موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

قبض بدون وجه حق. فرار المجني عليه بعد إتمام الجريمة من تلقاء نفسه أو بموافقة الجاني وإرشاده. لا يؤثر في مسئولية المتهم الجنائية. المادتان 280، 282 ع.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 7 - صـ 722

جلسة 14 من مايو سنة 1956

برياسة السيد وكيل المحكمة مصطفى فاضل وبحضور السادة: حسن داود، ومصطفى كامل، وفهيم يسي الجندي، وأحمد زكي كامل -المستشارين.

(203)
القضية رقم 419 سنة 26 القضائية

( أ ) حكم. تسبيبه. عدم استخلاص المحكمة صورة الواقعة مما ورد ذكره على ألسنة بعض الشهود. استنباطها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية. صحيح.
(ب) قبض بدون وجه حق. فرار المجني عليه بعد إتمام الجريمة من تلقاء نفسه أو بموافقة الجاني وإرشاده. لا يؤثر في مسئولية المتهم الجنائية. المادتان 280، 282 ع.
1 - لا يلزم لاستخلاص صورة الواقعة التي ترتسم في وجدان المحكمة أن يكون هذا الاستخلاص قد ورد ذكره على ألسنة بعض الشهود، وإنما يكفي أن يكون مستنبطاً بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق.
2 - متى كان الواضح من الحكم أن جريمة القبض بدون وجه حق مع التهديد أو التعذيبات البدنية التي دين المتهمان بها قد تمت واكتملت عناصرها قبل فرار المجني عليه فلا يؤثر في مسئوليتهما الجنائية أن يكون فراره قد حدث من تلقاء نفسه أو بموافقة الجناة وإرشادهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة. 1 - محمد حمد الله جابر و2 - علي عباس محمد 3 - عبد الحميد علي عباس و4 - محمود علي عباس و5 - محمد علي عباس بأنهم قبضوا مع آخرين مجهولين على عبد الموجود محمد السيد وحجزوه بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً وهددوه بالقتل. وعذبوه بالتعذيبات البدنية فأحدثوا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمادتين 280 و282 من قانون العقوبات، فقررت الغرفة بذلك. وادعى عبد الموجود محمد السيد بحق مدني قدره 100 جنيه قبل المتهمين بالتضامن. ومحكمة جنايات سوهاج نظرت الدعوى ثم قضت عملاً بمادتي الاتهام حضورياً للمتهمين الأول والثاني وغيابياً للباقين بمعاقبة كل من محمد حمد الله جابر وعلي عباس محمد وعبد الحميد علي عباس ومحمود علي عباس ومحمد علي عباس بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنين وبإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لعبد الموجود محمد السيد مبلغ 100 جنيه على سبيل التعويض والمصاريف المدنية وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

 

