تنص المادة الرابعة من قانون الأحكام العسكرية الصادر سنة 1893 المعدل على أنه عندما يرتكب أحد الأشخاص الخاضعين للأحكام العسكرية جناية ما تقتضي إتخاذ ما يلزم من التدابير لأجل تحقيق قضيته.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 17 - صـ 1044
جلسة 31 من أكتوبر سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمود عزيز الدين سالم، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.
(196)
الطعن رقم 1438 لسنة 36 القضائية
(أ) نقض. "الطعن بالنقض. التقرير به".
طلب الطاعن الطعن بالنقض في الحكم في الميعاد القانوني أثناء وجوده بالسجن بوحدته وإيداع محاميه أسباب الطعن في الميعاد. قعود إدارة الجيش عن إرساله إلى قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم للتقرير بالطعن أمام الموظف المختص أو طلب إنتقال هذا الموظف إلى مقر الوحدة لتلقي رغبة الطاعن. قبول الطعن شكلا. علة ذلك؟
(ب) تفتيش. أحكام عسكرية. مأمور الضبط القضائي.
مثال لتفتيش صحيح تطبيقا لقانون الأحكام العسكرية.
(ج) حكم. "تسبيبه. ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل".
تزيد المحكمة فيما لم تكن في حاجة إليه. لا يعيب حكمها. ما دام أنها أقامت قضاءها على سبب صحيح
1- إنه وإن كان التقرير بالنقض لم يحرر حسب الأوضاع المقررة قانونا, إلا أنه ما دام الطاعن قد طلب في الميعاد القانوني أثناء وجوده بالسجن بوحدته الطعن في الحكم بطريق النقض كما أودع محاميه أسباب الطعن في الميعاد. وكانت إدارة الجيش لم ترسل السجين الطاعن إلى قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم ليقرر بالطعن بالنقض أمام الموظف المختص أو تطلب من ذلك الموظف الانتقال إلى مقر الوحدة المسجون بها الطاعن لتلقي رغبته في ذلك، فإن الطاعن كان في حالة عذر قهري حال بينه وبين التقرير بالنقض بالطريق المرسوم بالقانون، ويكون الطعن بالصورة التي قدم بها مقبولا شكلا.
2- تنص المادة الرابعة من قانون الأحكام العسكرية الصادر سنة 1893 المعدل على أنه: "عندما يرتكب أحد الأشخاص الخاضعين للأحكام العسكرية جناية ما تقتضي إتخاذ ما يلزم من التدابير لأجل تحقيق قضيته بدون تأخير ويصير التحفظ على الجاني بحجزه أو وضعه في الحبس متى كانت الجناية جسيمة أو اقتضت الحالة موافقة التحفظ عليها". ولما كان دخول الطاعن المعسكر خلال الأسلاك الشائكة في منطقة تمنعه الأوامر العسكرية من التواجد فيها يعتبر جناية عسكرية طبقا لنص المادة 144 من القانون سالف الذكر كما يعتبر سلوكا مضرا بحسن الانتظام والضبط والربط العسكري مما يعد جناية طبقا لنص المادة 168 من ذات القانون، فإن تفتيش الطاعن يكون قد وقع صحيحا يسبغه القانون. لأن التفتيش - في مجال تطبيق الأحكام العسكرية - وإن لم يكن نظير التفتيش الذي عده القانون من إجراءات الاستدلال التي تجوز لمأموري الضبط القضائي بالمعنى المشار إليه في المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية، إلا أن سند إباحته هو كونه إجراءا تحفظيا يسوغ لأي فرد من أفراد السلطة المنفذة لهذا الإجراء القيام به دفعا لما قد يحتمل من أن يلحق المتهم أذى بشخصه من شئ يكون معه أو أن يلحق مثل هذا الأذى بغيره ممن يباشرون التحفظ عليه أو يوجدون معه في محبسه إذا أودع فيه.
3- تزيد المحكمة فيما لم تكن في حاجة إليه لا يعيب حكمها ما دام أنها أقامت قضاءها على سبب صحيح.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 19 من مارس سنة 1965 بدائرة مركز أبو حماد محافظة الشرقية: أحرز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا "أفيونا وحشيشا" في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و7/ 1 و34/ 1- أ و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 206 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1 المرافق. فقرر بذلك. وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات الزقازيق دفع الحاضر مع المتهم ببطلان القبض والتفتيش. والمحكمة المذكورة قضت بتاريخ 12 ديسمبر سنة 1965 عملا بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة خمس سنين وتغريمه ثلاثة آلاف من الجنيهات ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
من حيث إنه يبين من الأوراق أن الطاعن عريف متطوع بالجيش بالوحدة 4047 ج 22 م وأنه مسجون بوحدته وقد صدر حكم بإدانته من محكمة جنايات الزقازيق بجلسة 12 ديسمبر سنة 1965، وبتاريخ أول يناير سنة 1966 طلب هذا الجندي السجين الطعن في هذا الحكم بطريق النقض على ما يبين من الشهادة الرسمية المرفقة والموقع عليها من قائد الوحدة والمعتمدة منه. وبتاريخ 19 يناير سنة 1966 أي في الميعاد القانوني أودع الأستاذ عبده مراد المحامي الأسباب التي بنى عليها الطعن موقعا عليها منه إلى قلم كتاب محكمة النقض.
