عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود في غير أحوال التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة إلا بعد دعوة محاميه إن وجد . المادة 124 إجراءات .
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 937
جلسة 3 من نوفمبر سنة 1994
برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجى ومجدي الجندي وإبراهيم الهنيدى نواب رئيس المحكمة وعبد الفتاح حبيب.
(146)
الطعن رقم 17861 لسنة 62 القضائية
(1) نقض "أسباب الطعن. إيداعها".
التقرير بالطعن. مناط اتصال المحكمة به. إيداع الأسباب في الميعاد. شرط لقبوله.
التقرير بالطعن وإيداع الأسباب يكونان وحده إجرائية. لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) مأمورو الضبط القضائي "سلطتهم" استجواب. قانون "تفسيره".
لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون استجوابه. المادة 29 إجراءات.
الاستجواب المحظور. ماهيته؟
(3) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استجواب. تلبس.
عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود في غير أحوال التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة إلا بعد دعوة محاميه إن وجد. المادة 124 إجراءات. شرط ذلك؟
(4) إجراءات "إجراءات التحقيق". استجواب. بطلان. نيابة عامة. محاماة. دفوع "الدفع ببطلان إجراءات التحقيق".
التفات المحكمة عن الدفع ببطلان استجواب الطاعنة لحصوله في غيبة محاميها لا عيب. ما دامت الطاعنة لا تدعي بأنها عينت محامياً لحضور الاستجواب أو أن محامياً عنها طلب حضوره.
(5) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بالرد علي ظاهر البطلان.
(6) دفوع "الدفع ببطلان القبض". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان القبض.
(7) دفوع "الصفة والمصلحة في الدفع". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا صفة لغير من وقع في حقه إجراء ما أن يدفع ببطلانه. ولو كان يستفيد منه. علة ذلك؟
مثال.
(8) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
(9) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً على الواقعة المراد إثباتها. كفاية أن يكون ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
مثال.
(10) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير. شرط ذلك؟
الجدل الموضوعي في وزن عناصر الدعوى أمام النقض. غير جائز.
(11) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "شهود".
حق محكمة الموضوع بيان حقيقة الواقعة وردها إلى صورتها الصحيحة من جماع الأدلة المطروحة عليها. دون التقيد بدليل معين أو بأقوال شهود بذواتهم.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(12) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". وزن أقوال الشهود. موضوعي.
(13) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.
(14) قتل عمد. إثبات "بوجه عام".
عدم العثور على جثة المجني عليها. غير قادح. في ثبوت جريمة القتل.
1 - لما كان الحكم المطعون فيه صدر على الطاعن حضورياً فقرر المحكوم عليه/..... بالطعن فيه بطريق النقض في الميعاد، بيد أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا تقوم فيها إحداهما مقام الآخر ولا يغني عنه، لما كان ذلك فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المقدم منه شكلاً.
2 - من المقرر أن لمأمور الضبط القضائي عملاً بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه، وكان الاستجواب المحظور هو الذي يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التي تساق عليه دليلاًَ ليقول كلمته فيها تسليماً بها أو دحضاً لها، وإذ كان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أن ما أثبته مأمور الضبط القضائي في محضر ضبط الواقعة من أقوال الطاعنة والمتهم الآخر لا يعدو أن يكون تسجيلاً لما أبدياه أمامه من اعتراف كل منهما في حق نفسه وحق الآخر في نطاق أدلائهما بأقوالهما مما لا يعد استجواباً ولا يخرج عن حدود ما نيط بمأمور الضبط القضائي.
3 - لما كانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجناية قد نصت على أنه في غير أحوال التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير يكتب في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإقرار أو الإعلان، وكان مفاد هذا النص أن المشرع تطلب ضمانه خاصة لكل متهم في جناية هي وجوب دعوة محاميه إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة فيما عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف لحضور الاستجواب أو المواجهة فيما عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة وذلك تضميناً للمتهم وصونا لحرية الدفاع عن نفسه، وللتمكن من دعوة محامي المتهم تحقيقاً لهذه الضمانة العامة يجب على المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو أن يتولى محاميه هذا الإقرار أو الإعلان.
4 - لما كانت الطاعنة لم تزعم أنها عينت محامياً عنها وقت استجوابها أو أن محاميها تقدم للمحقق مقرراً الحضور معها وقت هذا الاستجواب، فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد يكون على غير أساس من القانون ولا تلتزم المحكمة بالرد عليه.
5 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بالرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان.
6 - لما كان الحكم قد عرض لدفع الطاعنة ببطلان القبض عليها - واطرحه برد كاف وسائغ وصحيح - يقوم على أن هذا الإجراء تم بناء على إذن النيابة العامة بناء على تحريات قدمت لها - فإن منعى الطاعنة في هذا الشأن يكون في غير محله.
7 - لما كانت الطاعنة لا تدعي حقاً على القرط المضبوط ومن ثم لا صفة لها في الدفع ببطلان إجراءات ضبطه، فإن منعاها في هذا الشأن يكون غير سديد. لما هو مقرر من أنه لا صفة لغير من وقع في حقه إجراء ما في أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه، لأن تحقق المصلحة في الدفع لا حق لوجود الصفة فيه.
8 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
9 - من المقرر قانوناً أنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج لما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، وكان ما ساقه الحكم، من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها، وفي رده على ما أثارته الطاعنة من أن الطبيب الشرعي لم يجزم بسبب الوفاة، كافياً في الدلالة على أن المجني عليها قتلت بفعل الطاعنة العمدي خنقاً، وكان هذا الذي استخلصه الحكم واستقر في عقيدته لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي، ولا يتعارض مع ما نقله الحكم عن تقرير الصفة التشريحية وما شهد به الطبيب الشرعي بالجلسة وهو ما لا تماري الطاعنة في أن له مأخذه الصحيح في الأوراق إذ لم ينفي التقرير المذكور وكذا شهادة الطبيب الشرعي بالجلسة هذا التصوير الذي اعتنقه الحكمة ولا ينال من ذلك أن الطبيب الشرعي سواء في تقريره المكتوب أو شهادته بالجلسة لم يقطع بهذا التصوير.
10 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لها - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ما تثيره الطاعنة في منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة في أوراق الدعوى والتحقيقات التي تمت فيها لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
11 - الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تبين الواقعة على حقيقتها وأن ترد الحادث لصورته الصحيحة من مجموع الأدلة المطروحة عليها دون أن تتقيد في هذا التقرير بدليل بعينه أو بأقوال شهود بذواتهم، ذلك أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة وتتكون منها مجتمعة عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
12 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتعديل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب.
13 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً ويستعصى على الملائمة والتوفيق. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد بين ثبوت واقعة القتل ثبوتاً كافياً كما بين الظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من الطاعنة - وكان ما قاله بشأن استدلاله بأن الجثة للمجني عليها - سائغاً ومؤدياً إلى ما انتهى إليه وكانت الطاعنة لا تنازع في أن ما أورد بالحكم من أدلة الثبوت له معينه الصحيح من الأوراق، فإن ما تثيره من منازعة في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
14 - من المقرر أنه لا يقدح في ثبوت جريمة القتل عدم العثور على جثة المجني عليها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: قتلاً...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتلها فقام المتهم الثاني بإحضارها للمتهمة الأولى والتي قامت بالتوجه بها إلى داخل المسكن وقامت بخنقها بكلتا يديها والضغط على عنقها قاصدة من ذلك قتلها فأحدثت بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. المتهم الأولى أيضاً: خطفت بواسطة المتهم الثاني بطريق التحايل الطفلة المجني عليها سالفة الذكر والتي لم تبلغ بعد ستة عشرة سنة كاملة حالة كونها أنثى. المتهم الثاني أيضاً: خطف بطريق التحايل المجني عليها سالفة الذكر والتي لم تبلغ بعد ستة عشر عاماً كاملة بنفسه حالة كونها انثى. المتهمان سرقا القرط الذهبي المبين وصفاً وقيمة بالأوراق المملوك للمجني عليها سالفة الذكر على النحو المبين بالتحقيقات - وأحالتهما إلى محكمة جنايات الزقازيق لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والدا المجني عليها مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ 51 على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40، 41، 230، 231، 288، 318 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 32/ 2، 17 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وإلزامهما بأن يؤديا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.
المحكمة
أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه.
حيث إن الحكم المطعون فيه صدر على الطاعن حضورياً...... فقرر المحكوم عليه/..... بالطعن فيه بطريق النقض وبتاريخ..... في الميعاد، بيد أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معا وحدة إجرائية لا تقوم فيها إحداهما مقام الآخر ولا يغني عنه، لما كان ذلك فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المقدم منه شكلاً.
ثانياً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليها.
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والسرقة وخطف أنثى بالتحايل قد شابه القصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك أنها دفعت ببطلان الاستجواب والمواجهة الحاصلين بمعرفة الضابط واستجواب المتهمين أمام النيابة العامة والاعتراف المنسوب إليهما أمامها بعدم حضور محام معهما وبطلان ضبط القرط الذهبي والقبض على المتهمين والاعتراف المنسوب إليهما لوقوعه بعد إجراءات باطلة وأن الطبيب الشرعي لم يجزم بسبب الوفاة إلا أن المحكمة لم تعرض لهذا الدفاع ولم تورده أو ترد عليه، كما تمسك الدفاع عنها بأن الجثة التي عثر عليها ليست للمجني عليها بدلالة عجز وكيل النيابة المحقق عن وصفها وعجز والدة المجني عليها عن التعرف عليها حسبما شهد بذلك شيخ العزبة الأمر الذي أيده تقرير الصفة التشريحية المؤرخ..... بتأكيده تعذر الجزم فنياً بسبب الوفاة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار وخطف أنثى بالتحايل والسرقة التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمأمور الضبط القضائي عملاً بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه، وكان الاستجواب المحظور هو الذي يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التي تساق عليه دليلاًَ ليقول كلمته فيها تسليماً بها أو دحضاً لها، وإذ كان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أو ما أثبته مأمور الضبط القضائي في محضر ضبط الواقعة من أقوال الطاعنة والمتهم الآخر لا يعدو أن يكون تسجيلاً لما أبدياه أمامه من اعتراف كل منهما في حق نفسه وحق الآخر في نطاق أدلائهما بأقوالهما مما لا يعد استجواباً ولا يخرج عن حدود ما نيط بمأمور الضبط القضائي، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد لا يكون سديداً، ولا تثريب على المحكمة إن هي عولت على تلك الاعترافات في حكمها ما دامت قد اطمأنت إليها ولا عليها إن هي التفتت عن دفاع الطاعنة في هذا الشأن ولم تعرض له إذ لا دليل عليه ويدحضه الواقع. لما كان ذلك، وكانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه في غير أحوال التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستوجب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير يكتب في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإقرار أو الإعلان، وكان مفاد هذا النص أن المشرع تطلب ضمانة خاصة لكل متهم في جناية هي وجوب دعوة محامية إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة فيما عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة وذلك تضميناً للمتهم وصونا لحرية الدفاع عن نفسه، وللتمكن من دعوة محامي المتهم تحقيقاً لهذه الضمانة العامة يجب على المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو أن يتولى محاميه هذا الإقرار أو الإعلان. وإذ لم تزعم الطاعنة أنها عينت محامياً عنها وقت استجوابها أو أن محاميها تقدم للمحقق مقرراً الحضور معها وقت هذا الاستجواب، فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد يكون على غير أساس من القانون ولا تلتزم المحكمة بالرد عليه لما هو مقرر أن المحكمة لا تلتزم بالرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعنة ببطلان القبض عليها - واطرحه برد كاف وسائغ وصحيح - يقوم على أن هذا الإجراء تم بناء على إذن من النيابة العامة بناء على تحريات قدمت لها - فإن منعى الطاعنة في هذا الشأن يكون في غير محله، لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لا تدعي حقاً على القرط المضبوط ومن ثم لا صفة لها في الدفع ببطلان إجراءات ضبطه، فإن منعاها في هذا الشأن يكون غير سديد لما هو مقرر من أنه لا صفة لغير من وقع في حقه إجراء ما في أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه، لأن تحقق المصلحة في الدفع لا حق لوجود الصفة فيه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، وكان ما ساقه الحكم، من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها، وفي رده على ما أثارته الطاعنة من أن الطبيب الشرعي لم يجزم بسبب الوفاة، كافياً في الدلالة على أن المجني عليها قتلت بفعل الطاعنة العمدي خنقاً، وكان هذا الذي استخلصه الحكم واستقر في عقيدته لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي، ولا يتعارض مع ما نقله الحكم عن تقرير الصفة التشريحية وما شهد به الطبيب الشرعي بالجلسة وهو ما لا تماري الطاعنة في أن له مأخذه الصحيح في الأوراق إذ لم ينفي التقرير المذكور وكذا شهادة الطبيب الشرعي بالجلسة هذا التصوير الذي اعتنقه الحكمة ولا ينال من ذلك أن الطبيب الشرعي سواء في تقريره المكتوب أو شهادته بالجلسة لم يقطع بهذا التصوير إذ من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لها - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ما تثيره الطاعنة في منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة في أوراق الدعوى والتحقيقات التي تمت فيها لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تبين الواقعة على حقيقتها وأن ترد الحادث لصورته الصحيحة من مجموع الأدلة المطروحة عليها دون أن تتقيد في هذا التقرير بدليل بعينه أو بأقوال شهود بذواتهم، ذلك أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة وتتكون منها مجتمعة عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، كما أنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتعديل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وأنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به والمحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً ويستعصى على الملائمة والتوفيق. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد بين ثبوت واقعة القتل ثبوتاً كافياً كما بين الظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من الطاعنة - وكان ما قاله بشأن استدلاله بأن الجثة للمجني عليها - سائغاً ومؤدياً إلى ما انتهى إليه وكانت الطاعنة لا تنازع في أن ما أورداه الحكم من أدلة الثبوت له معينه الصحيح من الأوراق، فإن ما تثيره من منازعة في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، وفضلاً عن أنه لا يقدح في ثبوت جريمة القتل عدم العثور على جثة المجني عليها لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش