عدم اشتراط القانون لإيقاع القبض والتفتيش المخولين لمأمور الضبط القضائي إعمالا للمادتين 34، 46 إجراءات ترتيبا معينا.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثامنة عشرة - صـ 295
جلسة 28 من فبراير سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمود عزيز الدين سالم، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.
(58)
الطعن رقم 1859 لسنة 36 القضائية
(أ، ب) قبض. تفتيش. تلبس. مأمورو الضبط القضائي.
(أ) عدم اشتراط القانون لإيقاع القبض والتفتيش المخولين لمأمور الضبط القضائي إعمالا للمادتين 34، 46 إجراءات ترتيبا معينا.
(ب) تقدير كفاية الدلائل التي تسوغ لمأمور الضبط القضائي القبض والتفتيش. أمر موكول إلى رجل الضبط تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع.
1 - يؤخذ من عموم نص الفقرتين الأوليين من المادتين 34، 46 من قانون الإجراءات الجنائية أن الشارع وقد خول مأمور الضبط القضائي القبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه بجناية أن يفتشه بغير إذن من سلطة التحقيق وبغير حاجة إلى أن تكون الجناية متلبسا بها بالمعنى الذي تضمنه المادة 30 من القانون ذاته، لم يشترط لإيقاع هذين الإجراءين ترتيبا معينا. ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعن من بطلان إجراءات الضبط وفساد دليل الكشف على المخدر المستمد منها - استنادا إلى أن القبض عليها كان تاليا لتفتيش عباءتها - لا يستند إلى أساس صحيح في القانون.
2 - إن تقدير الدلائل التي تسوغ لمأمور الضبط القبض والتفتيش ومبلغ كفايتها يكون بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره هذا خاضعا لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها في يوم 20 من أغسطس سنة 1958 بدائرة قسم البستان محافظة الإسماعيلية: حازت وأحرزت مواد مخدرة "أفيونا" في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتها إلى محكمة الجنايات لمعاقبتها طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الإسماعيلية قضت حضوريا بتاريخ 10 من نوفمبر سنة 1966 عملا بالمواد 1 و2 و37 و38 و42 من القانون 182 لسنة 1960 والبند الأول من الجدول المرافق بمعاقبة المتهمة بالسجن مدة ثلاث سنوات وتغريمها ألف جنيه وبمصادرة المادة المخدرة المضبوطة. فطعنت المحكوم عليها في هذا بطريق النقض...الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو الاستعمال الشخصي قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله، ذلك بأنه رفض الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش بدعوى أن الدلائل الكافية على إتهام الطاعنة بجريمة إحراز المخدر قد توافرت بما يخول لمأمور الضبط القضائي الحق في القبض عليها وتفتيشها بالتطبيق لأحكام المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية، مع أن تلك المادة إنما تجيز لمأمور الضبط القبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على إتهامه بإحدى الجرائم المعينة فيها ولم تبح له إجراء التفتيش ابتداء الذي قد يحدث بالتطبيق لأحكام الفقرة الأولى من المادة 46 من القانون ذاته فيما لو كانت الجريمة في حالة تلبس، وهو ما نفته المحكمة. ولما كان الضابط في الدعوى المبسوطة قد فتش ابتداء العباءة وعثر بين طياتها على المخدر المضبوط ثم قبض على الطاعنة فإنه يكون قد أجرى التفتيش بغير مسوغ قانوني، مما يستنتج بطلان كافة الأدلة المستمدة منه والنتائج التي ترتبت عليه بما فيها الكشف عن المخدر والقبض على الطاعنة. هذا فضلا عن أن ما عولت عليه المحكمة - تدليلا على قيام الدلائل الكافية - من القول بظهور علامات الارتباك على الطاعنة لا يكفي بذاته للقول بتوافرها، إذ أن مجرد الارتباك وما قد يتولد عنه من ظنون في نفس مأمور الضبط لا يرقى إلى مرتبة الدلائل الكافية على الاتهام التي من شأنها أن تكشف بذاتها عن وقوع الجريمة المسندة إلى الجاني وتخول لمأمور الضبط القبض على المتهمة. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يبطله ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دينت الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة مستمدة من أقوال الملازم أول أحمد أحمد النجاري والشرطي عبد الله أحمد الخولي ومن استعراض الكلب البوليسي على الطاعنة وتقرير المعامل الكيماوية الملحقة بمصلحة الطب الشرعي بنتيجة تحليل المادة المضبوطة وهي أدلة سائغة وكافية من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. ثم عرض الحكم للدفع المبدي من الطاعنة وأثبته ورد عليه بقوله " ودفع الحاضر معها ببطلان القبض والتفتيش لأن المتهمة لم تكن في حالة من إحدى حالات التلبس كما أن ظروف الواقعة تدل على أن المتهمة لم تكن قد تخلت عن المادة المخدرة لأن الواضح من أقوال الشاهدين أنها كانت تحاول الإحتفاظ بها بإخفائها تحت مقعدها بعيدا عن أنظارها.... وحيث أنه بصرف النظر عن أن العثور على المخدر حصل بعد أن تخلت عنه المتهمة بإرادتها ودون أي إجراء للضغط عليها أو التعرض لحريتها وأن محاولة إخفائه أنما كان بقصد إبعاده عن نظر الضابط والتنصل من تبعة إحرازه، إلا أنه حتى مع التسليم بما تمسك به الدفاع من أن التفتيش قد انصب على متاع كان وما زال في حوزة المتهمة التي لم تكن قد تخلت عنه فإن الواقع أن الحركة التي بدرت من المتهمة من شأنها أن تستلفت النظر وتستثير الريبة القوية في أن المتهمة تحرز مخدرا، ذلك لأن المستفاد من شهادة الضابط والمخبر التي تطمئن المحكمة إلى صدقها أن المتهمة اضطربت فجأة لدى مشاهدتها الضابط ثم ألقت بعباءة كانت معها وحاولت إخفائها تحت مقعدها على صورة تحمل على الاعتقاد بأن هذه العباءة تطوي مخدرا تخشى المتهمة من استكشافه وافتضاح أمره، ولا شك في أن هذه الموقف الذي وضعت نفسها فيه طواعية واختيارا من شأنه أن يرقى إلى مرتبة المظاهر الخارجية التي تعتبر في تقدير المحكمة وفي عرف القانون دلائل كافية على ارتكابها جريمة إحراز مخدر مما يجيز للضابط بوصفه من مأموري الضبط القضائي أن يقبض على المتهمة طبقا لما
تنص به المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية وأن يقوم في شأنها بإجراء التفتيش الذي يسمح به القانون، وهو - تفتيش كما هو ثابت في الأوراق - انحصر في العباءة دون أن يستطيل إلى جسم المتهمة وأسفر عن ضبط الأفيون. وحيث إنه من ثم يكون ضبط الأفيون قد تولد عن إجراءات مشروعة لا عيب فيها ولا بطلان. وبالتالي يكون الدفع في غير محله ويتعين رفضه ". لما كان ذلك، وكان يؤخذ من عموم نص الفقرتين الأوليين من المادتين 34، 46 من قانون الإجراءات الجنائية أن الشارع، وقد خول مأمور الضبط القضائي القبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه بجناية وأن يفتشه بغير إذن من سلطة التحقيق وبغير حاجة إلى أن تكون الجناية متلبسا بها بالمعنى الذي تضمنته المادة 30 من القانون ذاته لم يشترط لإيقاع هذين الإجراءين ترتيبا معينا، فإن ما تنعاه الطاعنة من بطلان إجراءات الضبط وفساد في دليل الكشف على المخدر المستمد منها - استنادا إلى أن القبض عليها كان تاليا لتفتيش عباءتها - لا يستند إلى أساس صحيح في القانون. لما كان ما تقدم، وكان تقدير الدلائل التي تسوغ لمأمور الضبط القبض والتفتيش ومبلغ كفايتها يكون بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره هذا خاضعا لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أنه قد انتاب الطاعنة إضطراب مفاجئ لدى مشاهدتها مأمور الضبط القضائي وألقت بعباءتها على أرضية السيارة ثم حاولت إخفاءها أسفل مقعدها بصورة تحمل على الاعتقاد بأنها تطوى مخدرا تخشى مغبة كشفه، وكان هذا الذي أورده الحكم أصله الثابت في المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقا للطعن، وكانت المحكمة قد استخلصت من تلك المظاهر في منطق سليم كفاية الدلائل التي ارتكن إليها رجل الضبط القضائي في القبض على الطاعنة وتفتيش عباءتها وقضت بناء على ذلك برفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش وبصحتهما وسلامة الدليل المستمد منهما، فإنه لا يكون ثمة وجه لما ينعاه الطاعن على الحكم.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
ساحة النقاش