موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

عدم التزام محكمة الموضوع تقدير التعويض إلا في حدود عناصره المطلوبة.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 17 - صـ 77

جلسة 11 من يناير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.

(10)
الطعن رقم 348 لسنة 30 القضائية

( أ ) حكم. "الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع". "الطعن في الأحكام". استئناف.
الأحكام التي لا يجوز الطعن فيها استقلالاً هي التي تصدر قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها. الحكم بعدم قبول الاستئناف المقابل شكلاً. إنهاؤه جزءاً من الخصومة بعدم قبولها بالنسبة لبعض الخصوم. جواز الطعن فيه استقلالاً.
(ب) نقض. "ميعاد الطعن". "التمسك بعدم قبول الطعن". نظام عام.
عدم لزوم تمسك الخصم بعدم قبول الطعن بالنقض - لفوات ميعاده - لمحكمة النقض أن تثيره من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام.
(ج) إعلان. "إعلان أوراق المحضرين".
الأصل في الإعلان أن تصل الورقة المعلنة إلى علم المعلن إليه علماً يقينياً بتسليمها لشخصه. اكتفاء المشرع بالعلم الظني تارة بالإعلان في الموطن. وتارة أخرى بالعلم الحكمي كما في إعلان المقيم بالخارج في موطن معلوم بتسليم الصورة للنيابة. لا يكفي العلم الحكمي في الصورة التي تبدأ فيها مواعيد الطعن في الأحكام من تاريخ إعلان الحكم لنفس المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي. عدم سريان هذه المواعيد - في هذه الحالة - من تاريخ تسليمه الصورة للنيابة.
(د) حكم. "قصور". "ما لا يعد كذلك". تعويض. "عناصر الضرر".
عدم التزام محكمة الموضوع تقدير التعويض إلا في حدود عناصره المطلوبة. طلب المضرور تقدير التعويض على أساس ما لحقه من خسارة. قضاء الحكم على هذا الأساس دون اعتداد بما فات من كسب. لا قصور.
1 - الأحكام التي لا يجوز الطعن فيها استقلالاً هي التي تصدر قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها وفقاً لنص المادة 378 من قانون المرافعات. وإذ كان الحكم بعدم قبول الاستئناف المقابل شكلاً قد أنهى جزءاً من الخصومة بعدم قبولها بالنسبة لبعض الخصوم فإن الطعن في هذا الحكم استقلالاً يكون جائزاً قانوناً.
2 - لا يلزم التمسك بعدم قبول الطعن بالنقض من أحد الخصوم - لفوات ميعاده - إذ لمحكمة النقض أن تثيره من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام.
3 - الأصل في إعلان أوراق المحضرين القضائية أن تصل إلى علم المعلن إليه علماً يقينياً بتسليم الصورة لنفس الشخص المعلن إليه وإن كان المشرع يكتفي بالعلم الظني في بعض الحالات بإعلانه في موطنه وبمجرد "العلم الحكمي" في بعض آخر لحكمة تسوغ الخروج فيها على هذا الأصل، ومن هذه الحالات إعلان المقيم خارج البلاد في موطن معلوم فقد اكتفى المشرع بالعلم الحكمي بتسليم الصورة للنيابة في إعلان صحف الدعاوى أو الطعون استثناء من ذلك الأصل، إلا أن المشرع لم يعمل هذا الاستثناء على إطلاقه في حالة المقيم في الخارج فاستبعد العلم الحكمي في الصورة التي تبدأ فيها مواعيد الطعن في الأحكام من تاريخ إعلان الحكم فنص في المادة 379 من قانون المرافعات - قبل تعديلها بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - على أن مواعيد الطعن في الأحكام تبدأ من تاريخ إعلان الحكم لنفس المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي مما لا يتأتى معه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - صواب متابعة الرأي القائل بأن مواعيد الطعن - في هذه الحالة. تجري من تاريخ تسليم الصورة للنيابة متى كان للمعلن إليه موطن معلوم في الخارج.
4 - متى كان الطاعن قدر التعويض الذي طلبه أمام محكمة الموضوع بما لحقه من خسارة ولم يدخل في هذا التقدير ما فاته من كسب وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم بتقدير التعويض إلا في حدود عناصره المطلوبة فإنه لا يقبل النعي على الحكم بالقصور بأنه لم يقدر التعويض عن الكسب الفائت الذي لم يطلبه الطاعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 195 لسنة 1947 تجاري كلي الإسكندرية ضد المطعون عليه الأول وفي مواجهة المطعون عليهما الثاني والثالث طلب فيها الحكم بفسخ عقد البيع المبرم بين الطرفين في 7/ 1/ 1946 فيما يختص بالجزء الثاني من الصفقة وقدره 69.458 طناً من الجلود - وإلزام المطعون عليه الأول بأن يؤدي له مبلغ 10418.700 جنيهاً وهو يمثل فرق الثمن عن الجزء الباقي من التعاقد بواقع 150 جنيهاً للطن وفوائده. وقال في بيان دعواه إنه بمقتضى عقد أبرم في 7/ 1/ 1946 باع إلى المطعون عليه الأول ممثلاً بالمطعون عليهما الثاني والثالث مقداراً من الجلود الخام المستوردة من الحبشة يتراوح بين 100 و170 طناً بثمن قدره 400 جنيه للطن، ونص في العقد على أن جزءاً من الصفقة مقداره 65 طناً معد للتصدير بميناء جدة، وأن على البائع أن يعد الجزء الباقي بعد شهر، وعلى المشتري أن يعد باخرة لشحن الجزء الأول في آخر يناير سنة 1946، ولشحن الجزء الثاني بعد شهر من شحن الجزء الأول. كما نص بالعقد على أن المشتري دفع مبلغ 8000 جنيه عند التعاقد وأن باقي ثمن الجزء الأول يدفع بالإسكندرية عند تسليم سندات الشحن، ونص به كذلك على أن للمشتري الحق في إلغاء التعاقد بالنسبة للجزء الثاني في حالة عدم مطابقة البضاعة للعقد بشرط الإخطار بذلك خلال عشرين يوماً من قيام الباخرة من جدة محملة بالرسالة الأولى، وإلا أصبح العقد نافذاً بالنسبة للجزء الثاني وقدره 69.458 طناً، ويلزم المشتري بالنسبة لهذا الجزء من الصفقة بدفع 8000 جنيه معجل الثمن عند تسليم سندات الشحن أسوة بالرسالة الأولى. ويقول الطاعن إنه رغم مضي هذا الميعاد دون اعتراض من المشتري مما يوجب عليه استلام الجزء الثاني من الصفقة فإن المشتري امتنع عن الاستلام فأرسل إليه برقية في 11/ 3/ 1946 ينبه عليه بتنفيذ العقد، كما أنذره في 25/ 3/ 1946 بدفع مبلغ 8000 جنيه وإعداد سفينة لشحن الرسالة الثانية من ميناء جدة ولكنه لم يذعن فأقام الدعوى بمطالبته بالفرق الناشئ عن بيع هذا الجزء من الصفقة للغير بأقل من الثمن بواقع 150 جنيهاً في الطن الواحد لهبوط الأسعار إلى 250 جنيهاً للطن. دفع المطعون عليهم بعدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر الدعوى. كما دفعوا بأن ميعاد العشرين يوماً يجب تفسيره وفقاً للمعقول وظروف العقد والعرف التجاري بما يمكن المشتري من التحري عن حقيقة البضاعة بعد الاستلام الذي لم يتم فعلاً في جدة وإنما في ميناء الوصول بتركيا وأنه ثبت من معاينة الخبراء للجلود في تركيا أنها مجففة في الشمس وحالتها رديئة - وقد عدل الطاعن طلباته إلى إلزام المطعون عليهم متضامنين بطلباته السابقة. ومحكمة أول درجة قضت في 29/ 1/ 1949 برفض الدفع بعدم الاختصاص ثم قضت في 4/ 6/ 1950 بإخراج المطعون عليهما الثاني والثالث من الدعوى وبفسخ عقد البيع المؤرخ 7/ 1/ 1946 فيما يختص بالجزء الثاني منه وبندب خبير محاسب للاطلاع على دفاتر الطاعن الثابت بها هذه الصفقة وبيان المدرج عنها. وبعد أن أودع الخبير تقريره طعن فيه المطعون عليه الأول بأنه لم يطلع على الدفاتر - وقضت المحكمة في 28/ 2/ 1953 بإلزام المطعون عليه الأول بأن يدفع للطاعن مبلغ 7013 ج و799 م، استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 368 لسنة 10 ق الإسكندرية في 24/ 6/ 1954، دفع الطاعن بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد استناداً إلى أن الحكم الابتدائي قد تم إعلانه بتسليمه إلى النيابة في 25/ 3/ 1954 لتسليمه عن طريق وزارة الخارجية إلى المطعون عليه في محل إقامته بلبنان، ومحكمة الاستئناف قضت في 19/ 4/ 1956 برفض الدفع وبقبول الاستئناف شكلاً، وأقام الطاعن الاستئناف المقابل رقم 393 لسنة 12 ق اختصم فيه المطعون عليهم طالباً تعديل الحكم المستأنف بإلزامهم متضامنين بالمبلغ المحكوم به مع الفوائد من تاريخ النطق به. دفع المطعون عليهما الثاني والثالث بعدم قبول الاستئناف الموجه إليهما - ومحكمة الاستئناف قضت في 21/ 11/ 1957 في الاستئناف المقابل بقبول الدفع وبعدم قبوله شكلاً فيما تضمنه من طلبات موجهة إلى المطعون عليهما الثاني والثالث وبقبول الاستئناف المقابل الموجه إلى المطعون عليه الأول وبندب خبير محاسب للاطلاع على دفاتر الطاعن بشأن الصفقة وكلفت الطاعن بتقديم هذه الدفاتر إلى الخبير، ثم قضت في 11/ 6/ 1959 بإعادة المأمورية إلى الخبير للانتقال إلى محل الطاعن بالخرطوم للاطلاع على دفاتره ومستنداته عن الصفقة. وفي 26/ 5/ 1960 قضت في الاستئناف الأصلي بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعن ورفض الاستئناف المقابل. فطعن الطاعن في 26/ 6/ 1960 بالنقض في هذا الحكم وفي الأحكام السابق صدورها في 19/ 4/ 1956 وفي 21/ 11/ 1957 وفي 11/ 6/ 1959 - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 24/ 11/ 1964 وفيها صممت النيابة على رأيها الذي أبدته في مذكرتها بطلب رفض الطعن، وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إنه عن الطعن في الحكم الصادر في 21/ 11/ 1957 في خصوص قضائه بقبول دفع المطعون عليهما الثاني والثالث بعدم قبول الاستئناف الموجه إليهما. فإنه لما كان الثابت بمنطوق هذا الحكم أنه قضى في الاستئناف المقابل رقم 393 لسنة 12 ق بقبول الدفع وبعدم قبول الاستئناف شكلاً فيما تضمنه من طلبات موجهة إلى رضوان وهاشم غندور المطعون عليهما الثاني والثالث وكانت الأحكام التي لا يجوز الطعن فيها استقلالاً هي التي تصدر قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها بنص المادة 378 مرافعات، وكان هذا الحكم قد أنهى الخصومة في الاستئناف بعدم قبولها بالنسبة للمطعون عليهما الثاني والثالث، وكان ميعاد الطعن في هذا الحكم يبدأ من تاريخ إعلانه وفقاً لنص المادة 379 مرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 57 لسنة 1959 الذي جعل الميعاد ينفتح من يوم صدور الحكم - وإذ لم يثبت من الأوراق أن الحكم أعلن حتى صدور هذا القانون فإن الميعاد يبدأ من يوم العمل به في 21/ 2/ 1959 طبقاً لنص المادتين الخامسة والسادسة - لما كان ذلك، وكان التقرير بالطعن قد حصل في 26/ 6/ 1960 بعد فوات الميعاد، وكان لا يلزم التمسك بعدم القبول من أحد الخصوم وللمحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام، فإن الطعن في الحكم الصادر في 21/ 11/ 1957 يكون غير مقبول شكلاً لفوات ميعاده وبالتالي فلا محل للنظر في سبب الطعن الثاني الموجه لهذا الحكم.
وحيث إن الطعن فيما عدا ذلك استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم الصادر في 11/ 4/ 1959 الخطأ في تطبيق القانون، ويقول في بيان ذلك إنه دفع بعدم قبول الاستئناف المرفوع من المطعون عليه الأول استناداً إلى أن الحكم الابتدائي أعلن في 25/ 3/ 1954 وهو تاريخ تسليم الصورة للنيابة لتوصيلها للمطعون عليه الأول بالطرق الدبلوماسية وأن هذا الأخير لم يرفع الاستئناف إلا في 24/ 6/ 1954 بعد فوات الميعاد المحدد مضافاً إليه ميعاد المسافة - ولكن الحكم رفض هذا الدفع وأقام قضاءه برفضه على أنه لا يكفي بالنسبة للشخص المقيم في الخارج تسليم الإعلان للنيابة ليعتبر أنه قد علم بمضمونه وإنما يتعين تسليمه إليه - هذا في حين أن العبرة في تحديد تاريخ الإعلان هي بيوم تسليمه للنيابة - دون ما يحصل بعد ذلك من إجراءات لتسليم صورة الإعلان إلى المراد إعلانه في الخارج حتى لا تتعرض حقوق المقيم في مصر للضياع من التأخير في إجراءات تتم خارج البلاد دون وساطة المحضر.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الأصل في إعلان أوراق المحضرين القضائية هو أن تصل إلى علم المعلن إليه علماً يقينياً بتسليم الصورة لنفس الشخص المعلن إليه، وأنه وإن كان المشرع يكتفي بالعلم الظني في بعض الحالات بإعلانه في موطنه وبمجرد العلم الحكمي في بعض آخر لحكمة تسوغ الخروج فيها على هذا الأصل - ولئن قدر المشرع أنه في حالة المقيم خارج البلاد في موطن معلوم أن الإجراءات التي يتم بها تسليم الصورة في الخارج لا تجري بواسطة المحضر ولا سبيل للمعلن عليها ولا مساءلة القائمين بها، فاكتفى بالعلم الحكمي بتسليم الصورة للنيابة في إعلان صحف الدعاوى أو الطعون استثناء من الأصل - إلا أن المشرع لم يعمل هذا الاستثناء على إطلاقه في حالة إعلان المقيم في الخارج - فاستبعد العلم الحكمي في الصورة التي تبدأ فيها مواعيد الطعن من تاريخ إعلان الحكم بأن نص في المادة 379 مرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وهي التي تحكم النزاع الماثل - على أن مواعيد الطعن في الأحكام تبدأ من تاريخ إعلان الحكم لنفس المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي وذلك تقديراً منه لخطورة أثر الإعلان في بدء مواعيد الطعن مما لا يتأتى معه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة صواب متابعة الرأي القائل بأن مواعيد الطعن تجري من تاريخ تسليم الصورة للنيابة متى كان للمعلن إليه موطن معلوم في الخارج. ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأقام قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد على ما أورده في تقريراته من أن صورة إعلان الحكم الابتدائي قد سلمت إلى المطعون عليه الأول في موطنه بطرابلس (لبنان) في 31 مايو سنة 1954 - ولم ينازع الطاعن في ذلك، وأن المطعون عليه الأول رفع استئنافه في 24 من يونيه سنة 1954 أي خلال الميعاد المحدد قانوناً فإن الحكم يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً - ومن ثم يكون النعي بهذا السبب غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم الصادر في 26/ 5/ 1960 الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب ويقول في ذلك إن محكمة الاستئناف قضت بحكمها التمهيدي الصادر في 21/ 11/ 1957 بندب مكتب الخبراء للاطلاع على دفاتره ومستنداته عن الصفقة موضوع الاتفاق ومعرفة أسعار الجلود في شهري فبراير ومارس سنة 1946 تسليم ميناء جدة وتصفية حساب الطرفين وتقدير الخسارة، وقد تعذر على الخبير أداء المأمورية لعدم تقديم الطاعن الدفاتر فقضت المحكمة في 11/ 6/ 1959 بإعادة المأمورية إليه لينتقل في سبيل أدائها إلى محله بالخرطوم - وطلب الطاعن من الخبير الذي ندبته محكمة الاستئناف مباشرة المأمورية على أساس المستندات المقدمة وما أثبته خبير محكمة أول درجة في تقريره لاستحالة تقديم الدفاتر، وانتهى هذا الخبير في تقريره إلى أن عمل الخبير السابق سليم وعملياته الحسابية صحيحة - إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض طلب التعويض وأقام قضاءه على أن عدم تقديم الدفاتر للخبير يفيد أن الصفقة وهمية في حين أن أحداً من الخصوم لم يدع بذلك وقد حرر عقد من الصفقة وسبق لمحكمة الاستئناف أن قررت صحتها بحكمها التمهيدي - ومن ثم يكون ما قرره الحكم مخالفاً للثابت بالأوراق. وإذ استند الحكم أيضاً في قضائه برفض طلب التعويض إلى أن الطاعن لم يلحقه ضرر من النكول بسبب عدم تقديم الدفاتر رغم أن حجيتها في الإثبات غير قاطعة، وأغفل الإشارة إلى مستنداته وتقرير الخبير الأول فإنه يكون قاصراً في التسبيب، هذا إلى أنه لا يكفي للقضاء برفض التعويض عدم تقديم الدليل على حصول الضرر لأن مجرد نكول المطعون عليه عن تنفيذ الصفقة يعد كافياً لتقدير التعويض على أساس ما فات من كسب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله - ذلك أن الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الطاعن أسس دعواه بطلب التعويض عن عدم تنفيذ الجزء الثاني من صفقة الجلود التي باعها للمطعون عليه الأول بثمن قدره 400 ج للطن الواحد - على أنه اضطر لبيعها للغير بعد هبوط الأسعار بثمن قدره 250 ج بفرق مبلغ 150 ج للطن الواحد وأن التعويض المطلوب هو نظير ما لحقه من خسارة بسبب هبوط الأسعار على البضاعة التي كانت موجودة لديه فعلاً. ومحكمة الموضوع في سبيل تحقيق هذه الخسارة المؤسس عليها طلب التعويض - قضت بندب خبير للاطلاع على دفاتر الطاعن الثابت بها الصفقة وبيان المدرج عنها - وأن محكمة الاستئناف كلفت الطاعن بتقديم الدفاتر بحكمها الصادر في 21/ 11/ 1957، ثم قضت بإعادة المأمورية للخبير للانتقال إلى محل الطاعن بالخرطوم للاطلاع على الدفاتر - وأن الحكم بعد أن أشار إلى ما انتهى إليه الخبير في تقريره من أن عدم تقديم الطاعن للدفاتر يؤكد صحة ما قرره خصمه من أنه لم تكن لديه الجلود موضوع باقي الرسالة - أقام قضاءه على قوله: "إن إصرار سركيس ازرليان على عدم تقديم الدفاتر للخبير ليطلع عليها فيما يختص بالصفقة محل النزاع رغم منحه فرصاً متعددة لتقديمها واعتذاره عن ذلك بشتى الاعتذارات طوال مدة التقاضي من سنة 1946 للآن سنة 1960 أي ما يقرب من الأربعة عشر عاماً - في هذا ما يؤكد صحة زعم المستأنف (المطعون عليه الأول) من أن الصفقة التي يطالب المدعي بتعويض عنها إن هي إلا صفقة وهمية، وما دام الأمر كذلك ولم يقم المدعي بتقديم الدليل على أنه قد أصيب بالضرر الذي يدعيه نتيجة نكول المدعى عليه عن تنفيذ الصفقة فهو لذلك لا يستحق تعويضاً". ويبين من هذا الذي أورده الحكم أنه أسس قضاءه برفض طلب التعويض على أنه لم تلحق بالطاعن الخسارة المدعاة بسبب عدم تنفيذ هذا الجزء من الصفقة استناداً إلى صحة ما قرره المطعون عليه الأول من أنه لم يحصل بيع أو شراء من الطاعن للجلود موضوع الجزء الثاني من الصفقة وأن هذه الجلود لم تكن موجودة لدى الطاعن - لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق في هذا الخصوص لا يصادف محلاً. ولما كان الطاعن قدر التعويض الذي طلبه بما لحقه من خسارة بسبب بيعه للغير البضاعة موضوع الصفقة الوهمية المشار إليها على النحو المتقدم ولم يدخل في تقديره للتعويض أمام محكمة الموضوع ما فاته من كسب، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم بتقدير التعويض إلا في حدود عناصره المطلوبة، فإنه لا يقبل النعي على الحكم بأنه لم يقدر التعويض عن الكسب الفائت الذي لم يطلبه الطاعن - لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد أورد الأدلة المسوغة لما انتهى إليه من نفي حصول الضرر المدعى به في حدود سلطته في تقدير الأدلة فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 30 مشاهدة
نشرت فى 26 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,126,438

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »