دخول المنازل تعقباً لشخص صدر أمر بالقبض عليه وتفتيشه لا بقصد تفتيشها جائز.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 54
جلسة 11 من يناير سنة 1979
برياسة السيد المستشار محمد كمال عباس نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان الزينى، ويعيش رشدى، وحسن جمعه، وأبو بكر الديب.
(8)
الطعن رقم 1531 لسنة 48 القضائية
(1) تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". استدلال.
تقدير جدية التحريات. وكفايتها لإصدار إذن التفتيش موضوعى. عدم جواز المجادلة فيه أمام النقض.
(2) قبض. تفتيش. "إذن التفتيش. تنفيذه". "الدفع ببطلان التفتيش". دفوع. "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" مأمور الضبط القضائى.
التفتيش المحظور قانوناً. ماهيته.
دخول المنازل تعقباً لشخص صدر أمر بالقبض عليه وتفتيشه. لا بقصد تفتيشها. جائز.
الدفع بانتهاك حرمة المسكن. صاحب الصفة فيه. مثال.
(3) مواد مخدرة. قصد جنائى. إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير توافر قصد الاتجار فى المواد المخدرة. موضوعى.
إحالة الحكم. تدليلاً على توافره. إلى ما أثبته من أن التحريات أسفرت عن اتجار المتهم بالمواد المخدرة وترويجها. ومن ضبط كمية منها معه. كفايته.
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها فى شأن ذلك، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
2 - الأصل أن التفتيش الذى يحرمه القانون على مأمورى الضبط القضائى إنما هو التفتيش الذى يكون فى إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المساكن. أما دخول المنازل وغيرها من الأماكن لا يقصد تفتيشها ولكن تعقبا لشخص صدر أمر بالقبض عليه وتفتيشه من الجهة صاحبة الاختصاص فإنه لا يترتب عليه بطلان القبض والتفتيش الذى يقع على ذلك الشخص. لما كان ذلك. وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه - والتى لاينازع فيها الطاعن - أن التفتيش قد اقتصر على شخصه دون المسكن وأن المخدرات المضبوطة عثر عليها فى جيب معطفه الذى كان يرتديه وقت الضبط وكان الحكم المطعون فيه لم يعول فى إدانته على دليل مستمد من تفتيش المنزل بل على ما أسفر عنه ضبطه وتفتيش شخصه فى حدود القانون - لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يدعى أن المنزل الذى فتش شخصى فيه مملوك له أو فى حيازته، فإنه لا يقبل منه أن يتذرع بانتهاك حرمته.
3 - من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أورد مدوناته أن تحريات رئيس مكتب مكافحة المخدارت بالدقهلية المشفوعة بالمراقبة الشخصية والتى شارك فيها رئيس وحدة مباحث السنبلاوين ورئيس مكتب مكافحة مخدرات ميت غمر على قيام الطاعن بالاتجار فى المواد المخدرة وترويجه لها بناحية ..... والقرى المجاورة لها وعلى صغار التجار وأنه قد تم ضبطه بناء على إذن النيابة محرزاً لكمية من المواد المخدرة ( حشيش ) تزن 340.400 جراما، فإن الحكم إذ استدل على ثبوت قصد الاتجار لدى الطاعن من تلك الظروف سالفة البيان التى أحال عليها يكون قضاؤه فى هذا الشأن محمولاً وكافى فى استخلاص هذا القصد فى حق الطاعن.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدرا (حشيشا) فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورى عملاً بمواد القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 62 من الجدول رقم واحد الملحق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمه ثلاثة ألاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة احراز جوهر مخدر "حشيش" بقصد الاتجار قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان اذن النيابة بالضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات استناداً إلى أن المنزل الذى ضبط به غير مملوك له وقدم المستندات التى تثبت بيعه هذا المنزل الذى لآخر منذ أمد بعيد، كما دفع ببطلان التفتيش لأن الإذن قد اقتصر على تفتيشه شخصه دون مسكنه إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفع بما لا يسوغ إطراحه، كما أن الحكم لم يعن بالتدليل على توافر قصد الاتجار فى حق الطاعن رغم أن الكمية التى ضبطت لا تفيض عن حاجته الشخصية ولم يعثر على أدوات تكشف عن هذا القصد كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله "إن تحريات رئيس قسم مكافحة مخدرات الدقهلية، السرية والتى دفعها بالمراقبة الشخصية والتى شاركه فيها النقيبان ..... رئيس وحدة مباحث السنبلاوين ..... رئيس مكتب مكافحة مخدرات ميت غمر والتى ضمنها محضره المؤرخ 11/ 1/ 1976 أسفرت عن قيام المتهم (الطاعن) من........ مركز السنبلاوين بالاتجار فى المواد المخدرة وبترويجه لها بناحية......... والقرى المجاورة لها وعلى صغار التجار وأنه يحوز ويحرز هذه المواد مع شخصه وفى مسكنه وبناء على هذه التحريات استصدر فى الساعة الثانية والنصف بعد ظهر يوم 11/ 1/ 1976 إذناً من وكيل النيابة المختصة بضبط ما يحوزه ويحرزه المتهم المقيم......... مركز السنبلاوين من مواد مخدرة أو ما يظهر عرضاً أثناء التفتيش، ونفاذاً للإذن سالف الذكر انتقل المأذون له وبرفقته النقيب........ إلى......... حيث يقيم المتهم ودفعا باب مسكنه عنوة مقتحمين عليه الدار ومن خلال باب الحجرة الواقعة على يمين الداخل إلى البيت والذى كان بابها موارباً شاهدوا المتهم ما كاد يحس بهم وبحركة دخولهم من الباب الخارجى حتى هب واقفا فأسرع الرائد......... بالإمساك به بينما تولى النقيب.......... تفتيشه فأخرج من الجيب الأيسر الداخلى للبالطو الذى كان يرتديه المتهم لفافة كبيرة من ورق الجرائد تحوى جزءاً كبيراً من اسطوانة الحشيش المغلفة بورق بلاستيك يعلو القماش الذى غلفت به المادة المخدرة كما عثر فى جيبه الأخرى على مبلغ 41 جنيهاً و 745 مليم وثبت من تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعى أن المادة المضبوطة "حشيشاً" وجاء بمحضر الوزن أنها تزن ثلاثمائة وأربعة عشر جراماً وأربعمائة ملليجرام - واستند الحكم فى التدليل على ثبوت الواقعة لديه بالصورة المتقدمة فى حق الطاعن إلى أقوال الرائد........ رئيس مكتب مكافحة المخدرات والنقيب....... ومما دل عليه تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعى وهى أدلة لا يجادل الطاعن فى أن لها أصلها الصحيح فى الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ثم عرض الحكم إلى دفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ورد عليه بقوله: "وحيث إنه بالنسبة لما أثاره الدفاع من دفع ببطلان إذن التفتيش تأسيساً على أنه بنى على تحريات غير جدية ومعدومة وأن هذا الإذن لا يتضمن ما ينبئ عن تفتيش مسكن المتهم مما يدعم دفعه، فإن ذلك مردود بأن المحكمة تطمئن إلى التحريات التى صدر على مقتضاها إذن التفتيش لجديتها فضلاً عن أن الاذن الصادر بتفتيش المتهم إنما صدر متضمناً تفتيشه لضبط ما يحوزه من مواد مخدرة حيث اقامته بصدقا مركز السنبلاوين وهو ما يفيد تفتيش شخصه ومسكنه ومن ثم يكون الدفع على غير أساس متعين الرفض" - كما عرض الحكم المطعون فيه بعد ذلك لما أثاره الطاعن من أنه ضبط بمنزل غير مملوك له بقوله: "وحيث إنه بالنسبة لما أثاره المتهم فى التحقيقات وبالجلسة من أن المسكن الذى ضبط به إنما خاص بمن يدعى ...... فمردود بما ثبت من التحقيقات من ضبطه بهذا المسكن الذى لم يتواجد به وقت الضبط.... فضلاً عن أن المتهم لم يرشد النيابة عن مسكنه المدعى به والذى قرر فى تحقيقات النيابة أنه يبعد نصف كيلو متر عن مكان ضبطه، أن الدفاع عنه لم يتقدم بأى دليل آخر أو قرينة تشير إلى أن للمتهم مسكناً آخر خلاف ذلك الذى ضبط به، ولا تعول المحكمة فى هذا الصدد على المستندات التى تقدم بها للتدليل على أن المسكن لآخر لا يعنى بالضرورة أنه قد تركه وأقام فى مسكن آخر، كما أن المحكمة لا تعول على الشاهدة الإدارية التى تقدم بها دفاعه بالجلسة إذ أنها اصطنعت خصيصاً لدعم دفاع المتهم لا سيما وأنه لم يتقدم بها فى أى مرحلة من مراحل التحقيق أمام النيابة" - لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها فى شأن ذلك، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التى سبقته بأدلة منتجة لها أصلها الثابت فى الأوراق - لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه - والتى لا ينازع فيها الطاعن - أن التفتيش قد اقتصر على شخصه دون المسكن وأن المخدرات المضبوطة عثر عليها فى جيب معطفه الذى كان يرتديه وقت الضبط وكان الحكم المطعون فيه لم يعول فى إدانته على دليل مستمد من تفتيش المنزل بل على ما أسفر عنه ضبطه وتفتيش شخصه فى حدود القانون - لما كان ذلك، وكان الأصل أن التفتيش الذى يحرمه القانون على مأمورى الضبط القضائى إنما هو التفتيش الذى يكون فى إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المساكن أما دخول المنازل وغيرها من الأماكن لا بقصد تفتيشها ولكن تعقبا لشخص صدر أمر بالقبض عليه وتفتيشه من الجهة صاحبة الاختصاص فإنه لا يترتب عليه بطلان القبض والتفتيش الذى يقع على ذلك الشخص - وكان الطاعن لا يدعى أن المنزل الذى فتش شخصى فيه مملوك له أو فى حيازته، فإنه لا يقبل منه أن يتذرع بانتهاك حرمته ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون غير سليم - لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مدوناته أن تحريات رئيس مكتب مكافحة المخدارت بالدقهلية المشفوعه بالمراقبة الشخصية والتى شارك فيها رئيس وحدة مباحث السنبلاوين ورئيس مكتب مكافحة مخدرات ميت غمر دلت على قيام الطاعن بالاتجار فى المواد المخدرة وترويجه لها بناحية صدقا والقرى المجاورة لها وعلى صغار التجار وأنه قد تم ضبطه بناء على إذن النيابة محرزا لكمية من المواد المخدرة "حشيش" تزن 340.400 جراماً، فإن الحكم إذ استدل على ثبوت قصد الاتجار لدى الطاعن من تلك الظروف سالفة البيان التى أحال عليها يكون قضاؤه فى هذا الشأن محمولا وكافى فى استخلاص هذا القصد فى حق الطاعن - لما كان ما تقدم جميعه فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش