حق مأمور الضبط القضائي في القبض على المتهم وتفتيشه عملاً بالمادتين 34، 64 من قانون الإجراءات الجنائية.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 972
جلسة 13 من نوفمبر سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن أبو الفتوح الشربينى، وإبراهيم أحمد الديوانى، وحسن على المغربى.
(203)
الطعن رقم 632 لسنة 43 القضائية
(1 و2 و3) دعارة. جريمة. "أركان الجريمة". حكم. "بيانات التسبيب". "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". عقوبة. "عقوبة الجرائم المرتبطة". نقض. "المصلحة فى الطعن". "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ارتباط.
(1) ركن الاعتياد، ليس شرطاً لتحقق جريمة التحريض على الدعارة المؤثمة بالمادة الأولى من القانون 10 لسنة 1961. شمول التأثيم صور التسهيل كافة.
(2) التحريض على الدعارة. تقدير قيامه أو عدم قيامه تفصل فيه محكمة الموضوع بلا معقب. كفاية اثبات الحكم تحقق التحريض. بيانه الأركان المكونة له غير لازم.
(3) لا جدوى للطاعن من النعى على الحكم بإدانته بجريمة التحريض على الدعارة. ما دام الحكم قد دانه كذلك بجريمتى تحريض الإناث على المغادرة للاشتغال بالدعارة والشروع فيها وأوقع عليه عقوبة أشد تلك الجرائم التى تدخل فى نطاقها عقوبة التحريض على الدعاره.
(4) قبض. تفتيش. "التفتيش بغير إذن". استدلال. مأمورو الضبط القضائى. "اختصاصاتهم". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". دعارة. دفوع. "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق مأمور الضبط القضائى فى القبض على المتهم وتفتيشه عملاً بالمادتين 34، 64 من قانون الإجراءات الجنائية.
1 - نص المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 1961 على تجريم كل من حرض ذكراً أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعدة على ذلك أو سهله بصفة عامة يفيد ثبوت الحكم على الإطلاق بحيث تتناول شتى صور التسهيل دون اشتراط ركن الاعتياد. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من أن جريمة التحريض على الدعارة التى دانه الحكم بها من جرائم العادة يكون على غير سند من القانون.
2 - لم يبين القانون ما هو المراد من كلمة (التحريض على الدعارة) ومن ثم فإن تقدير قيام التحريض أو عدم قيامه فى الظروف التى وقع فيها يعد مسألة تتعلق بالوقائع تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب، ويكفى أن يثبت الحكم تحقق التحريض ولا عليه أن يبين الأركان المكونة له.
3 - متى كان الحكم قد أثبت فى حق الطاعن مقارفته جريمة تحريض الاناث على مغادرة البلاد للاشتغال بالدعارة والشروع فيها - استنادا إلى الأدلة السائغة التى أوردها - فإنه لا يجدى الطاعن ما ينعاه فى شأن إدانته بجريمة التحريض على الدعارة طالما أن الحكم المطعون فيه قد طبق فى حقه حكم المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة أشد تلك الجرائم التى تدخل فى نطاقها عقوبة التحريض على الدعارة.
4 - أجاز الشارع فى المادتين 34 و46 من قانون الإجراءات الجنائية لمأمور الضبط القضائى القبض على المتهم الحاضر الذى توجد دلائل كافية على اتهامه بإحدى الجرائم المنصوص عليها فى المادة الأولى ومنها الجريمة التى دين الطاعن بها وأن يفتشه بغير إذن من سلطة التحقيق وبغير حاجة إلى أن تكون الجريمة متلبساً بها بالمعنى الذى تضمنته المادة 30 من القانون ذاته. وتقدير تلك الدلائل ومبلغ كفايتها يكون بداءة لرجل الضبط القضائى على أن يكون تقديره هذا خاضعا لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من وقائع الدعوى فى منطق سليم كفاية الدلائل التى ارتكن إليها رجل الضبط القضائى فى إجراء القبض على الطاعن والتفتيش الذى أجراه وفقا للمادة 46 من قانون الاجراءات الجنائية، وقضى بناء على ذلك برفض الدفع ببطلان القبض وبصحة التفتيش فإنه لا يكون مخطئا فى تطبيق القانون.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 17 ديسمبر سنة 1971 بدائرة محافظة القاهرة، (أولاً) حرض...... على الاشتغال بالدعارة (ثانياً) شرع فى تحريض...... على مغادرة جمهورية مصر العربية للاشتغال بالدعارة، (ثالثاً) حرض...... على مغادرة جمهورية مصر العربية للاشتغال بالدعارة على النحو المبين بالمحضر، وطلبت عقابه بالمواد 1 و3 و7 و15 من القانون رقم 10 لسنة 1961، ومحكمة الآداب الجزئية قضت فى الدعوى حضوريا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم خمس سنوات مع الشغل والنفاذ المؤقت وغرامة خمسمائة جنيه ووضعه تحت مراقبة الشرطة مدة خمس سنوات. فاستأنف، ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت فى الدعوى حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم التحريض على الدعارة وعلى مغادرة البلاد للاشتغال بها والشروع فى الجريمة الأخيرة، قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه القصور فى التسبيب، ذلك بأن ما وقع من الطاعن لم يتعد ابلاغ رسالة كلف بها من آخرين بلبنان لتبليغها إلى شاهدات الإثبات فى الدعوى ولا دخل له فيها وهذا الفعل لا يعد تحريضاً على ارتكاب فعل من أفعال الدعارة ولا شروعاً فيه، وعلى الرغم من أن جريمة التحريض على الدعارة من جرائم العادة فإن التحقيقات جاءت خلواً من دليل على توافر ركن الاعتياد فى حقه كما خلا الحكم من بيان سائر أركان هذه الجريمة، فضلا عن أن الحكم قد أخطأ إذ اعتبر القبض على الطاعن قد جرى وفقاً للقانون مع أن القبض عليه تم فى غرفته بالفندق الذى كان يقيم فيه وبغير إذن من النيابة العامة ودون ما يدعو للاشتباه فى أمره، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن معاون مكتب الآداب أثبت فى محضره المؤرخ 17 من ديسمبر سنة 1971 أنه علم من تحرياته أن الطاعن - وهو سورى الجنسية - يقوم بتسهيل دعارة بعض النسوة فى خارج البلاد وأنه حضر إلى القاهرة فى 11 ديسمبر سنة 1971 لإغراء عدد منهن على مصاحبته إلى بيروت ليشتغلن بالدعارة، فقام بمراقبته بالفندق الذى يقيم فيه فوجد لديه امرأة تدعى...... تبين له أنها فى طريقها إلى مغادرة البلاد بصحبة الطاعن فقام بضبطهما وقد أقرت له المرأة المذكورة بأن الطاعن استخرج لها جواز سفر واتفق معها على أن تشتغل بالدعارة فى لبنان، وأن هناك أخرى تدعى....... ستسافر معها لذات الغرض وقد توجهت إلى المطار فعلاً ووجد مع الطاعن جواز سفر ....... وثلاث شهادات تطعيم دولية باسم....... و...... و..... وثلاث تذاكر للسفر إلى بيروت بالطائرة وإقراراً ممن تدعى.... يفيد استلامها مبلغ تسعين جنيها من...... على سبيل الأمانة وآخر من...... بمبلغ ثمانين جنيهاً. كما ضبطت معه ورقة تحمل أسماء بعض النسوة وأرقام تليفوناتهم وعلم الضابط من تحرياته أن الطاعن يشارك...... الذى حاول تحريض...... على الاشتغال بالدعارة بلبنان إلا أنها رفضت وعادت إلى القاهرة وقررت فى محضر ضبط الواقعة وتحقيق النيابة أنها سبق أن سافرت إلى بيروت لتعمل وصيفة فى أحد المطاعم إلا أنها تبينت أن العمل المنوط بها فى المشارب - بار - وأنه يطلب إليها مجالسة رواده فلم تقبله، فقدمها من يدعى....... الذى عرض عليها الاشتغال بالدعارة بمدينة "منروفيا" مقابل أجر شهرى قدره أربعمائة دولار فرفضت وعادت إلى مصر، وأنها علمت بعد عودتها أن الطاعن حضر إلى منزلها وأغرى شقيقتها...... على السفر إلى بيروت وأنه ترك عنوانه بالمسكن، فتوجهت إليه فأخبرها أن أختها سافرت إلى الخارج لتعمل بالدعارة مقابل أجر شهرى قدره مائة وعشرين جنيهاً، وعرض عليها أن تسافر معه لذات الغرض وعلمت منه أنه فى طريقه إلى مغادرة البلاد مع..... فأمهلته حتى أبلغت الشرطة، وإذ سئلت...... فى محضر الشرطة قررت أن الطاعن اتفق معها على أن تسافر معه لتشتغل بالدعارة خارج البلاد لقاء أجر شهرى قدره ثمانون جنيهاً وأنه حصل منها على الإقرار المضبوط الذى يتضمن قبضها لمبلغ الثمانين جنيهاً - كما أقرت...... فى محضر ضبط الواقعة بأن الطاعن اتفق معها على أن تسافر إلى الخارج بصحبته لتعمل بالدعارة واستخرج لها جواز السفر لهذا الغرض. أما الطاعن فقد أنكر ما أسند إليه وقرر أنه شريك..... وأنه اتفق مع....... و....... على السفر إلى بيروت لتلتحقا بخدمة المنازل وانتهى الحكم إلى إدانة الطاعن بمعاقبته طبقاً للمواد 1 و3 / 1 و7 و15 من القانون رقم 10 لسنة 1961 فى شأن مكافحة الدعارة لأنه (أولاً) حرض...... على الاشتغال بالدعارة (ثانياً) شرع فى تحريض....... و....... و....... و...... على مغادرة جمهورية مصر العربية للاشتغال بالدعارة (ثالثاً) حرض...... على مغادرة جمهورية مصر العربية للاشتغال بالدعارة وأعمل الحكم وهو بصدد توقيع العقوبة على الطاعن حكم المادة 32 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكانت المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 1961 فى شأن مكافحة الدعارة قد نصت على تجريم كل من حرض ذكراً أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعدة على ذلك أو سهله له بصفة عامة تفيد ثبوت الحكم على الإطلاق بحيث تتناول شتى صور التسهيل دون اشتراط ركن الاعتياد، وإذ كان القانون لم يبين ما هو المراد من كلمة التحريض فإن تقدير قيام التحريض أو عدم قيامه فى الظروف التى وقع فيها يعد مسألة تتعلق بالوقائع تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب. ويكفى أن يثبت الحكم تحقق التحريض ولا عليه أن يبين الأركان المكونة له. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من أن جريمة التحريض على الدعارة التى دانه الحكم بها من جرائم العادة يكون على غير سند من القانون، هذا فضلاً عن أن الحكم، وقد أثبت فى حق الطاعن مقارفته لجريمة تحريض الإناث على مغادرة البلاد للاشتغال بالدعارة والشروع فيها استناداً إلى الأدلة السائغة التى أوردها - فإنه لا يجدى الطاعن ما ينعاه فى شأن إدانته بجريمة التحريض على الدعارة طالما أن الحكم المطعون فيه قد طبق فى حقه حكم المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة أشد تلك الجرائم التى تدخل فى نطاقها عقوبة التحريض على الدعارة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض وقضى برفضه فى قوله: "وحيث إنه عن دفع المتهم ببطلان القبض فإن الثابت مما ورد بمحضر الشرطة من جدية التحريات وتردد السيدات على المتهم قيام الدلائل الكافية على كون المتهم فى حالة من الريبة والشبهة الظاهرة التى تستلزم تدخل رجال الشرطة للكشف عن حقيقة أمر المتهم...." وهذا الذى أورده الحكم يتفق وصحيح القانون فقد أجاز الشارع فى المادتين 34 و46 من قانون الإجراءات الجنائية لمأمور الضبط القضائى القبض على المتهم الحاضر الذى توجد دلائل كافية على اتهامه بإحدى الجرائم المنصوص عليها فى المادة الأولى ومنها الجريمة التى دين الطاعن بها وأن يفتشه بغير إذن من سلطة التحقيق وبغير حاجة إلى أن تكون الجريمة متلبساً بها بالمعنى الذى تضمنته المادة 30 من القانون ذاته، وتقدير تلك الدلائل ومبلغ كفايتها يكون بداءة لرجل الضبط القضائى على أن يكون تقديره هذا خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من وقائع الدعوى فى منطق سليم كفاية الدلائل التى ارتكن إليها رجل الضبط القضائى فى اجراء القبض على الطاعن والتفتيش الذى أجراه وفقاً للمادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية وقضى بناء على ذلك برفض الدفع ببطلان القبض وبصحة التفتيش فإنه لا يكون مخطئاً فى تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وكان ما أورده بهذا البيان يتضمن بذاته الرد على دفاع الطاعن فإن النعى عليه بدعوى القصور يكون فى غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ساحة النقاش