سلطة المحكمة فى تقدير حقيقة أقوال المتهم دون الأخذ بظاهرها.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 958
جلسة 5 من ديسمبر سنة 1961
برياسة السيد السيد أحمد عفيفى المستشار، وبحضور السادة: محمد عطيه اسماعيل، وعبد الحليم البيطاش، ومحمد عبد السلام، وأديب نصر حنين المستشارين.
(198)
الطعن رقم 538 لسنة 31 القضائية
(أ) تلبس. قبض. تفتيش. مواد مخدرة.
تقدير قيام حالة التلبس من سلطة محكمة الموضوع. تقدير المحكمة أن للمتهم اتصالا بالجريمة المتلبس بها. صحة القبض والتفتيش. مثال.
( ب، جـ) إثبات " إقرار المتهم". قبض. تفتيش.
سلطة المحكمة فى تقدير حقيقة أقوال المتهم دون الأخذ بظاهرها.
سلطتها فى الأخذ بتلك الأقوال - ولو صدرت بعد قبض وتفتيش باطلين. متى قدرت أن أقواله لم تكن متأثرة بالإجراء الباطل.
1 - قيام حالة التلبس هو من الأمور الموضوعية التى تستقل محكمة الموضوع بتقديرها، وإذن فمتى كان ما أورده الحكم المطعون فيه من إجازة القبض على الطاعن الثانى وتفتيشه فى الأحوال التى أحاطت به صحيحا فى القانون - على تقدير أن له اتصالا بجريمة إحراز المخدر المتلبس بها بحكم ظاهر صلته بالمتهم الآخر الضالع فيها وحضوره معه بالسيارة لنقل المواد المخدرة بها - فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قالة الخطأ فى تطبيق القانون لا يكون سديدا.
2 - للمحكمة سلطة تقدير أقوال المتهم، ولها أن تنفذ إلى حقيقتها دون الأخذ بظاهرها.
3 - للمحكمة - فى حالة الدفع ببطلان القبض والتفتيش وثبوت ذلك البطلان - أن تقدر مبلغ اتصال أقوال المتهم بالإجراء الباطل ومدى تأثرها به، بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال صدرت منه صحيحة غير متأثرة فيها بهذا الإجراء الباطل جاز لها الأخذ بها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من الطاعنين وآخر بأنهم - المتهم الأول "الطاعن الأول": جلب جوهرا مخدرا "حشيشا" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. والمتهم الثانى: حاز وأحرز مخدرا "حشيشا" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. والمتهم الثالث "الطاعن الثانى" أحرز جوهرا مخدرا "أفيونا" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى غرفة الإتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 1 و 2 و 33/ أ و جـ و 35 من المرسوم بقانون 351 لسنة 1952 والبند رقم 12 من الجدول 1 المرافق. فقررت بذلك. وأمام محكمة الجنايات دفع الحاضر مع المتهم الثالث ببطلان القبض والتفتيش. والمحكمة المذكورة قضت عملا بمواد الإتهام للمتهمين الأول والثانى وبذات المواد عدا المادة 33 فبدلا منها المادة 34 بالنسبة للمتهم الثالث مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة له أيضا غيابيا للثانى وحضوريا للباقين - أولا: بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثانى بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريم كل منهما ثلاثة آلاف جنيه. ثانيا: بمعاقبة المتهم الثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنة وتغريمه خمسمائة جنيه. ثالثا: بمصادرة المواد المخدرة المضبوطة. وردت المحكمة فى أسباب حكمها على الدفع قائلة إنه فى غير محله. فطعن المحكوم عليهما الأول والثالث فى هذا الحكم بطريق النقض. ولم يقدم الطاعن الأول أسبابا لطعنه.
المحكمة
من حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن بالنقض فى الميعاد، إلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه فيكون طعنه غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم عن الطاعن الثانى قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الثانى هو الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال، ذلك بأنه دفع ببطلان القبض والتفتيش وقال فى ذلك إنه سائق أجرة يعمل ما بين القاهرة والمنصورة وقد استدعاه المتهم الثانى "مختار السيد الشريف" من محطة القاهرة، وأنه فتش دون أن يكون متهما فى الدعوى ولم تكن الجريمة فى حالة تلبس تجيز القبض لأن المخدرات كانت قد ضبطت فى اليوم السابق، فرد الحكم على ذلك بأن الجريمة كانت فى حالة تلبس وهو رد غير صحيح لأن المخدرات كانت موضوعة داخل حقيبتين مغلقتين وقد ضبطت فى اليوم السابق، ولا يغير من ذلك أن الطاعن أمر بوضعهما فى حقيبة السيارة الخلفية فهو لم يكن يعلم بمحتوياتهما. كما أن ما قاله الحكم من أنه يعتمد فى إدانته على دليل مستقل عن القبض والتفتيش - هو اعترافه فى محضر ضبط الواقعة باحرازه المخدر بقصد التعاطى وعدم إنكاره وصدور هذا الإعتراف منه فى تحقيق النيابة - هو قول لا يستقيم فى القانون، إذ أن بطلان القبض يستتبع بطلان ما ترتب عليه ومن ذلك ما أثبته رجال الضبط القضائى فى محاضرهم، هذا بالإضافة إلى أن تسميه ما صدر من الطاعن اعترافا ينطوى على فساد فى الاستدلال فهو أن الطاعن، وإن ذكر فى محضر ضبط الواقعة أنه يتعاطى المخدر لمرضه، إلا أنه قال فى النيابة إن المخدر أخرج من جيبه ولا يعرف مصدره.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه فى قوله "وحيث إن هذا الدفع فى غير محله، إذ أن هذا المتهم فتش إثر وضعه الحقيبتين اللتين كانتا تحتويان على المواد المخدرة فى سيارته بأمر من المتهم الثانى ولا شك أن هذا يتضمن جريمة إحراز مواد مخدرة متلبسا بها إذ أن محتويات الحقيبتين كانت معلومة لمن قام بالضبط، ومتى كانت الجريمة متلبسا بها فإنه يباح لرجل الضبطية القضائية الذى شاهد وقوعها أن يقبض على كل من يقوم لديه أى دليل على أن له اتصالا بتلك الجريمة وتفتيشه، وقد كان هذا شأن المتهم الثالث الذى كان يقوم بنقل المواد المخدرة فى سيارته فى ظروف تشعر بحكم اتصاله بالمتهم الثانى بأنه ضالع فى ارتكاب هذه الجريمة ومن ثم فقد كان من حق رجل الضبطية القضائية القبض عليه وتفتيشه لضبط ما عساه أن يكون مفيدا فى كشف تلك الجريمة..." لما كان ما تقدم، وكان قيام حالة التلبس هو من الأمور الموضوعية التى تستقل محكمة الموضوع بتقديرها، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه من إجازة القبض على الطاعن الثانى وتفتيشه فى الأحوال التى أحاطت به صحيحا فى القانون على تقدير أن له اتصالا بالجريمة المتلبس بها بحكم ظاهر صلته بالمتهم الثانى الضالع فيها وحضوره معه بالسيارة لنقل هذه المواد بها. لما كان ذلك، وكان للمحكمة سلطة تقدير أقوال المتهم وكان لها أن تنفذ إلى حقيقتها دون الأخذ بظاهره. كما أن لها فى حالة الدفع ببطلان القبض والتفتيش وثبوت ذلك، أن تقدر مبلغ اتصال هذه القوال بالإجراء الباطل ومدى تأثرها به، بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال صدرت منه صحيحة غير متأثر فيها بهذا الإجراء الباطل جاز لها الأخذ بها. ولما كانت المحكمة - تأسيسا على ما سبق - قد اطمأنت إلى سلامة الدليل المستمد من أقوال الطاعن فى محضر الضبط، وكان ما ادعاه أمام النيابة من عدم العلم بمصدر المخدر المضبوط معه لم تصدقه المحكمة ودللت على كذب دعواه فى هذه المرحلة من التحقيق بما ينتجه، وكان الحكم لم يخطئ فى فهم أقوال الطاعن بمحضر الضبط على أنها اعتراف بحيازة المخدر بقصد تعاطيه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ساحة النقاش