض المصرية بأنه "مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كي يفندها إن كان منكراً للتهمة أو معترفاً بها إذا شاء الاعتراف. وعرفته كذلك بأنه مناقشة المتهم تفصيلية في أمور التهمة وظروفها، ومجابهته بما قام عليه من الأدلة ومناقشته في أجوبته مناقشة يُراد بها استخلاص الحقيقة التي يكون كاتماً لها.
2) التمييز بين الاستجواب وسؤال المتهم (الحضور لأوّل مرّة):
ومن أجل ذلك يختلف الاستجواب عن سؤال المتهم في محضر جمع الاستدلالات بمعرفة مأمور الضبط فالإجراء الذي يقوم به مأمور الضبط هو مجرد سماع أقوال المتهم بالنسبة للتهمة المنسوبة إليه دون تفصيل ودون تحقيق لدفاعه، ولذلك فإن المشرّع لم يحط سماع الأقوال بمحضر جمع الاستدلالات بذات الضمانات التي أحاط بها الاستجواب كإجراء تحقيق تقوم به سلطة التحقيق.
وسؤال المتهم عن التهمة كما تملكه الضابطة العدلية على مقتضى المادة 100/ب من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني والمادة 27 من قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001 فلسطيني والمادة 31 من قانون الإجراءات الجنائية المصري رقم 50 لسنة 1950، يملكه عضو النيابة على مقتضى نص المادة 63 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني والمادة 96/1 من القانون الفلسطيني والمادة 123 من قانون الإجراءات المصري، وسبب اختصاص كل من النيابة العامة والضابطة العدلية في توجيه السؤال إلى المتهم عن التهمة لأنه من إجراءات الاستدلال لا التحقيق شأنه في ذلك شأن الإجراءات الأخرى التي تقوم بها الضابطة العدلية دون تحليف اليمين. فإذا مثل المتهم أمام المحقق تعين عليه أن يسأله عن اسمه ويثبت شخصيته، ويجب بقدر الإمكان أن يكون الاسم رباعيا دفعاً لأي لبس وقد تعرض الصورة التي يرفض فيها المتهم الإدلاء باسمه وحينئذٍ إن كان من بين الأوراق ما يكشف عن الاسم فإنه يواجهه وتثبت إجابته أو امتناعه. لا يمنع هذا من السير في الإجراءات اكتفاءً بما يرد في المحضر عن شخصية المتهم بالوصف والمميزات التي يحددها على من تعرض له على أن المتهم قد يذكر اسماً غير اسمه الحقيقي وحينئذٍ قد يكون اسماً وهميّاً أو اسماً لشخص آخر، ففي الحالة الأولى -الاسم الوهمي- أن يسير في التحقيق حيث لا يشكل الفعل جريمة تأسيساً على أن حق المتهم في الدفاع يجيز له إخفاء شخصيته بكل سبيل. أما حين يوجد احتمال تشكيل الأمر لجريمة تزوير -كما في الصورة الثانية- فإن على المحقق أن يفرد محضراً خاصّاً بهذه الواقعة حتى لا يضيع تسلسل التحقيق بالنسبة للواقعة الأصلية. وإثبات شخصية المتهم تتضمن أمرين، الأول إثبات المعلومات المحددة له الخاصة به أي سنه وصنعته ومحل ميلاده ومحل إقامته واسمه وشهرته حتى يمكن التعرف عليه ويكون هذا بالقدر المتيسر للمحقق ما دام يوصل إلى تحديد شخصية المتهم. والأمر الآخر هو إثبات الحالة التي عليها المتهم -وهو ما يشبه المعاينة- وذلك بوصف إجمالي لهيئته وما فيها من علامات أو آثار ظاهرة ثم بيان لملابس المتهم وما بها من آثار أو عدم وجود أية آثار، وذلك وفقاً لأهمية هذا الأمر حسب اختلاف أنواع الحوادث وإذا دعا الحال يجري فحص جسم المتهم كذلك لاحتمال وجود آثار به تفيد في تعرف حقيقة الحادث مثلاً في قضايا المشاجرات أو القتل وحالات الدفاع الشرعي وهكذا ويستتبع ما تقدم في غالب الأحوال تفتيش المتهم وإثبات ما قد يوجد معه في محضر التحقيق، فقد تسفر دقة التفتيش بمعرفة المحقق ولو من بعد تفتيش مأمور الضبط القضائي عن وجود آثار بملابس أو يضبط معه ما يثبت أو ينفي صلته بالجريمة.
وقد أوجب بذلك القانون على المحقق أيضاً عند حضوره لأول مرة بعد التثبت من شخصيته أن يحيطه علماً بالتهمة منبهاً إيّاه بأن من حقّه الاستعانة بمُحامٍ، وأن كل ما يقوله يجوز تقديمه كدليل ضده في معرض البينة عند محاكمته، المادة 196 إجراءات فلسطيني، فهذه المادة لا تتعلق بالاستجواب وإنما تتعلق بسؤال المتهم عن التهمة، وغالباً ما يكون مقدمة للاستجواب وجزءاً لا يتجزّأ منه عندما يتم من قبل عضو النيابة الذي يتولى التحقيق في القضية. ويجب أن يحاط المتهم علماً بسلطة المُحقق وهل هو من مأموري الضبط القضائي أو من أعضاء النيابة العامة، صحيح أنه لا يترتب على إغفال هذه الإحاطة البطلان، ولكنه قد يؤثر في اقتناع المحكمة بحالة المتهم عند إبداء أقواله ومدى هدوء روعه وبعثه في حياد المحقق.
وتبدو أهمية السؤال في أنه قد يؤدي إلى توجيه المحقق بطريق من اثنين وفقاً لإنكار المتهم ما أسند إليه أو اعترافه به، ولا يعني هذا أن الأمر يقتصر على مجرد سؤال واحد، فقد تتعدد الأسئلة على أن الأمل لا يصل إلى مناقشة المتهم تفصيلاً في الأدلة القائمة في الدعوى، إذ يُعد هذا حينئذٍ استجواباً فإن أنكر المتهم ما أسند إليه سار المحقق في إجراءات التحقيق مع العناية بإثبات دفاع المتهم إن أبداه وإثبات أسماء الشهود الذين يستند عليهم في نفي الاتهام لأن الأقوال الأولى التي تبدى في هذه المرحلة تكون ذات أثر كبير في تكوين المحكمة لرأيها في الدعوى إذا طرحت عليها. أما إذا اعترف المتهم بالجريمة المسندة إليه فإنه يتعين على المحقق أن يبادر إلى استجوابه وذلك خشية أن يؤدي التريث في مباشرة هذا الإجراء إلى عدول المتهم عن اعترافه، وهذا يتضح بأن المشرّع لم يرتب على سؤال المتهم الآثار القانونية التي رتبها على الاستجواب والحبس الاحتياطي مثلاً لا يجوز الأمر به إلا بعد استجواب المتهم بمعرفة سلطة التحقيق ولا يجوز الأمر به بناءً على سماع الأقوال بمحضر الاستدلالات. كما أن وصف التهمة وتحديد عناصرها يتوقف على ما توجهه سلطة التحقيق للمتهم وتحقيق دفاعه بالنسبة لها على عكس الحال بالنسبة لمحضر الاستدلالات الذي يسمح فيه مأمور الضبط أقوال المتهم. فوصف التهمة إنما تتولاه النيابة العامة بناءً على تكييفها للوقائع الواردة بالمحضر وليست بناءً على ما ووُجِهَ به المُتّهم من قِبل مأمور الضبط.
3) مفهوم المواجهة confrontation وعلاقتها بالاستجواب وعرض المتهم:
قد يستتبع الاستجواب إجراء آخر وثيق الصلة به، وهو المواجهة، أي الجمع بين متهم ومتهم آخر أو بين شاهد إثبات والمتهم إثبات لكي يدلي كل منهما بأقواله أمام الآخر. وقد نص القانون الفلسطيني في المادة 84 منه على إجراء المواجهة بالقول "لوكيل النيابة مواجهة الشهود بعضهم البعض ومواجهتهم بالمتهم إذا اقتضى الأمر ذلك". ويلاحظ على هذا النص أنه لم ينص على مواجهة المتهمين بعضهم ببعض على عكس النص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية المصري "أن يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود..... وبالإطلاع أيضاً إلى القانون الأردني نجده خالٍ من النص على المواجهة إلا نص حديثاً في التعديل الذي تم في عام 2001 حيث نص في المادة 70 من قانون الأصول الجزائية على أن "للمدعي العام مواجهة الشهود بعضهم ببعض إذا اقتضى التحقيق"، وإنني أتّفق تماماً مع الرأي القائل أنه لا يوجد مانع من إجرائه بكافة صوره ما دام أن إجراءات التحقيق قد وردت على سبيل المثال لا الحصر، شريطة أن يتفق مع القانون نصه وروحه. وبذلك يلاحظ الصلة الوثيقة بين الاستجواب والمواجهة فيغلب أن يعقب الاستجواب المواجهة التي تكون وسيلة إلى تحري صحة أقوال المتهم، وهذه المواجهة الشخصية تختلف عن المواجهة القولية التي يواجه المحقق المتهم بما أدلى به شاهد أو متهم آخر بالتحقيق، وبذلك تعتبر جزءاً مكملاً للاستجواب باعتبار أن الاستجواب يتضمن مواجهة المتهم بأدلة الثبوت ضدّه.
وهذا فإن مجرد حضور متهم أقوال متهم آخر غيره أو شاهد في التشريعات التي تسمح بذلك مثل القانون المصري المادة 77 إجراءات، وذلك على عكس القانون الفلسطيني والأردني لا يعد مواجهة حتى ولو سأله المدعي العام إذا كانت ملاحظات على أقوال أيهما ما دام ذلك في حدود الاستفهام الإجمالي ودون ما استرسال في المجابهة بالأدلة ومناقشة فيها وإلا لأصبح الأمر استجواباً صريحاً. ونظراً لأن مواجهة المتهم بغيره من المتهمين أو الشهود هي مواجهة بأدلة الثبوت فهي بذلك تأخذ حكم الاستجواب، ولذلك أطلق عليها البعض بالاستجواب الحكمي. ولخطورة المواجهة فقد أحاطها المشرّع بذات الضمانات التي أحاط الاستجواب بها، وقد قررت محكمة النقض المصرية امتداد ضمانات الاستجواب إلى المواجهة بالنسبة لضرورة حضور محامي المتهم، ولذلك فهي محظورة على مأمور الضبط القضائي. ولكن عدم مواجهة المتهم بغيره من المتهمين أو الشهود لا يترتب عليه البطلان فإن الأمر جوازي لسلطة التحقيق ولا يعتبر من قبيل المواجهة عملية عرض المتهم على الشهود للتعرف parade.
المبحث الثاني
الطبيعة القانونية للاستجواب
الاستجواب هو عمل من أعمال التحقيق بل إنه يعتبر من أخطر إجراءات التحقيق الابتدائية وأهمها، لأنه قد يفضي إلى اعتراف المتهم، ولذلك لا يكون إلا إجراء تحقيق ولا يمكن أن يكون إجراء استدلال في أية صورة، ويبطل إذا أجراه مأمور ضبط قضائي، ولذلك ذهب البعض إلى أن الاستجواب رهن بمشيئة المتهم، ولكن القانون سواءً المصري المادة 131 أ.ج والفلسطيني المادة 105 والأردني المادة 112/1 في حالة القبض على المتهم يجب استجوابه في خلال 24 ساعة بل ويقع الحبس الاحتياطي باطلاً إذا لم يسبقه استجواب (المادة 134/1 أ.ج مصري والمادة 108 فلسطيني والمادة 114 الأردن المعد بموجب القانون رقم 16 لسنة 2001). ولكن هذا لا يمنع سلطة التحقيق من ندب مأمور الضبط القضائي بالقيام بالاستجواب في الجُنح دون الجنايات في القانون الفلسطيني المادة 55/2 إجراءات وبذلك نجد في القانون الفلسطيني تشدد محمود في الجنايات وإن كان القانون المصري مثل نظيره الفرنسي قد قصر إجراءات الاستجواب فقط على سلطة التحقيق المادة 152 فرنسي والمادة 70/1 مصري والمادة 48 أصول جزائية أردني إلا أن التشريعات ذاتها سرعان ما أوردت بعض الاستثناءات على المبدأ السابق من شأنها إضعاف هذه الضمانة، حيث عادت وأجازت لمأمور الضبط القضائي القيام بمهمة الاستجواب متصلاً بالعمل المسند له ولازماً لكشف الحقيقة، المادة 71/2 مصري، وبالفعل فإنني أؤيد بحق الاتجاه الذي يتبنى إلغاء هذا الحق لأعضاء الضابطة العدلية ضماناً لحق المتهم في الدفاع أمام القضاء، وقصر فقط على سماع المتهم وإحالته إلى سلطة التحقيق لاستجوابه، علماً بأنه إذا باشر مأمور الضبط القضائي الاستجواب في الحالات التي يخشى منها فوات الوقت فلا يتقيد الاستجواب بالشكليات والضمانات التي يوجب القانون على المحقق مراعاتها عند قيامه بها. وبذلك يتجه الرأي الغالب في الفقه إلى أن الاستجواب وفقاً للقوانين الإجرائية المقارنة له طبيعة مختلطة في مرحلة التحقيق الابتدائي فيجمع بين كونه وسيلة إثبات ودفاع في ذات الوقت وتتمثل في أهمية الاستجواب في طبيعته المزدوجة وذلك من حيث إنه إجراء اتهام ودفاع في وقت واحد فهو إجراء اتهام يستهدف منه جمع الأدلة بشأن الجريمة الواقعة ونسبتها إلى المتهم، وذلك من مصدرها الأساسي وهو المتهم بارتكاب الجريمة. فالاستجواب التفصيلي يتفق وطبيعة النظام التنقيبي في التشريعات ذات الأصل اللاتيني في مرحلة التحقيق الابتدائي أو يعد الاستجواب في هذا النظام إجراءً ضرورياً للحصول على اعتراف من المتهم، ولذلك فقد اهتم هذا النظام برسم الطريق الموصل للاعتراف فأجاز أخذه من المتهم بطريق الاستجواب.
