ضابط. شم رائحة مخدر منبعثة من فم المتهم على إثر رؤيته إياه يبتلع مادة لم يتبينها. غسيل معدته. إجراء صحيح على أساس التلبس. القبض على المتهم قبل شم فيه. لا تأثير له. الشم في حد ذاته لا مساس فيه بالحرية الشخصية.

الحكم كاملاً

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السابع (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1945 لغاية 13 يونيه سنة 1949) - صـ 229

جلسة 11 من نوفمبر سنة 1946

برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: أحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك ومحمد توفيق إبراهيم بك ومحمد صادق فهمي بك المستشارين.

(231)
القضية رقم 1913 سنة 16 القضائية

تلبس. ضابط. شم رائحة مخدر منبعثة من فم المتهم على إثر رؤيته إياه يبتلع مادة لم يتبينها. غسيل معدته. إجراء صحيح على أساس التلبس. القبض على المتهم قبل شم فيه. لا تأثير له. الشم في حد ذاته لا مساس فيه بالحرية الشخصية.
متى كان غسيل معدة المتهم والحصول منه على أثر المخدر لم يحصل إلا بعد أن شمَّ الضابط رائحة المخدر تنبعث من فمه على إثر رؤيته إياه يبتلع مادة لم يتبينها، فإن هذا الإجراء يكون صحيحاً على أساس قيام حالة التلبس. ولا يؤثر في ذلك أن يكون القبض على المتهم حصل قبل شم فيه ما دام الدليل المستمد من شم الفم مستقلاً عن القبض، وما دام الشم في حد ذاته لا مساس فيه بالحرية الشخصية.

المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن المقدم من هذا الطاعن هو أن الدليل الذي بنيت عليه إدانته مستمد من تفتيش باطل فما كان يصح الأخذ به، وفي بيان ذلك يقول إن القبض عليه لم يكن - كما استظهره الحكم - لاشتباه الضابط في أنه يحرز مخدراً أو لاعتقاده أنه ابتلع مادة مخدرة أو لشمِّه رائحة الأفيون في فمه، وإنما كان في الواقع لأنه ظنَّ أن الطاعن أبلغ المتهم الآخر المراد تفتيش داره بحضور رجال البوليس لهذا الغرض، وذلك لا يبيح بحال القبض عليه وتفتيشه. ولا صحة لما ذهب إليه الحكم من أن الأمر الصادر من النيابة بتفتيش منزل المتهم الآخر ومن يوجد به ينسحب على الطاعن الذي كان - كما أثبته الحكم - في الشارع ولم يكن في المنزل. وهذا فضلاً عن أن ما تلا القبض من إرسال الطاعن إلى المستشفى وإجراء عملية غسيل معدته لتحليل محتوياتها لم يكن يسوغ إجراؤه إلا بترخيص من النيابة لمساسه بالحرية الشخصية، فهو إذن إجراء باطل ولا يصح اعتبار ما أسفر عنه دليلاً صحيحاً.
وحيث إن الحكم عرض للدفاع المشار إليه ورد عليه فقال: "إنه واضح مما سبق ومما استظهره الحكم المستأنف في أسبابه أن رئيس المباحث الشاهد قرر أنه رأى المتهم الثاني "الطاعن" يبتلع شيئاً ظنَّه مخدراً ثم شمَّ رائحة فمه بعد ذلك فوجد رائحة الأفيون تتصاعد منه، فألقى القبض عليه ثم أرسله للمستشفى حيث أجرى له غسيل معدته، ومن حيث إنه فضلاً عن أن إذْن تفتيش النيابة وهو يقضي بتفتيش مسكن المتهم الأول ومن يوجد به وقت التفتيش ينسحب على المتهم الثاني لأنه وجد متصلاً بمسكن المتهم الأول اتصالاً وثيقاً ومرتبطاً بالجريمة التي صدر الإذْن من أجلها ارتباطاً يجعله داخلاً في حدود الإذْن بداهة - فضلاً عن ذلك فإن رؤية المتهم الثاني على مقربة من المكان الذي أعدَّه المتهم الأول لبيع المخدرات لمتعاطيها كما جاء في تحريات رئيس المباحث، ثم مشاهدة المتهم الثاني لأفراد القوة وهي قادمة وإبلاغه أمرها للمتهم الأول كما قرر الشاهد المذكور، ثم إقدام المتهم الثاني على ابتلاع شيء، ثم شمَّ رئيس المباحث فم ذلك المتهم وشعوره بانبعاث رائحة الأفيون منه - كل هذه مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع جريمة من المتهم الثاني، وهي تكفي لاعتبار قيام حالة التلبس لدى ذلك المتهم تبيح القبض عليه ثم تفتيشه بطريق غسيل معدته والحصول على بوله. ورئيس المباحث لم يخطئ في إجراء القبض على المتهم وتفتيشه لأن ظروف الحادث وملابساته بالنسبة له جعلته يعتقد بحق أن المتهم أحرز مخدراً بابتلاعه إياه".
وحيث إنه لما كان غسيل معدة الطاعن والحصول منه على أثر المخدر لم يحصل - كما جاء بالحكم - إلا بعد أن شمَّ الضابط المخدر يتصاعد من فمه على إثر رؤيته يبتلع مادة لم يتبينها، وكان شم المخدر على هذه الصورة يعتبر تلبساً بجريمة الإحراز، فإن غسيل المعدة بعد ذلك يكون إجراءً صحيحاً على أساس التلبس بالجريمة. ولا يؤثر في ذلك القبض على الطاعن قبل شم فيه ما دام الدليل المستمد من شم الفم مستقلاً عن القبض، وما دام إجراء الشم في حد ذاته لا مساس فيه بحرية الطاعن.