التقادم بحث متكامل ماهيه التقادم والحكمه منه وتقادم الدعوى الجنائيه معناهالجرائم المستثناه من نظام التقادم بنص الدستور طالع باقى البحث من رابطة محامين المحله
محبي/ المستشار عدنان عبد المجيد
و البسيونى محمود عبده
http://kenanaonline.com/basune1
https://www.facebook.com/groups/1425390177692288/
نصير المحامين- عدنان محمد عبد المجيد - المحامى
مقــــــد مــــــــــه
ماهيه التقادم والحكمه منه
ماهيـــــة التقادم :-
التقادم هو زوال الأثر القانونى لفعل أو إجراء معين بمضى المده . ويطبق القانون فكره التقادم على الحقوق والدعاوى ، سواء فى مجال القانون العام أو المدنى أو الجنائى والتقادم فى المجال الجنائى على نوعين :- تقادم للدعــــوى وتقادم للعقـــــــــــــوبه .
وتقادم الدعوى الجنائيه معناه مضى مده معينه على وقوع الجريمة دون اتخاذ السلطه المختصه أى إجراء يؤدى إلى تحريك الدعوى الجنائيه قبل المتهم . ويؤدى هذا الموقف السلبى إلى أنقضاء الدعوى ، وبالتالى أنقضاء حق الدوله فى محاكمه الجانى وعقابه . أما تقادم العقوبه فيقصد به مرور مده زمنيه معينه على صدور حكم بات بالعقوبه دون تنفيذه على المحكوم عليه مما يؤدى إلى أنقضاء الحق فى تنفيذ العقوبه قبله . ( 1 )
• الحكمه من التقادم :-
الحكمه من تقريرنظام التقادم كسبب يؤدى الى انقضاء الدعوى الجنائيه رغم أختلاف الأراء حوله ترجع إلى عده أعتبارات تتفق مع السياسه الجنائيه الراميه إلى أقتضاء المجتمع لحقه فى العقاب من الجانى وإلى أصلاحه عن طريق تنفيذ العقاب فيه . وهذه الأعتبارات هى :-
- نسيان الجريمة :- ذهب البعض إلى أن مضى المده يؤدى الى نسيان الجريمة مما يفقد الرأى العام حساسيته المترتبه على وقوعها فمن المصلحه إسدال الستار عليها وعدم تجديد ذكرياتها الأليمة ضد الجانى ( 2 ) .
وقد تعرضت هذه النظريه للأنتقاد فهى تفترض النسيان بادىء ذى بدء بناء على أنقضاء مواعيد وضعها الشارع بصفه تحكميه فقد تقع جريمة جسيمه بغض النظر عن وصفها لا يمكن ان يمحى اثرها من اذهان الرأى العام مهما طال على وقوعها زمن طويل ( 3 ) .
ــــ ضيـــــــاع الأدلــه :- فمرور فتره من الزمن على أقتراف الجانى لجريمته يؤدى الى طمس معالمها وضعف ذاكره الشهود فيصعب بالتالى أثباتها ضد الجانى إذ أن الأطمئنان الى ذاكره ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الدكتور / محمد أبو العلا عقيده ( شرح قانون الإجراءات الجنائيه ) طـ 2 ، 2001 ، دار النهضه العربيه – ص 213 ، 214
(2) الدكتور / أحمد فتحى سرور ( الوسيط فى شرح قانون الإجراءات الجنائيه ) طـ 7 ، 1969 دار النهضه العربيه ص 145
الشهود بعد مضى مده طويله مخاطره كبرى قد تؤدى الى تردى القضاء فى الزلل وكيف يترك باب
الدعوى الجنائيه مفتوحاً على مصرعيه خلال زمن غير محدود حتى إذا ما ترأى للنيابه العامه أن تباشر الدعوى بعد زمن طويل لاقت صعوبات فى التدليل على توافر المسؤليه الجنائيه أو أثبات توافر أركان الجريمة فهو عبء يقع على عاتقها الأمر الذى يسهل على المتهم فرصه الحصول على حكم سريع بالبراءه ولا شك انه والحال كذلك يكون من الأفضل لصالح النظام العام الإجتماعى وحرصاً على هيبه السلطات العامه أن تقرر الدوله نفسها تقادم الدعوى الجنائيه بدلاً من تمكين المتهم بسهوله من الحصول على حكم بالبراءه (1) .
- الأستقـــــرار القانونى :- يرجع بعض الفقه نظام التقادم ألى مبدأ الأستقرار القانونى الذى يملى على المشرع الجنائى التسليم بفكره التقادم حتى لا يظل سيف العقاب مسلطاً على المتهم وهدم قرينه البراءه المفترضه فيه (2) .
- الأهمــــــــــــــال :- يعلل البعض التقادم بفكره الأهمال فى استعمال الدعوى الجنائيه وبهذا الرأى أخذ القانون الفرنسى القديم (3) .0
فضلاً عما تقدم فإن الهدف من العقاب هو إصلاح الجانى وردعه ولن يتحقق ذلك إلا باتخاذ الإجراءات وتحريك الدعوى الجنائيه ضده عقب وقوع الجريمه ، فإذا تقادم العهد على الجريمة تضاءل الغرض المقصود من العقاب وهو إصلاح الجانى فلن يكون مجدياً بعد ذلك أتخاذ الإجراءات قبله والحكم بأدانته .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور / محمد عوض الأحول ، أنقضاء سلطه العقاب بالتقادم ، رساله دكتوراه جامعه القاهره 1959 ، ص – 39
(2) الدكتور / محمد أبو العلا عقيده – ص 214 ، الدكتور / محمد عوض الأحول - ص 49 وما بعدها .
(3) قانون 3 برومير السنه الرابعه ( الماده العاشره ) فقد أحتسب بدء التقادم من تاريخ علم النيابه العامه بوقوع الجريمة وبشرط أن تستطيع أستعمال الدعوى . راجع الدكتور / أحمد فتحى سرور – ص 145
الفصل الأول
الجرائم المستثناه من نظام التقادم
***
رغم أن معظم التشريعات أخذت بنظام التقادم ومنها التشريع المصرى إلا أنه مع ذلك تستثنى بعض الجرائم من الخضوع لهذا النظام وهو أمر مردود إلى الخطوره الشديدة لهذه الجرائم والتى تستدعى ملاحقه المجرم مهما طال الزمن على الجريمة التى أرتكبها ، وبالنظر الى القانون المصرى يظهر جلياً أنه قد أستثنى من الخضوع لنظام التقادم عدد من الجرائم أشار إلى طبيعتها بصفه عامه دستور عام 1971 وعنى المشرع بتحديد هذه الجرائم فى القوانين اللاحقه .
المبحث الأول
الجرائم المستثناه من نظام التقادم بنص الدستور
***
تنص الماده 57 من الدستور على أن :- " كل أعتداء على الحريه الشخصيه أو حرمه الحياه الخاصه بالمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامه التى يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائيه ولا المدنيه الناشئه عنها بالتقادم "
وقد جاء نص الماده 57 من الدستور محوراً لطائفتين من الجرائم يتسم العدوان على المحل القانونى للجريمة فيها " الحقوق والحريات العامه وحرمه الحياه الخاصه " بالخطوره الشديده لذلك فإن الدستور حرص على إخراجها من طائفه الجرائم التى تنقضى الدعوى الجنائيه فيها بالتقادم . ولم يحدد الدستور هذه الجرائم وأنما أكتفى بالأشاره إلى طبيعه هذه الجرائم بصفه عامه تاركاً أمر تحديدها لقوانين اللاحقه (1)
المبحـــــــــث الثانى
الجرائـــــــــــــــم المستثناه بنص القانـــــــــــون
***
- الجرائم المستثناه بنص القانون رقم (37) لسنه 1972 :-
تطبيقاً لحكم الماده ( 57 ) من الدستور أضاف القانون رقم ( 37 ) لسنه 1972 إلى قانون الإجراءات الجنائيه الفقرة الثانيه من الماده ( 15 ) منه محدداً فيها الجرائم التى لا تخضع فيها الدعوى الجنائيه لنظام التقادم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور / محمد أبو العلا عقيدة – ص 216
وذلــــــــــك علـــــــــى النحـــــــــــو التالـــــــــــــى :-
" أما الجرائم المنصوص عليها فى المواد 117 ، 126 ، 127 ، 282 ، 309 مكرر والتى تقع بعد تاريخ العمل بهذا القانون فلا تنقضى الدعوى الجنائيه الناشئه عنها بمضى المده " .
والجرائم المستثناه وفقاً لهذا النص من نظام التقادم هــــــــــــــى كالأتــــــــــــــــــــى :-
- الجنايه المنصوص عليها فى الماده 117 من قانون العقوبات :- أستخدام الموظف العمومى العمال سخرة فى عمل للدوله أو إحدى الهيئات العامه أو أحتجاز أجورهم .
- الجنايه المنصوص عليها فى الماده 126 ع :- تعذيب المتهم بناء على أمر صادر من موظف عام ، أو قيامه بالتعذيب بنفسه وذلك لحمله على الأعتراف .
- الجنايه المنصوص عليها فى الماده 127 ع :- التى تعاقب الموظف العام أو المكلف بخدمه عامه الذى أمر بعقاب المحكوم عليه أو عاقبه بنفسه بأشد من العقوبه المحكوم عليه قانوناً بها أو بعقوبه لم يحكم بها .
- الجنايه المنصوص عليها فى الماده 282 ع :- التى تعاقب على القبض على أى شخص أو حبسه أو حجزه بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك ، وفى غايه الأحوال المصرح بها ، او القبض على شخص بدون وجه حق وتهديده بالقتل او تعذيبه بدنياً .
- الجنحه المنصوص عليها فى الماده 309 مكرر ع :- التى تعاقب على الإعتداء على حرمه الحياه الخاصه للمواطنين بواسطه أستراق السمع أو تسجيل أو نقل الأحاديث التى تجرى فى مكان خاص أو عن طريق التليفون أو ألتقاط صوره شخص فى مكان خاص وذلك فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء المجنى عليه .
- الجنحه المنصوص عليها فى الماده 309 /1 مكرر(أ) ع :- التى تعاقب كل من أزاع أو سهل أذاعه أو استعمل ولو فى غير علانيه تسجيل أو مستند متحصلاً عليه بأحدى الطرق المبينه فى الماده 309 مكرر ع وكان ذلك بغير رضاء المجنى عليه .
- الجنايه المنصوص عليها فى الماده 309 /2 مكرر (أ) ع :- التى تعاقب كل من هدد بأفشاء أمر من الأمور التى تم التحصل عليها بأحدى الطرق المشار اليها فى الماده 309/1 مكرر (أ) لحمل شخص على القيام بعمل أو الأمتناع عنه .
وتجدر الإشاره ان هذا القانون "37" لسنه 1972 قد حدد الجرائم التى لا تسقط بالتقادم طبقاً للماده 57 من الدستور فالحدود الدستوريه غير صالحه للتطبيق مباشرة بواسطة القاضى لأن نطاقها يحتاج الى تحديد من القانون فى حدود الدستور ذلك أن الدستور قد نص عن أن الأعتداء على الحريات العامه يعتبر جريمة وهو مالا يكفى وحده مالم يقرر القانون له عقاباً بأعتبار أن الفعل لا يعتبر جريمة مالم يتقرر له عقاب وهو ما يكشف عن أن الأثر الدستورى للماده 57 فى التقادم لا يترتب إلا بواسطة القانون
ولـــــــــــــــــــذلـــــــــــــــــك
فإن الجرائم التى سقطت دعواها الجنائيه بالتقادم قبل العمل بالقانون رقم 37 لسنه 1972 لا يجوز بعثها من جديد طالما أن الماده 57 من الدستور غير صالحه للتطبيق مباشرة (1) .
