القضاء ببطلان إذن التفتيش الصادر من معاون النيابة تأسيساً على أنه لم يندب لإصداره من رئيسه إلا بعد صدور الإذن منه، بقالة إن الندب دون في نهاية الإذن وهامش الأوراق. ينقضه الثابت بتلك الأوراق من صدور قرار رئيس النيابة بالندب.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 21 - صـ 334
جلسة 2 من مارس سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، ومصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد ماهر محمد حسن.
(83)
الطعن رقم 1830 لسنة 39 القضائية
(أ، ب) تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره". نيابة عامة. مأمورو الضبط القضائي بطلان. "تفتيش". تلبس. إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". مواد مخدرة.
( أ ) القضاء ببطلان إذن التفتيش الصادر من معاون النيابة تأسيساً على أنه لم يندب لإصداره من رئيسه إلا بعد صدور الإذن منه، بقالة إن الندب دون في نهاية الإذن وهامش الأوراق. ينقضه الثابت بتلك الأوراق من صدور قرار رئيس النيابة بالندب في نهاية محضر التحريات، في حين صدر الإذن بالتفتيش استقلالاً على الوجه الآخر من ذلك المحضر.
(ب) الكشف عن الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبيها. مهمة رجل الضبط. ما دام لم يتدخل بفعله في خلقها أو التحريض عليها، وطالما بقيت إرادة الجاني حرة. المادة 21 إجراءات.
إغفال الحكم التعرض للدليل المستمد من حالة التلبس والمستقل عن التفتيش الذي أبطله. قصور.
1 - إذا كان يبين من مراجعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للوجه الأول من الطعن، أن قرار رئيس النيابة بندب الأستاذ........ معاون النيابة لإصدار الإذن بالتفتيش قد صدر منه على هامش محضر التحريات الذي تقدم به الضابط إلى نيابة المخدرات، بينما أن إذن معاون النيابة بالتفتيش قد دون على استقلال على الوجه الآخر من الصحيفة. وإذ كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون وهو بسبيل التدليل على بطلان الإذن الصادر من معاون النيابة بالتفتيش ذكر "أن الإذن صدر من معاون النيابة ولم يندب ذلك المعاون من السيد رئيس النيابة إلا بعد صدور الإذن بدليل أنه مؤشر بذلك الندب في نهاية الإذن وفي هامش الأوراق".. فإنه يكون قد أخطأ في الاستدلال باستناده إلى دليل ينقضه ما هو ثابت بالأوراق.
2 - متى كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الضابط قد انتقل ومعه الشرطي..... إلى المكان الذي عينه المطعون ضده الأول لاستلام المخدر من المطعون ضده الثاني، نفاذاً للاتفاق المعقود بينهما، وقدم الأخير المخدر فعلاً للشرطي المذكور فألقى الضابط - عندئذ - القبض عليه، وعقب ذلك انتقل الضابط ومعه الشرطي السجان إلى السجن وتم تسليم المخدر للمطعون ضده الأول، وكان من مهمة مأمور الضبط بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية، الكشف عن الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبيها، فكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره، ما دام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها، وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة، وكان الحكم حين قضى بقبول الدفع وبطلان التفتيش قد أغفل التعرض لهذا الدليل المستقل عن الإجراءات التي قضى ببطلانها، فإنه يكون مشوباً بالقصور مما يوجب نقضه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما في يوم 29 مارس سنة 1964 بدائرة قسم الأزبكية والمعادي محافظة القاهرة: (أولاً) أحرزوا جوهراً مخدراً (حشيشاً) بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. (ثانياً) عرضاً رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن قدم كل منهما لأحمد لطفي السجان بليمان طره مبلغ خمسين قرشاً على سبيل الرشوة مقابل قيامه على خلاف ما تقضي به لوائح السجون بنقل المواد المخدرة موضوع التهمة الأولى من ثانيهما إلى أولهما بداخل السجن وحمل الرسائل المتبادلة بينهما ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 30 من قانون العقوبات ببراءة كل من المتهمين مما أسند إليهما ومصادرة المخدرات المضبوطة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ
المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المتهمين المطعون ضدهما من تهمتي إحراز المخدر والرشوة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الخطأ في الإسناد، ذلك أنه أقام قضاءه ببطلان القبض والتفتيش على أن معاون النيابة الذي أصدر الإذن بندب الضابط للتفتيش لا يملك إصداره لأن قرار رئيس النيابة بندب معاون النيابة لإصدار الإذن بالتفتيش قد صدر لاحقاً لصدور إذن التفتيش وما استند إليه في ذلك يخالف الثابت بالأوراق. فضلاً عن أن المطعون ضده الثاني لم يضبط إلا بعد أن قدم المخدر ومبلغ الرشوة بمحض إرادته واختياره إلى السجان أحمد لطفي السيد كما أن المطعون ضده الأول قد جرى ضبطه بداخل السجن إثر تسلمه المخدر من السجان تنفيذاً للاتفاق المعقود بينهما، وقد أغفل الحكم التحدث عن هذه الأدلة التي جاءت مستقلة عن إجراءات التفتيش، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله إنها تتحصل فيما قرره النقيب رفعت الجنيدي ضابط مباحث مصلحة السجون من أنه علم من تحرياته السرية أن المتهم الأول أبو سريع شحاته يتجر في المواد المخدرة داخل السجن وقد أبلغه الشرطي أحمد لطفي السيد أن المتهم المذكور طلب منه مقابلة أحد أقاربه وهو المتهم الثاني محمد زناتي محمد الذي سيعطيه كمية من المواد المخدرة لتوصيلها إليه داخل السجن وذلك في مقابل مبلغ من المال وأنه طلب من الشرطي التظاهر بالقبول وقد أخبره الأخير بميعاد مقابلته للمتهم الثاني فكمن ومعه النقيب منير شكري وقاما بالقبض على المتهم الثاني بعد أن كان قد سلم الشرطي كمية من الحشيش ومبلغ خمسين قرشاً كأتعاب له وبتفتيشه للمتهم الثاني عثر بجيب سترته الأيمن على قطعة حشيش وأضاف الشاهد أنه طلب من الشرطي أحمد لطفي السيد تسليم المواد المخدرة إلى المتهم الأول داخل السجن وتمكن ومعه النقيب دراز من القبض على المتهم الأول محرزاً للمخدر المضبوط بعد أن تسلمه من الشرطي أحمد لطفي السيد" وبعد أن أثبت الحكم أن النقيب رفعت الجنيدي ومنير السكري والسجان أحمد لطفي السيد قد شهدوا بمضمون الوقائع السابقة أقام الحكم قضاءه بالبراءة استناداً إلى قبول الدفع ببطلان التفتيش الذي أجراه الضابط بناء على ندبه من معاون نيابة في قوله "وحيث إنه متى كان الإذن صادراً من شخص لا يملكه فإنه يكون باطلاً. كما تبين للمحكمة من اطلاعها على الأوراق أنه صدر من معاون النيابة ولم يندب ذلك المعاون من السيد رئيس النيابة إلا بعد صدور الإذن بدليل أنه مؤشر بذلك الندب في نهاية الإذن وفي هامش الأوراق"... لما كان ذلك، وكان يبين من مراجعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للوجه الأول من الطعن أن قرار رئيس النيابة بندب الأستاذ محمد حسنين معاون النيابة لإصدار الإذن بالتفتيش قد صدر منه على هامش محضر التحريات الذي تقدم به الضابط إلى نيابة المخدرات بينما أن إذن معاون النيابة بالتفتيش قد دون على استقلال على الوجه الآخر من الصحيفة. لما كان ما تقدم، وكان الحكم وهو بسبيل التدليل على بطلان الإذن الصادر من معاون النيابة بالتفتيش قد أخطأ في الاستدلال باستناده إلى دليل ينقضه ما هو ثابت بالأوراق. وفضلاً عن ذلك فإن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الضابط قد انتقل ومعه الشرطي أحمد لطفي السيد إلى المكان الذي عينه المطعون ضده الأول لاستلام المخدر من المطعون ضده الثاني نفاذاً للاتفاق المعقود بينهما وقدم الأخير المخدر فعلاً للشرطي فألقى الضابط - عندئذ القبض عليه - وعقب ذلك انتقل الضابط ومعه الشرطي السجان إلى السجن وتم تسليم المخدر للمطعون ضده الأول. لما كان ذلك، وكان من مهمة مأمور الضبط بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبيها فكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره ما دام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة. لما كان ذلك، وكان الحكم حين قضى بقبول الدفع وبطلان التفتيش قد أغفل التعرض لهذا الدليل المستقل عن الإجراءات التي قضى ببطلانها فإنه يكون مشوباً بالقصور مما يوجب نقضه
ساحة النقاش