القيد على الحرية الشخصية. أياً كان نوعه. لا يجوز إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس أو بإذن من السلطة القضائية المختصة.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 934
جلسة 9 من نوفمبر سنة 1983
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد ممدوح سالم، محمد رفيق البسطويسي، حسن غلاب وفتحي خليفة.
(186)
الطعن رقم 1622 لسنة 53 القضائية
(1) دستور. قبض. تفتيش "بغير إذن". تلبس.
القيد على الحرية الشخصية. أياً كان نوعه. لا يجوز إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس أو بإذن من السلطة القضائية المختصة.
الدستور هو القانون الوضعي الأسمى. له الصدارة على ما دونه من تشريعات. وجوب أن تنزل عند أحكامه تعارضها يوجب التزام أحكامه. سواء كان التعارض سابقاً أم لاحقاً على العمل به.
(2) مأمور الضبط القضائي "اختصاصهم". تلبس. تفتيش "بغير إذن".
سلطة مأموري الضبط القضائي في أحوال التلبس. ماهيتها؟ المادتان 34، 35 إجراءات.
جواز تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز القبض عليه فيها قانوناً. المادة 46 إجراءات.
حالة التلبس بالجريمة وجوب تحقق مأمور الضبط القضائي من قيامها بإحدى حواسه تلقي نبأها عن طريق الرواية أو النقل عن شهودها أو إقرار المتهم لا يغني عن ذلك. لها لما تماحت آثارها.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة التلبس". تلبس. حكم "تسبيبه. تسبيب. معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تقدير قيام حالة التلبس من سلطة محكمة الموضوع بشرط أن تكون الأسباب مؤدية إلى ما انتهت إليه من نتيجة.
اقتصار الحكم للتدليل على قيام حالة التلبس على القول أن الضابط فتش الطاعن بمناسبة إيداعه السجن لاتهامه في جنحة أمن دولة فعثر معه على المخدر، ودون أن يستظهر ما إذا كان الضابط قد تحقق من قيام تلك الجريمة بمشاهدتها أو مشاهدة أثراً من آثارها بنفسه أو أدركها بإحدى حواسه وأنها من الجنح التي يجوز فيها القبض على المتهم وتفتيشه. واستناده من بين ما استند عليه على الدليل المستمد من هذا الضبط. قصور.
- تساند الأدلة في المواد الجنائية.
1 - لما كانت المادة 41/ 1 من الدستور قد نصت على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل، إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقاً لأحكام القانون". وكان مؤدى هذا النص أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها حقاً طبيعياً من حقوق الإنسان - يستوي في ذلك أن يكون القيد، قبضاً أو تفتيشاً أو حبساً أو منعاًًًًً من التنقل أو كان دون ذلك من القيود، لا يجوز إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس كما هو معرف قانوناً، أو بإذن من السلطة القضائية المختصة، وكان الدستور هو القانون الوضعي الأسمى، صاحب الصدارة على ما دونه من تشريعات يجب أن تنزل عند أحكامه، فإذا ما تعارضت هذه وتلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها، يستوي في ذلك أن يكون التعارض سابقاً أم لاحقاً على العمل بالدستور.
2 - لما كانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتين بالقانون رقم 37 لسنة 1972 قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه بالجريمة، فإن لم يكن حاضراً، جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره، وكانت المادة 46 من القانون ذاته، تجيز تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً، فإذا أجاز القبض على الشخص، جاز تفتيشه، وإن لم يجز القبض عليه، لم يجز تفتيشه، وبطل ما أسفر عنه القبض والتفتيش الباطلين، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه ولا يغنيه عن ذلك تلقي نبأها عن طريق الرواية أو النقل من الغير شاهداً كان أم متهماً يقر على نفسه، ما دام هو لم يشهدها أو يشهد أثراً من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها.
3 - لئن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها، وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس، أمراً موكولاً إلى تقدير محكمة الموضوع، دون معقب، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها المحكمة هذا التقدير، صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على السياق المتقدم - على مجرد القول أنه لمناسبة اتهام الطاعن في الجنحة رقم 311 لسنة 1977 أمن الدولة الجزئية وتمهيداً لإيداعه الحجز فقد فتشه الضابط سالف الذكر فعثر معه على جوهر الحشيش المخدر، دون أن يستظهر في مدوناته، ما إذا كان مأمور الضبط الذي قام بإجراءات التفتيش قد تحقق من قيام الجريمة التي اتهم الطاعن بارتكابها بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه أو مشاهدة أثر من أثرها ينبئ عن وقوعها، وأن الجريمة من الجنح التي يجوز فيها القبض على المتهم ومن ثم تفتيشه تبعاً لذلك من عدمه، أو أن ثمة أمراً قضائياً من السلطة القضائية المختصة بتفتيش المتهم، وفقاً لما تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، وكان الحكم قد استند في قضائه بالإدانة - ضمن ما استند إليه - إلى الدليل المستمد من ضبط المخدر المقول بحيازة الطاعن له - فإنه يكون قاصراً البيان في الرد على دفاع الطاعن بما اعتنقه من تصوير لواقعة الدعوى، بما يبطله، ولا يعصمه من هذا البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى، لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذ أسقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة، دون حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز جوهراً مخدراً (حشيشاً) دون تذكرة طبية وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك.
ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37 - 1، 2، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند رقم 57 من الجدول رقم 1 الملحق والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات. بمعاقبته بالحبس مع الشغل ستة أشهر وتغريمه خمسمائة جنيه والمصادرة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه, أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر مخدر بقصد التعاطي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، قد شابه القصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه عول على الدليل المستمد من ضبط المخدرات المقول بحيازة الطاعن لها، وعلى شهادة من أجراه على الرغم من بطلان القبض عليه وتفتيشه لاقتصاره إلى السند القانوني، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن واقعة الدعوى تخلص حسبما استظهرته المحكمة من مراجعة أوراقها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المرافعة، من أنه بتاريخ 14 - 4 - 1977 قام الملازم أول..... رئيس التحقيقات بقسم الزيتون بتفتيش المتهم...... تفتيشاً ذاتياً لمناسبة اتهامه في الجنحة رقم 311 لسنة 1977 أمن دولة جزئية الزيتون، تمهيداً لإيداعه الحجز، فعثر بجيب جلبابه العلوي الأيسر على لفافة سلوفانية بيضاء بها مادة داكنة اللون ثبت من تحليلها أنها لجوهر مخدر الحشيش، وإذ واجه بها المتهم أقر له الأخير بإحرازها بقصد التعاطي" لما كان ذلك وكانت المادة 41/ 1 من الدستور قد نصت على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل، إلا بأمر يستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقاً لأحكام القانون" وكان مؤدى هذا النص أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها حقاً طبيعياً من حقوق الإنسان - يستوي في ذلك أن يكون القيد، قبضاً أو تفتيشاً أو حبساً أو منعاً من التنقل أو كان دون ذلك من القيود، لا يجوز إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس كما هو معرف قانوناً، أو بإذن من السلطة القضائية المختصة، وكان الدستور هو القانون الوضعي الأسمى، صاحب الصدارة على ما دونه من تشريعات يجب أن تنزل عند أحكامه، فإذا ما تعارضت هذه وتلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها، يستوي في ذلك أن يكون التعارض سابقاً أم لاحقاً على العمل بالدستور وكانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتين بالقانون رقم 37 لسنة 1972 قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه بالجريمة، فإن لم يكن حاضراً، جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره، وكانت المادة 46 من القانون ذاته، تجيز تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً، فإذا أجاز القبض على الشخص، جاز تفتيشه، وإن لم يجز القبض عليه، لم يجز تفتيشه وبطل ما أسفر عنه القبض والتفتيش الباطلين، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه ولا يغنيه عن ذلك تلقي نبأها عن طريق الرواية أو النقل من الغير شاهداً كان أم متهماً يقر على نفسه، ما دام هو لم يشهدها أو يشهد أثراً من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها ولئن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط به وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها، وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس، أمراً موكولاً إلى تقدير محكمة الموضوع، دون معقب، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها المحكمة هذا التقدير، صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر - على السياق المتقدم - على مجرد القول أنه لمناسبة اتهام الطاعن في الجنحة رقم 311 لسنة 1977 أمن الدولة الجزئية وتمهيداً لإيداعه الحجز فقد فتشه الضابط سالف الذكر فعثر معه على جوهرا الحشيش المخدر، دون أن يستظهر في مدوناته، ما إذا كان مأمور الضبط الذي قام بإجراءات التفتيش قد تحقق من قيام الجريمة التي اتهم الطاعن بارتكابها بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه أو مشاهدة أثر من آثارها ينبئ عن وقوعها، وأن الجريمة من الجنح التي يجوز فيها القبض على المتهم ومن ثم تفتيشه تبعاً لذلك من عدمه، أو أن ثمة أمراً قضائياً من السلطة القضائية المختصة بتفتيش المتهم وفقاً لما تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع وكان الحكم قد استند في قضائه بالإدانة - ضمن ما استند إليه - إلى الدليل المستمد من ضبط المخدر المقول بحيازة الطاعن له - فإنه يكون قاصر البيان في الرد على دفاع الطاعن بما اعتنقه من تصوير لواقعة الدعوى، بما يبطله، ولا يعصمه من هذا البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى، لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا أسقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم، لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة، دون حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن.
ساحة النقاش