التلبس. صفة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها.
الحكم كاملاً
جلسة 16 من أكتوبر سنة 2012
برئاسة السيد المستشار/ بهيج القصبجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد سامي إبراهيم, عابد إبراهيم, هادي عبد الرحمن وأحمد محمود شلتوت نواب رئيس المحكمة.
(87)
الطعن رقم 21782 لسنة 74 القضائية
تلبس. مأمورو الضبط القضائى "سلطاتهم". مواد مخدرة. إثبات "بوجه عام". تفتيش "التفتيش بغير إذن". قبض. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "حالات الطعن. الخطأ فى تطبيق القانون". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير حالة التلبس". دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش".
لمأموري الضبط القضائي في أحوال التلبس في الجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر القبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه. جواز إصدار أمر بضبطه وإحضاره عند عدم تواجده. حقهم كذلك في تفتيش المتهم كلما جاز القبض عليه قانونًا. أساس ذلك؟
التلبس. صفة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها.
مشاهدة مأمور الضبط القضائي وقوع الجريمة. يبيح القبض على كل من قام دليل على مساهمته فيها وتفتيشه بغير إذن.
تقدير توافر حالة التلبس. موضوعي. حد ذك؟
مظاهر الحيرة والارتباك مهما بلغت. لا توفر الدلائل الكافية على اتهام الشخص بالجريمة المتلبس بها ولا تبيح القبض والتفتيش.
إثبات الحكم المطعون فيه قيام الطاعن بفتح الكرتونة التي تحوي المخدر بناء على ما وصفه الضابط بأنه طواعية منه. لا يتحقق به معنى الرضا المعتبر في القانون. علة ذلك؟
القبض على الطاعن وتفتيشه دون أمر قضائي ودون توافر الدلائل الكافية على اتهامه. ماهيته؟
اطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش بما لا يتفق وصحيح القانون. خطأ في تطبيق القانون. أثر ذلك؟
مثال لتسبيب معيب لاطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس في جريمة إحراز مواد مخدرة.
لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله إنها " تتحصل في أنه بتاريخ..... وأثناء تواجد النقيب شرطة..... معاون مباحث..... في كمين..... واستيقافه لإحدى السيارات..... القادمة من الوجه..... في اتجاه..... لفحص تراخيصها وبعد أن تم الفحص شاهد المتهم..... الجالس في المقعد الخلفى للسائق في حالة اضطراب وارتباك وحاملاً كرتونة فطلب منه مأمور الضبط فتح الكرتونة فقام بفتحها ووجد بداخلها عدد أربعة لفافات ورقية كبيرة الحجم من ورق شكاير الأسمنت وعليها بلاستر كاكى وبفض جزء منها وجد بداخل كل منها نبات الحشيش المخدر فتم ضبطه وقد وزنت المضبوطات..... من نبات الحشيش المخدر " وقد سرد الحكم أقوال ضابط الواقعة وشاهدها بما يتطابق مع هذا التقرير , ثم عرض للدفع المبدى من أن الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه بقوله " ولا يقدح في ذلك الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس لما كان الثابت أن المتهم قدم حالة التلبس طواعية ورضاء لمأمور الضبط القضائي بقيامه بفتح الكرتونة التى يحملها رضاءًا دونما ضغط أو إكراه وكشف ما فيها من مخدر وهو أمر يجعل حالة التلبس قائمة تمامًا وتبرر ضبط المتهم ومن ثم فإن الدفع بانتفاء حالة التلبس ليس له ما يبرره متعينًا رفضه " لما كان ذلك , وكانت المادتان 34 , 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتان بالقانون رقم 73 لسنة 1972 المتعلق بضمان حرمات المواطنين قد أجازا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذى توجد دلائل كافية على اتهامه فإذا لم يكن حاضرًا جاز للمأمور إصدار أمر بضبطه وإحضاره , كما خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم في الحالات التى يجوز فيها القبض عليه قانونًا , وكان من المقرر قانونًا أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها مما يبيح للمأمور الذى شاهد وقوعها أن يقبض على كل من يقوم دليل على مساهمته فيها وأن يجرى تفتيشه بغير إذن من النيابة العامة , ولئن كان تقدير الظروف التى تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس أمرًا موكولاً إلى محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط أن تكون الأسباب والاعتبارات التى تبنى عليها المحكمة تقديرها صالحة لأن تؤدى إلى النتيجة التى انتهت إليها. وكانت صورة الواقعة - كما حصلها الحكم المطعون فيه في مدوناته التى سلف بيانها - لا تنبئ عن أن جريمة إحراز المخدر التى دين الطاعن بها كانت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية , ومن ناحية أخرى فليس صحيحًا في القانون ما ساقه الحكم المطعون فيه تدليلاً على وجود الدلائل الكافية على وجود اتهام يبرر القبض على الطاعن وتفتيشه من أن مظاهر الارتباك قد اعترته بمجرد أن رأى الضابط يستوقف السيارة التى كان يركبها لفحص تراخيصها وذلك لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه ليس في مجرد ما يعترى الشخص من مظاهر الحيرة والارتباك مهما بلغا ما يوفر الدلائل الكافية على اتهامه بالجريمة المتلبس بها ويبيح من ثم القبض عليه وتفتيشه. كما أن ما نقله الحكم عن الضابط من أن الطاعن فتح الكرتونة التى تحوى المخدر طواعية فإنه لا يتحقق به معنى الرضا بالتفتيش , ذلك بأن ما وصفه الضابط بالطواعية إنما هو في حقيقته انصياع من الطاعن لأمر إياه بفتح الكرتونة ولا يتحقق به معنى الرضا المعتبر في القانون. لما كان ذلك , فإن القبض والتفتيش الذى وقع على الطاعن دون استصدار أمر قضائى يكون قد وقع في غير حالة تلبس بالجريمة ودون أن تتوافر الدلائل الكافية على اتهامه بها ومن ثم فإن ما وقع في حقه هو قبض صريح ليس له ما يبرره ولا سند له من القانون وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وكان ما أورده تبريرًا لإطراح الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لا يتفق وصحيح القانون ولا يؤدى إلى ما رتبه عليه فإنه يكون معيبًا بالخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن النظر فيما يكون في الدعوى من أدلة أخرى مستقلة عن الإجراء الباطل الذى عول عليه مما يقتضى أن يكون مع النقض الإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الاتجار جوهرًا مخدرًا "نبات الحشيش المخدر" في غير الأحوال المصرح بها قانونًا. وأحالته إلى محكمة جنايات ....... لمحاكمته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 1, 2, 38/1, 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم (56) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول المعدل بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود المسماة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ....... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون فيما أورده ردًا على الدفع المبدى منه ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله إنها " تتحصل في أنه بتاريخ..... وأثناء تواجد النقيب شرطة..... معاون مباحث..... في كمين..... واستيقافه لإحدى السيارات..... القادمة من الوجه..... في اتجاه..... لفحص تراخيصها وبعد أن تم الفحص شاهد المتهم..... الجالس في المقعد الخلفى للسائق في حالة اضطراب وارتباك وحاملاً كرتونة فطلب منه مأمور الضبط فتح الكرتونة فقام بفتحها ووجد بداخلها عدد أربعة لفافات ورقية كبيرة الحجم من ورق شكاير الأسمنت وعليها بلاستر كاكى وبفض جزء منها وجد بداخل كل منها نبات الحشيش المخدر فتم ضبطه وقد وزنت المضبوطات..... من نبات الحشيش المخدر " وقد سرد الحكم أقوال ضابط الواقعة وشاهدها بما يتطابق مع هذا التقرير , ثم عرض للدفع المبدى من أن الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه بقوله " ولا يقدح في ذلك الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس لما كان الثابت أن المتهم قدم حالة التلبس طواعية ورضاء لمأمور الضبط القضائي بقيامه بفتح الكرتونة التى يحملها رضاءًا دونما ضغط أو إكراه وكشف ما فيها من مخدر وهو أمر يجعل حالة التلبس قائمة تمامًا وتبرر ضبط المتهم ومن ثم فإن الدفع بانتفاء حالة التلبس ليس له ما يبرره متعينًا رفضه " لما كان ذلك , وكانت المادتان 34 , 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتان بالقانون رقم 73 لسنة 1972 المتعلق بضمان حرمات المواطنين قد أجازا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذى توجد دلائل كافية على اتهامه فإذا لم يكن حاضرًا جاز للمأمور إصدار أمر بضبطه وإحضاره , كما خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم في الحالات التى يجوز فيها القبض عليه قانونًا , وكان من المقرر قانونًا أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها مما يبيح للمأمور الذى شاهد وقوعها أن يقبض على كل من يقوم دليل على مساهمته فيها وأن يجرى تفتيشه بغير إذن من النيابة العامة , ولئن كان تقدير الظروف التى تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس أمرًا موكولاً إلى محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط أن تكون الأسباب والاعتبارات التى تبنى عليها المحكمة تقديرها صالحة لأن تؤدى إلى النتيجة التى انتهت إليها. وكانت صورة الواقعة - كما حصلها الحكم المطعون فيه في مدوناته التى سلف بيانها - لا تنبئ عن أن جريمة إحراز المخدر التى دين الطاعن بها كانت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية , ومن ناحية أخرى فليس صحيحًا في القانون ما ساقه الحكم المطعون فيه تدليلاً على وجود الدلائل الكافية على وجود اتهام يبرر القبض على الطاعن وتفتيشه من أن مظاهر الارتباك قد اعترته بمجرد أن رأى الضابط يستوقف السيارة التى كان يركبها لفحص تراخيصها وذلك لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه ليس في مجرد ما يعترى الشخص من مظاهر الحيرة والارتباك مهما بلغا ما يوفر الدلائل الكافية على اتهامه بالجريمة المتلبس بها ويبيح من ثم القبض عليه وتفتيشه. كما أن ما نقله الحكم عن الضابط من أن الطاعن فتح الكرتونة التى تحوى المخدر طواعية فإنه لا يتحقق به معنى الرضا بالتفتيش , ذلك بأن ما وصفه الضابط بالطواعية إنما هو في حقيقته انصياع من الطاعن لأمر إياه بفتح الكرتونة ولا يتحقق به معنى الرضا المعتبر في القانون. لما كان ذلك , فإن القبض والتفتيش الذى وقع على الطاعن دون استصدار أمر قضائى يكون قد وقع في غير حالة تلبس بالجريمة ودون أن تتوافر الدلائل الكافية على اتهامه بها ومن ثم فإن ما وقع في حقه هو قبض صريح ليس له ما يبرره ولا سند له من القانون وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وكان ما أورده تبريرًا لإطراح الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لا يتفق وصحيح القانون ولا يؤدى إلى ما رتبه عليه فإنه يكون معيبًا بالخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن النظر فيما يكون في الدعوى من أدلة أخرى مستقلة عن الإجراء الباطل الذى عول عليه مما يقتضى أن يكون مع النقض الإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.
ساحة النقاش