إتمامه تحت إشراف رجل الضبطية القضائية الذى له قانونا حق تفتيش الركاب بالمنطقة الجمركية تفتيش صحيح.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثانى - السنة 13 - صـ 418
جلسة 24 من أبريل سنة 1962
برياسة السيد المستشار السيد أحمد عفيفى، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر، ومختار مصطفى رضوان.
(105)
الطعن رقم 1675 لسنة 31 القضائية
إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها" . حكم "ما لا يعيبه". تفتيش. دفاع.
(أ) محكمة الموضوع. سلطتها فى تقدير الدليل. لها أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تطمئن إليه. دون التزام ببيان علة ما ارتأته. ما دام التقدير سائغا.
(ب) لا يعيب الحكم عدم رده على دفاع الطاعن الموضوعى. اكتفاؤها بايراد أدلة الثبوت. مفاد ذلك: اطراحها هذا الدفاع. مثال.
(ج) تفتيش. إتمامه تحت إشراف رجل الضبطية القضائية. الذى له قانونا حق تفتيش الركاب بالمنطقة الجمركية. تفتيش صحيح.
(د) دفاع. الأخذ بأقوال شاهد فى التحقيقات، دون سماعه بالجلسة. حرية المحكمة فى تكوين عقيدتها. من مجموع الأقوال المطروحة. ما دام فى وسع المتهم أن يناقشها. لا إخلال بحق الدفاع.
1- من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير الدليل، فلها أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تطمئن إليه منها دون أن تلتزم ببيان علة ما ارتأته ما دام تقديرها سائغا.
2- لا يعيب الحكم المطعون فيه عدم رده على دفاع الطاعن الموضوعى عن كيفية حصول التفتيش وطريقة ضبط المنديل المحتوى على المخدر وما أسفر عنه تحليله ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى ما ثبت من تقرير التحليل من أن المادة المضبوطة مع الطاعن مخدر ولأن فى إيراد أدلة الثبوت ما يفيد ضمنا إطراحها لهذا الدفاع.
3- إذا كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش فقال إن هذا التفتيش قد تم تحت إشراف معاون المباحث الذى له قانونا حق تفتيش الركاب وانتهى إلى رفضه، وكانت المحكمة لا تلتزم ببيان موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها، وكان يبين من المفردات أن معاون المباحث قرر أن التفتيش حصل للطاعن تحت رقابته وإشرافه وكان هذا الحق مخولا له قانونا، فإنه لا سبيل إلى مصادرة المحكمة فى اعتقادها ما دامت قد اقتنعت بهذه الأقوال.
4- لمحكمة الموضوع - فى سبيل تكوين عقيدتها - أن تأخذ إلى جانب أقوال من سمعتهم من الشهود بأقوال آخرين فى التحقيقات وإن لم تسمع شهادتهم بنفسها طالما أن أقوالهم كانت مطروحة على بساط البحث، وكان فى وسع المتهم أن يناقش تلك الأقوال. فإذا كان يبين من محضر الجلسة أن أقوال الشاهد الذى لم يسمع بالجلسة كانت محل مناقشة من المدافع عن الطاعن ودارت عليها مرافعته، فلا يعيب الحكم اعتماده على أقوال ذلك الشاهد فى التحقيقات.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 23/ 4/ 1959 بدائرة قسم الميناء محافظة الاسكندرية: أحرز جوهرا مخدرا "أفيونا" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى غرفة الإتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و33جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند 1 من الجدول أ المرافق. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات الاسكندرية قضت حضوريا بتاريخ 19 أكتوبر سنة 1960 عملا بالمواد 1 و2 و37 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند رقم 1 من الجدول رقم 1 المرفق بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المادة المخدرة المضبوطة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.
