الاستيقاف إجراء يقوم به رجل السلطة العامة للتحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 27 - صـ 33
جلسة 5 من يناير سنة 1976
برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ حسن على المغربى، ومحمد صلاح الدين الرشيدى، وقصدى إسكندر عزت، وفاروق محمود سيف النصر.
(4)
الطعن رقم 1481 لسنة 45 القضائية
(1 ،2) استيقاف. رجال السلطة العامة.
الاستيقاف إجراء يقوم به رجل السلطة العامة للتحرى عن الجرائم وكشف مرتكبيها، إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية واختيارا فى موضع الريب والظن.
قيام مبرر للاستيقاف أو تخلفه. موضوعى.
(3) إثبات. "شهادة". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل".
وزن أقوال الشاهد، والتعويل عليها فى أية مرحلة. موضوعى.
(4،5) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة استئنافية. "نظر الدعوى والحكم فيها". إثبات. "شهادة".
إغفال المحكمة الاستئنافية الإشارة إلى أقوال أدلى بها شاهد أمامها. مفاده. اطراحها لشهادته واقتناعها بالحكم الابتدائى.
تأييد الحكم الابتدائى لأسبابه. كفاية ذلك أسبابا للحكم الاستئنافى.
(6) إجراءات. استدلالات. مأمورو الضبط القضائى.
مواجهة مأمور الضبط القضائى الشهود بالمتهم فى محضره. لا يتطلبها القانون.
(7) إجراءات المحاكمة. إثبات. "شهادة".
جواز الاستغناء عن سماع الشهود. متى قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنا.
(8) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة اشتئنافية. "نظر الدعوى والحكم فيها".
خلو الحكم الاستئنافى من الإشارة إلى مواد العقاب. لا يعيبه. ما دام قد أيد الحكم الابتدائى الذى أشار إلى هذه المواد لأسبابه. علة ذلك. أخذه بأسباب الحكم الابتدائى فيه ما يتضمن بذاته المواد التى عوقب بها المتهم.
1 - من المقرر أن الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة فى سبيل التحرى عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف، وهو أمر مباح لرجال السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية واختيارا فى موضع الريب والظن، وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحرى وللكشف عن حقيقته عملا بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 - لما كان الفصل فى قيام المبرر للاستيقاف وتخلفه من الأمور التى يستقل بتقديرها قاضى الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر بحق أن الطاعن وضع نفسه طواعية واختيارا موضع الشبهات والريب بوقوفه بسيارته الأجرة فى عدة أوضاع مريبة وغريبة فى وقت متأخر من الليل وبها الشاهد والمتهمتين. مما يبرر لرجل السلطة العامة استيقافهم للكشف عن حقيقة أمرهم.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشاهد مرجعه إلى محكمة الموضوع ولها الأخذ بها فى أية مرحلة ولو كانت مخالفة لما شهد به أمامها دون أن تلتزم ببيان السبب.
4 - فى سكوت المحكمة الاستئنافية عن الإشارة إلى الأقوال التى أدلى بها الشاهد أمامها وقضائها بتأييد الحكم المستأنف ما يفيد أنها لم تر فى شهادته ما يغير من اقتناعها بما قضت به محكمة أول درجة.
5 - من المقرر أنه إذا كانت المحكمة الاستئنافية قد رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التى بنى عليها. فليس فى القانون ما يلزمها بأن تعيد ذكر تلك الأسباب فى حكمها بل يكفى أن تحيل إليها، إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وبيانها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها.
6 - لا يشترط أن مأمور الضبط القضائى الشهود بالمتهم لأنه أمر لم يتطلبه القانون.
7 - من المقرر أن نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله بالقانون رقم 113 لسنة 1957 يخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، يستوى فى ذلك أن يكون القبول صريحا أو ضمنيا بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه.
8 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد جاء خاليا فى صلبه من ذكر المواد التى طبقتها المحكمة إلا أنه قضى بتأييد الحكم الابتدائى لأسبابه - وكان الحكم الابتدائى قد سجل فى صلبه أنه يطبق على المتهم المواد التى طلبتها النيابة العامة والتى أشار إليها فى صدر أسبابه فإن ذلك يكفى بيانا لمواد القانون التى عاقب المتهم بمقتضاها.
الوقائع
إتهمت النيابة العامة الطاعن وأخريان بأنهم فى يوم 6 أكتوبر سنة 1972 بدائرة قسم قصر النيل محافظة القاهرة: المتهم الأول (الطاعن) (أولا) شرع فى تسهيل دعارة المتهمتين الثانية والثالثة حالة كون الثانية لم تبلغ من العمر واحد وعشرين عاما (ثانيا) استغل بغاء المتهمتين على النحو المبين بالأوراق.
(ثالثا) المتهمتان الثانية والثالثة اعتادتا ممارسة الدعارة مع الرجال دون تمييز لقاء أجر. وطلبت عقابهم بالمواد 1 و6/ 3 و7 و9/ حـ و10 و15 من القانون رقم 10 لسنة 1961. ومحكمة قصر النيل الجزئية قضت فى الدعوى غيابيا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم الأول سنة مع الشغل وتغريمه مائة جنيه وكفالة ألف قرش عن التهمتين وحبس كل من الثانية والثالثة سنة مع الشغل وكفالة ألف قرش لوقف التنفيذ. فعارض المتهم الأول (الطاعن) وقضى فى معارضته بقبولها شكلا، وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف كل من المتهمين الأول والثانية الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت فى الدعوى حضوريا (أولا) بالنسبة للمتهم الأول بقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. (ثانيا) بالنسبة للمتهمة الثانية بعدم قبول استئنافها شكلا للتقرير به بعد الميعاد. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتى الشروع فى تسهيل الدعارة واستغلال البغاء قد شابه قصور فى التسبيب وانطوى على خطأ فى تطبيق القانون وفى الاسناد، ذلك بأنه اعتنق أسباب الحكم الابتدائى ولم يتناول بالرد دفعه ببطلان القبض فى ضوء ما جد من أقوال أمين الشرطة بجلسته الاستئنافية والتى يستفاد منها الإستيقاف لم يكن له ما يبرره، وأغفل ما أصابه من بطلان محضر الضبط لخلوه من مواجهته بالشاهد ... وطلبه إجراء هذه المواجهة، وحصل أقوال هذا الشاهد تحصيلا لا يتفق ومجمل شهادته بمحضر الضبط إذ أورد على لسانه أن الطاعن قاده وصديق له إلى منزل إحدى الساقطات لقضاء سهرة مع المتهمتين الثانية والثالثة فى حين أن الثابت من أقواله أن صديقه هو الذى قام بهذا الدور، كما خلا من الاشارة إلى نص القانون الذى دان الطاعن بمقتضاه - بما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائى - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما. وأورد على ثبوتهما فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائى قد تناول الدفع ببطلان القبض ورد عليه "أن هذا الدفع مردود ذلك أن استيقاف المتهمين كان مبررا فى ضوء ما شاهده أمين الشرطة من تحركات مريبة للسيارة الأجرة فى موعد من الليل يدعو أكثر لهذه الاسترابة ومن ثم وإذ أسفر الاستيقاف عن بلاغ بواقعة دعارة أثر حصولها وقد قامت عليها دلائل كافية من هذه الظروف فإن القبض المقول به يكون مبررا هو الآخر ويكون الدفع بالبطلان فى غير محله". ولما كان من المقرر أن الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة فى سبيل التحرى عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف، وهو أمر مباح لرجال السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية واختيارا فى موضع الريب والظن، وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحرى وللكشف عن حقيقته عملا بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان الفصل فى قيام المبرر للاستيقاف أوتخلفه من الأمور التى يستقل بتقديرها قاضى الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر بحق أن الطاعن وضع نفسه طواعية واختيارا موضع الشبهات والريب بوقوفه بسيارته الأجرة فى عدة أوضاع مريبة وغريبة فى وقت متأخر من الليل وبها الشاهد والمتهمتين الثانية والثالثة مما يبرر لرجل السلطة العامة - أمين الشرطة - استيقافهم للكشف عن حقيقة أمرهم فإذا ما ذكر له الشاهد أثر هذا الاستيقاف - الذى توافرت مبرراته - أن الطاعن أحضر له المتهمتين لإرتكاب الفحشاء معهما وأنه يستغل بغاءهما فقد حق لرجل السلطة اصطحابهم إلى مأمور الضبط لإستيضاحهم عن حقيقة أمرهم دون أن يعد ذلك فى صحيح القانون قبضا.لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشاهد مرجعه إلى محكمة الموضوع ولها الأخذ بها فى أية مرحلة ولو كانت مخالفة لما شهد به أمامها دون أن تلتزم ببيان السبب، وكان فى سكوت المحكمة الاستئنافية عن الإشارة إلى الأقوال التى أدلى بها الشاهد - أمين الشرطة - أمامها وقضائها بتأييد الحكم المستأنف ما يفيد أنها لم تر فى شهادته ما يغير من اقتناعها بما قضت به محكمة أول درجة، وكان من المقرر أنه إذا كانت المحكمة الاستئنافية قد رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التى بنى عليها، فليس فى القانون ما يلزمها بأن تعيد ذكر تلك الأسباب فى حكمها بل يكفى أن تحيل إليها إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وبيانها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها. ومن ثم فإن اعتناق الحكم المطعون فيه لأسباب الحكم الابتدائى لا يستفاد منه أنه لم يحط بشهادة الشاهد أو بدفع الطاعن، ويكون النعى عليه فى هذا الصدد فى غير محله. لما كان ذلك، وكان لا يشترط أن يواجه مأمور الضبط القضائى فى محضره الشهود بالمتهم لأنه أمر لم يتطلبه القانون، ومن ثم فإن ما أثاره الطاعن فى هذا الخصوص من بطلان محضر الضبط يكون ظاهر الفساد ولا يقدح فى سلامة الحكم أن يلتفت عن الرد عليه لبعده عن محجة الصواب.لما كان ذلك، وكان لا يبين من الأوراق أن الطاعن أو المدافع عنه قد طلب أمام محكمة أول درجة مواجهته بشاهد الواقعة....، وكان من المقرر أن نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله بالقانون رقم 113 لسنة 1957 يخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك يستوى فى ذلك أن يكون القبول صريحا أو ضمنيا بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. وأن محكمة ثانى درجة إنما تحكم فى الأصل على مقتضى الأوراق وهى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوما لاجرائه، ولا تلتزم بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة فإذا لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم وكان الطاعن وإن أبدى أمام المحكمة الاستئنافية طلب مواجهته بشاهد الواقعة فإنه يعتبر متنازلا عنه بسكوته عن التسمك به أمام محكمة أول درجة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ما أورده الحكم من أقوال الشاهد... فى خصوص اقتياد الطاعن له إلى منزل إحدى الساقطات له مأخذه الصحيح من الأوراق، فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الخطأ فى الاسناد يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن جاء خاليا فى صلبه من ذكر المواد التى طبقتها المحكمة إلا أنه قضى بتأييد الحكم الابتدائى لأسبابه، وكان الحكم الابتدائى قد سجل فى صلبه أنه يطبق على المتهم - الطاعن - المواد التى طلبتها النيابة العامة والتى أشار إليها فى صدر أسبابه، فإن ذلك يكفى بيانا لمواد القانون التى عاقب المتهم بمقتضاها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
ساحة النقاش