التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها ثبوت أن جريمة الإخفاء لم تكن في إحدى حالات التلبس ذلك مما لا يجوز فيه التفتيش بغير إذن ولو كانت جريمة السرقة متلبساً بها.
الحكم كاملاً
أحكام النقض – المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 14 - صـ 43
جلسة 29 من يناير سنة 1963
برياسة السيد المستشار أحمد عفيفي. وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمي خاطر، وعبد الحليم البيطاش، ومختار رضوان، ومحمد صبري.
(10)
الطعن رقم 2023 لسنة 32 قضائية
إخفاء أشياء مسروقة. سرقة. تلبس. تفتيش. دفاع. حكم " تسبيب معيب".
( أ ) إخفاء الأشياء المسروقة. لا يعتبر اشتراكاً في السرقة ولا مساهمة فيها. هما جريمتان مستقلتان.
(ب) التلبس. حالة تلازم الجريمة ذاتها. ثبوت أن جريمة الإخفاء لم تكن في إحدى حالات التلبس. ذلك مما لا يجوز فيه التفتيش بغير إذن، ولو كانت جريمة السرقة متلبساً بها. المادتان 30 و47 إجراءات.
(ج) دخول المنازل برضاء أصحابها وبغير إذن من النيابة. شرطه: أن يكون الرضاء صريحاً، حراً، حاصلا قبل الدخول، وبعد إلمامهم بظروف التفتيش وبعدم وجود مسوغ يخول من يطلبه سلطة إجرائه.
الدفع بأن المتهم اكره بالضرب على الرضاء بالتفتيش مما ترك به آثاراً أثبتها التقرير الطبي واجب المحكمة أن تطلع على التقرير لتحيط به وبالدليل المستمد منه. الالتفات عنه ورفض هذا الدفاع لعدم وجود إصابات ظاهرة بالمتهم. ذلك قصور يستوجب نقض الحكم.
1- لا يعتبر إخفاء الأشياء المسروقة اشتراكاً في السرقة ولا مساهمة فيها، وإنما يعتبره القانون جريمة قائمة بذاتها منفصلة عن السرقة، ومن ثم فهما جريمتان مستقلتان بأركانهما وطبيعتهما.
2- حالة التلبس تلازم الجريمة ذاتها، ولما كان الثابت أن جريمة إخفاء الأشياء المسروقة المسندة إلى الطاعن لم تكن في إحدى حالات التلبس المنصوص عليها على سبيل الحصر في المادة 30 إجراءات والتي تجيز لمأمور الضبط القضائي تفتيش منزل المتهم بدون إذن من النيابة في الحالات المنصوص عليها في المادة 47 من هذا القانون، فإن ما قاله الحكم من قيام حالة التلبس – لأن جريمة السرقة كانت متلبساً بها – لا سند له من القانون.
3 - حرمة المنازل وما أحاطها به الشارع من رعاية تقضى حين يكون دخولها بعد رضاء أصحابها وبغير إذن من النيابة أن يكون هذا الرضاء صريحاً حراً حاصلا منهم قبل الدخول وبعد إلمامهم بظروف التفتيش وبعدم وجود مسوغ يخول من يطلبه سلطة إجرائه، ومتى كان الطاعن قد قرر أمام المحكمة أنه أحيل إلى الكشف الطبي إثر الاعتداء عليه من الضابط الذي أجرى التفتيش، وأنه ثبت من هذا الكشف إصابته باشتباه في كسر بالضلوع، وكأن الحكم لم يتضمن ما يفيد أن المحكمة اطلعت على التقرير الطبي المثبت لنتيجة الكشف على الطاعن أو أنها أحاطت به وبالدليل المستمد منه لتستظهر الصلة بين ما قد وجد من إصابات بالطاعن و بين الاعتداء الذي قرر بوقوعه عليه وبني عليه دفعه بانعدام رضائه بالتفتيش، وبأن توقيعه على الإقرار أخذ منه بطريق الإكراه، فإن الحكم يكون قاصراً بما يتعين معه نقضه والإحالة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 17 من نوفمبر سنة 1957 بدائرة قسم عابدين محافظة القاهرة: أحرز جوهراً مخدراً "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و33/ ح و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول الملحق به. فقررت الغرفة ذلك. وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات القاهرة دفع الحاضر مع المتهم ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما بدون إذن من النيابة العامة. وبجلسة 25 فبراير سنة 1961 قضت المحكمة عملاً بالمواد 1 و2 و37 و 42 من القانون رقم 184 لسنة 1960 والبند 12 الملحق به مع تطبيق المواد 5/ 2 و17 و55 و56 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم "الطاعن" بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وتغريمه خمسمائة جنيه وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة المحكوم بهما عليه لمدة ثلاث سنوات وبمصادرة المادة المخدرة المضبوطة وذلك على اعتبار أن الإحراز كان بقصد التعاطي. وقد ردت على الدفاع ورفضته. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك أن الطاعن دفع ببطلان تفتيش منزله على أساس أنه لم يصدر به إذن من النيابة ولم تكن الجريمة المسندة إليه متلبساً بها، وأن الإقرار المتضمن رضاءه بالتفتيش قد أخذ منه بطريق الحيلة، وأن توقيعه عليه كان وليد إكراه مادي نتيجة الاعتداء عليه بالضرب من الضابط الذي قام بالتفتيش، ولكن الحكم رفض هذا الدفع قولاً منه بأن الجريمة كانت في حالة تلبس وأن رضاءه بالتفتيش كان حراً بعد أن اعترف بأنه لا توجد به إصابات ظاهرة تؤيد وقوع اعتداء عليه. وما قرره الحكم من ذلك لا يصلح رداً على دفعه لأن المحكمة لم تسمع شهوده الذين يؤيدون وقوع هذا الاعتداء عليه ولم تطلع على التقرير الطبي الذي أثبت أنه مصاب باشتباه كسر في الضلوع مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في أن من يدعى على محمد الصائم كان قد اتهم بسرقة مصوغات من مسكن مخدومة بدائرة قسم قصر النيل وأنه اعترف بالسرقة وادعى أنه باع خاتماً ماسياً من المسروقات إلى المتهم الذي يعمل صائغاً ويقيم بقسم عابدين. ثم انتقل معاون مباحث القسم الأول بمصاحبة أحد ضابط مباحث جنوب القاهرة لتفتيش محل الطاعن فلم يعثر فيه على شئ من المسروقات ثم فتش مسكنه بعد أن أخذ عليه إقراراً برضائه بالتفتيش فعثر هو على المخدرات المضبوطة. وقد دفع الطاعن ببطلان التفتيش لحصوله بغير إذن من النيابة ولأن رضاءه به كان مشوباً بالإكراه لاعتداء الضابط الذي قام بالتفتيش عليه بالضرب، ولكن الحكم رفض هذا الدفع قولاً بأنه وإن تم التفتيش بغير إذن من النيابة إلا أنه كان برضاء الطاعن الذي قرر أنه لا توجد به إصابات ظاهرة وأنه وقد كانت جريمة السرقة متلبساً بها فإنه يحق لمأمور الضبط القضائي أن يفتش جميع من لهم اتصال بها.
وحيث إن القانون لا يعتبر إخفاء الأشياء المسروقة اشتراكاً في السرقة ولا مساهمة فيها وإنما يعتبر جريمة قائمة بذاتها منفصلة عن السرقة ومن ثم فهما جريمتان مستقلتان بأركانهما وطبيعتهما. لما كان ذلك، وكانت حالة التلبس تلازم الجريمة ذاتها، وكان الثابت في خصوصية هذه الدعوى حسبماً تكشفت عنه ظروفها أن جريمة إخفاء الأشياء المسروقة المسندة إلى الطاعن لم تكن في إحدى حالات التلبس المنصوص عليها على سبيل الحصر في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية والتي تجيز لمأمور الضبط القضائي تفتيش منزل المتهم بدون إذن من النيابة في الحالات المنصوص عليها في المادة 47 من هذا القانون، فإن ما قاله الحكم من قيام حالة التلبس لا سند له من القانون. لما كان ما تقدم، وكانت حرمة المنازل وما أحاطها به الشارع من رعاية تقضي حين يكون دخولها بعد رضاء أصحابها ويغير إذن من النيابة أن يكون هذا الرضاء صريحاً حراً حاصلاً منهم قبل الدخول وبعد إلمامهم بظروف التفتيش وبعدم وجود مسوغ يخول من يطلبه سلطة إجرائية وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لهذا الوجه من الطعن أن ما قرره الطاعن من أنه أحيل إلى الكشف الطبي إثر الاعتداء عليه من الضابط الذي أجرى التفتيش وأنه ثبت من هذا الكشف أنه مصاب باشتباه في كسر بالضلوع له أصل في الأوراق. وكان الحكم لم يتضمن ما يفيد أن المحكمة أطلعت على التقرير الطبي المثبت لنتيجة الكشف على الطاعن أو أنها أحاطت به وبالدليل المستمد منه لتستظهر الصلة بين ما قد وجد من إصابات بالطاعن وبين الاعتداء الذي قرر بوقوعه عليه وبني عليه دفعه بانعدام رضائه بالتفتيش وبأن توقيعه على الإقرار أخذ منه بطريق الإكراه. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون قاصراً بما يتعين معه نقضه والإحالة دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.
ساحة النقاش