وهذا على عكس ما عليه الحال في القانون الأنجلوأمريكي الذي يأخذ بالنظام الاتهامي حيث يرفض أن يكون الاستجواب طريقاً موصلاً للاعتراف، فلا يقبل هذا النظام الاعتراف إلا إذا كان تلقائيّاً.
كما يعد الاستجواب من جهة أخرى إجراء دفاع إذ يساعد على استجلاء الحقيقة وذلك بإتاحة الفرصة للمتهم ليفند ما أحاط به من الشبهات وإثبات براءته، وبالتالي الوصول إلى الفاعل الحقيقي. وهذا فإن الاستجواب يجري مع متهم هو مَن توافرت ضده أدلة وقرائن قوية كافية لتوجيه الاتهام إليه وتحريك الدعوى الجنائية قبله، وقد انفرد القانون الفلسطيني على عكس القانون المصري بتعريف المتهم، وذلك في المادة 8 إجراءات بأنه "كل شخص تقام عليه دعوى جزائية يسمى متهماً. هذا والاستجواب ممنوع في التحقيق النهائي -الذي تجريه المحكمة- ما لم يقبل المتهم أن يستجوب المادة 274 مصري والمادة 258 إجراءات فلسطيني، وذلك لأن مرحلة المحاكمة هي المرحلة الأخيرة في الدعوى الجنائية وتوجب تمكين المتهم من الحرية الكاملة في الإدلاء بما يشاء من أقوال دون دفعه إلى ذلك مضطراً فينزلق إلى قول ما ليس في صالحه، ويسفر هذا عن دليل إدانته اقتضى الأمر تصريح استجوابه أمام المحكمة. ولكن توجيه بعض الأسئلة من المحكمة إلى المتهم للاستفسار عن بعض نقاط متعلقة بأدلة الثبوت فجائزة، وهو ما يطلق عليه الاستيضاح. هذا مع العلم بأن قانون الإجراءات الفرنسي في المواد 237 يسمح باستجواب المتهم باعتباره حق من حقوق الدفاع.
المبحث الثالث
مضمـون الاسـتجواب
إن أهم ما يتميز به هذا الإجراء أنه يتضمن مناقشة تفصيلية مع المتهم ومواجهته بالأدلة القائمة ضده في الدعوى، أي أن موضعه يتمثل في أسئلة المحقق وأجوبة من المتهم في شكل المحادثة بين الطرفين، فالمناقشة التفصيلية تكون العنصر الجوهري الذي ينفرد به الاستجواب عن باقي إجراءات جمع الأدلة.
وعلى هذا فالاستجواب يجب أن يتضمن عنصرين جوهرين حتى يمكن الاعتراف بوجوده وهما المناقشة التفصيلية والمواجهة بالأدلة، فإذا تخلف أحدهما أنها ركن هام ,أصبح إجراء آخر لا يتمتع بالشكليات أو الضمانات. مع ملاحظة أن صمت المتهم وعدم الرد على الأسئلة أو الأدلة التي توجه إليه أو يمتنع عن مناقشتها لا يؤثر على صحة قيام الاستجواب من الناحية القانونية، ويكون في حكم الاستجواب المواجهة وإعادة تمثيل الجريمة بمعرفة المتهم وادلائه بمعلوماته أثناء ذلك وأخذه لمكان الحادث لحضور معاينة وتعليقه عليها وعرض الأشياء المضبوطة عليه للتأكد من حقيقتها سماع ملاحظته عليها وتعرف الشهود عليه، كل هذه الإجراءات تعتبر من قبيل الاستجواب، وعليه فسوف نبحث كلاً من شكل الاستجواب وضمانات الاستجواب كلاً في مطلب مستقل.
المطلب الأول
شكل الاستجواب
لم يحدد القانون شكلاً معيناً للاستجواب وترك ذلك لتقدير المحقق والقضاء واجتهاد الفقهاء.
أ- شفوية الاستجواب:
يجري الاستجواب شفاهة بالنسبة لأسئلة المحقق والإجابات التي يدلي بها المتهم فلا يجوز للمحقق أن يوجه للمتهم أسئلة مكتوبة أو يعرض عليه شيئاً دون أن يطلب منه التوضيحات شفاهة فليس للمتهم الحق في أن يطلع على مذكرات أو مستندات تقرأ منها الأقوال التي يدعي بها لأن إجابته تكون من ذاكرته والاستجواب يتم باللغة الرسمية للدولة، وإذا كان المتهم أجنبياً ويجهل اللغة يعين له مترجماً لكي يساعده على فهم الاتهامات وينقل إجابته ويتعين حلف المترجم اليمين ولا يجب أن يكون المترجم من شهود الدعوى كما لا يجوز للمحقق أن يقوم بهذه المهمة حتى يتفرع لعمله، وهناك مَن يرى بأنه باستطاعة النيابة العامة التحقيق مع الأصم والأبكم طالما كانت تدرك معاني الإشارات، وإن هذا خاضع لرقابة محكمة الموضوع، وإني أرى عكس ذلك بأنه يجب تعيين خبير لأن المتهم في استطاعته الطعن في أن ما أفهمته النيابة له مخالف مما أراده من إنكار التهمة المسندة إليه.
ب- محضر الاستجواب:
لا يوجد في القانون نصوص خاصّة بالقواعد الواجب مراعاتها في تدوين محضر الاستجواب، ولكن يجب أن يشتمل بعض البيانات منها:
- التاريخ: فهو عنصر هام لاستجواب ومساعد على إثبات أن الشكليات الخاصة بالاستجواب قد اتخذت في الميعاد ويجب أن يذكر اليوم والشهر والسنة وأن تحدد الساعة.
- الديباجة: يجب أن يشتمل المحضر على اسم وصفة واختصاص المحقق.
- مضمون المحضر: يدون جميع الملاحظات الخاصة بالمتهم ووصفه وملابسه والإصابات والآثار التي به واسم المتهم رباعياً وحقوقه القانونية.
- التوقيعات: يجب أن يشتمل المحضر توقيع المحقق والكاتب والمتهم، فإذا رفض الأخير يجب أن تكتب بملاحظة.
فالمحضر يجب أن يكون كافياً بذاته في تأكيد أن جميع الإجراءات والشكليات الخاصة بالاستجواب قد استوفيت على الوجه القانوني المطلوب ومع ذلك يظل خاضعاً لتقدير المحكمة المختصة دون رقابة من محكمة النقض.
ج- ميعاد الاستجواب:
لم يقيد المشرّع سلطة التحقيق بإجراء الاستجواب في وقت معين، وذلك كقاعدة عامة، وللمحقق سلطة تقديرية فقد يؤخر الاستجواب لبعض الوقت إذا ما رأى مصلحة في ذلك، مثل أن يتمكن من جمع الأدلّة وكشف مستندات معينة، حتى وإن كان ظاهر النص في المادة 107/2 أن يستجوب وكيل النيابة المتهم المطلوب بمذكرة حضور في الحال، على أنه في حالة اعتراف المتهم بالتهمة المنسوبة إليه شفوياً عنها فإنه يستحسن استجوابه فوراً وقبل أي شخص آخر، وفي حالة الإنكار يفضل استجوابه بعد جمع أدلة الثبوت الأخرى لمواجهته بما أسفرت عنه، ويجوز إعادة استجواب المتهم أكثر من مرة أثناء التحقيق.
ولكن هناك قيد على سلطة التحقيق في الميعاد، وهي حالة المقبوض عليه، حيث يجب استجوابه فوراً إذا تعذر فيلزم أن يتم ذلك خلال أربع وعشرين ساعة على الأكثر، المادة 34 و107/2 فلسطيني، المادة 131 مصري، المادة 112/1 أردني.
المطلب الثاني
ضمانـات الاسـتجواب
نظراً لأهمية الاستجواب سواءً بالنسبة لسلطة التحقيق أو بالنسبة للمتهم، فقد روعي في إجرائه وجوب توافر ضمانات معينة، ومن أجل هذا الاعتبار فقد نصّ المشرّع على الضمانات التالية:
أولاً- ضمان الجهة المختصة بالاستجواب:
وهي ضمانة إجرائية هامة، فهناك من الأنظمة الإجرائية ولتحقيق أكبر قدر من الحيادية والاستقلال بين سلطتي الاتهام والتحقيق يخضع التحقيق لقاضٍ مختصّ يسمى قاضي التحقيق، مثل النظام الفرنسي أو مختلط من النظام المصري، وهناك مَن، يضم سلطتي التحقيق والاتّهام معاً تحقيقاً لفاعلية الإجراءات والسرعة مثل النظام الفلسطيني والأردني، ولكن بالطبع وضمانة أخرى أنه كقاعدة عامة لا يجوز التحقيق إلا من سلطة التحقيق نفسهاً، ولا يجوز لمأمور الضبط القضائي القيام باستجواب، مع الملاحظة حالة الاستثناء في القانون المصري والندب في حالة القانون الفلسطيني ففي الجُنح فقط في المادة 55/2 إجراءات.