المحكمة
... حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو الخطأ فى تحصيل واقعة الدعوى والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب والخطأ فى الإسناد. ذلك أن الحكم المطعون فيه أورد فى تحصيله للواقعة أن محمود داود القنبر المقدم بإدارة مخابرات مصلحة السواحل سلم الطاعن إلى محمد هاشم الدرديرى معاون المباحث لتفتيشه فكلف المخبر عبد المنعم عبد الفتاح بذلك. وما قاله الحكم من ذلك لا سند له من الأوراق بل هو يخالف ما ذكره محمود داود القنبر فى التحقيقات، ولا يؤثر فى ذلك ما قاله المخبر عرضا من أنه أمر بالتفتيش من محمد هاشم الدرديرى فإن هذا الاسم لم يذكر إلا لتصحيح إجراءات التفتيش، كما أورد الحكم أن الطاعن كان يخرج ما فى جيوبه ويعرضه على المخبر وهذا البيان فى كيفية حصول التفتيش ينفيه ما ذكره الشاهد محمد عبد الرازق مأمور تفتيش الركاب من أن المخبر كان يفتش الطاعن بوضع يده فى جيبه، وقد تأيد ذلك بما ثبت من وجود تمزق بجيب جاكتة الطاعن مما مؤداه أن هذا التمزق كان نتيجة للتفتيش عنوة، وقد اقتصر الحكم فى الإحاطة بدليل هام من أدلة البراءة مستمد من عدم وجود آثار المادة المخدرة بمنديل الطاعن الذى قبل بضبط المخدر به مغلفا بورقة، ولم يتناول ما أشار إليه الدفاع من متناقضات بشأن طريقة ضبط هذا المنديل ولم يرد على هذا الدفاع. هذا إلى أنه أغفل ما أسفر عنه تحليل المنديل والمطواة المضبوطين مع الطاعن من نتيجة سلبية مع وجود أثر المخدر فى الجيب فقط مما يستفاد منه كذب المخبر فى كيفية حصول التفتيش.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد واقعة الدعوى فى أنه بينما كان المقدم محمود داود القنبر بادارة مخابرات مصلحة السواحل بحرس الجمارك يقوم بمراقبة الركاب النازلين من البواخر شاهد الطاعن وآخر ضمن الركاب واشتبه فيهما لعدم دخولهما مبنى التفتيش الجمركى فاستوقفهما وسلمهما إلى السيد محمد هاشم الدرديرى معاون مباحث الجمارك فكلف الأخير المخبر عبد المنعم عبد الفتاح بتفتيش الطاعن فأدخله إلى حجرة التفتيش ولما شرع فى تفتيشه تحت إشراف المعاون أخذ الطاعن يخرج ما فى جيوبه ويعرضه على المخبر وكان من بين محتوياتها منديل أطبق عليه بيده وتردد فى تسليمه للمخبر فأمسك الأخير بيده ووجد بداخل المنديل مادة مخدرة ثبت من التحليل أنها أفيون فضبطه وما معه من مخدر وسلمه إلى المعاون. وساق الحكم تدليلا على صحة هذه الواقعة أقوال المقدم محمود القنبر والمخبر عبد المنعم عبد الفتاح والمعاون محمد هاشم الدرديرى، وما ثبت من تقدير التحليل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير الدليل فلها أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما تطمئن إليه منها دون أن تلزم ببيان علة ما ارتأته ما دام تقديرها سائغا. لما كان ما تقدم، وكان ما أورده الحكم من أن المقدم محمود القنبر سلم الطاعن إلى معاون المباحث لتفتيشه. فكلف المخبر بذلك، له أصل ثابت بالأوراق مستمد من أقوال المخبر والمعاون ولا تثريب على المحكمة إن هى عولت على أقوال هذين الشاهدين فى هذا الخصوص، ولما كان ما يثيره الطاعن خاصا بواقعة تسليم الطاعن للمخبر وبشخص من قام بتسليمه إليه ودعواه بأن ما أورده الحكم عن هذه الواقعة لا سند له. كل هذا لا يعدو أن يكون جدلا فى تقدير الدليل لا يقبل منه أمام هذه المحكمة وليس فيه من خطأ الإسناد شئ. ولما كان لا يعيب الحكم عدم رده على دفاع الطاعن الموضوعى عن كيفية حصول التفتيش وطريقة ضبط المنديل وما أسفر عنه تحليله ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى ما ثبت من تقرير التحليل من أن المادة المضبوطة مع الطاعن مخدر، ولأن فى إيراد أدلة الثبوت ما يفيد ضمنا إطراحها لهذا الدفاع. ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجهين الثانى والثالث من الطعن هو الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله، فقد دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش الواقعين عليه لأن المخبر الذى قام بهما ليس من رجال الضبطية القضائية ولم يورد الحكم فى بيانه لأقوال شهود الإثبات ما يؤيد ما ذهب إليه عند رفض هذا الدفع من أن التفتيش تم تحت إشراف معاون المباحث.
وحيث إن الحكم عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش فقال إن هذا التفتيش قد تم تحت إشراف السيد/ محمد هاشم الدرديرى معاون المباحث الذى له قانونا حق تفتيش الركاب وانتهى إلى رفضه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تلتزم ببيان موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها، وكان يبين من المفردات التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لهذا الوجه أن معاون المباحث قرر أن التفتيش حصل للطاعن تحت رقابته وإشرافه وكان هذا الحق مخولا له قانونا فإنه لا سبيل إلى مصادرة المحكمة فى اعتقادها ما دامت قد اقتنعت بهذه الأقوال وبذلك يكون هذا الوجه غير سديد.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع من الطعن هو الإخلال بحق الدفاع إذ اعتمد الحكم المطعون فيه فى إدانة الطاعن على أقوال معاون المباحث محمد هاشم الدرديرى فى التحقيقات مع استبعاد النيابة له كشاهد ودون أن تسمع المحكمة شهادته.
وحيث إنه لما كان لمحكمة الموضوع - فى سبيل تكوين عقيدتها ـ أن تأخذ إلى جانب أقوال من سمعتهم من الشهود بأقوال آخرين فى التحقيقات وان لم تسمع شهادتهم بنفسها طالما أن أقوالهم كانت مطروحة على بساط البحث، وكان فى وسع المتهم أن يناقش تلك الأقوال، وكان يبين من محضر الجلسة أن أقوال هذا الشاهد كانت محل مناقشة من المدافع عن الطاعن ودارت عليها مرافعته، فلا يعيب الحكم اعتماده على أقواله فى التحقيقات. لما كان كل ذلك، فان الطعن برمته يكون على غير أساس من القانون، متعينا رفضه موضوعا.
ساحة النقاش