إنتقال مأمور الضبط إلى محل الحادث بعد وقوعه بزمن. لا ينفى قيام التلبس. ما دام قد بادر بالانتقال عقب علمه مباشرة وشاهد آثار الجريمة بادية.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 24 - صـ 373
جلسة 25 من مارس سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، وحسن أبو الفتوح الشربينى، ومحمود كامل عطيفه، ومحمد عبد المجيد سلامه.
(80)
الطعن رقم 87 لسنة 43 القضائية
(1) محكمة الموضوع. "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "بوجه عام".
حق محكمة الموضوع فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها.
(2) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات. "شهود".
وزن أقوال الشهود. موضوعى. الأخذ بشهادتهم يفيد إطراح جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(3) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "شهود".
المحكمة لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
(4) حكم. "ما لا يعيب الحكم فى نطاق التدليل". إثبات. "شهود".
تناقض رواية الشهود فى بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ما دام استخلص الحقيقة استخلاصا سائغا لا تناقض فيه وما دام لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها فى تكوين عقيدته.
(5) دفوع. "الدفع بتلفيق التهمة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعى. لا يستوجب ردا صريحا.
(6) إثبات. "بوجه عام". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
بلاغ الحادث أو أقوال المبلغة. لا عبرة بما اشتملا عليه مغايرا لما استند إليه الحكم. العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مستخلصا من التحقيقات.
(7) قتل عمد. جريمة. "أركانها". قصد جنائى.
قصد القتل أمر خفى لا يدرج بالحس الظاهر إنما بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره. استخلاص نية القتل. موضوعى. مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل.
(8) عقوبة. "العقوبة المبررة". نقض. "المصلحة فى الطعن". ترصد. ظروف مشددة. قتل عمد. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصور الحكم فى استظهار ظرف الترصد. لا مصلحة للطاعن فى النعى به ما دامت العقوبة الموقعة تدخل فى الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجردة من أى ظرف مشدد.
(9) تلبس. مأمورو الضبط القضائى.
إنتقال مأمور الضبط إلى محل الحادث بعد وقوعه بزمن. لا ينفى قيام التلبس. ما دام قد بادر بالانتقال عقب علمه مباشرة وشاهد آثار الجريمة بادية.
(10) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل تستقل به محكمة الموضوع. لا تجوز مجادلتها أو مصادرتها عقيدتها فيه أمام النقض.
1 - من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق.
2 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه، وهى متى أخذت بشهادتهم فان ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
3 - لا تلتزم المحكمة بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود، إلا ما تقيم عليه قضاءها.
4 - تناقض الشاهد أو تضاربه أو تناقض رواية الشهود فى بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح فى سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه وما دام أنه لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها فى تكوين عقيدته.
5 - الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب ردا صريحا بل إن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم.
6 - لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة أو بما قررته الشاهدة (المبلغة) للخفير مغايرا لما استند إليه الحكم وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة بما استخلصته بعد التحقيقات.
7 - لما كان قصد القتل أمرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر، وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل بقوله "وحيث إن نية القتل ثابتة قبل المتهمين من قيامهم مجتمعين بالاعتداء على المجنى عليها بعصا غليظة أحدثت القتل وبضربات متعددة من جسمها وكذلك فى رأسها وهى مقتل، إذ حرك فيهم كوامن الحقد والغضب الذى يحملونه بين جوانبهم لقتيلهم الراحل فأقدموا على فعلتهم غير عابئين بنتيجة أعمالهم أو مقدرين لما يترتب عليها من مسئوليات ولم يتركوها إلا قتيلة وهو ما ابتغاه المتهمون ومن اعتراف المتهم الأول تفصيلا فى التحقيقات". وإذ كان ما أورده الحكم من ذلك كافيا وسائغا فى التدليل على ثبوت نية القتل لدى الطاعنين، فإنه لا محل للنعى عليه فى هذا الصدد.
8 - لما كانت العقوبة الموقعة على الطاعنين وهى الأشغال الشقة لمدة خمس عشرة سنة تدخل فى الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجردة عن أى ظروف مشددة، فإنه لا يكون لهما مصلحة فيما أثاراه من قصور الحكم فى استظهار ظرف الترصد.
9 - لا ينفى قيام حالة التلبس كون مأمور الضبط قد انتقل إلى محل الحادث بعد وقوعه بزمن، ما دام أنه قد بادر إلى الانتقال عقب علمه مباشرة، وما دام أنه قد شاهد آثار الجريمة بادية.
10 - الجدل الموضوعى فى تقدير الأدلة هو مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.
الوقائع
إتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم فى يوم 3/ 8/ 1968 بدائرة مركز الشهداء محافظة المنوفية: (أولا) قتلوا...... و....... عمدا ومع سبق الإصرارا والترصد بأن بيتوا النية على قتلهما وصمموا على ذلك واعدوا لهذا الغرض عصيا غليظة وترصدوا لهما فى طريق مرورهما وما أن ظفروا بالمجنى عليه الأول حتى انهالوا عليه ضربا بالعصى على رأسه وباقى أجزاء جسمه قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. وتلت هذه الجناية جناية قتل المجنى عليه الثانى وذلك بأنهم فى زمان معاصر لارتكابهم الجناية الأولى ظفروا به وانهالوا ضربا بالعصى على رأسه ومواضع مختلفة من جسمه قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. (ثانيا) ضربوا...... فأحدثوا بها الإصابات المبينة بالتقرير الطبى والتى أعجزتها عن أشغالها الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوما وكان ذلك مع سبق الإصرار والترصد، وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقا لمواد الإحالة. فقرر ذلك، وادعت...... و...... مدنيا قبل المتهمين متضامنين بمبلغ 251 ج على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات والأتعاب، ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضوريا بتاريخ 21/ 3/ 1971 عملا بالمواد 230/ 1 و231 و232 و234 و242/ 1 و32/ 2 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعيتين بالحق المدنى مبلغ 251 ج على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن الأول وإن كان قد قرر بطعنه فى الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابا له، فإن الطعن المقدم منه يكون غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطاعنين الثانى والثالث ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتى القتل والضرب العمد مع سبق الاصرار والترصد قد شابه فساد فى الاستدلال وقصور وتناقض فى التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع وخطأ فى تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق – ذلك بأن الحكم اعتنق تصويرا للواقعة يقتضى حتما وجود المجنى عليهم الثلاثة فى مكان الواقعة وتلازما زمنيا بين خروجهم من منزلهم المجاور لمنازل الطاعنين ووقوع الاعتداء عليهم دفعة واحدة، وهى صورة يستحيل معها القول بحصول افتراق بينهم عقب خروجهم من المنزل وحدوث القتل على دفعتين، وبذلك يكون الحكم قد تناقض فى الصورة التى ارتسمت فى عقيدة المحكمة، وتساند إلى أقوال الشهود على الرغم من تعدد روايتهم وتناقض أقوالهم مع ما جاء بتقرير الطبيب الشرعى عن وصف ملابس المجنى عليه القتيل، وقد التفت الحكم عن الرد على دفاع الطاعنين بأن الفارق الزمنى بين خروج المجنى عليهما من المنزل وسماع الشاهدة...... للصياح يهدم التصوير الذى قال به الشهود ويؤدى إلى القطع بتلفيق الأقوال والاتهام، وكان رده على ما أثاره الدفاع بشأن ترتيب الوقائع زمانا ومكانا غير سائغ. كما دفع الطاعنان بأن الحادث لا يعدو أن يكون مشاجرة على النحو الوارد ببلاغه وبأقوال...... التى قامت بالابلاغ ولم تر ضاربا بعينه، غير أن الحكم رد على هذا الدفاع بما يخالف الثابت بالأوراق من أن العمدة هو الذى أبلغ الإشارة وهو قريب لعائلة المتهمين، وقد أوقف عن العمل وقت التحقيق فى حين أن الذى تلقى البلاغ من الشاهدة..... هو الخفير...... ولم توجه الشاهدة اتهاما لأحد، وكذلك الحال بالنسبة إلى شهادة شيخ الخفراء هذا إلى أن الحكم جاء قاصرا فى بيان نية القتل وربطت المحكمة تصويرها للحادث بعلم المتهمين بخروج المجنى عليهما صباح يوم الحادث ومرورهما بالطريق الذى وقع فيه الحادث مع أن الأوراق خالية من أى دليل على علم الطاعنين بذلك. فضلا عن خطأ الحكم فى الاستناد إلى العصى المضبوطة والجلباب الملوث بالدماء نتيجة تفتيش دفع الطاعنان ببطلانه. ورد الحكم على هذا الدفع بما لا يسوغ به الرد عليه مبررا سلامة التفتيش – الذى قام به ضابط الشرطة أثناء مباشرة النيابة التحقيق – إلى أن الجريمة كانت فى حالة تلبس، وجاء بواقعة لا أصل لها فى الأوراق وهى واقعة تتبع أهل المجنى عليهما للطاعنين بالصياح مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث انه يبين من الحكم المطعون فيه انه بين واقعة الدعوى بما موجزه أن المجنى عليه....... كان قد أتهم بقتل........ أخ الطاعن الأول وقريب باقى الطاعنين وحكم عليه بالسجن، وعقب خروجه من السجن دبر الطاعنون قتله وابنه....... وتربصوا لهما فى طريقهما المساير لمنازلهم والمألوف سلوكه لذهاب المجنى عليه....... إلى مركز الشرطة لتقديم نفسه للمباحث الجنائية حسب المعتاد فى مثل هذه الظروف، وما كاد ابنه....... يمر أمام منازلهم حتى انهال الطاعنون عليه بالضرب وقد أوسعوه ضربا بعصيهم الغليظة على رأسه وجسمه، وقد كان المجنى عليه..... – وبصحبته ابنته....... – قد افترق قليلا عن ابنه عقب خروجهما من المنزل وما أن سمع صوت الضرب واستغاثة ابنه حتى هرع هو وابنته وقفل راجعا إلى مكان الحادث وفى طريقهما تلقفهما الطاعنون بالضرب بالعصى الغليظة التى كانوا يحملونها وأعملوها فى رأس وجسم المجنى عليه..... وقد أخذ على غرة ولم يستطع الدفاع عن نفسه ولما حاولت ابنته...... حمايته تلقت نصيبا من ضرباتهم، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة – على هذه الصورة – فى حق الطاعنين أدلة سائغة مستمدة من أقوال..... و.... و...... و..... و..... و..... ومن اعتراف الطاعن الأول تفصيلا فى التحقيقات ومن التقارير ومن التقارير الطبية ومن المعاينة – لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة – وإذ كان لا يتنافر مع العقل والمنطق أن يخرج المجنى عليهم سويا من المنزل ويفترق الوالد مع ابنته قليلا عن ولده ويقع الاعتداء على الأخير ثم يقع الاعتداء على الوالد حينما عاد لنجدة أبنه، ولما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كان الطاعنان لا ينازعان فى صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات، وكانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وكان تناقض الشاهد أو تضار به فى أقواله أو تناقض رواية الشهود فى بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح فى سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه ومادام أنه لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها فى تكوين عقيدته، وإذ كان الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب ردا صريحا بل ان الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التى أوردها الحكم، فإنه لا يكون ثمة محل لتعيب الحكم فى صورة الواقعة التى اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا فى تعويله فى قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى تعدد رواياتهم وتضارب أقوالهم واختلافها مع التقرير الطبى الشرعى بشان وصف ملابس القتيل – أما ما يثيره الطاعنان بشان إطراح دفاعهما من أن الحادث – كما جاء ببلاغه – لا يعدو أن يكون مشاجرة لم تتهم فيه المبلغة...... أحدا حينما أبلغت الخفير...... فمردود بأنه لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة أو بما قررته الشاهدة للخفير مغايرا لما استند إليه الحكم وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته بعد التحقيقات. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل بقوله "وحيث إن نية ثابتة قبل المتهمين من قيامهم مجتمعين بالاعتداء على المجنى عليهما بعصى غليظة أحدثت القتل وبضربات متعددة من جسمهما وكذلك فى رأسهما وهى مقتل إذ حرك فيهم كوامن الحقد والغضب (الذين) يحملونه بين جوانبهم لقتيلهم الراحل فاقدموا على فعلتهم غير عابئين بنتيجة أعمالهم أو مقدرين لما يترتب عليها من مسئوليات ولم يتركوهما إلا قتلى وهو ما ابتغاه (المتهمون) ومن اعتراف المتهم الأول تفصيلا فى التحقيقات". وإذ كان ما أورده الحكم من ذلك كافيا وسائغا فى التدليل على ثبوت نية القتل لدى الطاعنين، فانه لا محل للنعى عليه فى هذا الصدد. ولما كانت العقوبة الموقعة على الطاعنين وهى الأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة تدخل فى الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجردة عن أى ظروف مشددة، فانه لا يكون لهما مصلحة فيما أثاراه من قصور الحكم فى استظهار ظرف الترصد. لما كان ذلك، وكان الحكم إذ أورد عبارة عصى غليظة للتدليل على أن الاعتداء قد وقع بهذه الأداة فإنه لم يشر إلى العصى الخمس المضبوطة بذاتها بأنها كانت وسيلة الاعتداء بالفعل وما أورده نقلا عن تقرير الصفة التشريحية من أن اصابات المجنى عليهما تحدث من مثل العصى المضبوطة لا يعنى على سبيل القطع أنها هذه العصى دون غيرها مما يشابهها، ولا يعيب الحكم خطؤه - بفرض صحة هذا الخطأ – إذ اعتبر الواقعة فى حالة تلبس مما يجيز لرجل الضبط اجراء التفتيش دون اذن بعد أن باشرت النيابة التحقيق، ومع ذلك فإنه لا ينفى قيام حالة التلبس كون مأمور الضبط القضائى قد انتقل على محل الحادث بعد وقوعه بزمن، ما دام أنه بادر إلى الانتقال عقب علمه مباشرة وما دام أنه قد شاهد آثار الجريمة بادية – ومن ثم يكون النعى فى هذا الخصوص غير سديد – وينحل الطعن برمته إلى جدل موضوعى فى تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض مما يتعين معه رفض الطعن موضوعا بالنسبة للطاعنين الثانى والثالث.
ساحة النقاش