ثانياً- كفالة حق المتهم في أن يدلي بأقواله في حرية:
كفل المشرّع الضمانات للمتهم كي يدلي بأقواله في الاستجواب بحرية تامة دون خضوعه لأي تأثير على إرادته مهما قلّ شأن هذا التأثير
1- عدم جواز تحليف المتهم اليمين القانونية Le serment:
تذهب التشريعات الأنجلو *** ونية إلى أنه من الجائز أن يجلس المتهم في مقعد الشهود وأن يُدلي بأقواله بعد حلف اليمين القانونية، بينما تذهب التشريعات اللاتينية إلى عدم جواز تحليف المتهم اليمين عند استجوابه. ويجمع الفقه والقضاء أن تحليف المتهم اليمين يعتبر من قبيل الضغط الأدبي الذي تتأثر به إرادته، بالرغم من عدم وجود نص في القانون يحرم تحليف المتهم اليمين لكن حلف اليمين يحتم على المتهم إما أن يحلف اليمين كاذباً وينكر الحقيقة وبالتالي يخالف ضميره الديني والأخلاقي أو يضحي بنفسه ويعترف.
وإذا كانت مبادئ الأخلاق تسمح بأن يكذب المتهم أمام العدالة ولكنها تنكر عليه أن يحلف يميناً كاذباً، وبذلك يعتبر من قبيل الإكراء المعنوي ويحدث أن يسأل المحقق الشخص على أنه شاهد وحلفه اليمين القانونية ثم بدا له توافر بعض أدلة الاتهام قبله فلا يجوز توجيه التهمة إليه في نهاية سماع شهادته، وإنما يتعين عليه استجوابه بعد بإجراء مستقل عن إجراء سماع الشهادة دون تحليفه اليمين، وعليه يقضي بطلان الاستجواب والاعتراف المتهم منه إذا حلف المتهم اليمين وهو بطلان متعلق بالنظام العام.
وهذا ولم ينص القانون الفلسطيني أو المصري أو الأردني على هذه القاعدة ولكنها مستقرة فقهاً وقضاءً بينما ينص القانون الكويتي صراحة في المادة 98 إجراءات جزائية على عدم جواز تحليف المتهم اليمين، وكذلك القانون البحريني في المادة 134/4 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، والقانون اليمني في المادة 145/1 إجراءات جزائية، والقانون العراقي في المادة 126/1 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، والقانون السوداني في المادة 218/4 إجراءات جزائية.
2- حماية المتهم من الإكراه:
تتمثل هذه الحماية في تحريم تعذيب المتهم لإكراهه على إبداء أقوال معينة، فإذا كان الغرض من التعذيب هو حمل المتهم على الاعتراف كان الفعل جريمة معاقباً عليها بالمادة 208 أردني والمادة 126 مصري، كما صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3452 في 9 ديسمبر سنة 1975 بشأن حماية جميع الأشخاص ضد التعذيب وغيره من العقوبات أو المعاملات القاسية أو غير إنسانية أو المهينة، وحظرت المادة (5) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948 تعذيب المتهم، والمقصود بالإكراه هنا الآلام البدنية أو النفسية التي تصيب المتهم من جرّاء إخضاعه لوسيلة من وسائل التعذيب كالضرب أو الجَلْد وخلا منهما من وسائل التعذيب البدنية ألو التهديد بإيقاع هذا الأذى. وتطبيقاً لذلك نصت المادة 99 من القانون الفلسطيني على أنه يتعين على وكيل النيابة قبل الاستجواب أن يعاين المتهم ويثبت الإصابات علاوة على ذلك أوجبت المادة (100) من القانون الفلسطيني على وكيل النيابة من تلقاء نفسه الأمر بإجراء الفحوصات الطبيّة والنفسية للمتهم من قبل الجهات المختصة. وإذا رأى ضرورة لذلك أو بناءً على طلب المتهم أو محاميه، وكذلك فإن الإغراء وهو كل وعد من شأنه إيجاد الأمل لدى المتهم بتحسين ظروفه إذا اعترف بجريمته ولكي يؤدي هذا الإغراء إلى بطلان الاستجواب يجب أن يصدر من شخص له نفوذ وسلطة في الدعوى، كما يعيب الاستجواب الإكراه المعنوي ويعرض للبطلان الذي يتمثل في تهديد المتهم بضربه بقصد التأثير على الإرادة وهو يتنوع وفقاً لظروف يوجب أن تأخذ في الاعتبار جميع الملابسات المحيطة، ويلاحظ أن وجود رجال البوليس في غرفة المحقق لا يؤثر على سلامة الإجراءات وقبول الأدلة التي تسفر عنها، إلا أنه وبالقدر المتيقن منه يعد قرينة إذا ما أيدت بأمور أخرى تختلف في كل حالة على أن المتهم كان واقعاً تحت تأثير إكراه معنوي. وإنني أرى عدم وجود الشرطة داخل غرفة النيابة ضماناً وحفاظاً على حقوق المتهم من أي تأثير كان.
3- عدم إحداث إجهاد نفسي للمتهم (عدم إطالة مدة الاستجواب):
من الأساليب التي تتبع في استجواب المتهم الإرهاق وذلك بأن يعمد المحقق إلى مناقشة المتهم مناقشة تفصيلية مطولة تمتد ساعات متواصلة حتى تضعف سيطرته وروحه المعنوية ويقل تركيزه فيرغمه على الاعتراف. فإذا حدث ذلك فإن الاستجواب يبطل، ورغم أنه لا يوجد معيار زمني محدد لإجراء الاستجواب إلا أن تحديد الفترة المعقولة ِلإجراء الاستجواب دون تأثير على إرادة المتهم مسألة تخضع لرقابة محكمة الموضوع.
وقد أكدت محكمة النقض المصرية على هذا المبدأ في العديد من أحكامها الحديثة، ولم يحدد القانون الفلسطيني والمصري والأردني وقتاً محدداً يجري فيه الاستجواب ولم يضع حداً أقصى لمدة الاستجواب ولكن القانون السعودي حدد زمن فتح التحقيق وتوقفه وقفله بالدقيقة والساعة واليوم والشهر والسنة، وعلى القاضي إذا رأى أن التحقيق قد استغرق مدة طويلة أن يسأل المتهم عما إذا كان ذلك قد أثر في الإدلاء بأقواله أم لا. وذهب القانون الفرنسي في المادة 64 من قانون الإجراءات الجنائية أي أنه ولضمان عدم إرهاق المتهم باستجوابه المطول إلى إلزام جهات الضبط القضائي أن يذكروا مدة الاستجواب وفترات الراحة التي تخللت الاستجواب، ويجب أن يوقع على هذه البيانات. ولذلك حرصت بعض التشريعات الجنائية المقارنة على تحديد الفترة التي يمكن استجواب المتهم خلالها مثل القانون الفنلندي الذي حدد وقت الاستجواب ما بين الساعة السادسة صباحاً والساعة التاسعة مساءً أو أنه لا يجوز استجواب المتهم مدة تزيد على اثنتي عشرة ساعة مرة واحدة، وكان القانون الأرجنتيني ينص في المادة 224 من قانون الإجراءات الجزائية أنه يجب على القاضي إغلاق المحضر إذا استغرق الاستجواب مدة طويلة أفقدت المتهم صفاء تفكيره أو ظهرت عليه بوادر الإرهاق، ويجب على المتهم أن يدفع أمام محكمة الموضوع بأن الاستجواب كان طويلاً مما أدى إلى إرهاقه والتأثير في حريته، وللمحكمة السلطة التقديرية في قبول هذا الدفاع أو رفضه بشرط أن يكون التسبيب سائغاً، كما رفض القضاء الأنجلوأمريكي الاعتماد على الاستجواب المطول فقد قررت المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1940 إلى أن إخضاع المتهم لاستجواب متواصل يساوي الإكراه الذي يفسد الإقرار الصادر عنه لأنه خرق لقواعد أصول المحاكمات. وإني أؤيد وضع تحديد معين لمدة الاستجواب في القانون الفلسطيني وحصره فقط في ساعات الدوام الرسمي.
