إجراءات الاستدلال ولو في حالة التلبس لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية ولا يرد عليها قيد الشارع في توقفها على الطلب.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 812
جلسة 2 من نوفمبر سنة 1986
برياسة السيد المستشار: جمال الدين منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: صلاح خاطر ومحمد عباس مهران ومحمود عبد العال ومحمود عبد الباري.
(157)
الطعن رقم 3679 لسنة 56 القضائية
(1) نقد. دعوى جنائية "قيود تحريكها". نيابة عامة. استدلالات.
إيجاب صدور طلب من الوزير المختص أو من ينيبه لتحريك الدعوى الجنائية في جرائم النقد المؤثمة بالقانون 97 لسنة 1976 قيد على حرية النيابة كسلطة تحقيق. دون غيرها من جهات الاستدلال. أساس ذلك؟
(2) دعوى جنائية "تحريكها". إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة.
عدم تحريك الدعوى الجنائية وانعقاد الخصومة فيها إلا بتحقيق النيابة أو من تندبه لهذا الغرض أو رفع الدعوى إلى قضاء الحكم.
(3) تلبس. استدلالات. دعوى جنائية "قيود تحريكها". نيابة عامة. نقد.
إجراءات الاستدلال ولو في حالة التلبس لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية ولا يرد عليها قيد الشارع في توقفها على الطلب.
(4) مأمورو الضبط القضائي. استدلالات. جريمة "الكشف عن الجريمة". نقد. حكم "تسبيبه تسبيب معيب".
كل إجراء يقوم به مأمور الضبط القضائي في سبيل الكشف عن الجرائم. يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره. حد ذلك؟
مثال لتسبيب معيب لحكم بالإدانة في جريمة الاتجار في نقد أجنبي.
1 - إن الفقرة الثانية من المادة الرابعة عشرة من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي تنص على أن "لا يجوز رفع الدعوى الجنائية بالنسبة إلى الجرائم التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون أو القواعد المنفذة له أو اتخاذ أى إجراء فيها فيما عدا مخالفة المادة (2) إلا بناء على طلب الوزير المختص أو من ينيبه" وكان يبين من هذا النص أن الخطاب فيها موجه من الشارع إلى النيابة العامة بوصفها السلطة صاحبة الولاية فيما يتعلق بالدعوى الجنائية باعتبار أن أحوال الطلب كغيرها من أحوال الشكوى والإذن إنما هي إلا قيود على حريتها في تحريك الدعوى الجنائية استثناء من الأصل المقرر من أن حقها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه قيد إلا بنص خاص يؤخذ في تفسيره بالتضييق ولا ينصرف فيه الخطاب إلى غيرها من جهات الاستدلال ومنها مأموري الضبط القضائي المكلفين بالبحث عن الجرائم ومرتكبها وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق والدعوى، ولا تبدأ إجراءات الدعوى الجنائية إلا بما تتخذه النيابة من أعمال التحقيق في سبيل تسييرها تعقباً لمرتكبي الجرائم باستجماع الأدلة عليهم وملاحقتهم برفع الدعوى وطلب العقاب.
2 - من المقرر أنه لا تنعقد الخصومة ولا تتحرك الدعوى الجنائية إلا بالتحقيق الذي تجريه النيابة العامة دون غيرها بوصفها سلطة تحقيق سواء بنفسها أو بمن تندبه لهذا الغرض من مأموري الضبط القضائي أو برفع الدعوى أمام جهات الحكم.
3 - من المقرر أنه لا تعتبر الدعوى قد بدأت بأي إجراء آخر تقوم به سلطات الاستدلال ولو في حالة التلبس إذ أنه من المقرر في صحيح القانون أن إجراءات الاستدلال أياً كان من يباشرها لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية بل هي من الإجراءات الأولية التي تسلس لها سابقة على تحريكها والتي لا يرد عليها قيد الشارع في توقفها على الطلب رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق، وتحرياً للمقصود في خطاب الشارع بالاستثناء وتحديداً لمعنى الدعوى الجنائية على الوجه الصحيح دون ما يسبقها من الإجراءات الممهدة لنشوئها، ولا يملك تلك الدعوى غير النيابة العامة وحدها. وإذا كانت المادة 39 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "فيما عدا الأحوال المنصوص عليها في المادة 9 فقرة ثانية من هذا القانون فإنه إذا كانت الجريمة المتلبس بها مما يتوقف رفع الدعوى العمومية عنها على شكوى فلا يجوز القبض على المتهم إلا إذا صرح بالشكوى من يملك تقديمها ويجوز في هذه الحالة أن تكون الشكوى لمن يكون حاضراً من رجال السلطة العامة" فإن دلالة هذا النص أنه في الأحوال الأخرى إذا كانت الجريمة المتلبس بها مما يتوقف رفع الدعوى العمومية فيها على إذن أو طلب فإنه يجوز لرجال الضبط القبض على المتهم واتخاذ كافة إجراءات التحقيق هذه قبل تقديم الإذن أو الطلب.
4 - لما كان من مهمة مأمور الضبط القضائي بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبيها، وكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره ما دام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها، وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة، ولا تثريب على مأموري الضبط القضائي في أن يصطنع في تلك الحدود من الوسائل البارعة ما يسلس لمقصوده في الكشف عن الجريمة، ولا يتصادم مع أخلاق الجماعة، ولما كان ما سطره الحكم المطعون فيه من دور لرجل الضبط القضائي ما يجعل فعله إجراء مشروعاً يصح أخذ المتهم بنتيجته متى اطمأنت المحكمة إلى حصوله، لأن تظاهر مأمور الضبط برغبته في شراء نقد أجنبي من المطعون ضده ليس فيه خلق للجريمة أو تحريض عليها ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أبطل الدليل المستمد مما كشف عنه المطعون ضده طواعية من تعامله في النقد الأجنبي على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً يكون على غير سند من الواقع أو أساس من القانون مما يعيبه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: تعامل في النقد الأجنبي المبين في المحضر على غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً وعن غير طريق البنوك المصاريف المعتمدة والمرخص لها بذلك. وطلبت عقابه بالمادتين 1، 14 من القانون 97 لسنة 1976 والمادة 18 من اللائحة التنفيذية رقم 316 لسنة 1976. ومحكمة جنح الجرائم المالية الجزئية قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه. استأنفت النيابة العامة ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر حضورياً اعتبارياً في حق المطعون ضده إلا أنه وقد قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة القاضي بالبراءة لا يعتبر أنه قد أضر به حتى يصح له أن يعارض فيه ومن ثم فإن طعن النيابة العامة فيه بالنقض من تاريخ صدوره جائز. لما كان ذلك وكان الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة التعامل في نقد أجنبي بغير الطريق القانوني قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أسس قضاءه على قبول الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لاتخاذها بغير طلب كتابي وانتفاء حالة التلبس بقالة أن مأمور الضبط هو الذي خلق بنفسه تلك الحالة مع أن ما قام به مأمور الضبط لم يكن إلا محاولة للكشف عن الجريمة دون تحريض منه على ارتكابها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن رئيس قسم مكافحة جرائم النقد بوزارة الداخلية أثبت بمحضره المؤرخ..... أنه علم من مصدر سري أن المطعون ضده يعرض كمية كبيرة من النقد الأجنبي للبيع بمتجره فانتقل إليه وتظاهر برغبته في شراء بعض منها فعرض عليه المطعون ضده مبلغ 2506 جنيهاً إسترلينياً بسعر 182 قرش للجنيه الواحد وسلمه إياها بعد حساب قيمتها بالعملة المصرية فقام بضبطه وتفتيش محله وعثر على نقد أجنبي ومصري وشيكات مسحوبة على بنوك مصرية وأورد الحكم أن وزارة الاقتصاد طلبت اتخاذ إجراءات الضبط والتحقيق في..... فباشرت النيابة العامة تحقيقها، وأن الإدارة العامة للنقد الأجنبي طلب في..... إقامة الدعوى الجنائية ثم عرض الحكم للدفع المبدى من المطعون ضده ببطلان القبض والتفتيش لتمامهما قبل صدور طلب ممن يملكه وخلص إلى قبول هذا الدفع استناداً إلى انتفاء حالة التلبس بالجريمة التي تسيغ اتخاذ تلك الإجراءات قبل صدور ذلك الطلب وإلى أن ما قام به مأمور الضبط لا يعدو أن يكون تحريضاً للمطعون ضده على ارتكاب الجريمة. لما كان ذلك وكانت الفقرة الثانية من المادة الرابعة عشرة من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي تنص على أن "لا يجوز رفع الدعوى الجنائية بالنسبة إلى الجرائم التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون أو القواعد المنفذة له أو اتخاذ إجراء فيها، فيما عدا مخالفة المادة (2) إلا بناء على طلب الوزير المختص أو من ينيبه". وكان يبين من هذا النص أن الخطاب فيها موجه من الشارع إلى النيابة العامة بوصفها السلطة صاحبة الولاية فيما يتعلق بالدعوى الجنائية باعتبار أن أحوال الطلب كغيرها من أحوال الشكوى والإذن إنما هي إلا قيود على حريتها في تحريك الدعوى الجنائية استثناء من الأصل المقرر من أن حقها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه قيد إلا بنص خاص يؤخذ في تفسيره بالتضييق ولا ينصرف فيه الخطاب إلى غيرها من جهات الاستدلال ومنها مأموري الضبط القضائي المكلفين بالبحث عن الجرائم ومرتكبها وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق والدعوى، ولا تبدأ إجراءات الدعوى الجنائية إلا بما تتخذه النيابة من أعمال التحقيق في سبيل تسييرها تعقباً لمرتكبي الجرائم باستجماع الأدلة عليهم وملاحقتهم برفع الدعوى وطلب العقاب، ولا تنعقد الخصومة ولا تتحرك الدعوى الجنائية إلا بالتحقيق الذي تجريه النيابة العامة دون غيرها بوصفها سلطة تحقيق سواء بنفسها أو بمن تندبه لهذا الغرض من مأموري الضبط القضائي أو برفع الدعوى أمام جهات الحكم. ولا تعتبر الدعوى قد بدأت بأي إجراء آخر تقوم به سلطات الاستدلال ولو في حالة التلبس بالجريمة إذ أنه من المقرر في صحيح القانون أن إجراءات الاستدلال أياً كان من يباشرها لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية بل هي من الإجراءات الأولية التي تسلس لها سابقة على تحريكها والتي لا يرد عليها قيد الشارع في توقفها على الطلب رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق وتحرياً للمقصود في خطاب الشارع بالاستثناء وتحديداً لمعنى الدعوى الجنائية على الوجه الصحيح دون ما يسبقها من الإجراءات الممهدة لنشوئها، ولا يملك تلك الدعوى غير النيابة العامة وحدها. وإذا كانت المادة 39 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "فيما عدا الأحوال المنصوص عليها في المادة 9 فقرة ثانية من هذا القانون فإنه إذا كانت الجريمة المتلبس بها مما يتوقف رفع الدعوى العمومية عنها على شكوى فلا يجوز القبض على المتهم إلا إذا صرح بالشكوى من يملك تقديمها ويجوز في هذه الحالة أن تكون الشكوى لمن يكون حاضراً من رجال السلطة العامة" فإن دلالة هذا النص أنه في الأحوال الأخرى إذا كانت الجريمة المتلبس بها مما يتوقف رفع الدعوى العمومية فيها على إذن أو طلب فإنه يجوز لرجال الضبط القبض على المتهم واتخاذ كافة إجراءات التحقيق هذه قبل تقديم الإذن أو الطلب. لما كان ذلك وكان من مهمة مأمور الضبط القضائي بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبيها، وكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره ما دام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها، وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة، ولا تثريب على مأمور الضبط القضائي في أن يصطنع في تلك الحدود من الوسائل البارعة ما يسلس لمقصوده في الكشف عن الجريمة ولا يتصادم مع أخلاق الجماعة، ولما كان ما سطره الحكم المطعون فيه من دور لرجل الضبط القضائي ما يجعل فعله إجراء مشروعاً يصح أخذ المتهم بنتيجته متى اطمأنت المحكمة إلى حصوله، لأن تظاهر مأمور الضبط برغبته في شراء نقد أجنبي من المطعون ضده ليس فيه خلق للجريمة أو تحريض عليها ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أبطل الدليل المستمد مما كشف عنه المطعون ضده طواعية من تعامله في النقد الأجنبي على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً يكون على غير سند من الواقع أو أساس من القانون مما يعيبه بما يوجب نقضه. ولما كانت المحكمة قد حجبت نفسها عن مواجهة عناصر الدعوى فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.
ساحة النقاش