- الجرائم المستثناه من التقادم بمقتضى القانون رقم97 لسنه 1992 :-
أستثنى القانون رقم 97 لسنه 1992 جرائم الأرهاب من تطبيق نظام تقادم الدعوى الجنائيه فأضاف إلى نص الماده 15 فقره 2 من قانون الإجراءات الجنائيه هذا النوع من الجرائم وذلك بقوله " الجرائم المنصوص عليها القسم الأول من الباب الثانى من الكتاب الثانى من قانون العقوبات " ويتضمن هذا القسم النصوص المتعلقه بجرائم الأرهاب ( المواد 186 ألى 189 ع )
الجرائم المستثناه من التقادم بمقتضى القانون رقم182 لسنه1960 والمعدل بالقانون رقم 40 لسنه 1966والقانون رقم 16 لسنه 1973 فى شأن مكافحه المخدرات وتنظيم أستعمالها والأتجار فيها :-
حيث تنص الماده 46 مكرر (أ) الفقره الأولى منه على أنه :- " لا تنقضى بمضى المده الدعوى الجنائيه فى الجنايات المنصوص عليها فى هذا القانون والتى تقع بعد العمل به على الجنايه المنصوص عليها فى الماده 37 من هذا القانون .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور / أحمد فتحى سرور ، المرجع السابق – ص 149
الفصـــــــــــــل الثانـــــــــــى
تحــــــــــــــديد مدد التقـــــــــــــــــــادم
***
المبحـــــــــــــــث الأول
توقـــف مده التقادم على نوع الجريمـــــــة
***
لا تعرف التشريعات الجنائيه ميعاداً واحداً للتقادم يسرى على جميع الجرائم بمختلف أنواعها وأنما تقرر تدرجه وتباينه تبعاً لنوع الجريمة وقد أخذ المشرع المصرى والفرنسى والبلجيكى بمبدأ تدرج ميعاد التقادم وفقاً لنوع الجريمة محدد لكل من الجنايات والجنح والمخالفات ميعاداً خاصاً تنقضى به الجريمة .
وهناك بعض التشريعات لم تقتصر على تحديد ميعاد التقادم وفقاً لنوع الجريمة فحسب وأنما ذهبت الى تصنيفه تبعاً لجسامه الجريمة ذاتها . مثال ذلك قانون العقوبات الألمانى لسنه 1870 إذ نصت الماده 67 منه المعدله بقانون 4 أغسطس سنه 1953 على أن الجنايات المعاقب عليها بالأشغال الشاقه المؤبده يحدد ميعاد التقادم لها بعشرين عاماً فإذا تعلق الأمر بجنايات معاقب عليها بعقوبه مقيده للحريه يتجاوز حدها الأقصى عشر سنوات يكون ميعاد التقادم لها خمس عشر سنه فإذا كانت العقوبه أقل من ذلك يكون ميعاد التقادم عشر سنوات وفى الجنح يقدم ميعاد التقادم بخمس سنوات إذا كانت العقوبه المقرره قانوناً للجنحه هى الحبس الذى يتجاوز حده الأقصى ثلاث شهور وبالنسبه لباقى الجنح يقدر ميعاد التقادم بثلاث سنوات . أما بالنسبه للمخالفات فميعاد تقادمها يقدر بثلاثه شهور .
ومثل ذلك أيضاً قانون العقوبات النمساوى سنه 1852 وقانون العقوبات الأثيوبى 1957 وقانون العقوبات الأيطالى سنه 1930 إذ حددت هذه الشريعات مواعيد مختلفه للتقادم وفقاً لجسامه العقوبه المقرره للجنايات والجنح ولم تحدد لها ميعاد موحد وفقاً لنوع الجريمة (1)
أما بالنسبه للمشرع المصرى فقد أعتنق مبدأ تدرج مواعيد التقادم وفقاً لطبيعة الجرائم فنص على أن تنقضى الدعوى الجنائيه فى مواد الجنايات بمضى عشر سنوات من يوم وقوع الجريمة وفى مواد الجنح بثلاث سنوات وفى مواد المخالفات بمضى سنه مالم ينص القانون على خلاف ذلك ( ماده 15 إ. ج ) وقد أعتنق قانون الأحكام العسكريه أيضاً هذا المبدأ فنص عليه فى الماده 64 على نحو يطابق الماده 15 المذكورة (2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور / محمد عوض الأحول – ص 103 ، 104
(2) الدكتور / أحمد فتحى سرور – ص 148 – الدكتور / محمد أبو العلا عقيده ص 217
وقد حدد القانون لتقادم الدعوى الجنائيه فى بعض الجرائم مدد تختلف عن المدد المبينه فى قانون الإجراءات الجنائيه ومثال ذلك ما نصت عليه الماده 50 من القانون رقم 73 لسنه 1956 فى شأن مباشره الحقوق السياسيه على أن تقادم الدعويين العموميه والمدنيه فى الجرائم المنصوص عليها فى القانون المذكور يكون بمضى سته أشهر من يوم إعلان نتيجة الأنتخاب أو الأستفتاء أو من يوم أخر عمل متعلق بالتحقيق كذلك ما كان ينص عليه القانون رقم 66 لسنه 1955 الخاص بنظام المجالس البلديه فى الماده 76 منه على أن الدعويين العموميه والمدنيه فى جرائم الأنتخاب تسقط بمضى ثلاث شهور من يوم إعلان نتيجة الأنتخاب أو من تاريخ أخر إجراء متعلق بالتحقيق فيما عدا الجرائم المنصوص عليها فى البندين أولاً وثانياً من الماده 70 والبند خامساً من الماده 72 (1)
وتكون العبره فى تحديد مدة التقادم اللازمه لأنقضاء الدعوى الجنائيه بالوصف الحقيقى للواقعه لا بالوصف الذى قد تعطيه لها خطأ النيابه العامه أو المدعى المدنى .