4- أثر الوسائل العلمية الحديثة في استجواب المتهم:
يكاد ينعقد الإجماع على رفض الوسائل العلمية الحديثة وأهمها التنويم المغناطيسي وعقار كشف الحقيقة كوسائل لاستجواب المتهم حتى ولو لم يوجد نص تشريعي يقضي بتحريمه، وقد شبه بعض الفقهاء بالإكراه المادّي الذي يعدم الإرادة. إذ يترتب عليها الحصول على معلومات من المتهم يحرص على عدم البوح بها أي أنها تنتزع منه بغير رضائية. ولقد صرحت بعض التشريعات بالنص صراحة على تحريم الالتجاء إلى الوسائل العلمية للحصول على الاعتراف مثال ذلك المادة 141 من قانون الإجراءات في الأكوادور والمادة 136/أ من قانون الإجراءات الجنائية لألمانيا الاتحاديّة، بل إن المادة 613 من قانون العقوبات الإيطالي تنص على معاقبة كل من تسبب في سلب حرية الإرادة والتفكير لدى شخص ما بالتنويم المغناطيسي أو استخدام المواد الكحولية أو المخدّرة بصرف النظر عن موافقته على ذلك، ويبطل الاستجواب أيضا إذا استعمل جهاز كشف الكذب مع المتهم وكذلك القانون السويسري. وهو ما أكدت أيضاً المؤتمرات الدولية ومنها لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة سنة 1962، ولا يغير من الأمر شيئاً حتى ولو رضي المتهم بالإجراء، وعليه لا يجوز استخدام الوسائل العلمية الحديثة في استجواب المتهم.
5- عدم خداع المتهم:
ويتمثل في الطرق الاحتيالية والأسئلة الخادعة والإيحائية ويتنافى ذلك كله مع مبدأ الأمانة في التحقيق، فقد أصبح المحقق ملزماً بمراعاة الأمانة التابعة بالنسبة لما يقوم به من إجراءات، فهي تنبع من الضمير وتفرضها مبادئ العدالة، وينتج من الخروج عليها البطلان دون حاجة إلى نص يفرضه استناداً إلى أنها تعتبر مخالفة لقاعدة جوهرية مقررة لمصلحة الدفاع.
ثالثاً- كفالة حقوق الدفاع Les droits de la défense:
من الضمانات المقررة للمتهم في الاستجواب توفير حقوق الدفاع له من ذلك التسليم بحقه في الصمت كوسيلة للدفاع وحق محاميه في أن يدعي لحضور وقت الاستجواب، وحق محاميه في الاطلاع على الأوراق قبل الاستجواب بذلك على النحو التالي:
1) حق المتهم في الصمت Le droit du si lence del inculpe:
إن المشرع الفلسطيني قد تميز عن القانونين المصرين والأردني بتبنيه صراحة للرأي الفقهي الأول الذي منح المتهم الحق في الصمت، حيث نصت المادة 97/1 من القانون الفلسطيني صراحة على أن "للمتهم الحق في الصمت وعدم الإجابة على الأسئلة المتوجهة إليه" وإن كان قانون الإجراءات الجزائية اليمني قد نص في المادة 178 على عدم إجبار المتهم على الإجابة، ويجد هذا الحق سنده في القاعدة الدستورية أن الأصل براءة المتهم وعلى مَن يدعي عكس ذلك أن يقيم الدليل على صحة مَن يدعيه وينتج عن ذلك أنه لا يكلف إنسان بإثبات براءته، وما دام الأمر كذلك فإنه إذا اختار المتهم التزم الصمت وعدم الإجابة على أسئلة المحقق، فلا تجوز مصادقة فيما اختاره لأنه غير ملتزم بالدفاع عن نفسه. وقد استقر هذا الوضع الآن في معظم التشريعات سواء التي تنتمي إلى النظام اللاتيني مثل القانون الفرنسي المادة 114/1 إجراءات فرنسي أو المادة 78 من قانون الإجراءات الجنائية الإيطالي أو تلك التي تنتمي للنظام الأنجلو *** وني مثل القانون الإنجليزي طبقاً لقانون سنة 1898 وإن كان يوجد استثناء في قضايا إفشاء الأسرار والدولة. كما قضت المحكمة العليا الأمريكية بأنه ليس لممثل الادعاء أن يستغل صمت المتهم كقرينة ضدّه، ومع ذلك فهناك بعض التشريعات ترفض هذا الحق للمتهم مثل قانون مقاطعة جنيف وقانون مقاطعة زيوريخ. كما أوصت بهذا الحق العديد من المؤتمرات الدولية منها المؤتمر الدولي السادس لقانون العقوبات المنعقد في روما سنة 1953 وكذلك أوصت لجنة حقوق الإنسان بهيئة الأمم المتحدة في 5 يناير سنة 1962 بهذا الحق، وقد استقرّ الفقه والقضاء في مصر على حق المتهم في الصمت بالرغم من عدم النص عليه صراحة.
2) دعوة محامي المتهم للحضور:
استلزم المشرّع ضرورة دعوة المحامي للحضور أثناء الاستجواب وتمثل ضمانة للمتهم، وهذا ما نصت عليه المادة 96 و97/2 من القانون الفلسطيني، وعلة ذلك إحلال السكينة والطمأنينة لدى المتهم عندما يشعر بأن محاميه يقف إلى جانبه وما يترتب على ذلك من جعله في وضع يحسن فيه الرد
ساحة النقاش