عدم بيان ظروف الدعوى التي يقول الحكم أنها حملته على تصديق دفاع المتهم.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 23 - صـ 1137
جلسة 5 من نوفمبر سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين عزام، وحسن الشربيني، ومحمود عطيفة، ومحمد عبد المجيد سلامة.
(257)
الطعن رقم 1159 لسنة 42 القضائية
حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". مواد مخدرة. تلبس.
عدم بيان ظروف الدعوى التي يقول الحكم أنها حملته على تصديق دفاع المتهم. قصور يعجز محكمة النقض عن مراقبة مدى إحاطة محكمة الموضوع بتلك الظروف وتمحيصها لها. لا يكفي في ذلك مجرد ارتيابها في مسلك الضابط باختلافه حالة التلبس. مثال لتسبيب معيب لقضاء بالبراءة في إحراز مواد مخدرة.
إذ كان الحكم المطعون فيه لم يبين ظروف الدعوى التي يقول إنها حملته على تصديق دفاع المتهم فإن ذلك يعد قصوراً في البيان يعجز محكمة النقض عن مراقبة مدى إحاطة محكمة الموضوع بتلك الظروف وتمحيصها لها، ولا يكفي في ذلك مجرد ارتيابها في مسلك الضابط (الشاهد) باختلافه حالة التلبس، ذلك بأن هذا الذي كشفت عنه، على النحو الذي ساقته في مدونات حكمها من قولها: "وحيث إن المحكمة ترى أن ظروف الدعوى ترشح لتصديق هذا الدفاع ولعل الضابط – اقتناعاً منه في قراره نفسه بإحراز المتهم للمخدر – بادر إلى القبض عليه وتفتيشه قبل الحصول على إذن بذلك من النيابة العامة ثم صور الواقعة ومعه الشاهدين الآخرين في صورة التلبس بالجريمة لإسباغ ثوب الشرعية على الإجراءات الباطلة وبالتالي يكون الدفع في محله ويتعين قبوله والقضاء بتبرئة المتهم مما أسند إليه" – لا يرقي هذا إلى درجة اعتباره احتمالاً ترجح لديها مما تستقل بملاك الأمر فيه، بل هو لا يعدو أن يكون ظناً مجرداً عن الترجيح بحيث لا يبقى بعد ذلك من سند لقضائها غير ما قالت به من أن ظروف الدعوى – والتي لم تكشف عن ماهيتها على ما سلف إيراده – ترشح لتصديق دفاع المطعون ضده في خصوص الدفع. ومن ثم يكون الحكم معيباً بما يستوجب نقضه والإحالة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 4/ 11/ 1968 بدائرة قسم الأزبكية محافظة القاهرة: أحرز جوهرين مخدرين (أفيوناً وحشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وذلك بقصد الاتجار وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالوصف والمواد الواردة بقرار الإحالة فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً بتاريخ 27/ 11/ 1971 عملاً بالمادتين 304/ 1 و381 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه وبمصادرة المخدر المضبوط. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه – إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من جريمة إحراز جواهر مخدرة بقصد الاتجار – قد شابه فساد في الاستدلال ذلك بأنه أسس قضاءه بالبراءة على تشكك المحكمة في صحة تصوير شهود الإثبات للواقعة لإلباسها ثوب التلبس بقولهم إن المطعون ضده تعثر أثناء عدوه حاملاً سلة فسقط على الأرض وتناثر ما تحويه السلة من جواهر مخدرة على مرأى منهم، ورجح الحكم دفاع المطعون ضده ببطلان القبض عليه وتفتيشه مصوراً الواقعة على أن ضابط المباحث قبض عليه وفتشه دون إذن من النيابة العامة وفى غير حالات التلبس بالجريمة مع خلو الأوراق مما يرجح تصوير المحكمة للواقعة أخذاً بدفاع المطعون ضده أو بكذب تصوير شهود الإثبات لها مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى حسبما أسندتها النيابة العامة إلى المطعون ضده بقوله"... إن الملازم أول........ الضابط بمباحث إدارة شرطة السكك الحديدية كان يمر على الرصيف رقم (1) بمحطة القاهرة ومعه العريفين...... و....... فرأيا المتهم........ يحمل بيده سلة ويعدو على الرصيف وأثناء عدوه سقط على الأرض وتناثرت محتويات السلة فاتضح أنها تحوى ست طرب من الحشيش زنتها 1150 جراماً ولفافة من الأفيون تزن 317 جراماً وكلها مغطاة بكمية من الذرة الشامي. وقد استندت النيابة في تأييد الاتهام إلى أقوال رجال الشرطة الثلاثة الذين شهدوا بتلك الوقائع". ثم عرض الحكم للدفع المبدي من المدافع عن المطعون ضده ببطلان إجراءات القبض والتفتيش بقوله "إن المتهم أنكر ماعزي إليه ودفع الحاضر معه بجلسة اليوم ببطلان إجراءات القبض والتفتيش تأسيساً على أنهما تما بغير إذن من النيابة العامة وفى غير حالة التلبس ثم صورت الواقعة في صورة التلبس بالجريمة لتصحيح الإجراءات الباطلة" واستند الحكم تبريراً لقضائه بالبراءة إلى ما نصه.. "وحيث إن المحكمة ترى أن ظروف الدعوى ترشح لتصديق هذا الدفاع. ولعل الضابط – اقتناعاً منه في قراره نفسه بإحراز المتهم للمخدر – بادر إلي القبض عليه وتفتيشه قبل الحصول على إذن بذلك من النيابة العامة ثم صور الواقعة ومعه الشاهدان الآخران في صورة التلبس بالجريمة لإسباغ ثوب الشرعية على الإجراءات الباطلة وبالتالي يكون الدفع في محله ويتعين قبوله والقضاء بتبرئة المتهم مما أسند إليه". لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه لم يبين ظروف الدعوى التي يقول إنها حملته على تصديق دفاع المتهم، مما يعد قصوراً في البيان يعجز محكمة النقض عن مراقبة مدى إحاطة محكمة الموضوع بتلك الظروف وتمحيصها لها، ولا يكفي في ذلك مجرد ارتيابها في مسلك الضابط باختلاقه حالة التلبس, وذلك بأن هذا الذي كشفت عنه – على النحو الذي ساقته في مدونات حكمها – لا يرقي إلى درجة اعتباره احتمالاً ترجح لديها مما تستقل بملاك الأمر فيه، بل هو لا يعدو أن يكون ظناً مجرداً عن الترجيح, بحيث لا يبقى بعد ذلك من سند لقضائها غير ما قالت به من أن ظروف الدعوى – والتي لم تكشف عن ماهيتها على ما سلف إيراده – ترشح لتصديق دفاع المطعون ضده في خصوص الدفع، ومن ثم يكون الحكم معيباً بما يستوجب نقضه والإحالة.
ساحة النقاش