وتحسب هذه المده بالتقويم الميلادى وذلك تطبيقاً للماده 560 من قانون الإجراءات الجنائيه التـــــــــى تنــــــــــــــــص علــــــــــــى أن :-
" جميع المدد المبينه فى هذا القانون تحسب بالتقويم الميلادى "
ويلاحظ أن مده تقادم الدعوى بصفه عامه أقصر من مده سقوط العقوبه بالتقادم وعله ذلك أن تقادم العقوبه لا يكون إلا بعد الحكم البات بالأدانه وبهذا الحكم يكون حق المجتمع فى العقاب قد تأكد بعد أن كان متنازعاً فيه كما أن من شأن صدوره أن يوجه نظر الجمهور إلى الجريمة فيتطلب لنسيانها حينئذ وقت أطول مما تستلزمه لو لم يصدر حكم فى الدعوى . ( 2 )
وقدثار التساؤل حول تحديد نوع الجريمة إذا أقترن بها عذر قانونى أو ظرف قضائى مشدد أو مخفف وهذه المسأله خلافيه فى الفقه :-
فقــــد ذهــــب رأياً أول إلى أن التقسيم الثلاثى للجرائم يقوم أصلاً على العقوبه التى يفرضها القانون للجريمة وأنه يجب الوقوف عندها لتحديد الوصف القانونى للجريمة وأن العقوبه المخففه سواء أكانت نتيجة لعذر قانونى أو ظرف قضائى مخفف أنما هى عقوبه قضائيه وليست العقوبه التى حـــــــــددها القانون للجريمة ولذا يجب أن تبقى دون أدنى تأثير على ميعاد التقادم ويضيف هذا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1) الدكتور / عمر السعيد رمضان ( شرح قانون الإجراءات الجنائيه الجزء الأول دار النهضه العربيه 1988 ص 173
(3) الدكتور / عمر السعيد رمضان - المرجع السابق – ص 174 .
الرأى أنه عن الجسامه الإجتماعية للفعل وبين التجريم الشخصى الذى يعبر عن درجه أثم الجانى وأن التقادم يجب ان يرتبط بالتجريم الموضوع بالفعل أى توقف على العقوبه التى يقررها القانون ضد الفعل ذاته .
ويترتب على ذلك أن الفعل إذا كان معاقباً عليه فى الأصل بعقوبه جنايه فأنه يبقى جنايه ولو خفضت العقوبه الى عقوبه الجنحه سواء اكان هذا التخفيض راجعاً الى عذر قانونى او كان راجعاً إلى وجود ظرف مخفف ذلك أن الأعذار والظروف المخففه أنما تقرر بالنظر إلى شخص الجانى والشارع فى تقسيم الجرائم الى جنايات وجنح ومخالفات لا ينظر الى أشخاص المجرمين وأنما إلى أفعالهم فهذه الأفعال لا تتغير فى جميع حالات سواء من حيث جسامتها الماديه او خطورتها الأجتماعيه وليس تخفيض العقوبه إلا لعامل شخصى بحت لا يؤثر فى الطبيعه الماديه للفعل ذاته فيبقى جنايه فى جميع الأحوال (1) .
وقد أعتبر بعض الشراح القائلين بهذا الرأى العذر القانونى مجرد ظرف لأنه لا يغير وصف الجناية (2) ذلك لأن الأحوال التى تغير من وصف الجريمة أو من طبيعتها تعد من أركان الجريمة ، لأن الجريمة مقترنه بها تختلف عن الجريمة بدونها أما الظروف وهى التى لا تغير من الجريمة أو طبيعتها فيقتصر تأثيرها على تغيير فى العقوبه بالتخفيف أو بالتشديد دون أن تعتبر من أركان الجريمة . وقد رجح هذا الرأى فى القضاء المصرى ( 3 )
وذهـــــــــــب رأ ى ثانـــــــــــــى ألى أن العقوبه يحددها المشرع لكى تطبق لا بالنظر إلى الفعل مجرداً أو الإجرام الموضوعى ، وأنما بناء على الجريمة التى تقع من شخص معين ، أى وفقاً للعناصر الموضوعيه والشخصيه التى تحدد التجريم فالجريمة ذات العذر أو الظرف المخفف معاقباً عليها بواسطة القوانين بعقوبه مخففه ، وهذه العقوبه التى يحكم بها القاضى طبقاً لنص القانون لا تكون إلا عقوبه قانونيه بقدر ماهي عقوبه قضائيه .
وفقـــــاً لهذا الرأى تتحول الجريمة من جنايه الى جنحه فى حاله ثبوت عذر قانونى من ظرف مخفف وفى حاله أستبعاد الظروف المشدده وتكون مده التقادم هى المقرره للجنحه وهى ثلاث سنوات لأنها تقدر تبعاً للعقوبه التى يحكم بها القاضى وفقاً لما يظهر أمامه فى نهايه المرافعات وهذه العقوبه هى التى يجب أن تكون أساس فى تحديد ميعاد التقادم (4) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1) الدكتور / السعيد مصطفى السعيد ، الأحكام العامه فى قانون العقوبات الطبعه الرابعه 1962 ص 50
(2) الدكتور / محمد عوض الأحول ، المرجع السابق ص 125
(3) نقض 20/3/1933 ، 7/3/1938 ، 13/12/1943 مشار إليها فى الدكتور / السعيد مصطفى السعيد ، المرجع السابق هامش 6 ص 50
(4) الدكتور / محمد عوض الأحول ، المرجع السابق ص 126
و ذهـــــــــــب رأى ثالـــــــــــث :- إلى أن التفرقه بين العذر القانونى والظرف القضائى المخفف .
فبالنسبه للظروف القضائيه المخففه :- فلا تؤثر على طبيعه الجريمة ولا تقريبها من الجنايه الى الجنحه ، لأن العبرة هى بنص القانون لا بما يحكم القاضى كما أن هذه الظروف متروك تقديرها للقاضى تركاً كلياً يأخذ بها أو لا يأخذ بها ، ولا يمكن أفتراض الأخذ بها مقدماً مع أن الدعوى فحسب الأصل لا تكون قد رفعت الى القضاء بعد .(1) .
وإذا أقترن بالجريمة بظرف مشدد وجوبى يطلب من الجنحه إلى الجناية فتحسب مده تقادم الدعوى على أساس الجنايه لا الجنحه أما إذا توافر ظرف مشدد جوازى فيتحدد نوع الجريمة بالوصف الأشد فتتقادم بالتالى الدعوى الناشئه عنها بمضى عشر سنوات (2) (3).
أما بالنسبـــــــه للأعــــــــــذار القانونيه :- فإذن حكمها يختلف من عذر إلى أخر بحسب طبيعته وقد قضى بأن عذر الأستفزاز المستمد من قتل الزوجه الزانيه متلبسه فى الزنا هى وشريكها هو عذر قانونى ملزم يطلب الواقعه من جنايه إلى جنحه وبالتالى يخضع مده السقوط فى الجنح (4) .
كما قضى بالنسبه لعذر تجاوز حدود حق الدفاع الشرعى بنيه سليمه بأن الواقعه متى كانت جنايه تيقى جنايه ولا تلزم إلى جنحه لأن الشارع نص على عقوبه الحبس بصفه أختياريه (5) .
وفيما يتعلق بالعود فإنه ظرف قانونى مشدد يسمح أحياناً بتوقيع عقوبه الجنايه على واقعه كانت تعد بحسب الأصل جنح وقد أعتبرت محكمه النقض جريمة العائد عندما تسمح بتوقيع عقوبه جنايه قلقه النوع تعد جنايه أو جنحه بحسب الحكم الصادر فيه (6) .
ويرى جانب من الفقه انه فى الواقع يحسن أن يعالج كل هذه الأحوال بنصوص صريحه لفرض ما أثار من وجود خلاف متعدده ولأن الحلول فيها لاتزال حتى الأن مبعثره مضطربه رغم خطوره نتائجها فى العمل فمصير المتهم فى أمور كثيره تتوقف على أعتبار الواقعه جنايه أو جنحه بوجه خاص بما يتعلق بأحكام التقادم فى صورتيه تقادم الدعوى وتقادم العقوبه (7) .
ويؤدى بعض الظروف المشدده العينيه الأكراه فى السرقه ( ماده 314 ) عقوبات والشخصيه كصفه الطبيب أو الجراح أو الصيدلى أو القابله فى أسقاط الحوامل ( ماده 263 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1) الدكتور / رء وف عبيد ، مبادىء الإجراءات الجنائيه فى القانون المصرى ، الطبعه الخامسه عشر 1983 ص 143
(2) الدكتور / محمد أبو العلا عقيده المرجع السابق ص 218 .
(3) نقض 14/2/1955 مجموعه أحكام النقض ، س 16 – رقم 13 – ص 521 .
(4) نقض 13/12/1943 مشار أليه فى الدكتور / رءوف عبيد . المرجع السابق هامش (1) ص 144
(5) نقض 5/2/1945 مشار اليه فى الدكتور / رءوف عبيد . المرجع السابق هامش (2) ص 144
(6) نقض 1/2/1933 س 3 – رقم 96 ص 63
(7) الدكتور / رءوف عبيد المرجع السابق – ص 145
عقوبات إلى تقرير عقوبه الجنايه للواقعه بدلاً من عقوبه الجنحه وتعتبر الواقعه عندئذ الجنايه بإجماع الأراء فى شأن أحكام قانون العقوبات فضلاً عن قانون الإجراءات الجنائيه وتعامل على هذا النحو فى شأن تقادم الدعوى والعقوبه معاً (1) .
رأى الباحـــــــــــث :- نرى مع ما ذهب اليه سياده الدكتور / رؤوف عبيد من أن هناك أضطراب وتناقض يحتاج الى تدخل تشريعى لمعالجه هذا التناقض بأحكام صريحه خاصه وأن هذه الأمور تتعلق كما ذكر سيادته بمصير المتهم فى أمور كثيره وحتى يتم التدخل التشريعى فإن للرأى الثالث وجاهته ذلك أن التكييف القانونى يتحدد وفقاً لأراده المشرع فإذا نص القانون فى بعض الجرائم على وجود التخفيف دل ذلك على إراده المشرع فى تخصيص العقوبه المخففه وحدها لهذه الجرائم وبالتالى يتعين أرساء التكييف القانونى وفقاً لهذه العقوبه أما إذا أقتصر المشرع على مجرد أجازة التخفيف فإن ذلك لا يدل على أن المشرع قد أفرض العقوبه المخففه وحدها فى بعض الجرائم مما لا يجيز بناء على ذلك تغير تكييف القانونى لها ولا يحول دون ذلك أن تقضى المحكمه بعقوبه مخففه فى حدود سلطتها التقديريه لأن المعول عليه فى تكييف الجريمة هو أراده المشرع لا أراده القاضى .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1) الدكتور / رؤوف عبيد المرجع السابق ص 145 .
المبحث الثانى
كيفيــــــــــــه حساب مده التقــــــــــــــــادم
***
الأصـــــــل أن تبدأ مدة التقادم من تاريخ وقوع الجريمة ولا يؤثر فى ذلك جهل المجنى عليه بوقوعهــــــــــا (1)
وكما قضت محكمه النقض فإن إعتبار يوم ظهور الجريمة تاريخاً لوقوعها محله إلا يكون قد قام الدليل على وقوعها فى تاريخ سابق وتعيين هذا التاريخ أمر تستقل به محكمه الموضوع (2)
فإذا أنقطع التقادم فإن سريان المده يبدأ من تاريخ أخر إجراء من الإجراءات التى قطعت التقادم (م 17 /2 ) إجراءات .
ولا يحتسب يوم وقع الجريمة من مده التقادم بل تبدأ المده من اليوم التالى ذلك أن الحق فى الدعوى الجنائيه ينشأ من ذلك اليوم ولا يمكن أحتساب الفتره التى أنقضت على عدم أستعماله إلا من تاريخ لاحق عليه وهو اليوم التالى لنشوء هذا الحق هذا فضلاً عن أن القانون قد عبر ( بيوم وقوع الجريمة ) ولم يقل بلحظة تاريخ وقوع الجريمة مما يفيد أنه يعتمد فى أحتسابها على الأيام لا لا الساعات ولا يتصور البدء بأحتساب يوم كامل إلا من اليوم اللاحق على أرتكاب الجريمة (3) .
ورغم تأييد غالبيه الفقه للرأى القائل ببدء ميعاد التقادم من اليوم التالى إلا أن هناك بعض الفقه (4) يقول بدخول اليوم الأول الذى تقع فيه الجريمة فى الميعاد المحدد بالتقادم وذلــــــــك بنـــــــاء على الأسانــــــــــيد الأتيــــــــــــــه :-
- الأصـــــــــل أن التقادم يبدأ من لحظة وقوع الجريمة إلا أنه لما كان من المتعذر عملاً معرفه هذا
الوقت بالتحديد فإن التقادم لا يحسب بالساعات وأنا من أيام فلماذا لا يحسب اليوم الأول ؟
- أن سلطه الدوله فى العقاب تنشأ منذ وقت وقوع الجريمة التقادم ما هو إلا أنقضاء لهذه السلطة فيجب ان يحسب الميعاد من وقت نشوءها والقانون إذ قال أن التقادم يحسب من يوم وقوع الجريمة يؤكد أن الميعاد يجب ان يحسب من يوم نشوء هذه السلطة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور / أحمد فتحى سرور – المرجع السابق – ص 148 .
(2) نقض 19/1/1975 – مشار إليه الدكتور / أحمد فتحى سرور المرجع السابق – ص 148
(3) الدكتور / أحمد فتحى سرور - هامش ص 149 ويرى سيادته أنه لا حاجه لتأييد الأسستناد إلى الماده 15 مرافعات التى نصت على أنه إذا كان الميعاد مما يجب أنقضاءه قبل الإجراء فلا يجوز حصول الإجراء إلا بعد أنقضاء اليوم الأخير من الميعاد ذلك لأن التقادم ليس إجراء وأنما هو أثر قانونى لواقعه سريان المده دون أستعمال الدعوى الجنائيه .
(4) الدكتور / محمد عوض الأحول ، المرجع السابق – ص 142
- يتعلق التقادم بالقانون العقابى فإذا قيل بأن القاعدة المنصوص عليها فى الماده 20 من قانون المرافعات تطبق على المواعيد فى قانون الإجراءات الجنائيه فهذا القول لا يصدق إلا على المواعيد الإجرائيه وحدها ولما كانت القاعده التى تنص على مواعيد التقادم ليست قاعده إجرائيه فمن ثم لا يسرى عليها القاعده الإجرائيه سالفه الذكر المنصوص عليها فى قانون المرافعات يضاف إلى ذلك أن رأياً فى الفقه قد ذهب إلى أن سن المجنى عليه فى جريمة هتك العرض يحسب بالتاريخ الهجرى بناء على أن القانون لم ينص على أى التقويمين يتبع فإن التقويم الهجرى أصلح للمتهم ولا شك أن هذا الرأى لم يذهب إلى الأخذ بالتقويم الميلادى الذى يحكم المواعيد الإجرائيه بالنظر إلى أن المواعيد التى تقتضيها القواعد العقابيه تقتضى حكماً مختلفاً عما تقتضيه القواعد الإجرائيه .
- أن سلطه الدوله فى العقاب تنشأ منذ وقت أرتكاب الجريمة ولما كان التقادم فى حقيقته ليس إلا أنقضاء لهذه السلطه فى العقاب فإنه يتعين أحتسابه من تاريخ نشوءها أى من تاريخ وقوع الجريمة القول بغير ذلك يؤدى الى مفارقه لا يمكن قبولها إذ يصح فى القانون أن تستعمل النيابه العامه سلطتها الجنائيه من يوم وقوع الجريمة وذلك بأتخاذ إجراءات التحقيق والأتهام فإذا كنا بصدد أنقضاء هذه السلطه قيل بأحتساب الميعاد منذ اليوم التالى فكيف يتأتى أن يكيد القانون بكيلين والأتى أن يكون هذا الكيل أضراراً بصالح المتهم مع أنه مقررعند غموض النص أتباع التفسير الأصلح للمتهم .
- يترتب على أحتساب ميعاد التقادم منذ اليوم التالى من وقوع الجريمة زياده هذا الميعاد ولو لبضع ساعات فلماذا لا تقبل أنقاص بعض الساعات لصالح المتهم وتقبل زيادته ضد صالحه .
وبحث مسأله تحديد تاريخ وقوع الجريمة لمعرفه التاريخ الذى سيبدأ فيه سريان تقادم الدعوى الجنائيه يقتضى ان نعالج ذلك بالنسبه للجرائم الوقتيه والمتتابعه الأفعال والمستمره وجرائم الأعتياد :-
1- الجريمـــــــــــــــة الوقتيــــــــــــــــــه :-
هى الجريمة التى تقع بمجرد أنتهاء الفعل المكون لها وعادة لا يستغرق تنفيذها إلا فتره زمنيه وجيزة . ومن أمثله الجريمة الوقتيه القتل والضرب والسرقه والحريق وخيانه الأمانه . ويبدأ سريان مده التقادم فى الجريمة الوقتيه من اليوم التالى لتمامها .
وقد تكون الجريمة الوقتيه من جرائم السلوك المحض ( الجريمة الشكليه ) أومن الجرائم ذات النتيجه الضاره ( الجريمة الماديه ) ففى النوع الأول منها يبدأ سريان التقادم من تاريخ أرتكاب السلوك الإجرامى بينما يبدأ التقادم فى الجرائم ذات النتيجه من تاريخ تحقيق هذه النتيجة ، ففى هذا التاريخ يكتمل وقوع الجريمة وهو التاريخ المحدد لبدء تقادم الدعوى المتعلقه بها (1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1) الدكتور / أحمد فتحى سرور – المرجع السابق – ص 150 ، 151 ، الدكتور / محمد عوض المرجع السبق – ص 139
فإذا وقع أعتداء عمدى من شخص على أخر ثم تراخت لحظة وفاته مدة من الزمن فلا يبدأ سريان تقادم الدعوى الجنائيه المتعلقه بالقتل العمد أو بالضرب المفضى الى الموت إلا من تاريخ تحقيق الوفاه بأعتبار أنه التاريخ الذى أكتملت فيه الجريمة . ( 1 )
وقد يصعب أحياناً تحديد تاريخ وقوع الجريمة الوقتيه ، كما هو الحال فى جريمة خيانه الأمانه لأن الجريمة تتم بمجرد تغير الحاجز للشىء نيته من حائز حيازة ناقصه الى حائز حيازة كامله ، والظهور عليه بمظهر المالك .
فإذا لم يقم الدليل على هذا التاريخ ، فقد جرى قضاء النقض على أن التقادم يبدأ من تاريخ طلب الشىء فيمتنع المتهم أو يعجز عن رده (2 ) .
2- الجريمة المتتابعه الأفعــــــــال :-
هى التى يتكون فيها النشاط الإجرامى من عده أفعال متتابعه ، يصلح كل منها ليكون جريمة مستقله . ومثا ل الجريمة المتتابعه الأفعال قيام الجانى بسرقه محتويات منزل على دفعات خلال عدة أيام ومن المنطقى أن يعتبر كل فعل أختلاس جريمة قائمه بذاتها تنشأ عنه دعوى الجنائيه وتقادم من اليوم التالى لوقوع الأختلاس ، لأن الجريمة المتتابعه الأفعال هى فى الواقع تمثل مجموعه من الجرائم الوقتيه . ومع ذلك فقد أستقر الفقه والقضاء على أعتبار تعدد الأفعال جريمة واحده ينتظمها مشروع إجرامى واحد تحقيقا ً لغرض واحد يقع أعتداء على حق واحد ، فى فتره زمنيه متقاربه ومن ثم لا يبدأ التقادم إلا من اليوم التالى لأخر فعل وقع من الجانى تنفيذاً لمشروعه الإجرامى (3 ) .
3- الجريمــــــــة المستمــــــــــرة :-
وهى الجريمة التى تتكون من سلوك إجرامى واحد يمتد لفتره من الزمن يتم خلالها الأعتداء المستمر بلا أنقطاع على الحق أو المصلحه المشمولين بالحمايه الجنائيه والجريمة المستمره تختلف عن الجريمة الوقتيه المتتابعه الأفعال فى أنها تتكون من سلوك إجرامى واحد بينما الثانيه تتكون من عده أفعال إجرامية . فضلاً عن أن النشاط الإجرامى فى الجريمة المستمره يستغرق وقتاً من الزمن أطول نسبياً من الزمن اللازم لتحقيق الجريمة المتتابعه الأفعال وتتعدد الأمثله على الجريمة المستمره منها أخفاء الأشياء المسروقه أو المتحصله من جنايه أو جنحه ( م 44 مكرر ع ) وحبس الأشخاص دون حق (م 282 وما بعدها ع ) وأستعمال المحرر المزور ( م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1) نقض 30/1/1977 مجموعه احكام النقض س 28 ، رقم 32 – ص 148
(2) نقض 8 يونيو 1942 مجموعه القواعد القانونيه – جـ 5 – رقم 424 – ص 677
(3) الدكتور / محمد أبو العلا عقيده - المرجع السابق – ص 222
214 ، 214 مكررا ، 215 ع ) ، وإحراز السلاح بدون ترخيص .
ولا يبدأ سريان تقادم الدعوى بالنسبه للجريمة المستمره إلا بعد توقف النشاط الإجرامى المؤدى إلى حالة الأستمرار الجنائيه ، وتطبيقاً لذلك لا يبدأ التقادم فى جريمة إخفاء الأشياء المسروقه إلا بتصرف المتهم فى الشىء تصرفاً مادياً أو قانونياً (1) .
يبدأ التقادم فىى جريمة الحبس بغير حق من اليوم التالى لأنتهاء حالة الحبس سواء بفرار المحبوس أو بإطلاق سراحه ، ويبجأ التقادم فى جريمة أستعمال المحرر المزور من تاريخ توقف استعماله سواء بتحقق الغرض من استعماله ، بتوقف الجانى عن الأحتجاج به ووتقادم جريمة إحراز السرح بدون ترخيص ، بأنتهاء الحيازة طوعاً أو كرها .(2)
والجريمة المستمره تختلف عما يسمى " الجريمة المستمره أستمراراً ثابتاً " لأن الأولى تقتضى استمرار الحاله الجنائيه مع تجدد النشاط الإجرامى بأستمرار، بعكس التأثير التى يرتكب فيها النشاط الإجرامى فى فتره زكمية وجيزة ، ولا تربطة حاله الأستمرار بتجديد هذا النشاط الإجرامى الذى أنتهى . لذا فقد استقر الفقه على أنها جريمة وقتيه ذات أثر مستمر0 (3) .
وتؤكد محكمه النقض هذا المعنى بالنسبه لجريمة البناء خارج خط التنظيم كنموذج لهذه الجريمة وكذلك بقولها أنه " إذا كان الواقعه هى أن المتهم قد أقام بدون ترخيص بناء خارجا عن خط التنظيم فإن الفعل المسند اليه يكون قد تم وإنتهى من جهته بإقامة هذا البناء ، مما لا يمكن معه تصور حصول تدخل جديد من جانبه فى هذا الفعل ذاته ، فتكون الجريمة التى تكونها هذه الواقعه وقتيه ، ولا يؤثر فى هذا النظر ماقد تسفر عنه هذه الجريمة من أثار تبقى وتستمر ، إذ لا يعتد بأثر الفعل قى تكييفه قانونا ، وإذن فإذا كان قد انقضى على تاريخ وقوع تلك الواقعه قبل رفع الدعوى بها ثلاث سنوات فيكون الحق فى إقامة الدعوى قد سقط (4) .
4- جريمــــــــــــة الإعـتــــــــــــــياد :-
هى الجريمة التى يستلزم القانون لوقوعها تكرار الفعل الصادر عن الجانى فى أوقات مختلفه والمثال الواضح لجريمة الإعتياد " الإعتياد على الإقراض بالربا الفاحش " فهى تستلزم لاكتمالها عقد قرضين فى وقتين مختلفين بفائده تزيد عن الحد الأقصى للفائده التى يمكن الأتفاق عليهـــــــــــا قانوناً ، فكل قرض فى ذاته معزول عن القروض الأخرى لا تقه به الجريمة ، وإنما تتم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1) نقض 30 أبريل 1977 – مشار اليه فى الدكتور / محمد أبو العلا عقيده – هامش 1 – ص 221
(2) الدكتور / محمد أبو العلا عقيده – المرجع السابق – ص 223
(3) الدكتور / رءوف عبيد ، المرجع السابق ،ص 147
(4) نقض 14/3/1950 مشار إليه فى الدكتور / محمد أبو العلا عقيده – هامش 4 ص 223
بالاعتياد على الإقراض الذى يحققه وجود قرضين ربويين على الأقل . ولا يبدأ تقادم الدعوى الجنائيه الناشــــــىء عن جريمة الإعتياد إلا من اليوم التالى لوقوع الفعل الذى يكشف هذا الإعتياد ،
أى القرض فى جريمة الأقراض بالربا الفاحش والعبره هى بتاريخ الأقتراض ، وليست بتاريــــــــــخ أقتضاء الفوائد (1) .
وقد أضافت محكمه النقض الى شروط وقوع الجريمة إلا يكون هناك فاصل زمنى يزيد عن الثلاث سنوات بين الفعلين اللازمين للكشف عن الأعتياد (2) .
الفصل الثالث
وقــــــف التقــــــــــــــادم
***
مفهــــــــــوم وقــــــــــــف التقادم :-
المقصود بوقف التقادم هوعدم سريان مدته أبتداءاً أو أيقاف سريانها إذا كانت قد بدأت بسبب وجود مانع مادى أو قانونى يحول دون أستمرار سريان المده فإذا زال هذا المانع عاد التقادم إلى السريان من تاريخ زوال المانع مع أحتساب المده السابقه على المانع وأضافتها ألى المده التاليه (3) فإذا حدث فإذا حدث مانع مادى يمنع من تحريك النيابه العامه للدعوى الجنائيه أو من الأستمرار فيها كغزو أجنبى لأقليم معين من أقليم البلاد أو مانع قانونى كجنون المتهم عقب أرتكاب الجريمة فهل يؤدى هذا المانع إلى توقف سريان تقادم الدعوى الجنائيه ؟ يقتضى الأمر بحث المسأله فى القانون المقارن والقانون المصرى .
وقف التقادم فى القانون المقارن :-
أختلفت التشريعات فى تحديد أثر الوقف على تقادم الدعوى الجنائيه فمنها ما يوقف الدعوى الجنائيه لوجود سبب قانونى فقانون العقوبات الإيطالى (4) .
ومن التشريعات من حظر صراحة أيقاف الدعوى الجنائيه لآى سبب كان كالتشريع المصرى على نحو ما سنرى ومنها من أتخذ موقف الصمت إزاء مسأله الأيقاف فلم يجزها ولم يحظرها كالتشريع الفرنسى ، فأختلف الفقه بشأن أباحة أو حظر أيقاف تقادم الدعوى الجنائيه والرأى ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور / أحمد فتحى سرور – المرجع السابق – ص 154 .
(2) نقض 15/3/1956 – مشار اليه الدكتور / محمد أبو العلا عقيده ص 224 .
(3) وبهذا يفترق وقف التقادم عن أنقطاعه حيث لا تضاف المده السابقه فى حاله الأنقطاع .
(4) الدكتور محمد عوض – المرجع السابق – هامش 1 – ص 157 .
الفرنسى يسير فى ثلاثه أتجاهات الرأى الأول يرى أيقاف تقادم الدعوى الجنائيه كلما وجد مانع يحول دون سريان المده سواء أكان المانع مادياً أم قانونياً والأتجاه الثانى يفرق بين الموانع المادية والموانع القانونيه فأجيز أيقاف التقادم حينما يوجد مانع قانونى كالجنون ويحظره إذا وجد مانع مادى فتعطيل المحاكم بسبب غزو البلاد أما الرأى الثالث فيرى أن سريان مده التقادم لا يمكن أيقافه أى كان السبب ويرى هذا الفريق أن التقادم فى المسائل الجنائيه مبنى على نسيان الواقعه بمرور الزمن وليس على تقصير النيابه العامه أو تنازلها عن تحريك الدعوى الجنائيه . بينما فى القانون المدنى أساسه قرينه تنازل صاحب الحق عنه بعدم مطالبته به طوال مده التقادم فمن يعجز عن المطالب
ساحة النقاش