الاستيقاف متى يكون صحيحا؟ حين تتوفر له مظاهر تبرره أن يكون قد وضع نفسه موضع الشبهات والريب.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثانى - السنة 13 - صـ 339
جلسة 10 من أبريل سنة 1962
برياسة السيد المستشار السيد أحمد عفيفى، وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمى خاطر، ومحمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر.
(85)
الطعن رقم 1762 لسنة 31 القضائية
استيقاف. قبض. تفتيش.
الاستيقاف. متى يكون صحيحا؟ حين تتوفر له مظاهر تبرره: أن يكون قد وضع نفسه موضع الشبهات والريب.
مثال. استيقاف غير صحيح. إذا كان المتهم قد ارتبك ـ عندما رأى الضابطين ـ ومد يده إلى صديريه، وحاول مغادرة المقهى ثم عدل عن ذلك. هذا لا يتنافى مع طبيعة الأمور. القبض على المتهم وتفتيشه. فى هذه الحالة. إجراء باطل.
انتهاء غرفة الاتهام إلى التقرير بألا وجه. قرار صحيح فى القانون.
يجب لصحة الاستيقاف أن تتوفر له مظاهر تبرره، فهو يتطلب أن يكون المتهم قد وضع نفسه موضع الشبهات والريب بما يستلزم تدخل المستوقف للكشف عن حقيقة أمره.
وإذن فمتى كان الثابت من القرار المطعون فيه أن المتهم قد ارتبك - عندما رأى الضابطين - ومد يده إلى صديريه وحاول الخروج من المقهى ثم عدل عن ذلك، فليس فى هذا كله ما يدعو إلى الاشتباه فى أمره واستيقافه، لان ما أتاه لا يتنافى مع طبيعة الأمور. ومن ثم فإن استيقاف أحد الضابطين له وإمساكه بيدها وفتحها إنما هو القبض الذى لا يستند إلى أساس. فإذا كانت غرفة الاتهام قد انتهت إلى بطلان القبض والتفتيش وما تلاهما من إجراءات، فإن قرارها بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية يكون صحيحا فى القانون.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه فى 5 يوليو سنة 1959 بدائرة زفتى: أحرز جواهر مخدرة "أفيونا" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و33/ . أ وجـ وأخيرة و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند 1 من الجدول أ المرافق وأمام غرفة الاتهام بمحكمة طنطا الابتدائية دفع الحاضر مع المتهم ببطلان القبض والتفتيش وما ترتب عليهما. وبعد أن أتمت الغرفة نظر الدعوى قضت فيها بتاريخ 10 نوفمبر سنة 1959 عملا بالمادة 179 فقرة أخيرة من قانون الإجراءات الجنائية والمادتين 30/ 2 من قانون العقوبات، 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى قبل المتهم، ومصادرة المخدر المضبوط. فطعنت النيابة العامة فى هذا القرار بطريق النقض ... الخ.
المحكمة
... حيث إن النيابة العامة تنعى على القرار المطعون فيه أنه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله إذ انتهى إلى بطلان القبض والتفتيش مع أن التفتيش كان تاليا لقبض مشروع لما بدر من المطعون ضده بعد استيقافه من مظاهر تسوغ اتخاذ هذا الإجراء، كما أن استيقافه كان له ما يبرره فقد وضع نفسه موضع الشبهات والريب.
وحيث إن القرار المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فى أنه على أثر عودة ضابطى المباحث من تحقيق حادث جنائى ببندر زفتى وقفا فى الطريق لشراء سجاير وأبصرا بالمتهم يجلس فى مقهى مقابل لمكان وقوفهما وما أن رآهما حتى بدت عليه مظاهر الارتباك فقد هم بالخروج من المقهى ثم عدل عن ذلك، ولما ناداه أحد الضابطين وسأله عما به مد يده إلى جيب صديريه وأخرج شيئا حاول إلقاءه فأمسك الضابط بيده وفتحها فوجد بها لفافة تحتوى على قطعة من الأفيون. وانتهت غرفة الاتهام إلى التقرير بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على المتهم تأسيسا على ما قالته من عدم توافر الدلائل التى تبرر اتهام المتهم بجناية إحراز المخدر وعدم قيام حالة التلبس بالجريمة التى تسوغ القبض والتفتيش - لما كان ذلك وكانت محاولة المطعون ضده الخروج من المقهى وعدوله عن ذلك لم تر فيهما غرفة الاتهام فى حدود سلطتها التقديرية ما يدعو إلى الاشتباه فى أمره واستيقافه وهو تقدير سائغ - إذ أن ما أتاه المطعون ضده لا يتنافى مع طبائع الأمور ولا يتوافر به ما يتطلبه الاستيقاف من مظاهر تبرره فهو فيما فعل لم يضع نفسه موضع الشبهات والريب بما يستلزم تدخل المستوقف للكشف عن حقيقة أمره - ولما كان الاستيقاف على هذه الصورة هو القبض الذى لا يستند إلى أساس فى القانون، فإن ما انتهى إليه القرار المطعون فيه من بطلان القبض والتفتيش وما تلاهما من إجراءات يكون صحيحا فى القانون. ومن ثم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ساحة النقاش