حق محكمة الموضوع فى تجزئة قول الشاهد. حده ومناطه مثال لتسبيب معيب فى حالة تلبس.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 765
جلسة 25 من نوفمبر سنة 1974
برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوى رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أنور أحمد خلف، وإبراهيم أحمد الديوانى، وحسن على المغربى، ومحمد عبد الواحد الديب.
(165)
الطعن رقم 891 لسنة 44 القضائية
محكمة الموضوع. "سلطتها فى تجزئة أقوال الشاهد". تلبس. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "شهود".
حق محكمة الموضوع فى تجزئة قول الشاهد. حده ومناطه ؟ مثال لتسبيب معيب فى حالة تلبس.
من المقرر أنه إذا كان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ قول الشاهد فتأخذ ببعض منه دون بعض فإن حد ذلك ومناطه أن لا تمسخه أو تبتر فحواه بما يحيله عن المعنى المفهوم من صريح عبارته، وأنه يجب أن يكون واضحا من الحكم الذى وقعت فيه تلك التجزئة أن المحكمة قد أحاطت بالشهادة ومارست سلطتها فى تجزئتها بغير بتر لفحواها إذ أن وقوف المحكمة عند هذا الحد ينصرف إلى أنها لم تفطن إلى ما يعيب شهادة الشاهد مما يصم استدلالها بالفساد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما أورده من أن المقطفين والسلتين التى تحوى أوراق الدخان كانت مغطاه بالقماش فى حين أن الشاهد ذكر أن قطعة القماش التى تغطى سلة معينة كانت قديمة ممزقة وأوراق الدخان ظاهرة منها، وكان الحكم قد برر قضاءه ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية بقوله: "وحيث إنه متى كان ما تقدم وكان الخفير النظامى قبض على المتهم – المطعون ضده – والمضبوطات وهى مقاطف وسلات وهى مغطاه بقماش كما قرر الخفير فان الواقعة لا يمكن اعتبارها حالة من حالات التلبس وكان الضبط وقع باطلا بمعرفة الخفير النظامى ومن ثم تكون جميع الإجراءات المترتبة على القبض الباطل باطلة........" ولما كان الثابت من المفردات المضمومة أن الشاهد المذكور قرر بمحضر ضبط الواقعة أن سلة – بغير يد – كانت مغطاه بقطعه قماش قديمة ممزقة تظهر منها أوراق الدخان وكانت المحكمة – على ما يبين من حكمها – قد بترت فحوى شهادة الشاهد، فأدى ذلك إلى عدم إلمامها إلماما صحيحا بحقيقة الأساس الذى قامت عليه تلك الشهادة مع أنها لو تبينته على واقعة لكان من المحتمل أن يتغير وجه رأيها فى الدعوى – فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بقصور فى البيان أدى به إلى فساد فى الاستدلال.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه فى يوم 29 يوليه سنة 1970 بدائرة مركز طما محافظة سوهاج: هرب التبغ بأن قام بزراعته على النحو المبين بالمحضر، وطلبت عقابه بالمواد 1و2 و3 و4 من القانون رقم 92 لسنة 1964 فى شأن تهريب التبغ، وادعت مصلحة الجمارك مدنيا قبل المتهم بمبلغ خمسمائة وخمسة وستين جنيها على سبيل التعويض، ومحكمة طما الجزئية قضت فى الدعوى حضوريا بتاريخ 12 من أبريل سنة 1972 ببراءة المتهم ومصادرة النبات المضبوط ورفض الدعوى المدنية وإلزام المدعية بالحقوق المدنية المصروفات. فاستأنف كل من النيابة العامة والمدعية بالحقوق المدنية هذا الحكم، ومحكمة سوهاج الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت فى الدعوى حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده قد شابه خطأ فى الإسناد، أدى به إلى فساد الاستدلال وخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد حصل رواية الشاهد بما مؤداه أن الأوعية التى كانت فى حوزة المطعون ضده والمحتوية على أوراق نبات الدخان كانت مغطاه وقت ضبطها بقطع من القماش، وخلص من ذلك إلى انتفاء حالة التلبس بالجريمة وبطلان القبض، فى حين أنه ورد بأقوال هذا الشاهد أن سلة كانت مغطاه بقطعة قماش ممزقة تظهر منها أوراق الدخان مما يجعل الجريمة متلبسا بها ويكون القبض الذى أجراه الخفير صحيحا فى القانون.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه حصل أقوال الخفير فى أنه شاهد المطعون ضده وآخر يجلسان بمحطة السكة الحديد وبجوارهما مقطفان وسلتان فاشتبه فى أمرهما، ونظر لارتباك المطعون ضده فقد قام بالقبض عليه وضبط ما معه ولاذ الشخص الآخر بالفرار، ثم استطرد الحكم تبريرا لقضائه ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية إلى قوله "وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الخفير النظامى قبض على المتهم – المطعون ضده – والمضبوطات وهى مقاطف وسلات وهى مغطاه بقماش كما قرر الخفيرفان الواقعة لا يمكن اعتبارها حالة من حالات التلبس وكان الضبط وقع باطلا بمعرفة الخفير النظامى ومن ثم تكون جميع الإجراءات المترتبة على القبض الباطل باطلة.... " ولما كان الثابت من المفردات المضمومة أن الشاهد المذكور قرر بمحضر ضبط الواقعة أن سلة – بغير يد – كانت مغطاه بقطعة قماش قديمة ممزقة تظهر منها أوراق الدخان، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ قول الشاهد فتأخذ ببعض منه دون بعض فان حد ذلك ومناطه أن لا تمسخه أو تبتر فحواه بما يحيله عن المعنى المفهوم من صريح عبارته، وأنه يجب أن يكون واضحا من الحكم الذى وقعت فيه تلك التجزئة أن المحكمة قد أحاطت بالشهادة ومارست سلطتها فى تجزئتها بغير بتر لفحواها إذ أن وقوف المحكمة عند هذا الحد ينصرف إلى أنها لم تفطن إلى ما يعيب شهادة الشاهد مما يصم استدلالها بالفساد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما أورده من أن المقطفين والسلتين التى تحوى أوراق الدخان كانت مغطاه بالقماش فى حين أن الشاهد ذكر أن قطعة القماش التى تغطى سلة معينة كانت قديمة ممزقة وأوراق الدخان ظاهرة منها، وكانت المحكمة – على ما يبين من حكمها – قد بترت فحوى شهادة الشاهد، فأدى ذلك إلى عدم إلمامها إلماما صحيحا بحقيقة الأساس الذى قامت عليه تلك الشهادة مع أنها لو تبينته على واقعه لكان من المحتمل أن يتغير وجه رأيها فى الدعوى. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بقصور فى البيان أدى به إلى فساد فى الاستدلال مما يتعين معه نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.
ساحة النقاش