تقدير المظاهر التي تحيط بالمتهم وكفاية الدلائل المستمدة منها التي تسوغ لرجل الضبط القضائي التعرض له واستيقافه أمر موكول لمحكمة الموضوع.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 14 - صـ 873
جلسة 2 من ديسمبر سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، وحسين صفوت السركي، وأحمد موافي، ومحمد عبد الوهاب خليل.
(158)
الطعن رقم 1485 لسنة 33 القضائية
( أ ) دعارة. جريمة.
جريمة إدارة منزل للدعارة: من جرائم العادة.
(ب) إثبات. "اعتراف". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاعتراف في المسائل الجنائية. طبيعته: من عناصر الاستدلال. لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحته وقيمته في الإثبات. مثال.
(ج) استيقاف. مأمور الضبط القضائي. محكمة الموضوع. حكم. "تسبيبه تسبيب غير معيب".
تقدير المظاهر التي تحيط بالمتهم وكفاية الدلائل المستمدة منها التي تسوغ لرجل الضبط القضائي التعرض له واستيقافه. أمر موكول لمحكمة الموضوع.
(د) حكم. "تسبيب. بيانات التسبيب".
إشارة الحكم الابتدائي إلى مواد الاتهام التي طلبت النيابة تطبيقها وانتهاؤه إلى معاقبة المتهم طبقاً لها. اعتناق الحكم الاستئنافى المطعون فيه أسباب الحكم الأول. كفاية ذلك بياناً لمواد القانون التي عاقب المتهم بمقتضاها.
1 - جريمة إدارة منزل للدعارة من جرائم العادة التي لا تقوم إلا بتحقق ثبوتها.
2 - الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في محضر ضبط الواقعة - متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع - وإن عدل عنه في مراحل التحقيق الأخرى، ومتى خلصت المحكمة إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض لكونه من الأمور الموضوعية.
3 - إن تقدير المظاهر التي تحيط بالمتهم وكفاية الدلائل المستمدة منها والتي تسوغ لرجل الضبط القضائي تعرضه له واستيقافه إياه، هو من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع مراقبة منها لسلامة الإجراء الذي باشره مأمور الضبط القضائي بالبناء عليها.
4 - متى كان الثابت من حكم محكمة أول درجة أنه أشار إلى مواد الاتهام التي طلبت النيابة تطبيقها وخلص إلى معاقبة المتهمين طبقاً لها. وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق أسباب هذا الحكم، فإن ذلك يكفى بياناً لمواد القانون التي عاقب المتهم بمقتضاها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم في يوم 12/ 2/ 1963 بدائرة قسم الدقي: - الأول - أولاً - استغل بغاء المتهمة الثالثة وحرضها على ارتكاب الدعارة بأن قدمها للرجال لارتكاب الفحشاء معها نظير أجر معلوم. ثانياً - فتح منزلاً للدعارة بأن قدم النساء فيه للرجال لارتكاب الفحشاء معهم نظير أجر معلوم - المتهم الثاني - استغل بغاء المتهمة الثالثة وحرضها على ارتكاب الدعارة حالة كونها لم تبلغ من العمر واحداً وعشرين سنة كاملة - المتهمة الثالثة - اعتادت ممارسة الدعارة - المتهمة الرابعة - أقامت في محل يدار للدعارة مع علمها بذلك. وطلبت عقابهم بالمواد 1 و2 و4 و6 و8 و9/ جـ و10 و12 و13 و15 و16 و17 من القانون رقم 10 لسنة 1961 ولدى نظر الدعوى أمام محكمة الجيزة الجزئية دفع الحاضر مع المتهمين ببطلان القبض والتفتيش ثم قضت المحكمة المذكورة بتاريخ 28 مارس سنة 1963 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمين الأول والرابعة حضورياً بالنسبة للمتهمين الأول والثاني والثالثة وغيابياً بالنسبة للرابعة: أولاً - برفض الدفع ببطلان القبض على المتهمين. ثانياً - بحبس المتهم الأول (الطاعن الأول) ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ وبتغريمه 100 ج وبوضعه تحت مراقبة البوليس لمدة ثلاث سنوات وحبس المتهم الثاني (الطاعن الثاني) سنة مع الشغل والنفاذ ووضعه تحت مراقبة البوليس لمدة سنة وحبس المتهمة الثالثة ستة أشهر وحبس المتهمة الرابعة ستة أشهر مع الشغل وكفالة 10 ج لوقف التنفيذ وتغريمها 25 ج ووضعها تحت مراقبة البوليس لمدة ستة أشهر وإغلاق مسكن المتهم الأول ومصادرة الأثاث والأشياء المضبوطة. فاستأنف المتهمون هذا الحكم. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 12 يونيه سنة 1963 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن الثاني وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيتعين عدم قبوله شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم التحريض على ارتكاب الدعارة وفتح منزله للدعارة قد شابه القصور وفساد الاستدلال وأخطأ في القانون فضلاً عن بطلانه ذلك بأنه لم يستظهر توافر ركن الاعتياد في جريمة إدارة منزل للدعارة واستند إلى الاعترافات المنسوب صدورها إلى المتهمين في محضر ضبط الواقعة برغم عدولهم عنها وورودها في قالب متواتر وعدم تدعيمها بدليل آخر، ودون أن يعرض للاعتبارات التي ساقها الدفاع والتي تكشف عن فساد الاستدلال بها - كما دفع الطاعن ببطلان القبض وما تلاه من إجراءات لانتفاء المبرر له من تلبس أو دلائل كافية تبيحه، وما أورده الحكم تبريراً لرفض هذا الدفع غير سائغ ولا يصلح رداً عليه - هذا إلى خلو الحكم من الإشارة إلى مواد القانون التي عاقب الطاعن بها - كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن وكيل مكتب آداب الجيزة علم من التحريات أن الطاعن يدير مسكنه للدعارة السرية وأن بعض النسوة الساقطات والشبان يترددون على مسكنه هذا لارتكاب الفحشاء فيه كما يصحب بعضهم أولئك النسوة اللائي يقوم بتسهيل دعارتهن إلى الخارج لنفس الغرض نظير أجر يتقاضاه وأنه يقدم زوجته - المتهمة الرابعة - لهذا الغرض أيضاً، فاستصدر إذناً من النيابة بتفتيش مسكن الطاعن وانتقل إليه فالتقى على سلم المنزل بالطاعن وزوجته وامرأة أخرى - المتهمة الثالثة - وثلاثة رجال - المتهم الثاني والشاهدان - وقد أقر له أحدهما وصادقه زميله بأنه اعتاد التردد على مسكن الطاعن لاصطحاب زوجته ونسوة أخريات إلى منزله لارتكاب الفحشاء مقابل أجر يتقاضاه الطاعن وأن المتهم الثاني سبق أن أحضر له بعض النسوة لذات الغرض نظير أجر يتقاضاه، وأنه يوم الضبط قصد والشاهد الثاني مسكن الطاعن حيث نقداه والمتهم الثاني مقابل زوجة الأول والمرأة الأخرى وقد كانا بسبيل العودة بالمرأتين، والطاعنان يقومان بتوصيلهما إلى خارج المنزل، واعترف الطاعن الأول للضابط بإدارة منزله للدعارة وتسهيلها، كما اعترف الآخرون بتفصيل ما سطره الضابط في محضره مثبتاً أنهم رددوا فيه ما سبق أن أقروا له به شفاهة وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه أدلة مستمدة مما أثبته الضابط في محضره وأقوال الشاهدين واعتراف المتهمين في محضر الضبط وهى أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها - لما كان ذلك، وكانت جريمة إدارة منزل للدعارة هي من جرائم العادة التي لا تقوم إلا بتحقق ثبوتها وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد أثبت قيام ركن العادة بالنسبة للطاعن الأول بما جرت به تحريات ضابط الآداب واعترافات المتهمين - ومن بينهم الطاعن الأول بعد ضبطهم بأن هذا الأخير يدير مسكنه للدعارة السرية ويقدم زوجته المتهمة الرابعة ونسوة أخريات لمريدهن من الشبان لارتكاب الفحشاء معهن فيه نظير أجر يتقاضاه، وقد أقر هو بذلك - لما كان ذلك، فإن الحكم يكون قد استظهر توافر أركان جريمة فتح منزل للدعارة في حق الطاعن الأول على الوجه الذي يتفق وصحيح القانون - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع المتهمين بشأن الاعترافات الصادرة منهم وأطرحه تدعيماً لما أفصح عنه من اطمئنان المحكمة إلى صحة هذه الاعترافات والتفاتها عن عدولهم عنها في قوله "... هذه الاعترافات التي لم تر المحكمة في أوراق الدعوى ولا في ملابساتها ما ينفى صحتها أو يفت من عضد الدليل المستمد منها فهي اعترافات صحيحة لا شائبة فيها وتعتبرها المحكمة دليلاً مستقلاً بذاته سيما وأن المتهم الأول - الطاعن - أو أحداً من رفاقه لم يدع أن إكراها وقع عليه أو أن هذه الأقوال سطرت على لسانه بغير علم منه وجمعيهم يعرفون القراءة والكتابة". لما كان ذلك، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في محضر ضبط الواقعة - متى هي اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع - وإن عدل عنه في مراحل التحقيق الأخرى، ومتى خلصت المحكمة إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض لكونه من الأمور الموضوعية - لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على الدفع ببطلان القبض وما تلاه من إجراءات في قوله... "إن القاعدة أنه متى كان المتهم قد وضع نفسه موضعاً محوطاً بالشبهات والريب فهذا يبيح لرجل الضبطية القضائية الذي شاهده في هذا الوضع أن يستوقفه ليعرف أمره ويكشف عن الوضع الذي وضع نفسه فيه طواعية واختياراً والملاحظ أن وكيل مكتب الآداب بالجيزة كان في طريقه إلى مسكن المتهم لتنفيذ أمر صادر له من النيابة العامة ولتفتيش مسكن المتهم وصاحب الدفع المقيم بشارع..... وذلك لضبط ما يدار بداخله من أعمال منافية للآداب طبقاً للقانون 10 لسنة 1961 وكان ذلك بعد تحريات ثبت منها أن المتهم المذكور يقدم زوجته فوزية وبعض النسوة الساقطات للشبان الذين يترددون على منزله لارتكاب الفحشاء كما أن بعض الشبان يترددون على منزله لاصطحاب النسوة الساقطات اللاتي يقوم بتسهيل دعارتهن وذلك لارتكاب الفحشاء نظير أجر يتقاضاه، فإذا ما انتقل إلى المنزل لتنفيذ أمر النيابة سالف البيان وقد سبقه تحريات أثبتت ما سلف ذكره فإن مشاهدة المتهم برفقة زوجته هذه ورجلين غريبين عنهما وامرأة أخرى ورجل آخر فإن من شأن ذلك أن يثير الشكوك والريب في نفسه بشأن وجهة هؤلاء جميعاً سيما وأن في هذه العصبة وعلى رأسها المتهم الأول شبان غرباء ليس من سبب ظاهر لمرافقتهم اللهم إلا للأسباب التي أيدتها التحريات وهى اقتياد هؤلاء النسوة إلى حيث يرتكبون معهن الفحشاء ولذلك فلا غرابه إذا استوقفهم الضابط وناقشهم الحساب فأدلوا باعترافاتهم تفصيلاً بما يؤيد صحة الواقعة حسب البيان المتقدم". لما كان ما تقدم، وكان تقدير المظاهر التي أحاطت بالمتهمين - في صورة الدعوى - وكفاية الدلائل المستمدة منها والتي تسوغ لرجل الضبط القضائي تعرضه لهم واستيقافه إياهم، هو من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع مراقبة منها لسلامة الإجراء الذي باشره مأمور الضبط القضائي بالبناء عليها، وكان ما أورده الحكم - إقراراً لهذه التصرفات - بالاستناد إلى ذات المبررات صحيحاً في القانون على تقدير أن المتهمين ضالعين في الجريمة التي كان رجل الضبط القضائي بسبيل ضبطها - لما كان ذلك، وكان الثابت من حكم محكمة أول درجة أنه أشار إلى مواد الاتهام التي طلبت النيابة تطبيقها وخلص إلى معاقبة المتهمين طبقاً لها وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق أسباب الحكم المستأنف فإن ذلك يكفى بياناً لمواد القانون التي عاقب المتهم بمقتضاها - لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه.
ساحة النقاش