وحيث إنه وإن كان التقرير لم يحرر حسب الأوضاع المقررة قانونا إلا أن الطاعن قد طلب في الميعاد القانوني أثناء وجوده بالسجن بوحدته الطعن في الحكم بطريق النقض كما أودع محاميه أسباب الطعن في الميعاد، ولما كانت إدارة الجيش لم ترسل السجين الطاعن إلى قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم ليقرر بالطعن بالنقض أمام الموظف المختص أو تطلب من ذلك الموظف الانتقال إلى مقر الوحدة المسجون بها الطاعن لتلقي رغبته في الطعن، فإن الطاعن كان في حالة عذر قهري حال بينه وبين التقرير بالنقض بالطريق المرسوم بالقانون ويكون الطعن بالصورة التي قدم بها مقبولا شكلا.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جواهر مخدرة بقصد الاتجار قد أخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد وانطوى على قصور في البيان، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان إجراءات الضبط والتفتيش تأسيسا على أن مجرد ارتكابه مخالفتين عسكريتين لا يبيح للرقيب ضبطه وتفتيشه لأنه ليس من مأموري الضبط القضائي وكان يتعين عليه أن يسلمه إلى أقرب مأمور ضبط قضائي ليقوم بتفتيشه ولكن الحكم المطعون فيه اطرح هذا الدفع بمقالة أنه متى صح الضبط صح التفتيش وهو قول غير سديد في القانون، ذلك بأن القبض القانوني وحده هو الذي يجيز التفتيش. كما أورد الحكم مؤدى أقوال الرقيب عبد المنعم ثابت الذي أجرى الضبط والتفتيش بأنه بعد أن اطلع على أوراق الطاعن تبين له أنه غاب يوما بدون عذر متجاوزا العطلة المصرح له بها ورتب الحكم على ذلك صحة إجراءات الضبط بينما أن الثابت من التحقيقات ومحاضر الجلسات أن الرقيب لم يطلع على أوراق الطاعن إلا بعد ضبطه ويكون الحكم قد بنى على ما يخالف الثابت في الأوراق. هذا وقد أثار الطاعن أن الرقيب ليس من رجال الضبطية القضائية مما يبيح له إجراء التفتيش وقد اطرح الحكم هذا الدفع تأسيسا على أن الرقيب من رجال المباحث العسكرية الذين أجازت لهم القوانين العسكرية مباشرة هذا الإجراء في حق أفراد القوات العسكرية دون أن يبين تلك القوانين.
وحيث إن واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه تتلخص في أنه في الساعة السادسة مساء يوم 19 مارس سنة 1965 أقبل الطاعن المجند بالجيش إلى معسكر التل الكبير الملحق به حاملا حقيبته في يده ودخل المعسكر من خلال الأسلاك الشائكة الممتدة حوله تحت بصر الحراس فاعترضه عبد المنعم ثابت غريب الرقيب بالشرطة الجنائية العسكرية واستبان له أنه غائب بغير إذن متجاوز العطلة الممنوحة له فقبض عليه وفتش حقيبته فعثر بها على أربع لفافات بها أفيون كما عثر بجيب سرواله على لفافتين بهما حشيش وقد بلغ وزن الأفيون 330.8 جراما ووزن الحشيش 2.60 جراما وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال الشهود وما ثبت بتقرير المعامل الكيماوية وأورد ضمن ما أورده من مؤدى أقوال الشهود أن الطاعن كان يسير في منطقة محرم عليه السير فيها. لما كان ذلك، وكان دخول الطاعن المعسكر خلال الأسلاك الشائكة في منطقة تمنعه الأوامر العسكرية من التواجد فيها يعتبر جناية عسكرية طبقا لنص المادة 144 من قانون الأحكام العسكرية الصادر سنة 1893 المعدل كما يعتبر سلوكا مضرا بحسن الانتظام والضبط والربط العسكري مما يعد جناية طبقا لنص المادة 168 من هذا القانون. ولما كانت المادة الرابعة من القانون المذكور تنص على أنه "عندما يرتكب أحد الأشخاص الخاضعين للأحكام العسكرية جناية ما يقتضي اتخاذ ما يلزم من التدابير لأجل تحقيق قضيته بدون تأخير ويصير التحفظ على الجاني بحجزه أو وضعه في الحبس متى كانت الجناية جسيمة أو اقتضت الحالة موافقة التحفظ عليه". فإن تفتيش الطاعن يكون قد وقع صحيحا يسيغه القانون لأن التفتيش - في مجال تطبيق قانون الأحكام العسكرية - وإن لم يكن نظير التفتيش الذي عده القانون من إجراءات الاستدلال التي تجوز لمأموري الضبط القضائي بالمعنى المشار إليه في المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية، إلا أن سند إباحته هو كونه إجراء تحفظيا يسوغ لأي فرد من أفراد السلطة المنفذة لهذا الإجراء القيام به دفعا لما قد يحتمل من أن يلحق المتهم أذى بشخصه من شئ يكون معه أو أن يلحق مثل هذا الأذى بغيره ممن يباشرون التحفظ عليه أو يوجدون معه في محبسه إذا أودع فيه. لما كان ذلك، وكان إقتحام الطاعن للمعسكر من خلال الأسلاك المحيطة به يكون جنايتين عسكريتين مما يبرر للرقيب القبض عليه وتفتيشه ما دام قد شاهده وهاتين الجنايتين في حالة تلبس.
أما تبرير الحكم لهذه التدابير استنادا إلى غياب الطاعن دون إذن وهو ما يعد جناية طبقا للفقرة الأولى من المادة 144 من قانون الأحكام العسكرية, فإنه لا يعدو أن يكون تزيدا لم تكن المحكمة في حاجة إليه بعد أن أقامت قضاءها على سبب صحيح مستمد من الجنايتين الأخريين ويكون النعي بأن جناية الغياب لم تتضح إلا بعد إجراء الضبط غير ذي جدوى. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين لذلك رفضه موضوعا.
ساحة النقاش