تقدير توافر حالة التلبس. لرجل الضبط بداءة. تحت رقابة سلطة التحقيق. وإشراف محكمة الموضوع.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 159
جلسة 30 من يناير سنة 1977
برياسة السيد المستشار حسن المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش رشدي، ومحمد وهبه، وأحمد موسى.
(35)
الطعن رقم 1105 لسنة 46 القضائية
(1) نقض. "أسباب الطعن. مالا يقبل منها".
ادعاء وجود نقص بتحقيقات النيابة. تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض.
(2) طعن. "الصفة والمصلحة في الطعن". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
قبول وجه الطعن. رهن باتصاله بشخص الطاعن. وتوافر مصلحة له فيه.
عدم قبول ما يثيره متهم بشأن رقم مادة العقاب التي أوخذ بها متهم آخر.
(3) مواد مخدرة. تلبس. قبض. تفتيش. "التفتيش بغير إذن". مأمور والضبط القضائي. "سلطاتهم".
التلبس صفة تلازم الجريمة. لا شخص مرتكبها. توافره يبيح لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم الحاضر وتفتيشه.
تقدير توافر حالة التلبس. لرجل الضبط بداءة. تحت رقابة سلطة التحقيق. وإشراف محكمة الموضوع.
إخراج شخص قطعة مخدر من جيبه. كعينة. وتقديمها للضابط المتظاهر بأنه موفد من قبل أحد تجار المخدرات. تلبس. حق الضابط في القبض على هذا الشخص.
1- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها ما يدعيه من وجود نقض في تحقيقات النيابة العامة ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقص، ومن ثم فلا يحل له – من بعد – أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييناً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم.
2- لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم – بحسب الأصل – إلا ما كان منها متصلاً بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه، ومن ثم فإنه يكون غير مقبول ما يثيره الطاعن بشأن رقم المادة التي أنزل الحكم المطعون فيه بموجبها العقاب على المحكوم عليه الآخر الذي لم يطعن في الحكم.
3- التلبس على ما يبين من نص المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، كما أن حالة التلبس بالجناية تبيح لمأمور الضبط القضائي – طبقاً للمادتين 34 و46 من هذا القانون – أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه وأن يفتشه، وتقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحت التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع – وفق الوقائع المعروضة عليها – بغير معقب، ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها. ولما كانت المحكمة قد حصلت واقعة الدعوى – بما مؤداه أن حالة التلبس بجناية إحراز جوهر مخدر قد توافرت بإخراج المحكوم عليه الآخر قطعة الحشيش من جيبه – كعينة – وأن الدلائل الكافية قد توافرت كذلك على اتهام الطاعن، المرافق له بإحراز باقي كمية المخدر التي أبرزت منها تلك العينة، فإن المحكمة إذ انتهت إلى رفض الدفع ببطلان إجراءات القبض على الطاعن وتفتيشه – تأسيساً على توافر حالة التلبس التي تبيحها – تكون قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً، ويكون النعي على حكمها في هذا الخصوص غير سديد.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من 1- ........ (الطاعن) 2- ........ بأنهما بدائرة قسم سيدي جابر محافظة الإسكندرية: (أولاً) المتهم الأول ( أ ) أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. (ب) أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدرا (أفيوناً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً (ثانياً) المتهم الثاني: أحرز بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للمواد الواردة بأمر الإحالة. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1 و2 و7/ 1 و34/ 1 و28 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1 الملحق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات. بمعاقبة المتهم الأول (الطاعن) بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبتغريمه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة وبمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه مبلغ خمسمائة جنيه والمصادرة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جواهر مخدرة، قد أقيم على إجراءات باطلة وأخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن النيابة العامة رفعت الدعوى إلى مستشار الإحالة دون سماع الضابط – المرافق لشاهدي الإثبات – الذي تولى القبض على الطاعن وشاهد واقعة تفتيشه، ودون إجراء تجربة للتأكد من مدى اتساع جيب الطاعن للجواهر المخدرة المضبوطة. كما أن تقرير الاتهام جاء خلواً من بيان رقم المادة التي أنزل الحكم بموجبها العقاب المحكوم عليه الآخر في الدعوى، بل وصدر الحكم دون مواجهته به. ثم أن الحكم اقتصر في بيان أقوال الشاهد الثاني من شاهدي الإثبات على الإحالة إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول، مع أنه – وإن كان قد ذهب مع الشاهد الأول عند انتقاله لضبط الواقعة – إلا أنه لم يكن قد شهد واقعة حضور المصدر السري بادئ الأمر إليه. هذا إلى خطأ الحكم في الرد على الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش الذي تمسك به الطاعن تأسيساً على أنه لم تكن ثمة حالة من حالات التلبس بالنسبة إليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن مصدراً سرياً حضر إلى مكتب الشاهد الأول – الضابط بقسم مكافحة المخدرات – وأبلغه أن الطاعن قدم إلى الإسكندرية من مرسى مطروح ومعه كمية من المواد المخدرة كلفه بالبحث عن مشتر لها، فانتقل الضابط برفقته في سيارة أجرة وتبعته سيارة بها رجال القوة – إلى مكان غادر فيه المصدر السري السيارة ثم عاد بعد فترة وبرفقته الطاعن والمحكوم عليه الآخر في الدعوى. فتظاهر الضابط بأنه موفد من قبل أحد تجار المخدرات لشراء تلك الكمية، وساوم الطاعن على السعر بعد ما أخرج له المحكوم عليه الآخر من جيبه قطعة كبيرة من الحشيش كعينة – قام بفحصها. وحضر في هذه الأثناء – بعد قيامه بإعطاء الإشاره المتفق عليها – رجال القوة، ومن بينهم الضابط الشاهد الثاني، وقاموا بالقبض على الطاعن والمحكوم عليه الآخر بينما تولى هو تفتيش الطاعن وعثر في جيب معطفه على أربع قطع كبيرة من الحشيش كما عثر في حافظة نقوده على قطعة صغيرة من الأفيون. وبعد أن أورد الحكم على ثبوت الواقعة – وفق هذا التصوير – في حق الطاعن أدلة، مستقاة من شهادة الضابطين سالفى الذكر ومن نتيجة تقرير التحليل، عرض إلى الدفع المبدي من الطاعن ببطلان إجراءات القبض والتفتيش ورد عليه بأن الثابت من أقوال الشاهدين توافر حالة التلبس. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة العامة ولم يطلب من محكمة الموضوع تدراك هذا النقض، ومن ثم فلا يحل له – من بعد – أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييناً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم. لما كان ذلك، وكان لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم – بحسب الأصل – إلا ما كان منها متصلاً بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه، فإنه يكون غير مقبول ما يثيره الطاعن بشأن رقم المادة التي أنزل الحكم المطعون فيه بموجبها العقاب على المحكوم عليه الآخر الذي لم يطعن في الحكم. لما كان ذلك، وكان يبين من سياق مدونات الحكم أن إحالته في بيان أقوال الشاهد الثاني من شاهدي الإثبات – على ما سبق أن أورد من أقوال الشاهد الأول مقصورة على واقعة الانتقال مع المصدر السري وما تلاه فحسب، دون ما سبقها من حضور ذلك المصدر إلى الشاهد الأول، ومن ثم فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله، لما هو مقرر من أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما سبق أن أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة فيما استند إليه الحكم منها – وهو ما لا يماري فيه الطاعن – لما كان ذلك، وكان التلبس على ما يبين من نص المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية – صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، كما أن حالة التلبس بالجناية تبيح لمأمور الضبط القضائي – طبقاً للمادتين 34 و46 من هذا القانون – أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه وأن يفتشه. وتقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحت التي توكل بداءه لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع – وفق الوقائع المعروضة عليها – بغير معقب، ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها. ولما كانت المحكمة قد حصلت واقعة الدعوى – على النحو المتقدم بيانه – بما مؤداه أن حالة التلبس بجناية إحراز جوهر مخدر قد توافرت بإخراج المحكوم عليه الآخر قطعة الحشيش من جيبه – كعينة – وأن الدلائل الكافية قد توافرت كذلك على اتهام الطاعن، المرافق له، بإحراز باقي كمية المخدر التي أخذت منها تلك العينة، فإن المحكمة إذ انتهت إلى رفض الدفع ببطلان إجراءات القبض على الطاعن وتفتيشه – تأسيساً على توافر حالة التلبس التي تبيحها – تكون قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً، ويكون النعي على حكمها في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش