يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ولا يشترط في التلبس بإحراز المخدر أن يكون من شاهد هذه المظاهر قد تبين ماهية المادة التي شاهدها.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 35 - صـ 95
جلسة 31 من يناير سنة 1984
برياسة السيد المستشار/ فوزي أحمد المملوك نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحيم نافع وحسن غلاب ومحمد أحمد حسن والسيد عبد المجيد العشري.
(19)
الطعن رقم 2905 لسنة 53 قضائية
(1) مواد مخدرة. تلبس. تفتيش "إذن التفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مناط قيام حالة التلبس.
(2) تفتيش "التفتيش بإذن". إجراءات "إجراءات التحقيق". تلبس.
القبض على المتهم الحاضر وتفتيشه. المادتان 34، 35 أ. ج معدلتان بالقانون رقم 37 لسنة 1972؟
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
مؤدى إفصاح المحكمة عن الأسباب التي من أجلها لم تعول على أقوال الشاهد؟ مثال لتسبيب غير سائغ في إطراح أقوال شاهد الإثبات.
(4) قانون "قانون الأحداث". مأموري الضبط القضائي "اختصاصهم".
ضباط مكاتب حماية الأحداث. من مأموري الضبط القضائي نطاق اختصاصهم. المادة 3 قرار. وزير الداخلية رقم 20 لسنة 1962؟
(5) تفتيش "تفتيش بإذن" "التفتيش بمعرفة أنثى". إجراءات "إجراءات التحقيق".
اصطحاب مأمور الضبط القضائي لأنثى عند انتقاله لتفتيش أنثى. غير واجب. الإلزام مقصور على إجراء التفتيش ذاته في موقع يعتبر من عورات المرأة.
1 - يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ولا يشترط في التلبس بإحراز المخدر أن يكون من شاهد هذه المظاهر قد تبين ماهية المادة التي شاهدها. بل يكفي في ذلك تحقيق تلك المظاهر الخارجية بأي حاسة من الحواس متى كان هذا التحقق بطريقة يقينية لا تحمل شكاً ويستوي في ذلك أن يكون المخدر ظاهراً أو غير ظاهر.
2 - من المقرر أن المادتين 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتين بالقانون رقم 37 لسنة 1972 المتعلق بضمان حريات المواطنين - قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر, أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه، كما خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً.
3 - لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشاهد وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه دون أن تكون ملزمة ببيان سبب إطراحها لها، إلا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التي من أجلها لم تعول على أقوال الشاهد فإن لمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن تلك الأسباب أن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها, وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه تبريراً لإطراحه لأقوال شاهد الإثبات في الدعوى غير سائغ وليس من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه عليه ذلك بأن عدم سعي الضابط مسبقاً إلى الحصول على إذن بضبط وتفتيش - المتهم - قبل قيامه بهذا الضبط وذلك التفتيش لا يدعو إلى الشك في تصرفه, إذ أن روايته حسبما أوردها الحكم المطعون فيه، على نحو ما تقدم أنه راقب المطعون ضدهما إثر أن أبلغه المرشد السري بأن الأول يتجر في المواد المخدرة وبمساعدة الثانية بالاحتفاظ بها وتحقق له من المراقبة مشاهدة شخص يعطي المطعون ضده الأول شيئاً فيتجه إلى الثانية ويتسلم شيئاً يدسه في يد هذا الشخص فتظاهر هو بالرغبة في شراء قدر من المواد المخدرة وتقدم إلى المطعون ضده مثلما فعل سابقه فأخرج له المخدر المضبوط وعندئذ ألقى القبض عليه - وما أتاه الضابط على هذا النحو بتظاهره بشراء المخدر لا يعتبر خلقاً للجريمة ولا تحريضاً على مقارفتها طالما أن إرادة الجاني بقيت حرة غير معدومة وإذ كان ذلك فقد أوجد المطعون ضده الأول نفسه طواعية في أظهر - حالة من حالات التلبس مما يجعل قيام الضابط بضبطه صحيحاً منتجاً لأثره ولا عليه إن هو لم يسع للحصول على إذن من النيابة العامة إذ لم يكن في حاجة إليه.
4 - الواضح من نص المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية وقرار وزير الداخلية رقم 20 لسنة 1962 بإنشاء مكاتب فرعية لحماية الأحداث وتحديد اختصاصاتها أن ضباط مكاتب حماية الأحداث هم بحسب الأصل من مأموري الضبط القضائي بوصف كونهم من ضباط المباحث الجنائية وينضبط اختصاصهم طبقاً لما نص عليه في المادة الثالثة من قرار وزير الداخلية المذكور على ما يرتكبه الأحداث من جرائم ويمتد إلى ما عداهم من غير الأحداث حماية لهؤلاء ومكافحة لاستغلالهم استغلالاً غير مشروع.
