اختصاص ضباط مكاتب حماية الأحداث. إمتداده إلى غير الأحداث. حماية لهؤلاء ومكافحة لاستغلالهم استغلالا غير مشروع. أيا كان نوع هذا الاستغلال أو طريقه.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 24 - صـ 639
جلسة 21 من مايو سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ سعد الدين عطيه، وعضوية السادة المستشارين: ابراهيم أحمد الديوانى، ومصطفى محمود الأسيوطى، وعبد الحميد محمد الشربينى، وحسن على المغربى.
(131)
الطعن رقم 332 لسنة 43 القضائية
(1) مأمورو الضبط القضائى."إختصاصهم". تفتيش. مواد مخدرة. أحداث. دفوع. "الدفع ببطلان التفتيش". إستدلال. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اختصاص ضباط مكاتب حماية الأحداث. إمتداده إلى غير الأحداث. حماية لهؤلاء ومكافحة لاستغلالهم استغلالا غير مشروع. أيا كان نوع هذا الاستغلال أو طريقه. مثال فى مواد مخدرة.
(2, 3) إثبات. "شهود". دفوع. "الدفع بتلفيق التهمة". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(2) وزن أقوال الشهود والتعويل على أقوال شهود الإثبات دون شهود النفى. من إطلاقات محكمة الموضوع.
(3) الدفع بتلفيق التهمة. دفاع موضوعى. كفاية الأخذ بأدلة الثبوت ردا عليه. الجدل الموضوعى. لا يقبل أمام محكمة النقض.
1 - واضح من نص المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية وقرار وزير الداخلية رقم 20 لسنة 1962 بإنشاء مكاتب فرعية لحماية الأحداث وتحديد اختصاصاتها، أن ضباط مكاتب حماية الأحداث هم – بحسب الأصل – من مأمورو الضباط القضائى بوصف كونهم من ضباط المباحث الجنائية وينبسط اختصاصهم طبقا لما نص عليه فى المادة الثالثة من قرار وزير الداخلية المذكور على ما يرتكبه الأحداث من جرائم ويمتد إلى من عداهم من غير الأحداث حماية لهؤلاء ومكافحة لاستغلالهم غير مشروع أيا كان نوع هذا الاستغلال أو طريقه. وقد أشارت المادة إلى جرائم رآها الشارع على درجة من الخطورة استوجبت النص عليها بذواتها فذكر تحريض الأحداث على البغاء أو التسول أو ارتكاب الجرائم، وناط بمكاتب حماية الأحداث اتخاذ التدابير التى تراها كفيلة بحمايتهم من هذا الاستغلال أو التحريض ومكافحته، ومن ثم كان لضباط هذه المكاتب فى سبيل تنفيذ ما نيط بهم ضبط الجرائم التى تصل بهم تحرياتهم أن فيها إستغلالا للأحداث غير مشروع أو تحريضا لهم على البغاء أو التسول أو ارتكاب الجرائم. ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى ما تضمنه محضر تحريات ضابط مكتب حماية الأحداث من أن الطاعن يستغل الأحداث فى ترويج المخدرات وأقرت النيابة العامة على جدية هذه التحريات وكفايتها لاصدار الإذن بالقبض والتفتيش، فإن ما تنهي إليه الحكم من رفض الدفع بعدم ولاية الضابط بإجراء الضبط والتفتيش يتفق وصحيح القانون.
2 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن من إطلاقات محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة الشهود فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وأن تعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم طالما لم تستند إليها في قضائها, وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها.
3 - إن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعى التى لا تستوجب من المحكمة ردا صريحا، ويكفى للرد عليه أن المحكمة قد بينت أدلة الثبوت التى عولت عليها فى الحكم بالإدانة، إذ الأخذ بتلك الأدلة يفيد ضمنا إطراح ذلك الدفاع، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى العناصر التى استنبطت منها المحكمة معتقدها مما ينأى عن رقابة محكمة النقض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 16 مايو سنة 1969 بناحية قسم الساحل محافظة القاهرة: أحرز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا (حشيشا) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام. فقرر ذلك فى 9 مارس سنة 1971. ومحكمة جنايات القاهرة قضت فى الدعوى حضوريا بتاريخ 4 مايو سنة 1972 عملا بالمواد 1 و2 و37 و38 و42 من القانون رقم 182 سنة 1960 والبند 12 من الجدول الأول المرفق به، بمعاقبة المتهم بالسجن ثلاث سنوات وبتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.
المحكمة
حيث أن ما ينعاه الطاعن على الحكم فيه أنه دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والاخلال بحق الدفاع والخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية إذ جاء بها أن الطاعن يستغل أولاده الأحداث فى ترويج المخدرات مع أنه ثبت من بطاقته العائلية وشهادتى ميلاد طفليه المقدمة بجلسة المحاكمة أن أحدهما ولد قبل واقعة الضبط بأربعة شهور وأن الثانى ولد بعدها إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع بما لا يسوغه ولا يتفق مع هذا الذى ثبت، هذا فضلا عن أن الضابط الذى أجرى التحريات وتولى ضبط الواقعة غير مختص بضبط قضايا المخدرات لأنه يعمل بمكتب حماية الأحداث، كما أن الطاعن دفع بأنه على الرغم من أن الاذن بالتفتيش كان عن شخص الطاعن ومقهاه ومسكنه إلا أن القبض عليه كان بمعرفة رجلى الشرطة السريين اللذين اصطحباه إلى ضابط الشرطة وأشهد شهود نفى أيدوه فى ذلك وفى أن تفتيشا لم يتم بمقهاه ومسكنه وأن تفتيش شخصه لم يسفر عن العثور على شئ غير أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع إيرادا له وردا عليه، وأيضا أثار الطاعن فى دفاعه أنه سبق أن تقدم بشكوى فى تاريخ معاصر لتاريخ الضبط ضد ضابط معين من ضباط الشرطة ترتب على التحقيق معه فى شأنها أن هدد الطاعن بتلفيق تهمة ضده ولما كان الضابط الذى قام بضبط الواقعة يمت بصلة المصاهرة للضابط المشكو فقد لفق له هذه التهمة انتقاما لصهره، هذا وقد أثار الطاعن أن الجاكته المزعوم تلوث جيبها بماء الحشيش ليست خاصة به وأن الضابط هو الذى قام بتلويثها، بيد أن الحكم أطرح هذا الدفاع بأسباب غير سائغة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال الضابط الذى أجرى التحريات وقام بضبط الواقعة ومن تقرير التحليل. وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان التفتيش وأطرحه فى قوله "وحيث أنه عن الدفع ببطلان الإذن لعدم جدية التحريات تأسيسا على القول بأن المتهم يستغل أبناءه الأحداث فى نشاطه واتضح عدم صحة ذلك، مردود بما هو ثابت من محضر تحريات الضابط من أن المتهم (الطاعن) يزاول نشاطه فى تجارة المواد المخدرة مستغلا فى ذلك بعض الأحداث، ولم ترد كلمة "أبناءه الأحداث" إلا فى التحقيقات وهو لم يقصد هذا اللفظ لذاته...", ولما كان يبين من الإطلاع على المفردات المضمومة أن محضر التحريات الذى حرره ضابط مباحث الأحداث تضمن أن الطاعن يستغل بعض الأحداث فى مزاولة نشاطه فى الاتجار فى المخدرات بحملها ونقلها وبمثل ذلك أشير فى صدر محضر ضبط الواقعة وجاءت أقوال الضابط بالتحقيقات فى بادئ الأمر متفقة مع ما سلف ثم فى قول لاحق له وردت عبارة "مستغلا فى ذلك أبناءه الأحداث، ومن ثم فإن ما استخلصه الحكم من أقوال الضابط – شاهد الإثبات فى الواقعة – فى هذا الصدد يكون سائغا، ذلك لأن العبارة الأخيرة التى جاءت على لسانه فى هذا الشأن لا يؤخذ مدلولها على استقلال عما يسبقها – سواء ما أثبت فى محضرى التحريات وضبط الواقعة أو ما ورد بأقواله ذاتها بالتحقيقات – وإنما يتعين أن يفهم مرمى تلك العبارة على ضوء مساق ما كان ورودها تاليا له، وإذ ما كان المستفاد بما لا يحتمل أى تأويل أن ما قصد إليه الضابط هو أن الطاعن يستغل الأحداث بصفة عامة دون تحديد ودون حصر هذا الأمر فى نطاق أبنائه بالتخصيص فيكون مدلول العبارة المشار إليها هو المدلول العام لها. ولما كان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل التى يوكل الأمر فيه إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها فى هذا الشأن – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة – فلا معقب عليها فيما ارتآته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ويكون النعى على الحكم فى هذا الصدد على غير سند. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم من رفض الدفع بعدم ولاية الضابط بإجراء الضبط والتفتيش يتفق وصحيح القانون، ذلك بأن المادة الثالثة والعشرين من قانون الاجراءات الجنائية نصت على أنه "يكون من مأمورى الضبط القضائى فى دوائر اختصاصهم....،...،....، مفتشو وضباط شعب البحث الجنائى بمديريات الأمن.... " وإذ صدر قرار وزير الداخلية رقم 20 لسنة 1962 بإنشاء مكاتب فرعية لحماية الأحداث وتحديد اختصاصاتها نص فى المادة الأولى منه على أن "ينشأ بمديرية أمن القاهرة مكتب لحماية الأحداث يتبع شعبة البحث الجنائى" وحدد القرار اختصاص هذه المكاتب فى المادة الثالثة منه فجرى نصها بأن "تختص مكاتب حماية الأحداث بما يأتى (1) ضبط ما يرتكبه الأحداث من جرائم (2)...... (3) مكافحة استغلال الأحداث إستغلالا غير مشروع أو تحريضهم على البغاء أو التسول أو إرتكاب الجرائم واتخاذ التدابير الكفيلة بوقايتهم من ذلك (4)......." وواضح من هذه النصوص أن ضباط مكاتب حماية الأحداث هم – بحسب الأصل – من مأمورى الضبط القضائى بوصف كونهم من ضباط المباحث الجنائية وينبسط اختصاصهم طبقا لما نص عليه فى المادة الثالثة من قرار وزير الداخلية المذكور على ما يرتكبه الأحداث من جرائم ويمتد إلى من عداهم من غير الأحداث حماية لهؤلاء ومكافحة لاستغلالهم استغلالا غير مشروع أيا كان نوع هذا الاستغلال أو طريقه، وقد أشارت المادة إلى جرائم رآها الشارع على درجة من الخطورة استوجبت النص عليها بذواتها فذكر تحريض الأحداث على البغاء أو التسول أو ارتكاب الجرائم، وناط بمكاتب حماية الأحداث اتخاذ التدابير التى تراها كفيلة لحمايتهم من هذا الاستغلال أو التحريض ومكافحته، ومن ثم كان لضباط هذه المكاتب فى سبيل تنفيذ ما نيط بهم ضبط الجرائم التى تصل بهم تحرياتهم إن فيها إستغلالا للأحداث غير مشروع أو تحريضا لهم على البغاء أو التسول أو إرتكاب الجرائم. ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى ما تضمنه محضر تحريات ضابط مكتب حماية الأحداث من أن الطاعن يستغل الأحداث فى ترويج المخدرات وأقرت النيابة العامة على جدية هذه التحريات وكفايتها لإصدار هذا الإذن بالقبض والتفتيش، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن من إطلاقات محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة الشهود، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وأن تعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم طالما لم تستند إليها فى قضائها، وفى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التى أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها، وكان الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعى التى لا تستوجب من المحكمة ردا صريحا ويكفى للرد عليه أن المحكمة قد بينت أدلة الثبوت التى عولت عليها فى الحكم بالإدانة، إذ الأخذ بتلك الأدلة يفيد ضمنا إطراح ذلك الدفاع، فإن ما يثيره الطاعن فى باقى أوجه طعنه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى العناصر التى استنبطت منها المحكمة معتقدها مما ينأى عن رقابة محكمة النقض، ويكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ساحة النقاش