لموظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية .
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثامنة عشرة - صـ 251
جلسة 21 من فبراير سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد محفوظ، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفه.
(48)
الطعن رقم 1357 لسنة 36 القضائية
(أ) جمارك. تفتيش. مأمورو الضبط القضائي.
لموظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق.
(ب) جمارك.
الميناء المؤقت للسد العالي على ضفتي النيل شرقا وغربا يدخل ضمن نطاق الرقابة الجمركية.
(ج) جمارك. مأمورو الضبط القضائي. خفر السواحل.
لرجال خفر السواحل صفة الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات الخاضعة لاختصاص مصلحة خفر السواحل. استمرار هذه الصفة لصيقة بهم في دوائر اختصاصهم فيما يتعلق بجرائم التهريب حتى بعد صدور قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 وقرار وزير الخزانة رقم 71 لسنة 1963.
(د) حكم. " تسبيبه. ما لا يعيبه في نطاق التدليل ". جمارك.
انطواء الحكم على تقريرات قانونية - خاطئة - لا يعيبه. ما دامت النتيجة التي خلص إليها صحيحة وتتفق والتطبيق القانوني السليم.
(هـ) دفوع. حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب ردا صريحا.
(و) حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال.
1 - البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق، باعتبار أنها دوائر معينة ومغلقة حددها القانون سلفا لإجراء الكشف والتفتيش والمراجعة فيها، أما خارج نطاق الدائرة الجمركية أو منطقة الرقابة الجمركية فليس لموظفي الجمارك حق ما في تفتيش الأشخاص والأماكن بحثا عن مهربات.
2 - الميناء المؤقت للسد العالي على ضفتي النيل شرقا وغربا وأن لم يعين صراحة دائرة جمركية إلا بالقرار رقم 23 لسنة 1966 الصادر من مدير الخزانة المعمول به اعتبارا من 28 مارس سنة 1966 إلا أن وزير الخزانة حدد بقراره رقم 57 لسنة 1963 من نطاق الرقابة الجمركية البري جميع المنطقة الواقعة جنوبي مدينة الشلال وعلى امتداد خط عرض 24 وبين الحدود السياسية الفاصلة بين الجمهورية العربية المتحدة وجمهورية السودان. ولما كان الميناء المؤقت للسد العالي يقع جنوبي خط العرض الذي تقع عليه مدينة الشلال، فإنه يدخل ضمن نطاق الرقابة الجمركية.
3 - أضفى القانون رقم 114 لسنة 1953 على رجال خفر السواحل صفة الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات الخاضعة لاختصاص مصلحة خفر السواحل. وهذه الصفة ما زالت قائمة ولصيقة بهم في دوائر اختصاصهم فيما يتعلق بجرائم التهريب حتى بعد صدور قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 وقرار وزير الخزانة رقم 71 لسنة 1963 بتحديد موظفي الجمارك الذين لهم صفة الضبط القضائي بالتطبيق لنص المادة 25 من القانون المشار إليه لأن هذا القانون لم يلغ اختصاص مصلحة خفر السواحل في مراقبة جرائم التهريب في الجهات الخاضعة لها ولم يسلب من رجالها صفة الضبط القضائي المخولة لهم قانونا وليس من شأن المادة 25 منه القرار الوزاري الصادر إعمالا لها ما يخلع عن رجال خفر السواحل تلك الصفة في دوائر عملهم لأن هذا القرار صادر في شأن موظفي مصلحة الجمارك فحسب باعتباره كاشفا ومحددا للوظائف التي يعتبر العاملون فيها من مأموري الضبط القضائي.
4 - لا يؤثر في سلامة الحكم أن يكون قد انطوى على تقريرات قانونية خاطئة في شأن حق رجال الجمارك في الضبط والتفتيش بحثا عن المهربات في جميع أنحاء الجمهورية ولو جاوزت منطقة الرقابة، ما دامت النتيجة التي خلص إليها صحيحة وتتفق والتطبيق القانوني السليم.
5 - الدفع بتلفيق التهمة على المتهم من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب ردا صريحا لأن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم.
6 - لا تلتزم المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 4 من أكتوبر سنة 1964 بدائرة مركز أسوان محافظة أسوان: جلب بقصد الاتجار إلى أراضي الجمهورية العربية المتحدة نباتا وبذورا ممنوع زراعتها " نبات الحشيش وبذوره " في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 34/ 1 - 2 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند رقم 1 من الجدول رقم 5 المرفق بالقانون، فقرر بذلك ومحكمة جنايات أسوان انتهت إلى تعديل وصف التهمة إلى الإحراز بقصد الاتجار وقضت حضوريا في 18 نوفمبر سنة 1965 عملا بالمواد 9، 34/ 1 - 2 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند رقم 1 من الجدول رقم 5 المرفق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة خمس سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة نبات الحشيش وبذوره المضبوطة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة حيازة نبات الحشيش وبذوره بقصد الإتجار قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب، ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه لحصولهما خارج المنطقة الجمركية إلا أن المحكمة رفضت هذا الدفع تأسيسا على أن المادتين 28 و29 من القانون رقم 66 سنة 1963 - بإصدار قانون الجمارك - تبيحان لموظفي الجمارك حق ضبط البضائع الممنوعة في جميع جهات الجمهورية وحق مطاردة البضائع المهربة عند خروجها من نطاق الرقابة الجمركية مع أن ذلك لا تسانده أحكام القانون لأن التفتيش في مثل هذه الحالة لا يخضع إلا للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية، هذا فضلا عن أن الحكم استبعد في مدوناته وقوع ميناء السد العالي في نطاق الدائرة الجمركية. يضاف إلى ذلك أن حق ضبط البضائع المهربة مخول لموظفي الجمارك وهم تابعون لوزارة الخزانة في حين أن من قام بالتفتيش هم رجال خفر السواحل وهم تابعون لجهة أخرى. كما أن مدونات الحكم جاءت خلوا من الرد على ما أثاره الطاعن في دفاعه الموضوعي في شأن تلفيق التهمة عليه. وانتهى الحكم على اعتبار الجريمة التي دان الطاعن بها جريمة جلب مخدر إلى أراضي الجمهورية العربية مع أن هذه الجريمة غير متوافرة في حق الطاعن لأن الثابت أنه تم ضبطه وهو قادم من مدينة أسوان أي في داخل النطاق الإقليمي للجمهورية وليس من خارجه وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: " إنه قرابة الرابعة والنصف مساء اليوم الرابع من نوفمبر سنة 1964 إبان قيام العريف أحمد حسين محمد عمر وزميلاه العريفان محمود محمد عثمان وعلي أمين فواز من قوة سواحل محافظة أسوان بعملهم بميناء السد العالي شرق وهم المناط بهم تفتيش الخارجين من الميناء للتأكد من عدم وجود بضائع مهربة من الرسوم الجمركية شاهدوا المتهم سليمان محمد علي (الطاعن) ورفقته آخر يدعى نادر عبد الله سليمان ينزلان من إحدى سيارات الأجرة ويتوجهان صوب المراكب الراسية بالميناء ويقصدان مركبا شراعيا منها مكثا بها قرابة الربع ساعة ثم غادراها متجهين شطر الساحل في طريقهما إلى السيارة الأجرة التي كانت في انتظارهما وكان المتهم يحمل علبه من الكرتون ملفوفة " ببطانية " وعلبة أخرى في يده بينما حمل نادر عبد الله عبوة من البلح فاقتادوهما إلى الصندل الخاص بالجمرك وقاموا بتفتيشها فعثروا بالعلبة الكرتون التي كانت ملفوفة بالبطانية والتي كان يحملها المتهم على بضائع مهربة من الرسوم الجمركية وعلى كيس تفوح منه رائحة نفاذه يشتبه أن تكون مخدرا قاموا بفتحه فوجدوا بداخله أربعة كيلو جرامات وأربعمائة وسبعة وعشرين جراما من أجزاء نباتية وبذور ثبت من تقرير فحصها أنها لنبات الحشيش وبأن البذور مما تصلح للإنبات... " وأورد على ثبوتها لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة سائغة إستمدها مما شهد به كل من العريف أحمد حسين محمد عمر والعريفان محمود محمد عثمان وعلي أمين فواز من قوة السواحل والمقدم سعد الدين نجيب وقائد السيارة الأجرة نادر عبد الله سليمان ومما أثبته تقرير المعامل الكيماوية خاصا بفحص المادة المضبوطة. وعرض الحكم إلى الدفع المبدي من الطاعن وأثبته ورد عليه بما مؤداه أن ما يتحدى به الطاعن من عدم صدور قرار من وزارة الخزانة باعتبار ميناء السد العالي دائرة جمركية لا يجديه طالما أن نص المادتين 28 و29 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 قد خول لرجال الجمارك ومن يعاونهم من رجال السلطات العامة حق ضبط البضائع الممنوعة ومطاردة البضائع المهربة في جميع جهات الجمهورية، وهو حق غير مقيد بمكان معين من أرض الجمهورية يجيز لهم تفتيش الأمتعة لضبط ما يكون منها مهربا أو ممنوعا. ومن ثم فإن عثور رجال الجمارك عند استعمالهم حقهم في إجراء ذلك التفتيش على المخدر المضبوط يكون صحيحا ويصح الاستدلال به على مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه لأنه وليد إجراء مشروع في نظر القانون. لما كان ذلك، وكان البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق باعتبار أنها دوائر معينة ومغلقة حددها القانون سلفا لإجراء الكشف والتفتيش والمراجعة فيها أما خارج نطاق الدائرة الجمركية أو منطقة الرقابة الجمركية فليس لموظفي الجمارك حق ما في تفتيش الأشخاص والأماكن والبضائع بحثا عن مهربات. ولما كانت الواقعة كما صار إثباتها في الحكم قد تم ضبطها بالميناء المؤقت للسد العالي. وكان الميناء المؤقت بالسد العالي على ضفتي النيل شرقا وغربا وإن لم يعين صراحة دائرة جمركية إلا بالقرار رقم 23 سنة 1966 الصادر من وزير الخزانة - المعمول به اعتبارا من 28 مارس سنة 1966 أي بعد واقعة الدعوى - إلا أن وزير الخزانة حدد بقراره رقم 57 سنة 1963 من نطاق الرقابة الجمركية البرى جميع المنطقة الواقعة جنوبي مدينة الشلال وعلى امتداد خط عرض 24 وبين الحدود السياسية الفاصلة بين الجمهورية العربية المتحدة وجمهورية السودان. ولما كان الميناء المؤقت للسد العالي يقع جنوبي خط العرض الذي تقع عليه مدينة الشلال، وهو يدخل ضمن نطاق الرقابة الجمركية على ما بين من كتاب مصلحة الجمارك الذى أمرت المحكمة بضمة تحقيقا للطعن فإن التفتيش الذي تم بمعرفة رجال خفر السواحل بالميناء المؤقت للسد العالي يكون قد تم داخل منطقة الرقابة الجمركية وممن له صفة في إجرائه. وهو إذ أسفر عن ضبط نبات الحشيش وبذوره مع الطاعن فإن الإستدلال به يكون صحيحا ما دام أنه كان نتيجة لإجراء مشروع في القانون. ولا ينال من سلامة الإجراءات أن تتم على أيدي رجال خفر السواحل لأن صفة الضبط القضائي أضفاها عليهم القانون رقم 114 سنة 1953 فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات الخاضعة لاختصاص مصلحة خفر السواحل. وهذه الصفة مازالت قائمة ولصيقة بهم في دوائر إختصاصهم فيما يتعلق بجرائم التهريب حتى بعد صدور قانون الجمارك الجديد رقم 66 سنة 1963 وقرار وزير الخزانة رقم 71 سنة 1963 بتحديد موظفي الجمارك الذين لهم صفة الضبط القضائي بالتطبيق لنص المادة 25 من القانون المشار إليه لأن هذا القانون لم يلغ اختصاص مصلحة خفر السواحل في مراقبة جرائم التهريب في الجهات الخاضعة لها ولم يسلب من رجالها صفة الضبط القضائي المخولة لهم قانونا وليس من شأن المادة 25 منه والقرار الوزاري الصادر إعمالا لها ما يخلع عن رجال خفر السواحل تلك الصفة في دوائر عملهم لأن هذا القرار صادر في شأن موظفي مصلحة الجمارك فحسب باعتباره كاشفا ومحددا للوظائف التي يعتبر العاملون فيها - في هذه المصلحة الأخيرة - من مأموري الضبط القضائي , ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد. ولا يؤثر في سلامة الحكم أن يكون قد انطوى على تقريرات قانونية في شأن حق رجال الجمارك في الضبط والتفتيش بحثا عن المهربات في جميع أنحاء الجمهورية ولو جاوزت منطقة الرقابة ما دامت النتيجة التي خلص إليها صحيحة وتتفق والتطبيق القانوني السليم. لما كان ذلك , وكان الدفع بتلفيق التهمة على المتهم هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب ردا صريحا لأن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم ولا تلتزم المحكمة في هذا الصدد. بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال. ولما كان الحكم قد استند إلى أقوال رجال خفر السواحل واستخلص منها الإدانة استخلاصا سليما , فإن ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلي جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة التي اطمأنت إليها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. ولما كان البين من الحكم أنه انتهى إلى إدانة الطاعن بجريمة حيازة نبات الحشيش وبذوره بقصد الاتجار، فإن ما يثيره الطاعن في شأن الجلب لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ساحة النقاش