صورة واقعة يتوافر بها حالة تلبس بجريمة سرقة تيار كهربائي.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة التاسعة - صـ 1006
جلسة أول ديسمبر سنة 1958
برئاسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: مصطفى كامل، وفهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان المستشارين.
(244)
الطعن رقم 1237 لسنة 28 القضائية
(أ) استدلال. سلطة مأموري الضبط في حالات التلبس بالجريمة. تلبس. ماهيته. التلبس الحقيقي. م. 3/ 1 أ. ج.
صورة واقعة يتوافر بها حالة تلبس بجريمة سرقة تيار كهربائي. حق مأمور الضبط القضائي في تفتيش مسكن المتهم في هذه الحالة بغير استئذان النيابة. م 47 أ. ج.
(ب) استدلال. تفتيش المنازل بمعرفة مأموري الضبط. قواعد تنفيذ التفتيش بواسطتهم بطلان. ما لا يعتبر سبباً لبطلان العمل الإجرائي. مخالفة الأشكال غير الجوهرية.
مثال في مخالفة ما نصت عليه المادة 51 أ. ج.
1- التلبس حالة تلازم ذات الجريمة لا شخص مرتكبها. فإذا كان الثابت من الحكم أنه لوحظ وجود شبكة كهربائية كبيرة تخرج من الشقة التي يقيم بها الطاعن وتخترق الشارع فوق أسلاك الترام وتغذي أماكن مختلفة بشوارع متجاورة شوهد منها نور كهربائي ينبعث من مصابيح كهربائية ولم يكن أصحابها متعاقدين مع إدارة الكهرباء على استيراد النور، وقد قرروا جميعاً أنهم إنما يستمدون التيار من ذلك المنزل فهذه الحالة تلبس بجريمة سرقة التيار الكهربائي المملوك لإدارة الكهرباء تخول لمأمور الضبطية القضائية أن يفتش منزل المتهم بغير إذن من النيابة.
2- إن القانون إذ لم يجعل حضور المتهم شرطاً جوهرياً لصحة التفتيش فإنه لا يقدح في صحة هذا الإجراء أن يكون التفتيش قد حصل في غيبة الطاعن.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه مع آخرين: سرقوا التيار الكهربائي لإدارة الكهرباء والغاز بمدينة القاهرة، وطلبت عقابه بالمادة 317/ 5 من قانون العقوبات. ومحكمة السيدة الجزئية سمعت الدعوى قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام سالفة الذكر بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل والنفاذ. فاستأنف هذا الحكم مطالباً إلغاءه وبراءته مما هو منسوب إليه، كما استأنفته النيابة طالبة التشديد. ومحكمة القاهرة الابتدائية، قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض....... الخ.
المحكمة
... وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن - هو أن الحكم المطعون فيه شابه البطلان. وفي بيان ذلك يقول الطاعن - إن الحكم صدر من محكمة الدرجة الأولى بتاريخ 16/ 2/ 1957 ولم يوقع عليه القاضي الذي أصدره إلا بعد مضي ثلاثين يوماً من صدوره كدلالة تأشيرة رئيس القلم الجنائي بالنيابة الجزئية على أوراق القضية بأنها وردت من لدن القاضي بعد تحرير الأسباب في 20/ 3/ 1957، فدفع بذلك أمام محكمة ثاني درجة، ولكنها أغفلت الرد على الدفع وقضت بالتأييد، وبذلك تكون قد قضت بتأييد حكم باطل فينسحب البطلان إلى الحكم المطعون فيه.
وحيث إن عدم إيداع الحكم موقعاً عليه في خلال 30 يوماً التالية لصدوره لا يصح إثباته -على ما جرى عليه قضاء محكمة النقض - إلا عن طريق الحصول على شهادة من قلم الكتاب دالة على عدم وجود الحكم مختوماً في قلم الكتاب بعد انقضاء هذه المدة - وهي وحدها الدليل القانوني على عدم الإيداع، فلا يجدي في نفي حصول التوقيع على ميعاد التأشير على هامش الحكم بإيداعه ملف الدعوى في تاريخ لاحق على ميعاد الثلاثين يوماً التالية بصدوره طالما أن هذه التأشيرة لم تعد لإثبات ذلك - لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يقدم تلك الشهادة فإن ما يثيره من بطلان الحكم لهذا السبب لا يكون مقبولاً.
وحيث إن مبنى ثاني وجوه الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب. ذلك أن الطاعن دفع ببطلان التفتيش لحصوله في غيبة المتهم أو من ينوب عنه، ولأن من قام به لم يكن مأذوناً له به من السلطة المختصة بإصداره، ولم تكن الجريمة في حالة تلبس تبيح هذا الإجراء، وليس في مجرد رؤية أسلاك خارجة من منور منزل الطاعن ما يعتبر معه الجريمة في حالة التلبس ولكن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع لأسباب لا تبرره. هذا وقد أقام الحكم قضاءه بإدانة الطاعن على حيازة للعداد، وعلى أقوال الشاهدة خديجة أحمد، في حين أن الثابت من الأوراق أن السداد مقيد باسم شخص آخر وكان موجوداً بالشقة التي استأجرها الطاعن قبل سكناه بأكثر من سنة، وقد عدلت الشاهدة من اتهام الطاعن أمام المحكمة مما يهدر الأدلة التي اعتمد عليها الحكم في الإدانة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه يبين من الاطلاع على المحضر المؤرخ 23/ 4/ 1956 المحرر بمعرفة الملازم فؤاد الكاشف رئيس نقطة إدارة الكهرباء والغاز أن قسم السيدة أرسل إلى الإدارة إشارة لفحص شبكة أسلاك كهربائية بالمنزل رقم 4 شارع جلال المتفرع من شارع الخليج المصري لاشتباه في حالة سرقة التيار الكهربائي، فانتقل صحبة رئيس المندوبين الفنيين بإدارة الكهرباء، بالمعاينة من الخارج ثبت وجود شبكة كبيرة من أسلاك كهربائية تخرج من منور المنزل رقم 4 شارع جلال وتخترق شارع الخليج المصري فوق أسلاك الترام تغذي بعض المنازل بشارع عزب والخليج المصري مقام الماوردي وحارة الحصري، وأنه بفحص منازل المنتفعين تبين عدم وجود توكيلات مصلحية من الإدارة في هذه المنازل، في حين أنها مضاءة بالتيار الكهربائي عن طريق الشبكة السلكية الواصلة إليهم، وأنه بسؤالهم شفوياً عن مصدر هذا التيار قرروا أنهمن المنزل رقم 4 شارع جلال، فدخل شقة المتهم (الطاعن) حيث تخرج منها الأسلاك ويوجد بها العداد الوحيد بالمنزل رقم 4 شارع جلال، وأجرى التجاري التي أسفرت عن ثبوت سرقة التيار الكهربائي" ثم عرض الحكم الدفع وفنده في قوله "إنه تبين مما تقدم أن الجريمة في حالة تلبس مما يباح له (أي لضابط البوليس) التفتيش دون حاجة إلى حصول إذن من النيابة عملاً بالمادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية - وبما أن التفتيش حصل أيضاً عن أحد رجال الضبطية بحضور رئيس المندوبين الفنيين بالمصلحة، فإنه يعد صحيحاً في حكم المادة (51) من قانون الإجراءات، ذلك بأن المباشر للتفتيش فلم يجد المتهم ولم تحتم المادة المذكورة وجوده أو من ينوب عنه، أما عن حضور شاهدين، فإنه لا يترتب على إغفال هذا الإجراء البطلان وعلى أي حال، فأن العقود التي تحررها مصلحة الكهرباء مع المنتفعين بالعدادات تنص على أحقية رجال المصلحة في الدخول للتفتيش في "أي وقت" بل ودون استئذان عند حصول أي مخالفة. أخيراً فإن المتهم لا مصلحة له في إثبات هذا الدفع بعد أن اعترف أمام النيابة وأمام محكمة أول درجة وأمام محكمة الاستئناف ومن مذكرات الدفاع بأن العداد الذي أجرى فحصه موجود في حيازته، ومن ثم يكون الدفع ببطلان على غير أساس ويتعين رفضه" و ما قاله الحكم من ذلك صحيح في القانون فالتلبس حالة تلازم ذات الجريمة لا شخص مرتكبها، وما دام أن الثابت من الحكم أنه لوحظ وجود شبكة كهربائية كبيرة تخرج من الشقة التي يقيم بها الطاعن، وتخترق شارع الحليج المصري فوق أسلاك الترام وتغذي أماكن مختلفة بشوارع متجاورة وشوهد منها نور كهربائي ينبعث من مصابيح كهربائية ولم يكن أصحابها متعاقدين مع إدارة الكهرباء على استيراد النور وقد قرروا جميعاً أنهم إنما يستمدون التيار من ذلك المنزل فهذه الحالة تلبس بجريمة سرقة التيار الكهربائي المملوك لإدارة الكهرباء تخول لمأمور الضبطية القضائية أن يفتش منزل المتهم بغير إذن من النيابة. ويكون الاستشهاد في الدعوى بما أسفر عنه التفتيش كدليل على الطاعن صحيحاً في القانون، ولا يقدح في صحة هذا الإجراء أن يكون التفتيش قد حصل في غيبة الطاعن إذ لم يجعل القانون حضور المتهم شرطاً جوهرياً لصحة التفتيش ولما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع - في سبيل تكوين اعتقادها - أن تأخذ بأقوال الشهود في التحقيق الابتدائي وإن خالفت أقوالهم في الجلسة دون أن تكون ملزمة ببيان العلة في ذلك، إذ المرجع في ذلك إلى اطمئنانها إلى ما تأخذ به وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة السرقة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها فإن ما يثيره الطاعن في الوجه الأخير من طعنه على الصورة الواردة به لا يخرج عن كونه معاودة للجدل في واقعة الدعوى وتقدير أدلة الثبوت فيها مما يستقل به قاضي الموضوع دون معقب.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش