وجود مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع جريمة كفايتها في توفر حالة التلبس.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة التاسعة - صـ 634
جلسة 9 من يونيه سنة 1958
برئاسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار, وبحضور السادة: مصطفى كامل, ومحمود محمد مجاهد, وأحمد زكي كامل, ومحمد عطية إسماعيل المستشارين.
(161)
طعن رقم 568 سنة 28 ق
(أ) تلبس. أثره. صورة واقعة يتوافر فيها التلبس.
(ب) تلبس. وجود مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع جريمة. كفايتها في توفر حالة التلبس. لا يلزم أن يشاهد رجل البوليس المادة المخدرة.
(ج) حكم تسبيب كاف. مواد مخدرة. القصد الجنائي تحدث الحكم عن ركن العلم بحقيقة المادة المخدرة. غير لازم ما دامت ظروف الدعوى لا تسيغ القول بانتفائه.
1- توافر حالة التلبس تبيح لغير رجال الضبط القضائي التحفظ على المتهم فإذا كان المستفاد مما أثبته الحكم أن المتهم تخلى طواعية واختياراً عن كيس ولفافة ثم حاول الهرب ولما التقطها المخبر وتبين كنه محتوياتها تبعه حتى تمكن من ضبطه واقتاده إلى مركز البوليس فإن ما قام به من ذلك يكون مطابقاً للقانون.
2- يكفي للقول بقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ولا يشترط في التلبس بإحراز المخدر أن يكون من شهد هذه المظاهر قد تبين ماهية المادة التي يحرزها المتهم.
3- يتحقق القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر بعلم الجاني بأن ما يحرزه هو من المواد المخدرة الممنوع إحرازها قانونا, وإذا كان ما أورده الحكم من أن المتهم ألقى بما معه عندما وقع بصره على رجل البوليس ثم محاولته الهرب كافياً في الدلالة على أن المتهم كان يعلم بأن ما يحرزه مخدراً فلا تكون المحكمة ملزمة بعد ذلك بالتحدث استقلالاً عن ركن العلم بحقيقة المادة المضبوطة ما دامت ظروف الدعوى لا تسيغ القول بانتفائه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز جواهر مخدرة (حشيشاً وأفيوناً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته على محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و33/ 1 - جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول "أ" المرافق. فأجابتها إلى طلبها. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و33/ 1 - جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين 1 و12 من الجدول رقم "أ" المرفق له بمعاقبة محمود محمد رمضان بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه 3000 ج وبمصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.
المحكمة
... وحيث إن الطاعن يعيب على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وقصور البيان, ذلك أنه قضى بإدانته على الرغم من أنه دفع ببطلان القبض الذي تم بمعرفة المخبر على أساسا أنه (أي الطاعن) لم يكن في حالة تلبس بالجريمة لأن مؤدي أقوال المخبر أنه عثر على المخدر ملقى على الأرض, وقد أمسك بالطاعن قبل أن يتبين ماهية المادة الملقاة كما أنه لا يمكن القول بصحة القبض استناداً إلى نص المادة 34 من قانون الإجراءات لعدم توافر شروطها على واقعة الدعوي. هذا فضلا عن أن الحكم لم يعرض لدفاع الطاعن الخاص بانعدام ركني الحيازة والقصد الجنائي إذ الثابت أن المادة المخدرة وجدت في الطريق العام وكان مزدحماً بالمارة فضلا عن تناقض أقوال المخبر في تقدير المسافة بينه وبين الطاعن عند ما شاهده وهو يلقي المخدر, كما أن جندي البوليس (عبد السلام حسن) شهد بأنه رأى شخصا آخر غير الطاعن يجري من مكان الحادث عند الضبط.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إنه حوالي الساعة الرابعة مساء يوم 30 من مايو سنة 1953 كان البوليس الملكي محمد ربيع العرابي عائداً من مروره على شركات البترول إلى بندر منيا القمح متخذاً طريق المعاهدة فرآه المتهم محمود محمد رمضان مقبلاً نحوه في هذا الطريق ولما اقترب منه على بعد بضعة أمتار ألقى المتهم ورقة وكيساً من القماش وارتد راجعاً يجري محاولا الهرب في تنفس الطريق مما استرعى انتباه رجل البوليس المذكور فبادر بالتقاط الكيس الذي ألقاه المتهم فوجده من قماش أبيض مربوطاً من نهايته وفيه جانب من مادة تشبه الحشيش كما التقط ورقة من السلوفان بها مادة تشبه الأفيون, فلما تبين كنه هاتين المادتين وقد انبعثت رائحتهما, راح يتعقب المتهم مستغيثاً بالعسكري عبد السلام حسن خميس الذي كان يتولى حراسة منشأة الشركة التعاونية للبترول فتبعه هذا ليعاونه على ضبط المتهم الذي هم باجتياز مجرى ماء في الجاني الغربي من الطريق ليفلت من الضبط ولكن البوليس الملكي أدركه عند حافة المجرى وتمكن من ضبطه" واستدل الحكم على ثبوت التهمة في حق الطاعن بما شهد به المخبر محمد ربيع العربي وجندي البوليس عبد السلام حسن خميس وبما ورد بتقرير التحليل من أن المادة المضبوطة أفيون وحشيش وبما دلت عليه معاينة مكان الحاث. وعرض الحكم إلى الدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بقوله "إن هذا الدفع مردود بأن الثابت من أقوال المخبر محمد ربيع العربي والتي لم يجرحها المتهم أنه رآه مقبلاً نحوه فلما اقترب منه وأبصره ألقى بالكيس واللفافة المضبوطتين وعاد أدراجه فأسرع المحبر والتقط الكيس واللفافة وتبين كنه ما بها وكانت رائحة الحشيش والأفيون تنبعث منهما فتعقب المتهم حتى لحق به وضبطه واقتاده إلى المركز. ولما كان ذلك فإن جريمة إحراز المخدر يكون متلبساً بها مما يبيح لكل من شهد الجريمة القبض على المتهم وتسليمه لأقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي" لما كان ذلك وكان الحكم قد حصل الواقعة بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها, وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها. وكان الثابت أن ما أورده الحكم من شهادة المخبر محمد ربيع العرابي تتوافر به حالة التلبس التي تبيح لغير رجال الضبط القضائي التحفظ على المتهم فإذا كان المستفاد مما أثبته الحكم من هذه الشهادة أن الطاعن تخلى طواعية واختياراً عن كيس ولفافة ثم حاول الهرب ولما التقطها المخبر وتبين كنه محتوياتها تبعه حتى تمكن من ضبطه واقتاده إلى مركز البوليس, وكان من جهة أخرى يكفي للقول بقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ولا يشترط في التلبس بإحراز المخدر أن يكون من شهد هذه المظاهر قد تبين ماهية المادة التي شاهدها, لما كان ذلك وكان يبين من مدونات الحكم أن الطاعن كان حائزاً للمخدرات قبل أن يلقيها على الأرض مما يتوافر به الركن المادي لجريمة إحراز المخدرات, وكان القصد الجنائي في هذه الجريمة يتحقق بعلم الجاني بأن ما يحرزه هو من المواد المخدرة الممنوعة قانوناً, وكان ما أورده الحكم من أن الطاعن ألقى بما معه عندما وقع بصره على رجل البوليس ثم محاولته الهرب كافيا في الدلالة على أن الطاعن كان يعلم بأن ما يحرزه مخدراً, وليست المحكمة ملزمة بعد ذلك بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن ما دامت ظروف الدعوى لا تسيغ القول بانتفائه, لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن لا يكون مقبولاً.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش