إن المادة 8 من قانون تحقيق الجنايات قد نصت - كما جاء في صيغتها العربية - على أن "مشاهدة الجاني متلبساً بالجناية هي رؤيته حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة... إلخ".
الحكم كاملاً
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السادس (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1942 لغاية 29 أكتوبر سنة 1945) - صـ 515
جلسة 16 أكتوبر سنة 1944
برياسة حضرة صاحب العزة منصور إسماعيل بك وكيل المحكمة، وبحضور حضرات: جندي عبد الملك بك وأحمد حسن بك وأحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك المستشارين.
(375)
القضية رقم 1484 سنة 14 القضائية
تلبس. ماهيته. مفاجأة الجاني حال ارتكابه الجريمة. القبض عليه وتفتيشه. جائز لرجال الضبطية القضائية بدون إذن من النيابة. يجوز لأي فرد القبض عليه وتسليمه لأحد رجال الضبطية أو إحضاره أمام النيابة. كشف حالة التلبس عن غير الرؤية بالسمع أو بالشم. جائز. وجوب التحرز في ذلك. عسكري. مرور شخص أمامه يحمل مادة مخدّرة. انبعاث رائحة المخدّر من ناحيته. حالة تلبس. للعسكري أن يقبض عليه ويحضره إلى أحد رجال الضبط. التفتيش الشخصي من توابع القبض ومستلزماته.
(المادة 7 و8 و15 و18 تحقيق والمادة 41 من قانون تحقيق الجنايات الفرنسي)
إن المادة 8 من قانون تحقيق الجنايات قد نصت - كما جاء في صيغتها العربية - على أن "مشاهدة الجاني متلبساً بالجناية هي رؤيته حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة... إلخ". وهذا النص يقابله في النص الفرنسي:
"Il y a flagrant déIit, qunad le fait incriminé se commet ou vient de se commettre … etc"
وترجمة ذلك حرفياً هي: "تكون الجريمة متلبساً بها متى كان الفعل الإجرامي لا يزال يرتكب أو كان قد ارتكب منذ برهة يسيرة". ويلاحظ على النص العربي أنه يتكلم عن مشاهدة الجاني متلبساً بالجريمة في حين أن المقصود هو وجود الجريمة في حالة تلبس. أي إن التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها، لا شخص مرتكبها، كما هو المستفاد من نص المادة 41 من قانون تحقيق الجنايات الفرنسي الذي هو مصدر المادة 8 المذكورة، وكما هو ظاهر من النص الفرنسي لهذه المادة، وهو ما استقر عليه القضاء. والحالة الأولى التي تشير إليها هذه المادة هي التي يفاجأ فيها الجاني حال ارتكاب الجريمة فيؤخذ في إبان الفعل (sur le fait) وهو يقارف إثمه ونار الجريمة مستعرة (dans le chaleur de l’action)، والشارع يعتبر مفاجأة الجاني وهو يرتكب جريمته دليلاً قوياً على إجرامه، ولذلك فقد أباح لمأمور الضبطية القضائية القبض عليه وتفتيشه بدون حاجة إلى إذن من النيابة (المادتان 15 و18 تحقيق). بل لقد أجاز لأي فرد من الأفراد أن يقبض عليه ويحضره أمام أحد أعضاء النيابة العمومية أو يسلمه إلى أحد رجال الضبط (المادة 5). والمفاجأة أغلب ما تكون من طريق الرؤية. وهذا - على ما يظهر - هو ما حدا على استعماله كلمة "رؤية" في النسخة العربية. لكن الرؤية ليست شرطاً في كشف حالة التلبس، بل يكفي أن يكون الضابط أو الشاهد قد حضر ارتكاب الجريمة وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه سواء أكان ذلك من طريق البصر أو السمع أو الشم. على أنه ينبغي أن تتحرّز المحاكم فلا تقرّ القبض أو التفتيش الذي يحصل على اعتبار أن المتهم في حالة تلبس إلا إذا تحققت من أن الذي أجراه قد شهد الجريمة أو أحس بوقوعها بطريقة لا تحتمل الشك.
فإذا كان الثابت بالحكم أن المتهم كان مارّاً أمام عسكري، وأن هذا العسكري أمكنه أن يدرك من الرائحة التي كانت تنبعث مما كان يحمله المتهم أن معه مادة مخدّرة، فإن الواقعة تكون جريمة إحراز مخدّر متلبساً بها، ويكون للعسكري أن يقبض على المتهم ويحضره إلى أحد رجال الضبط بدون حاجة إلى إذن النيابة. وما دام القبض عليه يكون صحيحاً، فإن تفتيشه لضبط المواد المخدّرة يكون صحيحاً أيضاً، لأن تفتيش الشخص من توابع القبض عليه ومستلزماته.
ساحة النقاش