الحكم الغيابي الصادر من محكمة الجنايات بسجن الطاعن سبع سنوات. واجب النفاذ. إعلانه به للتنفيذ عليه. غير لازم. إجازة القبض على المتهم كلما جاز تفتيشه. علة وأساس ذلك؟
الحكم كاملاً
جلسة 7 من أبريل سنة 2014
برئاسة السيد المستشار/ هاني خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عاطف خليل، النجار توفيق ومدحت دغيم نواب رئيس المحكمة ونادر جويلي.
(8)
الطعن رقم 668 لسنة 83 القضائية
(1) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". نقض "أسباب الطعن. مالا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. مادام سائغًا.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ محكمة الموضوع بأقوال الشهود. مفاده؟
إمساك الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له. لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(2) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. مالا يوفره".
عدم التزام المحكمة بالرد على الدفع بقصور تحقيقات النيابة العامة. ما دام قد ورد في عبارة مرسلة لا يبين منها مقصده.
تعييب التحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة. لا يصح سببًا للطعن على الحكم.
العبرة عند المحاكمة بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها. متى لم يطلب منها الدفاع استكمال نقص أو عيب بالتحقيق الابتدائي.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". مواد مخدرة. قصد جنائي. حكم "مالا يعيبه في نطاق التدليل".
لمحكمة الموضوع أن ترى في أقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر للطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار. دون أن يعد ذلك تناقضًا في حكمها.
(4) مسئولية جنائية. جريمة "أركانها". مواد مخدرة. عقوبة "العقوبة المبررة".
المسئولية في حالتي إحراز وحيازة المخدر. مناطها؟
عقوبة جريمة حيازة المخدر هي ذاتها المقررة لإحرازه. مؤدى ذلك؟
(5) مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" نقض"أسباب الطعن. مالا يقبل منها".
مجادلة الطاعن فيما اطمأنت إليه المحكمة من أن المخدر المضبوط هو الذي جرى تحليله. غير جائزة.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. مالا يوفره". نقض "أسباب الطعن. مالا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه غير جائز.
مثال.
(7) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. مالا يقبل منها".
النعي على الحكم عدم إيراده علة اطمئنانه إلى أدلة الثبوت. جدل موضوعي. غير جائز أمام محكمة النقض. علة ذلك؟
(8) قبض. تلبس. تفتيش "التفتيش بغير إذن". دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". إعلان. حكم "تنفيذه" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر في جناية في غيبة المتهم. حكم مكتمل القوة وليس إجراء. مؤدى ذلك؟
الحكم الغيابي الصادر من محكمة الجنايات بسجن الطاعن سبع سنوات. واجب النفاذ. إعلانه به للتنفيذ عليه. غير لازم. إجازة القبض على المتهم كلما جاز تفتيشه. علة وأساس ذلك؟
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وحصولهما على حكم غيابي لم يعلن.
(9) مواد مخدرة. غرامة. عقوبة "تطبيقها". محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "عدم جواز مضاراة الطاعن بطعنه".
إدانة الطاعن بجريمة إحراز جوهر الهيروين المخدر بغير قصد من القصود الخاصة ومعاقبته بالسجن المشدد ست سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه. خطأ في تطبيق القانون. لا تستطيع محكمة النقض تصحيحه. أساس وعلة ذلك؟
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكًا لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفي أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها, وأن إمساك الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
2 - لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن الطاعن اقتصر على القول بقصور تحقيقات النيابة في عبارة عامة مرسلة لا تستمل على بيان مقصده منها، ودون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن، فإن النعي على الحكم إغفال الرد على هذا الدفاع يكون غير قويم, هذا فضلاً عن أن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعيبًا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصلح أن يكون سببًا للطعن على الحكم، إذ من المقرر أن تعيب التحقيق الذي تجريه النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم، والأصل أن العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها، وما دام لم يطلب الدفاع إليها استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب، فليس له أن يتخذ من ذلك سببًا لمنعاه.
3 - من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في أقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضًا في حكمها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
4 - من المقرر أن مناط المسئولية في حالتي إحراز الجواهر المخدرة أو حيازتها هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشرًا أو بالواسطة وببسط سلطانه عليه بأي صورة عن علم وإرادة, إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، وإذ كانت عقوبة جريمة الحيازة هي ذات العقوبة التي نص عليها القانون لجريمة الإحراز التي اتهم ودين بها الطاعن، فإن ما ينعاه في هذا الخصوص لا يكون له محل.
5 - لما كان ما يثيره الطاعن من انقطاع الصلة بين المخدر المضبوط وما جرى عليه التحليل هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهد الواقعة ومن عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في تقدير الدليل وهو من اطلاقتها.
6 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق بشأن ما يثيره بوجه النعي من اختلاف ما ضبط من مخدر عما جرى تحليله فلا يكون له النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها حاجة لإجرائه.
7 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ من الأدلة ما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان علة ما ارتأته، وفي اطمئنانها إلى أدلة الإثبات ما يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم لعدم إيرداه علة اطمئنانه إلى أدلة الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً في موضوع الدعوى تنأى عنه وظيفة محكمة النقض ومن ثم يكون هذا النعي غير قويم.
8 - لما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولعدم إعلان الحكم الغيابي واطرحت في قوله:- "وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولعدم إعلان الحكم الغيابي للمتهم فمردود بما هو مقرر أن المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز لمأمور الضبط القضائي في سائر الأحوال التي يجوز فيهما القبض على المتهم أن يفتشه مهما كان سبيل القبض أو الغرض منه؛ لأن التفتيش في هذا الحالة لازمًا باعتباره من إجراءات التحقيق بل باعتباره من مستلزمات القبض ذاته والمقصود منه حماية شخص من يتولى القبض وكلما كان القبض صحيحًا كان التفتيش الذي يرى من خول إجراؤه على المقبوض عليه صحيحًا؛ لأن التفتيش في هذا الحالة يكون لازمًا باعتباره من وسائل التحوط الواجب توافرها للتأمين من شر المقبوض عليه إذا ما حدثته نفسه ابتغاء استرجاع حريته بالاعتداء بما قد يكون معه من سلاح وأنم بغير قيام مسوغ القبض القانوني لا يجوز لمأمور الضبط القضائي بتفتيش المقبوض عليه سواء كان بإجراء من إجراءات التحقيق أو كإجراء وقائي وكان الضابط قد قبض على المتهم لصدور حكم غيابي ضده في الجناية رقم ........ والمقيدة برقم ....... جنايات كلي ....... بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات كما ثبت من مذكرة النيابة العامة تنفيذًا لهذا الحكم قد تم القبض صحيحًا مبنيًا على مسوغ قانوني وصح معه بتفتيش المتهم فإذا ما أسفر هذا التفتيش عن ضبط المخدر فإن المتهم يكون متلبسًا بجناية إحرازه لهذا المخدر ويكون ما أجراه الضابط قد وافق صحيح القانون ويكون النعي في غير محله وترفضه المحكمة". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم سائغًا ويستقيم به الرد على ما دفع به الطاعن ذلك أن القانون يعتبر الحكم الصادر في جناية في غيبة المتهم أساسًا حكم مكتمل القوة وليس إجراء وذلك فإن ما يرتب نص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية من إعادة إجراءات المحاكمة لدى حضور المحكوم عليه غيابيًا إنما هو نتيجة لبطلان بحكم القانون ليس نتيجة لطعن أو تظلم بل هي بحكم القانون بمثابة محاكمة مبتدأة وكان مفاد نص المادتين 395، 397 من القانون سالف الذكر أن القواعد التي قررها الشارع في شأن أحكام الإدانة الغيابية الصادرة عن محكمة الجنايات من حيث سقوطها بحضور المحكوم عليه أو القبض عليه إنما تقتصر على الأحكام الصادرة من أجل جنايات وكذا الأحكام الصادرة من محكمة أمن الدولة طوارئ، لأن القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ والأوامر التي أصدرها رئيس الجمهورية ولم تنظم الإجراءات التي تتبع في مواد الجنايات في حق المتهمين الغائبين فإنه يتبع في هذا الأمر الأحكام المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية أما إذ أصدرت محكمة الجنايات حكمًا غيابيًا بالإدانة في جنحة تختص بها خضع هذا الحكم للقواعد الخاصة بالأحكام الغيابية الصادرة من محكمة الجنح والمخالفات فلا يسقط بحضور المحكوم عليه أو القبض عليه وإنما يجوز الطعن فيه بالمعارضة وعلى ذلك فالحكم الغيابي الصادر بسجن الطاعن لمدة سبع سنوات واجب النفاذ ولا يستلزم إعلان الطاعن به حتى يمكن التنفيذ به عليه على السياق المتقدم، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد نص في المادة 46 منه على أنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه اعتبارًا بأنه كلما كان القبض صحيحًا كان التفتيش الذي يجريه من خول إجراؤه على المقبوض عليه صحيحًا أيًا كان سبب القبض أو الغرض منه وذلك لعموم الصيغة التي ورد بها النص، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش يكون قد أصاب صحيح القانون.
9 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وغرامة خمسين ألف جنيه على نحو ما تقضي به المادة 38 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 بعد أن اعتبر أن إحرازه للجوهر كان مجردًا من القصود الخاصة جميعًا وإذ كانت العقوبة السالبة للحرية التي قضى به الحكم المطعون فيه صحيحة إلا أنه خالف القانون بشأن عقوبة الغرامة؛ لأن العقوبة الواجبة التطبيق على الجريمة التي دين الطاعن بها والمنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 38 هي العقوبة السالبة للحرية وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه باعتبار أن الجوهر المخدر محل الجريمة من الهيروين، ومن ثم فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ولم تطعن النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض. فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه وهو ما لا يجوز عملاً بالمادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنه: أحرز بقصد الاتجار جوهر الهيروين المخدر ومادة الترامادول "هيدروكلوريد" المخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانونًا.
وأحالته إلى محكمة جنايات.......... لمعاقبة طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملا بالمواد 1، 2، 36/ 1، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقراري وزير الصحة رقمي 46 لسنة 1997، 125 لسنة 2012، مع إعمال المادة 30 من قانون العقوبات، وبمعاقبة المتهم بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه عما نسب إليه ومصادرة المخدر المضبوط، وباعتبار أن الإحراز مجرد من مقصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... الخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر الهيروين ومادة الترامادول المخدرين بغير قصد من القصود قد شابه قصور وتناقض في التسبيب، وفساد في الاستدلال، وإخلال بحق الدفاع؛ ذلك بأنه أغفل الرد على دفاعه القائم على انفراد ضابط الواقعة بالشهادة، وحجية أفراد القوة المصاحبة له، وعدم معقولية تصويره للواقعة،وقصور تحقيقات النيابة، واستدل على ثبوت الواقعة وصحتها في حق الطاعن ركونًا إلى أقوال ضباط الواقعة إلا أنه لم يعتد بها عند التحدث عن قصد الاتجار ونفي توافره في حقه مما يصم تدليله بالتناقض وخلط بين "الحيازة"و "الإحراز" مع أن الواقعة في حقيقتها حيازة، وإذ تمسك الدفاع باختلاف ما ضبط من مخدر عما جرى تحليله لم تحقق لمحكمة هذا الدفاع وردت عليه برد قاصر، ولم تفصح عن سبب اطمئنانه إلى أدلة الإثبات، وأخيرًا فإن الحكم ضرب صفحًا عن دفعه ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء التلبس وحصولهما بناء على حكم غيابي لم يعلن به، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها.
لما كان ذلك، وكان المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكًا لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفي أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وأن إمساك الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن الطاعن اقتصر على القول بقصور تحقيقات النيابة في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منها، ودون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن، فإن النعي على الحكم إغفال الرد على هذا الدفاع يكون غير قويم, هذا فضلاً عن أن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعيبًا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصلح أن يكون سببًا للطعن على الحكم، إذ من المقرر أن تعيب التحقيق الذي تجريه النيابة لا تلأثير له على سلامة الحكم، والأصل أن العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها، وما دام لم يطلب الدفاع إليها استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب، فليس له أن يتخذ من ذلك سببًا لمنعاه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في أقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضًا في حكمها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مناط المسئولية في حالتي إحراز الجواهر المخدرة أو حيازتها هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشرًا أو بالواسطة ويبسط سلطانه عليه بأي صورة عن علم وإرادة, إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، وإذ كانت عقوبة جريمة الحيازة هي ذات العقوبة التي نص عليها القانون لجريمة الإحراز التي اتهم ودين بها الطاعن، فإن ما ينعاه في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من انقطاع الصلة بين المخدر المضبوط وما جرى عليه التحليل هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهد الواقعة ومن عمليه التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في تقدير الدليل وهو من إطلاقتها. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق بشأن ما يثيره بوجه النعي من اختلاف ما ضبط من مخدر عما جرى تحليله فلا يكون له النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها حاجة لإجرائه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ من الأدلة ما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان علة ما ارتأته، وفي اطمئنانها إلى أدلة الإثبات ما يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم لعدم ايرداه علة اطمئنانه إلى أدلة الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً في موضوع الدعوى تنأى عنه وظيفة محكمة النقض ومن ثم يكون هذا النعي غير قويم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولعدم إعلان الحكم الغيابي واطرحه في قوله:- "وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولعدم إعلان الحكم الغيابي للمتهم فمردود بما هو مقرر أن المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز لمأمور الضبط القضائي في سائر الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم أن يفتشه مهما كان سبيل القبض أو الغرض منه؛ لأن التفتيش في هذا الحالة لازمًا باعتباره من إجراءات التحقيق بل باعتباره من مستلزمات القبض ذاته والمقصود منه حماية شخص من يتولى القبض وكلما كان القبض صحيحًا كان التفتيش الذي يرى من خول إجراؤه على المقبوض عليه صحيحًا؛ لأن التفتيش في هذا الحالة يكون لازمًا باعتباره من وسائل التحوط الواجب توافرها للتأمين من شر المقبوض عليه إذا ما حدثته نفسه ابتغاء استرجاع حريته بالاعتداء بما قد يكون معه من سلاح وأنم بغير قيام مسوغ القبض القانوني لا يجوز لمأمور الضبط القضائي بتفتيش المقبوض عليه سواء كان بإجراء من إجراءات التحقيق أو كإجراء وقائي وكان الضابط قد قبض على المتهم لصدور حكم غيابي ضده في الجناية رقم ..... والمقيدة برقم ....... جنايات كلي ....... بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات كما ثبت من مذكرة النيابة العامة تنفيذًا لهذا الحكم قد تم القبض صحيحًا مبنيًا على مسوغ قانوني وصح معه بتفتيش المتهم فإذا ما أسفر هذا التفتيش عن ضبط المخدر فإن المتهم يكون متلبسًا بجناية إحرازه لهذا المخدر ويكون ما أجراه الضابط قد وافق صحيح القانون ويكون النعي في غير محله وترفضه المحكمة". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم الصادر في جناية في غيبة المتهم أساسًا حكم مكتمل القوة وليس إجراء وذلك فإن ما يرتب نص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية من إعادة إجراءات المحاكمة لدى حضور المحكوم عليه غيابيًا إنما هو نتيجة لبطلان بحكم القانون ليس نتيجة لطعن أو تظلم بل هي بحكم القانون بمثابة محاكمة مبتدأه وكان مفاد نص المادتين 395، 397 من القانون سالف الذكر أن القواعد التي قررها الشارع في شأن أحكام الإدانة الغيابية الصادرة عن محكمة الجنايات من حيث سقوطها بحضور المحكوم عليه أو القبض عليه إنما تقتصر على الأحكام الصادرة من أجل جنايات وكذا الأحكام الصادرة من محكمة أمن الدولة طوارئ، لأن القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ والأوامر التي أصدرها رئيس الجمهورية ولم تنظم الإجراءات التي تتبع في مواد الجنايات في حق المتهمين الغائبين فإنه يتبع في هذا الأمر الأحكام المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية أما إذا أصدرت محكمة الجنايات حكمًا غيابيًا بالإدانة في جنحة تختص بها خضع هذا الحكم للقواعد الخاصة بالأحكام الغيابية الصادرة من محكمة الجنح والمخالفات فلا يسقط بحضور المحكوم عليه أو القبض عليه وإنما يجوز الطعن فيه بالمعارضة وعلى ذلك فالحكم الغيابي الصادر بسجن الطاعن لمدة سبع سنوات واجب النفاذ ولا يستلزم إعلان الطاعن به حتى يمكن التنفيذ به عليه على السياق المتقدم، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد نص في المادة 46 منه على أنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه اعتبارًا بأنه كلما كان القبض صحيحًا كان التفتيش الذي يجريه من خول إجراؤه على المقبوض عليه صحيحًا أيًا كان سبب القبض أو الغرض منه وذلك لعموم الصيغة التي ورد بها النص، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وغرامة خمسين ألف جنيه على نحو ما تقضي به المادة 38 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 بعد أن اعتبر أن إحرازه للجوهر كان مجردًا من القصود الخاصة جميعًا وإذ كانت العقوبة السالبة للحرية التي قضى به الحكم المطعون فيه صحيحة إلا أنه خالف القانون بشأن عقوبة الغرامة؛ لأن العقوبة الواجبة التطبيق على الجريمة التي دين الطاعن بها والمنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 38 هي العقوبة السالبة للحرية وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه باعتبار أن الجوهر المخدر محل الجريمة من الهيروين، ومن ثم فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ولم تطعن النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض, فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه وهو ما لا يجوز عملاً بالمادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.
ساحة النقاش