5 - من المقرر أن القانون لا يوجب على مأمور الضبط القضائي اصطحاب أنثى عند انتقاله لتفتيش أنثى إذ أن هذا الإلزام مقصور على إجراء التفتيش ذاته في موقع يعتبر من عورات المرأة، فضلاً عن أن صورة الواقعة حسبما أوردها الحكم في مدوناته أن ضبط المخدر الذي كانت في حيازة المطعون ضدها الثانية لم يكن وليد تفتيش لشخصها، ولكنه تم عقب تخليها عن اللفافة التي كانت تحتوي عليه والتقاط الضابط لها وتبينه أنها تحوي مخدر الحشيش.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما أحرزا وحازا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 57 من الجدول الأول بقرار وزير الصحة 295 لسنة 1976.
ومحكمة جنايات القاهرة قضت غيابياً ببراءة المتهمين مما نسب إليهما وأمرت بمصادرة الجوهر المخدر.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن النيابة العامة - تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما من جريمة إحراز مواد مخدرة بقصد الاتجار فقد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أقام قضاءه على بطلان إجراءات الضبط وما ترتب عليها، تأسيساً على أن الجريمة لم تكن في حالة تلبس وأن ضابط الواقعة غير مختص نوعياً، كما أن تفتيش المطعون ضدهما الثانية لم يكن بمعرفة أنثى - مع مخالفة كل ذلك لواقع الحال - إذ ما بدر من المطعون ضده من تقديم المخدر للبيع طواعية واختياراً يجعل الواقعة في حالة تلبس لا يحتاج ضبطها إلى استئذان النيابة العامة - هذا إلى أن المطعون ضدها الثانية لم يجر تفتيشها أصلاً وألقت ما معها من مخدر وتخلت عنه فالتقطه الضابط ومن ثم فإن إجراءات الضبط تكون قد تمت صحيحة, وإذ قضى الحكم على خلاف هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى حسبما أسندتها النيابة العامة إلى المطعون ضدهما بما محصله أن مرشداً سرياً اتصل بالنقيب.. ضابط مباحث الأحداث وأفضى إليه أن المطعون ضده الأول يجلس أمام عقار بشارع... يتجر في المواد المخدرة تساعده المطعون ضدها الثانية حيث تحتفظ بالمواد المخدرة ويستعين ببعض الصبية لمراقبة الطريق. فلما توجه تجاه هذا العقار للمراقبة شاهد شخصاً يعطي الأول شيئاً لم يتبينه ثم يتجه إلى الثانية التي ناولته شيئاً لم يعرف كنهه ثم عاد إلى الشخص حيث سلمه هذا الشيء وانصرف فتقدم هو أي الضابط إلى المطعون ضده وطلب ابتياع قدر من مخدر الحشيش ودفع له الثمن فسلمه لفافتين منه وحينئذ ألقى القبض عليه وإذ شاهدت ذلك المطعون ضدها الثانية فقد غادرت المكان متخلية عن لفافة التقطها الضابط وتبين أنها تحوي مخدر الحشيش - ثم عرض الحكم للدفع ببطلان القبض والتفتيش في قوله "وكان خبر عميل الشرطة بممارسة المتهمين تجارة المخدرات لا يعدو أن يكون شبهة تأخذ بالظن والتخمين ولم تعرض قبل الضبط قط على البحث والاستدلال وإذن فلا ترقى حتى إلى مرتبة القرينة وهي أبعد ما تكون عن الدليل... وكانت مداهمة مأمور الضبط للمتهمين قد وقعت دون مشاهدة الجريمة أو استظهار قيامها ما دام أنه لا يعرف المتهمين من قبل ولم يتبين كنه الشيء الذي تناوله صاحب المتهم الأول ولكنه على وجه الدقة والغرابة حقاً اندفع لضبطهما مأخوذاً بغواية الانفراد بتصريف أمور القضية دون مراجعة من السلطة القضائية صاحبة الولاية الأصلية ولأنه سلوك غريب من ضابط شرطة الأحداث يخرج من نطاق اختصاصاته أو اهتماماته البالغين من أمثال المتهمين فلا بد أنه يخفي دوافع مجهولة لم يأنف معها من مخالفة القانون حتى في نطاق أو بيان تفتيش الأنثى فلم يبال باصطحاب أنثى لتقوم بتفتيشها؟ مما يبطل رأيه وينحيه عن مقام الثقة والعدالة. وأياً كانت الاعتبارات التي يسوقها.. لا تقوى على تصحيح إجراءاته إذا ما وضعت على بساط البحث والتأصيل وآية ذلك إقراره بارتباط ظهور المخدر من ناحية بتقدمه إلى المتهم الأول على مقتضى التدبير والمكيدة حتى تم له الإيقاع به... ومن ناحية أخرى بملاحقته المتهمة الأخرى على رأس كوكبة من جنده يطلبونها حثيثاً وظنها أنها قد أحيط بها وهذه وتلك على التحقيق صورتان لا يندرج مضمونهما في إطار مفهوم التلبس الحقيقي أو الاعتباري.. ولا يعد سلوك المتهمين على هذا النحو إظهاراً للمخدر أو تخلياً عنه ينبئ عن قيام حالة التلبس بالجريمة لأن مناط الاستظهار أو التخلي الذي ينتج أثره القانوني أن يجئ عن إرادة وطواعية واختياراً وليس وليد إكراه بعامل الخوف من اتخاذ إجراءات استثنائية أو شاذة بحجة مكافحة المخدرات. ولما كان ذلك فقد لحق واقعة الضبط والتفتيش وإجراءات جمع الاستدلالات التالية له من إقرار بحيازة المخدر عمداً... يجعلها واقعة مادية مجردة من أية قيمة قانونية وتسقط بالتالي من حساب الأدلة لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ولا يشترط في التلبس بإحراز المخدر أن يكون من شاهد هذه المظاهر قد تبين ماهية المادة التي شاهدها، بل يكفي في ذلك تحقيق تلك المظاهر الخارجية بأي حاسة من الحواس متى كان هذا التحقق بطريقة يقينية لا تحمل شكاً ويستوي في ذلك أن يكون المخدر ظاهراً أو غير ظاهر وكان من المقرر أن المادتين 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتين بالقانون رقم 37 لسنة 1972 المتعلق بضمان حريات المواطنين - قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر, أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه، كما خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً. لما كان ذلك ولئن ما كان لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشاهد وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه دون أن تكون ملزمة ببيان سبب إطراحها لها، إلا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التي من أجلها لم تعول على أقوال الشاهد فإن لمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن تلك الأسباب أن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها, وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه تبريراً لإطراحه لأقوال شاهد الإثبات في الدعوى غير سائغ وليس من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه عليه ذلك بأن عدم سعي الضابط مسبقاً إلى الحصول على إذن بضبط وتفتيش - المتهم - قبل قيامه بهذا الضبط وذلك التفتيش لا يدعو إلى الشك في تصرفه, إذ أن روايته حسبما أوردها الحكم المطعون فيه، على نحو ما تقدم أنه راقب المطعون ضدهما إثر أن أبلغه المرشد السري بأن الأول يتجر في المواد المخدرة وبمساعدة الثانية بالاحتفاظ بها وتحقق له من المراقبة مشاهدة شخص يعطي المطعون ضده الأول شيئاً فيتجه إلى الثانية ويتسلم شيئاً يدسه في يد هذا الشخص فتظاهر هو بالرغبة في شراء قدر من المواد المخدرة وتقدم إلى المطعون ضده مثلما فعل سابقه فأخرج له المخدر المضبوط وعندئذ ألقى القبض عليه - وما أتاه الضابط على هذا النحو بتظاهره بشراء المخدر لا يعتبر خلقاً للجريمة ولا تحريضاً على مقارفتها طالما أن إرادة الجاني بقيت حرة غير معدومة وإذ كان ذلك فقد أوجد المطعون ضده الأول نفسه طواعية في أظهر حالة من حالات التلبس مما يجعل قيام الضابط بضبطه صحيحاً منتجاً لأثره، ولا عليه إن هو لم يسع للحصول على إذن من النيابة العامة إذا لم يكن في حاجة إليه. لما كان ذلك، وكان ما أثاره الحكم بدعوى عدم الاختصاص النوعي باعتبار أن ضابط الواقعة هو من ضباط مكتب حماية الأحداث، فمردود من وجه - بأن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه - أنه حصل الواقعة بما مؤداه أن المطعون ضدها يعاونها بعض الصبية في مراقبة الطريق.
ومن وجه آخر، فإن (الواضح من نص المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية وقرار وزير الداخلية رقم 20 لسنة 1962 بإنشاء مكاتب فرعية لحماية الأحداث وتحديد اختصاصاتها أن ضباط مكاتب حماية الأحداث هم بحسب الأصل من مأموري الضبط القضائي بوصف كونهم من ضباط المباحث الجنائية ويتبسط اختصاصهم طبقاً لما نص عليه في المادة الثالثة من قرار وزير الداخلية المذكور على ما يرتكبه الأحداث من جرائم ويمتد إلى ما عداهم من غير الأحداث حماية لهؤلاء ومكافحة لاستغلالهم استغلالاً غير مشروع. لما كان ذلك وكان من المقرر أن القانون لا يوجب على مأمور الضبط القضائي اصطحاب أنثى عند انتقاله لتفتيش أنثى إذ أن هذا الإلزام مقصور على إجراء التفتيش ذاته في موقع يعتبر من عورات المرأة، فضلاً عن أن صورة الواقعة حسبما أوردها الحكم في مدوناته أن ضبط المخدر الذي كان في حيازة المطعون ضدها الثانية لم يكن وليد تفتيش لشخصها. ولكنه تم عقب تخليها عن اللفافة التي كانت تحتوي عليه والتقاط الضابط لها وتبينه أنها تحوي مخدر الحشيش - وما أثبته الحكم على هذا النحو يوفر حالة التلبس بجريمة إحراز مخدر بوجود مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وما دام أن تخوف المطعون ضدها وخشيتها من الضابط - بفرض حصوله - ليس من شأنه أن يمحو الأثر القانوني لقيام حالة التلبس بإحراز المخدر بعد إلقائه. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد خالف النظر السابق - وأبطل الدليل المستمد من ضبط المواد المخدرة حال التلبس بحيازتها. فإنه يكون منطوياً على فساد في الاستدلال تولد عن خطأ، مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة.
ساحة النقاش