مجرد تخوف الطاعن وخشيته من مداهمة رجال مكتب المخدرات له لا يمحو الأثر القانوني لقيام حالة التلبس بإحراز المخدر بعد إلقائه.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 20 - صـ 428
جلسة 31 من مارس سنة 1969
برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور خلف.
(91)
الطعن رقم 2256 لسنة 38 القضائية
(أ) تحقيق. "تحقيق النيابة". "تحقيق المحكمة".
توزيع الأعمال بين كتاب كل محكمة أو نيابة. تنظيم داخلي ناطه الشارع برئيس كل محكمة أو نيابة كلية في دائرة اختصاصه ومنها المحاكم الجزئية والنيابات الجزئية التابعة لكل منهما.
قيام كاتب نيابة بعمل آخر في ذات دائرة النيابة الكلية. لا بطلان.
(ب، جـ) مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر. ماهيته؟
عدم التزام المحكمة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن.
(د) تلبس. مواد مخدرة.
مجرد تخوف الطاعن وخشيته من مداهمة رجال مكتب المخدرات له. لا يمحو الأثر القانوني لقيام حالة التلبس بإحراز المخدر بعد إلقائه.
1 - مؤدي نص المادة 154 من القانون رقم 43 لسنة 1965 في شأن السلطة القضائية أن توزيع الأعمال بين كتاب كل محكمة أو نيابة لا يعدو أن يكون تنظيماً داخلياً ناطه الشارع برئيس كل محكمة أو نيابة كلية في دائرة اختصاصه ومنها المحاكم الجزئية والنيابات الجزئية التابعة لكل منهما. ولما كانت دائرة نيابة بندر دمياط ودائرة نيابة مركز دمياط - كلتاهما - من النيابات الجزئية التابعة لرئاسة النيابة الكلية بمحكمة دمياط، وكان يصدق في حق كل كاتب من كتبة هاتين النيابتين أنه كاتب بنيابة دمياط، وكان الشارع لم يرتب جزاء البطلان على قيام كاتب النيابة بعمل آخر في ذات دائرة النيابة الكلية، وكان مفاد المادتين 73 و199 من قانون الإجراءات الجنائية هو وجوب استصحاب كاتب من كتاب المحكمة أو النيابة فحسب، مطلقاً بغير تخصيص أو اشتراط ضرورة، فإن التحدي ببطلان التحقيق الذي أجراه وكيل نيابة بندر دمياط بمقولة أنه استصحب كاتب نيابة مركز دمياط دون كاتب نيابة البندر لا يكون له محل.
2 - القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر يتوافر بتحقق الحيازة المادية وعلم الجاني أن ما يحرزه هو من المواد المخدرة الممنوعة قانوناً.
3 - لا تلتزم المحكمة بالتحدث استقلالاً عن ركن القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر متى كان ما أوردته في مدونات حكمها كافياً في الدلالة على أن المتهم كان عالماً بأن ما يحرزه مخدر.
4 - إن مجرد خوف الطاعن وخشيته من مداهمة رجال مكتب المخدرات له، ليس من شأنه أن يمحو الأثر القانوني لقيام حالة التلبس بإحراز المخدر بعد إلقائه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 8/ 9/ 1967 بدائرة بندر دمياط محافظة دمياط: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و34/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 الملحق به، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات دمياط - بعد أن دفع الحاضر مع المتهم ببطلان التحقيق - قضت في الدعوى حضورياً عملاً بالمواد 1 و7 و34/ 1 و36 و42 من قانون المخدرات سالف الذكر والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المادة المخدرة المضبوطة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز مخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال كما أخطأ في تطبيق القانون, ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان التحقيق إذ أجراه وكيل نيابة بندر دمياط واستصحب كاتباً من كتاب محكمة أو نيابة دمياط، في حين أن مفاد المادتين 73 و199 من قانون الإجراءات الجنائية أن يكون كاتب التحقيق من بين كتاب المحكمة المختصة ولا يجوز الاستعانة بغيرهم إلا عند الضرورة، وقد أطرحت المحكمة هذا الدفع استناداً إلى أن المحقق اصطحب معه كاتباً من بين كتاب النيابة المخصصين لأعمال التحقيق دون أن تستظهر المحكمة التي يعمل بها الكاتب من واقع ملف عمله، والحال أنه يعمل كاتباً بنيابة مركز دمياط بعيداً عن دائرة نيابة بندر دمياط، كما شاطرت النيابة الرأي بشأن ما ذهبت إليه من حقها في ندب كاتب للتحقيق من غير كتاب النيابة المختصة دون اشتراط حالة الضرورة مع وجوب توافرها وإثباتها في المحضر لتبرير الندب. هذا إلى أنه دفع ببطلان القبض عليه لعدم قيام حالة التلبس، إذ كان تخليه عن حيازة المخدر وليد إجراء غير مشروع هو مداهمة رجال مكتب المخدرات له وشعوره بأنه واقع تحت القبض، إلا أن المحكمة على الرغم من إثباتها حالة الخوف التي اعترت الطاعن راحت ترتب على هذا التخلي المشوب توافر حالة التلبس ثم أنها أطرحت دفاع الطاعن بشأن جهله كنه المادة التي تخلى عن حيازتها ولم تعرض إلى توافر القصد الجنائي لديه مع أنه ركن في الجريمة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، عرض إلى ما أثاره الطاعن حول بطلان التحقيق وأطرحه بقوله "وأما ما ذهب إليه الدفاع في مسألة الكاتب فإن المادتين 73 و199 إجراءات أوجبتا استصحاب كاتب من كتاب المحكمة أو النيابة يوقع مع المحقق المحاضر ولم تخصص الكاتب باختصاص معين بل يكفي أن يكون من كتاب المحكمة أو النيابة المخصصين للتحقيق والثابت من محضر التحقيق أن السيد المحقق استصحب معه كاتباً من كتاب النيابة مخصصاً لأعمال التحقيق" وما انتهى إليه الحكم من ذلك صحيح، ذلك بأن المادة 154 من القانون رقم 43 لسنة 1965 في شأن السلطة القضائية نصت على أنه "يتولى رئيس كل محكمة توزيع الأعمال على كتابها وتحديد محل كل منهم وتعيين رؤساء الأقلام والكتاب الأول بالمحاكم الجزئية وكذلك نقل الكتاب وندبهم داخل دائرة المحكمة، ويتولى رئيس كل نيابة كلية هذه الأعمال بالنسبة لكتاب النيابات التابعين له" ومؤداها أن توزيع الأعمال بين كتاب كل محكمة أو نيابة لا يعدو أن يكون تنظيماً داخلياً ناطه الشارع برئيس كل محكمة أو نيابة كلية في دائرة اختصاصه ومنها المحاكم الجزئية والنيابات الجزئية التابعة لكل منهما. لما كان ذلك، وكانت دائرة نيابة بندر دمياط ودائرة نيابة مركز دمياط - كلتاهما - من النيابات الجزئية التابعة لرئاسة النيابة الكلية بمحكمة دمياط، وكان يصدق في حق كل كاتب من كتبة هاتين النيابتين أنه كاتب بنيابة دمياط، وكان الشارع لم يرتب جزاء البطلان على قيام كاتب النيابة بعمل آخر في ذات دائرة النيابة الكلية، وكان مفاد المادتين 73، 199 من قانون الإجراءات الجنائية هو وجوب استصحاب كتاب المحكمة أو النيابة فحسب، مطلقاً بغير تخصيص أو اشتراط ضرورة، فإن التحدي ببطلان التحقيق الذي أجراه وكيل نيابة بندر دمياط بمقولة إنه استصحب كاتب نيابة مركز دمياط دون كاتب نيابة البندر لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه عرض إلى الدفع ببطلان القبض ورد عليه بقوله: "ومن حيث إنه عن قول الدفاع ببطلان القبض فهو قول مردود بأن الجريمة كان متلبساً بها وذلك أن المتهم ما أن رأى الضابط وممن معه حتى اعتراه الخوف تلقائياً فأخرج من ملابسه منديلاً ألقاه على الأرض فتناوله الضابط وكشف أن بداخله مادة الحشيش فأمر بإلقاء القبض عليه، وبذلك يكون القبض صحيحاً لا غبار عليه." وما انتهى عليه إليه الحكم فيما تقدم سائغ ويتوافر به حالة التلبس بجريمة إحراز مخدر لوجود مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة، وما دام أن مجرد تخوف الطاعن وخشيته من مداهمة رجال مكتب المخدرات له ليس من شأنه أن يمحو الأثر القانوني لقيام حالة التلبس بإحراز المخدر بعد إلقائه، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. أما ما يثيره الطاعن في أسباب طعنه من أنه لم يكن يعرف كنه المادة التي تخلى عن حيازتها فمردود بما أورده الحكم المطعون فيه بقوله "وأما القول بأن المتهم لم يكن يعرف كنه المادة فيكذبه في ذلك أنه ألقاها على الأرض بمجرد أن رأى البوليس ولو أنه كان جاهلاً كنهها لما لجأ إلى ذلك، وهذا فضلاً عن قوله بالجلسة أن الضابط هو الذي أشار عليه بأن يدعى أن شخصاً يدعى محمود هو الذي حمله هذه المادة" وما رد به الحكم كاف ويسوغ به إطراح دفاع الطاعن. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر يتوافر بتحقق الحيازة المادية وعلم الجاني أن ما يحرزه هو من المواد المخدرة الممنوعة قانوناً، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن متى كان ما أوردته في مدونات حكمها كافياً في الدلالة على أن المتهم كان عالماً بأن ما يحرزه مخدر - كما هو الحال في الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن بصدد ذلك يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون متعين الرفض موضوعاً.
ساحة النقاش