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن أدلة الثبوت التي ساقها الحكم المطعون فيه للاستدلال بها على صحة الواقعة لا تتفق في جملتها أو في تفصيلها مع أقوال المجني عليه وشهوده، وقد تمسك الدفاع عن الطاعنين بانعدام الباعث على الجريمة إذ لا يمكن أن يكون تنفيذ الحكم المدني على أخت الطاعن الأول سبباً في حنق المتهمين - ومنهم الطاعنان - على المجني عليه ما دام هذا الأخير - وهو الدائن المحكوم له - كان بين أيديهم، وكان بمجرد القبض عليه على استعداد لتحرير مخالصة عن الدين، فلم يكن ثمة ما يبرر المضي في إتمام الجريمة وإقصائه في مغارة بالجبل، وترتيب حراسة عليه مدة اثني عشر يوماً، وإذا كان الغرض من الخطف هو إرجاع المجني عليه بالإتاوة، فإنه لم يثبت أن أحداً من المتهمين أو من أقاربهم فاتح المجني عليه أو أحد ذويه في هذا الشأن، ولا يعترض على ذلك بأن سرعة التبليغ عن جريمة الخطف حالت دون المطالبة بالإتاوة - لأن التبليغ ذاته مدعاة للخلاص من المجني عليه بالفتك به، وقد نوقش المجني عليه في هذه الاعتبارات فعجز عن الرد عليها، تمسك الدفاع بذلك كله، وعرض له الحكم ولكنه رد عليه بأسباب تتجافى مع حكم المنطق ذلك لأن المجني عليه كان مودعاً في مكان خفي لا يعلم به أحد من رجال الإدارة أو من أقارب المجني عليه مما كان يسهل معه على المتهمين الإجهاز عليه، وقول الحكم بأن سرعة التبليغ عن الحادث حال دون اتصال المتهمين بمن كان المجني عليه مودعاً لديه لا أصل له في التحقيق ولم يقل به أحد من شهود الدعوى ولا المجني عليه نفسه، يضاف إلى ذلك أن الحكم أخذ بما قرره المجني عليه من أنه كان في مغارة وفي حراسة مسلحة وأنه مع ذلك تمكن من الهرب بعد أن فك وثاقه وسار ليلاً في أمكنة مجهولة حتى بلغ مسكنه - أخذ الحكم بهذا القول بالرغم من أن الواقع أنه لو كان المجني عليه قد عاد إلى بيته فلابد أن يكون ذلك بموافقة الجناة وإرشادهم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "أن المجني عليه كان يداين فاطمة حمد الله جابر شقيقة المتهم الأول (الطاعن الأول) وزوجة الثاني (الطاعن الثاني) ووالدة باقي المتهمين في مبلغ 160 جنيهاً ولما أعيته المطالبة بالدين لجأ إلى القضاء فحكم له وشرع على الأثر في التنفيذ على أموال مدينته فأوقع الحجز على زراعة قطن وذرة وماشية، فحز في نفوس المتهمين وأوغر صدورهم فأجمعوا رأيهم على الانتقام منه لجرأته في اقتضاء حقوقه التي خولها له القانون وانتهى بهم الرأي إلى التفكير في اختطافه وتعذيبه وتهديده، ورسموا لذلك خطة تقضي بأن يقوم أولهم محمد حمد الله جابر لاستدراجه إلى مكان الجريمة لتنفيذ ما عقدوا العزم عليه وقد نفذ المتهم المذكور ما اتفقوا عليه وذهب يحاول استدراج المجني عليه حتى ظفر به ليلة الجريمة وطلب منه مصاحبته لبعض الحديث فلما انفردوا بدأ المتهم الأول حديثه مع المجني عليه عارضاً عليه تسوية أمر الدين، وطلب منه الموافقة على قبول مبلغ مائة جنيه على أن يؤجل الباقي إلى ميسرة، وكان القصد الذي رمى إليه المتهم من هذا الحديث هو بث الطمأنينة في نفس المجني عليه، وكان له ما أراد فأمن الأخير جانبه وأخذ في مناقشة العرض الذي تقدم به واستمر الحديث بينهما حتى بعدا عن المكان الذي تركا فيه عم المجني عليه وابن عمه ولما وصل المتهم الأول والمجني عليه إلى مكان الجريمة بدأ الشر واضحاً ومفاجئاً من المتهم الأول الذي أمسك بخناق المجني عليه على حين غرة وبادره بالسب المقذع لجرأته في توقيع الحجز على أموال أخته، وكأنما كان هذا السباب إشارة الهجوم لباقي المتهمين الأربعة الآخرين الذين خرجوا من مكنهم داخل الزراعة وانقضوا على المجني عليه وعاجله المتهم الثاني بضربة من عصاه أصابت مقدم رأسه وثنى عليه المتهم الثالث بعصا أصابت جانب رأسه الأيمن ثم ما لبث أن ضربه المتهم الرابع بعصا على عضده الأيمن وأسرع المتهمان الأول والخامس إلى عصب عيني المجني عليه وكم فمه بملاءته التي كان يضعها على كتفه وربطا فوقها حبلاً وكان هذا الاعتداء الغادر المفاجئ مما ألجم المجني عليه وبث في نفسه الرعب وأصابه بذعر، إذ أدرك أن منيته قد حانت. فعرض عليهم في خوف ورجاء أن يخلوا سبيله على أن يتنازل لهم عن الدين، ولكن رغبة المتهمين في الانتقام كانت أقوى من رغبتهم في التخلص من الدين فلم يستمعوا إلى رجائه وقادوه معصوب العينين مكمم الفم إلى الجبل القريب من مكان الجريمة حيث سلموه لأشخاص لم يتبينهم المجني عليه ولم يعرفهم بسبب عصب عينيه ولم يميز لغة تفاهمهم وقام بعض المتهمين بإيثاق كتفيه بحبل من الليف ثم قاده القوم الذين استلموه على حمار وساروا به في الجبل مسافة طويلة حتى وصلوا إلى مغارة وضعوه بها وقاموا على حراسته وهو على حاله معصوب العينين مكمم الفم موثوق الكتفين. وكان حراسه هؤلاء يناولونه في الحين بعد الحين بعض كسرات الخبز ويسقونه الماء، وبقى المجني عليه يعاني ما هو فيه من كرب وبلاء طول خمسة عشر يوماً، ولما أن كانت ليلة 17 من سبتمبر سنة 1954 أحس بحراسه وقد غرقوا في نومهم وعلا غطيطهم فقام من مكانه محاذراً وابتعد عن المكان الذي وضع فيه، وكان ينتوي أن يعتذر لهم إذا ما استيقظوا وأحسوا ببعده عنهم بأنه رغب في قضاء حاجة، ولكن القوم لم يحسوا به فشجعه ذلك على الفرار، وأمعن يحث خطاه مبتعداً عن مكان أسره وكلما بعدت الشقة بينه وبين آسريه قوى ذلك من عزمه فضاعف سيره، وكان خلال ذلك يحاول جاهداً أن يفك وثاقه وأن يزيل العصابة من فوق وجهه فنجح في ذلك وأسرع يعدو في الطريق، فلما بدأ ضوء القمر تبين مكانه، فإذا به على مقربة من بلدة العلوانية وهنالك عرف الطريق التي يسلكها إلى بيته، فاتخذ شاطئ ترعة الكسرة ميمما ناحية النجع فوصل إليه مع الفجر حيث لقيه في مدخله الخفير عبد الموجود محمد محمد حسن وكان الإعياء قد حل به كما كان الخوف من أن يكون أحد من آسريه في أثره مما حدا به إلى مطالبة الخفير الإسراع به إلى داره ليستريح بها، ففعل الخفير وصحبه وبقى معه في داره حتى أشرقت الشمس ثم قاده إلى نائب العمدة وأبلغه بما وقع له" ثم أورد الحكم على ثبوت وقوع الواقعة على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه وباقي شهود الإثبات والمعاينة وتقرير الطبيب الشرعي واستعراف الكلب البوليسي على الطاعن الأول عندما شم العصا التي ضبطت في مكان الحادث وما دل عليه فحص البقع الدموية التي وجدت في ذلك المكان من أنها من ذات فصيلة دم المجني عليه، ولما كانت هذه الأدلة التي أخذ بها الحكم وعول عليها في إدانة الطاعنين سائغة مقبولة ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها، وكان لا يلزم لاستخلاص صورة الواقعة التي ترتسم في وجدان المحكمة أن يكون هذا الاستخلاص قد ورد ذكره على ألسنة بعض الشهود، وإنما يكفي أن يكون مستنبطاً بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عللت في معرض بيان الواقعة الباعث على ارتكاب الجريمة تعليلاً مقبولاً، وكان الباعث مع ذلك ليس ركناً من بين أركان الجريمة، فلا يؤثر في سلامة الحكم ولا في قيمة أدلة الإدانة المبينة فيه أن يكون الحكم قد أخطأ في استخلاص الباعث على فرض قيام هذا الخطأ، ولما كان الواضح من الحكم أن جريمة القبض بدون وجه حق مع التهديد أو التعذيبات البدنية التي دين الطاعنان بها قد تمت واكتملت عناصرها قبل فرار المجني عليه فلا يؤثر في مسئوليتهما الجنائية أن يكون فراره قد حدث من تلقاء نفسه أو بموافقة الجناة وإرشادهم - لما كان كل ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعنان في طعنهما لا يكون في واقعة إلا جدلاً موضوعياً لا شأن لمحكمة النقض به.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 26 مشاهدة
نشرت فى 26 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,123,439

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »