لا مصلحة للطاعن فيما ينعاه على الحكم من إسناده إلى متهم آخر المساهمة معه في الخطأ ومساءلته له بالتضامن معه في التعويض.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 17 - صـ 247
جلسة 7 من مارس سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، وحسين سامح، ومحمود عباس العمراوي؛ ومحمد أبو الفضل حفني.
(49)
الطعن رقم 1986 لسنة 35 القضائية
( أ ) إجراءات المحاكمة. وصف التهمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل خطأ. خطأ.
التمسك بقصور البيانات التي يجب أن تشتمل عليها التهمة الموجهة إلى المتهم. وجوب إبدائه لدى محكمة الموضوع لتنظره وتقرر ما تراه في شأن استيفاء هذه البيانات.
(ب) مسئولية تقصيرية. "خطأ. ضرر. رابطة سببية". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تبيان الحكم عناصر المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية. لا تثريب عليه إن هو لم يبين عناصر الضرر.
(ج) قتل خطأ. خطأ. مسئولية جنائية.
الخطأ المشترك في نطاق المسئولية الجنائية لا يخلي المتهم من المسئولية.
(د) نقض. "الطعن بالنقض". "المصلحة في الطعن". تعويض.
لا مصلحة للطاعن فيما ينعاه على الحكم من إسناده إلى متهم آخر المساهمة معه في الخطأ ومساءلته له بالتضامن معه في التعويض.
(هـ) إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
قرار المحكمة الذي تصدره بصدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة. طبيعته: قرار تحضيري لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق.
(و) محكمة ثاني درجة. "الإجراءات أمامها".
محكمة ثاني درجة تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق. هي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه.
1 - من المقرر أن التمسك بقصور البيانات التي يجب أن تشتمل عليها التهمة الموجهة إلى المتهم يجب إبداؤه لدى محكمة الموضوع لتنظره وتقرر ما تراه في شأن استيفاء هذه البيانات. ولما كان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً عن قصور وصف التهمة التي أقيمت بها الدعوى قبله أو التعديل الذي أجرته محكمة أول درجة على هذا الوصف، وكان الحكم قد أثبت ركن الخطأ في حق الطاعن كما هو معرف به في القانون واستظهر في بيان مفصل عناصر الخطأ الذي وقعت منه وحددها بما لا مغايرة فيه للعناصر التي أجملها وصف التهمة والتي كانت مطروحة على بساط البحث ودارت عليها المرافعة، فلا وجه لما يثيره الطاعن في هذا الخصوص.
2 - متى كان الحكم قد بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية فإنه يكون قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية إحاطة كافية ولا تثريب عليه بعد ذلك إذ هو لم يبين عناصر الضرر.
3 - من المقرر أن الخطأ المشترك في نطاق المسئولية الجنائية لا يخلي المتهم من المسئولية، بمعنى أن خطأ المجني عليه لا يسقط مسئولية المتهم ما دام هذا الخطأ لم يترتب عليه انتفاء الأركان القانونية لجريمتي القتل والإصابة الخطأ المنسوبتين إلى المتهم.
4 - تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى.
5 - لا مصلحة للطاعن فيما ينعاه على الحكم من إسناده إلى متهم آخر المساهمة معه في الخطأ ومساءلته له بالتضامن معه في التعويض.
6 - قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق.
7 - محكمة ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق، وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه، ما دامت المحكمة لم تر من جانبها حاجة لسماع شهود الإثبات وكان الطاعن قد عد نازلاً عن طلب سماعهم بسكوته عن التمسك به أمام محكمة أول درجة، فإن النعي على الحكم من هذه الناحية يكون غير سديد.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في 26 من أغسطس سنة 1962 بدائرة قسم الوايلي: الطاعن (أولاً) قاد السيارة بدون رخصة قيادة. و(ثانياً) قاد السيارة بحالة تعرض الأرواح والأموال للخطر. و(ثالثاً) تسبب بغير قصد ولا تعمد في قتل إبراهيم إبراهيم عبد الوهاب وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه ومخالفته القانون بأن ارتكب الجريمتين سالفتي البيان فصدمت سيارته دراجة المجني عليه وقتلته. و(رابعاً) تسبب بغير قصد ولا تعمد في إصابة محمد حامد جاب الله بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله ومخالفته القانون بأن ارتكب الجريمتين الموضحتين آنفاً فاصطدمت سيارته بدراجة المجني عليه وأصابته. والثاني: عهد بسيارته لشخص غير حائز على رخصة قيادة. وطلبت النيابة عقابهما بالمواد 1 و2 و23 و24 و81 و82 و84 و88 و90 من القانون رقم 449 لسنة 1955 وقرار وزير الداخلية وبالمادتين 238 و244 من قانون العقوبات وقد ادعى إبراهيم عبد الوهاب وفهيمه إبراهيم سالم (والدا المجني عليه) بحق مدني قبل المتهمين وطلبا القضاء لهما قبلهما متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف. وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنح الوايلي الجزئية عدلت المحكمة القيد بالمادتين 238/ 1 و244/ 1 من قانون العقوبات وذلك بالنسبة إلى التهمتين الثالثة والرابعة الموجهتين إلى المتهم الأول وجعلت وصف التهمتين كالآتي: (ثالثاً) تسبب خطأ في موت إبراهيم إبراهيم عبد الوهاب بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه ومخالفة القانون بأن ارتكب الجريمتين سالفتي البيان فصدمت سيارته دراجة المجني عليه وأحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. (رابعاً) تسبب خطأ في إصابة محمد حامد جاب الله بالإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه ومخالفته القانون بأن ارتكب الجريمتين الموضحتين آنفا فاصطدمت سيارته بدراجة المجني عليه فأحدث إصابته. ثم قررت التأجيل لجلسة 12 أكتوبر سنة 1964 لإعلان المتهم الأول بالقيد والوصف الجديدين وإعادة إعلان الثاني. ثم نظرت المحكمة المذكورة هذه الدعوى وقضت فيها حضورياً بتاريخ 2 من نوفمبر سنة 1964 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول (أولاً) بتغريم المتهم الأول مائة قرش عن التهمة الأولى وبحبسه شهراً واحداً مع الشغل وكفالة خمسمائة قرش لإيقاف التنفيذ عن التهم الثلاث الأخرى المسندة إليه وذلك بلا مصاريف جنائية. و(ثانياً) بتغريم المتهم الثاني مائة قرش عن التهمة المسندة إليه. و(ثالثاً) بإلزام المتهمين متضامنين بأن يدفعا للمدعين بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع إلزامهما بمصروفات الدعوى المدنية. فاستأنف المتهم الأول (الطاعن) هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 26 من ديسمبر سنة 1964 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم مصروفات الدعوى المدنية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي الذي دان الطاعن بجريمتي القتل والإصابة الخطأ وألزمه التعويض، قد بني على إجراءات باطلة وشابه القصور والفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن وصف التهمة الذي رفعت به الدعوى والتعديل الذي أجرته المحكمة الابتدائية لهذا الوصف خلياً من بيان الأفعال المكونة لركن الخطأ الذي أدي إلى وقوع الحادث واقتصرا على نسبة الإهمال وعدم الاحتياط ومخالفة القانون إلى الطاعن دون تجديد للوقائع التي يستدل منها على وقوع خطأ من جانبه تتحقق به رابطة السببية بين الفعل الآثم والنتيجة التي وقعت. وقد اسند الحكم المطعون فيه إلى الطاعن أنه لم يترك المسافة التي كان ينبغي عليه أن يبتعد بها عن دراجة المجني عليه آخذاً في حسابه أن عرض صندوق سيارته يزيد عن عرض الكابينة لتي كان يجلس بها. كما أسند إليه أنه لم ينبه المجني عليهما في الوقت المناسب ليفسحا الطريق لسيارته، غير أنه لم يبين ما إذا كان ذلك يندرج تحت إحدى صور الخطأ المنصوص عليها على سبيل الحصر في المادتين 238، 244 من قانون العقوبات. وما أسنده الحكم إلى الطاعن في هذا الشأن يخالف ما ثبت بالأوراق وبمحضر المعاينة من أن الطاعن أخذ في حسابه عرض صندوق السيارة إذ أن مرور مقدم السيارة بغير أن يحتك بالدراجة يؤكد مرور صندوقها دون أن يصطدم بها، كما أنه لا يصح القول بأن الطاعن لم يستعمل آلة التنبيه في الوقت المناسب وأن إطلاقه بها ترتب عليه إزعاج المجني عليهما والتفاتهما إلى الخلف واصطدامهما بصندوق السيارة لأن سماع صوت آلة التنبيه أمر متوقع دائماً واستعمال الطاعن لهذه الآلة قياماً منه بواجبه لا يجوز أن يتخذ دليلاً على خطئه. وقد دفع الطاعن في المذكرة المقدمة منه لمحكمة أول درجة بأنه برفض حصول التصادم من سيارته فإن الخطأ يكون قد وقع من جانب المجني عليهما وحدهما دون سواهما بالنظر لما هو ثابت من التحقيقات من أن المجني عليه الأول الذي كان يقود الدراجة قد سمح للمجني عليه الثاني بالركوب معه على الدراجة ذاتها مخالفاً بذلك لائحة الدراجات وعندما أطلق الطاعن آلة التنبيه انحرف قائد الدراجة إلى اليمين فاختل توازنه واصطدم بصندوق السيارة من الخلف. وعلى الرغم من أهمية هذا الدفاع فقد التفت الحكم عنه ولم يعرض له في مدوناته. هذا فضلاً عن أن كلاً من محكمة أول درجة والمحكمة الاستئنافية لم تسمع شهود الإثبات الذين كان سماعهم ممكناً، مع أن الأصل في الأحكام أن تبني على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بنفسها في الجلسة وقد أسس الحكم المطعون فيه قضاءه بقبول الدعوى المدنية على ثبوت الخطأ في حق الطاعن ومتهم آخر في الدعوى، على الرغم من أنه لم يرد بالأوراق أو بالحكم ثمة ما يشير إلى مساهمتهما معاً في ارتكاب الخطأ الذي أدى إلى مقتل ابن المدعيين بالحقوق المدنية. كما أغفل الحكم بيان الضرر الذي استحق عنه التعويض وعناصر هذا الضرر والأساس الذي أقام عليه قضاءه بتضامن الطاعن والمتهم الآخر في تبعة الخطأ والتعويض عنه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين وقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي القتل والإصابة الخطأ اللتين دين الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها مستقاة من أقوال الشهود ومن التقارير الطبية والمعاينة ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن فأطرحه وخلص إلى إدانته وذلك في قوله: "وحيث إن المتهم الأول (الطاعن) نفى بالجلسة ما أسند إليه وقد قدمت الحاضرة معه مذكرة بدفاعه أوضحت فيها أن المتهم الأول ليس هو مرتكب الحادث مستندة في ذلك على أن أقوال الشاهد يحيي عباس محمد لا يطمئن إليها لأنه من المستبعد أن ينتبه أحد المارة إلى تفاصيل الحادث كما وقع. وعلى فرض أن الحادث وقع من سيارة المتهم الأول فقد نفت المذكرة عن هذا المتهم وقوعه في أي خطأ تسبب عنه الحادث وأبانت أن الخطأ إنما كان خطأ المجني عليه وانتهت إلى طلب الحكم ببراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية. وحيث إن المحكمة تطمئن إلى أقوال الشاهد يحيي عباس محمد في كيفية تصويره للحادث وتحققه من السيارة التي ارتكبت الحادث والتقاط رقمها وهي السيارة التي اعترف المتهم بقيادتها بدون رخصة قيادة خاصة وقد أيدت أقوال الشاهد إبراهيم حسن السيد أقوال الشاهد المذكور. أما بالنسبة لخطأ المتهم فإن أقوال الشاهدين يحيي عباس محمد وإبراهيم حسن السيد قاطعة في الدلالة على أن الحادث إنما وقع نتيجة لخطأ المتهم الأول الذي ظل يقود سيارته حتى أصبحت بجوار الدراجة التي يركبها المجني عليهما ثم أطلق آلة التنبيه على وجه مفاجئ مما أزعج المجني عليهما وجعلهما يلتفتان إلى الخلف حيث صدمهما الصندوق الخلفي للسيارة، ذلك فضلاً عما يتضح من ذلك من أن المتهم لم يراع المسافة التي كان يتعين عليه أن يبتعد بها عن طريق الدراجة آخذاً في حسابه عرض صندوق السيارة وزيادته عن عرض الكابينة التي كان يجلس فيها وهو الأمر الذي أدى بالإضافة إلى عدم تنبيه المجني عليهما في الوقت المناسب لكي يفسحا الطريق للسيارة إلى وقوع الحادث على الصورة التي أوضحها الشاهدين سالفي الذكر". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التمسك بقصور البيانات التي يجب أن تشتمل عليها التهمة الموجهة إلى المتهم يجب إبداؤه لدى محكمة الموضوع لتنظره وتقرر ما تراه في شأن استيفاء هذه البيانات. وكان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً عن قصور وصف التهمة التي أقيمت بها الدعوى قبله أو التعديل الذي أجرته محكمة أول درجة على هذا الوصف. وكان الحكم قد أثبت ركن الخطأ في حق الطاعن، كما هو معرف به في القانون واستظهر في بيان مفصل عناصر الخطأ الذي وقعت منه وحددها بما لا مغايرة فيه للعناصر التي أجملها وصف التهمة، والتي كانت مطروحة على بساط البحث ودارت عليها المرافعة، فلا وجه لما يثيره الطاعن في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أقام الحجة على مقارفة الطاعن لما أسند إليه بما استخلصه من عناصر الدعوى في منطق سليم. وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى. وإذ ما كان الواضح من مدونات الحكم أن المحكمة - في حدود ما هو مقرر لها من حق في وزن عناصر الدعوى وأداتها قد بينت الواقعة على حقيقتها كما ارتسمت في وجدانها وردت الحادث إلى صورته الصحيحة من مجموع الأدلة المطروحة عليها ودللت تدليلاً سائغاً على ثبوت نسبة الخطأ إلى الطاعن ووقوع الحادث نتيجة لهذا الخطأ فلا يقبل من الطاعن مصادرة المحكمة في عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في معرض نفيه الاتهام عنه وهو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بمتابعته في مناحيها المختلفة إذ الرد عليها يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم. هذا إلى أن من المقرر أن الخطأ المشترك في نطاق المسئولية الجنائية - بفرض قيامه - لا يخلي المتهم من المسئولية بمعني أن خطأ المجني عليه لا يسقط مسئولية المتهم ما دام هذا الخطأ لم يترتب عليه انتفاء الأركان القانونية لجريمتي القتل والإصابة الخطأ المنسوبتين إلى المتهم - وهو ما لم يتحقق في الدعوى المطروحة. لما كان ذلك، وكانت إجراءات المحاكمة قد جرت بدرجتيها في ظل التعديل المدخل على المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بالقانون رقم 113 لسنة 1957 بما يخوله للمحكمة من الاستغناء عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك. يستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن محكمة أول درجة قد حققت شفوية المرافعة بسماع من حضر من الشهود ثم ترافع الدفاع عن الطاعن دون أن يطلب من المحكمة سماع شهود الإثبات، ومن ثم فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا هي عولت على أقوال الشهود في التحقيقات دون سماعهم ما دامت أقوالهم كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، ولا يؤثر في ذلك أن تكون المحكمة قد أجلت الدعوى لإعلان شهود الإثبات ثم عدلت عن ذلك لأن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق. لما كان ذلك، وكانت محكمة ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه. وما دامت المحكمة لم تر من جانبها حاجة لسماع شهود الإثبات وكان الطاعن قد عد نازلاً عن طلب سماعهم بسكوته عن التمسك به أمام محكمة أول درجة، فإن النعي على الحكم من هذه الناحية يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية، ومن ثم يكون قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية إحاطة كافية ولا تثريب عليه بعد ذلك إذ هو لم يبين عناصر الضرر. وكان لا مصلحة للطاعن فيما ينعاه على الحكم من إسناده إلى متهم آخر المساهمة معه في الخطأ ومساءلته له بالتضامن معه في التعويض.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش