توقيع الشريك المتضامن على الفاتورة بصفته الشخصية لا بصفته شريكا أو ممثلا للشركة. اعتبار الدين المحررة به الفاتورة دينا شخصيا. عدم جواز عمل بروتستو لغيره وإلا عد خطأ موجبا للمسئولية عن تعويض الضرر الناشئ مع شطب البروتستو.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 17 - صـ 1845
جلسة 8 من ديسمبر سنة 1966
برياسة السيد المستشار محمود توفيق اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوى، وعباس حلمى عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقى البشبيشى.
(266)
الطعن رقم 314 لسنة 32 القضائية
( أ ) إثبات. "الإثبات بالقرائن". "القرائن القضائية". محكمة الموضوع. تزوير.
تقدير القرائن القضائية من سلطة قاضى الموضوع. لا رقابة لمحكمة النقض عليه فى تقديره لقرينة مؤدية إلى الدلالة التى استخلصها هو منها. إقامة الحكم بتزوير ورقة على قرائن مجتمعة. ليس للطاعن مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها فى ذاتها.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل".
بيان محكمة الموضوع الحقيقة التى اقتنعت بها وإيراد دليلها. عدم التزامها بتعقب جميع الخصوم والرد على كل منها استقلالا.
(ج) بروتستو. "الخطأ فى توقيعه". تعويض. شركات. "شركة التضامن". حكم. "عيوب التدليل". "قصور" "ما يعد كذلك".
توقيع الشريك المتضامن على الفاتورة بصفته الشخصية لا بصفته شريكا أو ممثلا للشركة. اعتبار الدين المحررة به الفاتورة دينا شخصيا. عدم جواز عمل بروتستو لغيره وإلا عد خطأ موجبا للمسئولية عن تعويض الضرر الناشئ مع شطب البروتستو. تمسك الطاعن بهذا الدفاع الجوهرى أمام محكمة الموضوع. إغفال الحكم الرد عليه. قصور.
1 - تقدير القرائن القضائية هو مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليه فى تقديره لقرينة من شأنها أن تؤدى إلى الدلالة التى استخلصها هو منها فإذا كانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها بتزوير المخالصة على قرائن مجتمعة فإنه لا يجوز للطاعن مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها فى ذاتها.
2 - ما دامت محكمة الموضوع قد بينت الحقيقة التى اقتنعت بها وأوردت دليلها فإنها ليست ملزمة بعد ذلك بأن تتعقب حجج الخصوم وأوجه دفاعهم وترد على كل منها استقلالا.
3 - متى كان الواقع أن الطاعن الأول قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن البروتستو المحرر ضده قد وقع باطلا لأن الفاتورة التى عمل عنها موقع عليها من الطاعن الثانى بصفته الشخصية وليس بصفته شريكا فى شركة التضامن - القائمة بينهما وبين آخرين - أو ممثلا لهذه الشركة مما يترتب عليه اعتبار الدين المحررة به هذه الفاتورة دينا شخصيا فى ذمة الطاعن الثانى وحده ومن ثم فما كان يجوز عمل البروتستو لغيره وبالتالى يكون تحرير البروتستو للطاعن الأول بسبب الامتناع عن دفع هذا الدين خطأ من جانب المطعون ضده الأول يستوجب مسئوليته عن تعويض الأضرار الناشئة عنه علاوة على شطب البروتستو، متى كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل كلية الرد على هذا الدفاع الجوهرى الذى من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى، يكون مشوبا بالقصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن إستوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 656 سنة 1955 تجارى كلى الاسكندرية بصفتهم شركاء متضامنين فى شركة "ثابت محمد ضاحى وشركاه" على المطعون ضده الأول وطلبوا الحكم عليه فى مواجهة كبير محضرى محكمة الإسكندرية الابتدائية (المطعون ضده الثانى) بأن يدفع لهم مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض وشطب البروتستو المعلن بناء على طلبه إلى الطاعن الأول فى 12 من أبريل سنة 1955 وقال الطاعنون فى بيان دعواهم أنهم يملكون مخبزا بحى كوم الدكة وكانوا يشترون ما يلزمهم من الدقيق نقدا من المطعون ضد الأول ثم اضطروا إلى قطع التعامل معه بسبب سوء معاملته مما أوغر صدره نحوهم وفى سبيل الكيد لهم زور عليهم فاتورة بمبلغ 136 ج و940 م وجعل تاريخها 10 أبريل سنة 1954 ثم وجه إلى أولهم بروتستو عدم الدفع استنادا إلى امتناعه عن الوفاء بهذا الدين ولما كانوا غير مدينين له بالدين وكان تحرير البروتستو بغير حق قد أساء إلى سمعتهم التجارية وأضر بهم فقد رفعوا هذه الدعوى بطلب تعويضهم عن هذه الأضرار وشطب البروتستو - وتحصل دفاع المطعون ضده فى أن الفاتورة التى استند إليها فى تحرير البروتستو صحيحة وأن الطاعنين لم يوفوا له قيمتها ومن ثم فإن تحرير البروتستو بسبب الامتناع عن دفع هذا الدين يعد منه استعمالا لحق مشروع وقدم فاتورة مؤرخة 10 أبريل سنة 1954 وموقعا عليها بإمضاء للطاعن الثانى وتفيد استلامه بضاعة من المطعون ضده الأول وتعهده بدفع ثمنها البالغ 136 ج و940 م وقت الطلب - وأنكر الطاعن الثانى توقيعه على هذه الفاتورة وطعن عليها بالتزوير بالطريق الذى رسمه القانون للإدعاء بالتزوير - وبتاريخ 12 من مارس سنة 1956 قضت المحكمة الابتدائية بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى لفحص هذا التوقيع ومضاهاته على الإمضاءات الصحيحة لمدعى التزوير وقد قام بهذه العملية الدكتور حسن نجم مصطفى رئيس قسم أبحاث التزييف والتزوير بالاسكندرية وقدم تقريرا خلص فيه إلى أن الإمضاء الموقع بها على الفاتورة المدعى بتزويرها صحيحة وصادرة من يد عبد الحافظ محمد ضاحى الطاعن الثانى نفسه وقد اعترض الطاعنون على هذا التقرير وطلبوا من المحكمة الابتدائية التصريح لهم بتقديم تقرير استشارى من خبير الجدول الأستاذ حلمى محمد حسن ردا على تقرير الخبير المنتدب وبجلسة 5 من مارس سنة 1958 صرحت لهم المحكمة بذلك مع الإذن للخبير الإستشارى بالاطلاع وحددت لتقديم تقريره جلسة 4 من يونيه سنة 1958 ولم يقدم الطاعنون هذا التقرير وأبدوا دفاعا جديدا هو أنهم قد تخالصوا عن الدين المحرر عنه الفاتورة بفرض صحتها وقدموا للتدليل على ذلك مخالصة صادرة إليهم من المطعون ضده الأول تحمل تاريخ 28 ديسمبر سنة 1954 ويقر فيها للأخير بتخالصه عن جميع ما له فى ذمة الطاعنين من ديون وقال الطاعنون إنه لما كان تاريخ هذه المخالصة سابقا على تحرير البروتستو الحاصل فى 12 من أبريل سنة 1955 فإن التخالص الذى أقر به الدائن يشمل الدين المحرر عنه البروتستو ويكون عمل هذا البروتستو عن دين سبق التخالص عنه خطأ من جانب المطعون ضده الأول يستوجب مسئوليته عن التعويض وإلزامه بشطب البروتستو وبتاريخ 30 من أبريل سنة 1959 قرر المطعون ضده الأول فى قلم الكتاب بالادعاء بتزوير هذه المخالصة فيما يختص بتاريخها وقام باعلان شواهد التزوير التى تتحصل فى أن هذه المخالصة إنما حررت فى يوم 22 ابريل سنة 1955 بعد تحرير البروتستو حيث حضر إليه الطاعنون بعد إعلانهم بهذا البروتستو وأوفوه بما كان متبقيا فى ذمتهم من الدين المحرر عنه الفاتورة المؤرخة 10 ابريل سنة 1954 بعد أن تنازل لهم عن جزء من هذا الباقى استجابة منه لوساطة آخرين وحرر لهم ورقة المخالصة دون أن يضع عليها تاريخا وأن الطاعنين استغلوا هذه الفرصة ووضعوا على المخالصة تاريخا سابقا على تحرير البروتستو ليتخذوا من ذلك سندا لدعواهم - وبتاريخ 26 من فبراير سنة 1959 قضت المحكمة الابتدائية باستجواب الخصوم وبعد أن تم هذا الاستجواب حكمت فى 27 من مايو سنة 1959 (أولا) برفض الادعاء بتزوير الورقة المؤرخة 10 أبريل سنة 1954 (الفاتورة) وبصحتها وبتغريم مدعى التزوير عبد الحافظ محمد ضاحى مبلغ 25 ج للخزانة العامة. (ثانيا) بقبول الادعاء بتزوير المخالصة المدون تاريخ 28 ديسمبر سنة 1954 بالنسبة لتاريخها وبردها وبطلانها. (ثالثا) فى موضوع الدعوى برفضها وإلزام رافعيها بالمصاريف ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماه - فاستأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف الاسكندرية وقيد استئنافهم برقم 280 سنة 15 ق تجارى وبتاريخ 22 مايو سنة 1962 حكمت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعنون فى الحكم الاستئنافى بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة صممت النيابة على هذا الرأى.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون فى أولها على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقولون أنهم اعترضوا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها على تقرير الخبير المعين فى الدعوى الدكتور حسن نجم الذى قرر صحة الامضاء الموقع بها على الفاتورة المؤرخة 10 أبريل سنة 1954 وجرحوا هذا الخبير بوجود ضغائن بينهم وبين عائلته - وطلب الطاعنون من محكمة أول درجة التصريح لهم بتقديم تقرير استشارى من خبير الجدول الأستاذ حلمى محمد حسن وقد صرحت لهم تلك المحكمة بذلك بجلسة 5 مارس سنة 1958 غير أنها لم تمكن هذا الخبير من الإطلاع على الفاتورة المدعى بتزويرها والتى كانت مودعة خزانة المحكمة وقد تمسك الطاعنون فى الطلب المقدم منهم إلى المحكمة الإبتدائية فى 19 من فبراير سنة 1959 بضرورة تمكين الخبير من هذا الاطلاع حتى يمكنه تقديم تقريره إلا أن تلك المحكمة قد التفتت عن هذا الطلب وقضت بصحة الفاتورة وبرفض دعوى الطاعنين ولما استأنف هؤلاء هذا الحكم عادوا وتمسكوا أمام محكمة الاستئناف بطلب تمكينهم من تقديم تقرير استشارى من الخبير المذكور وقد رفضت تلك المحكمة طلبهم هذا وقضت بتأييد الحكم المستأنف وبررت فى حكمها المطعون فيه رفضها هذا الطلب بأنه لو صحت الضغائن التى يدعى الطاعنون قيامها بينهم وبين عائلة الخبير المنتدب لردوده بالطريق المرسوم فى قانون المرافعات بعد أن عرفوا شخصيته من تقريره الابتدائى الذى طلب فيه موافاته بأوراق أخرى لإجراء المضاهاة عليها وبأن المحكمة قد اقتنعت بصحة رأى هذا الخبير من المضاهاة التى أجرتها بنفسها ويرى الطاعنون أن هذه الأسباب التى استند إليها الحكم المطعون فيه فى رفض طلبهم الخاص بتقديم تقرير استشارى غير سائغة لأنه ليس من المفروض فيهم أن يتحققوا من اسم محرر الخطاب المرسل إلى المحكمة من مصلحة الطب الشرعى بطلب أوراق جديدة للمضاهاة كما أن الضغائن التى توجد بين العائلات لا يسهل تقديم الدليل عليها أما المضاهاة التى أجرتها المحكمة بنفسها فانها لا تكفى للقطع بصحة التوقيع الموجود على الفاتورة لأن المحكمة قد تأثرت عند إجرائها بما ورد فى تقرير الخبير الذى طعنوا عليه - ومن ثم تكون محكمة الاستئناف إذ حرمتهم من حقهم فى تقديم تقرير استشارى ردا على تقرير الخبير المعين فى الدعوى قد أخلت بحقهم فى الدفاع كما أن الحكم المطعون فيه إذ أقر القرائن التى اعتمد عليها الحكم الابتدائى فى قضائه بنزوير تاريخ المخالصة مع فساد هذه القرائن وكونها لا تؤدى إلى إثبات هذا التزوير فانه يكون مشوبا بفساد الاستدلال علاوة على قصوره لاغفاله الرد على الحجج التى ساقها الطاعنون لتنفيذ تلك القرائن.
وحيث إن هذا النعى فى شقه الخاص بتعييب الحكم المطعون فيه لرفضه طلب الطاعنين تقديم تقرير من خبير استشارى ردا على تقرير الخبير المعين فى الدعوى مردود بأن الحكم المطعون فيه رد على هذا الطلب وعلى تجريح الطاعنين للخبير الذى عينته المحكمة بقوله "ان المستأنفين (الطاعنين) لم يقدموا أى دليل يؤيدون به ما ادعوه من قيام ضغائن بينهم وبين الخبير المنتدب أو عائلته وبفرض وجود تلك الضغائن فكان يتعين عليهم أن يطلبوا رد هذا الخبير عن مباشرة المأمورية وفقا للقواعد المقررة لذلك فى قانون المرافعات وليس صحيحا ما ذهبوا إليه من أنهم كانوا يجهلون شخص الخبير المنتدب ذلك أن الثابت من أوراق الدعوى أن هذا الخبير قبل أن يباشر المأمورية ويحرر تقريره النهائى المؤرخ 26 نوفمبر سنة 1957 أرسل إلى محكمة أول درجة تقريرا أوليا مؤرخا فى 5 من فبراير سنة 1957 قرر فيه عدم كفاية الأوراق السابق ارسالها إليه لاجراء المضاهاة عليها وطلب موافاته باستكتاب لتوقيعات عبد الحافظ محمد ضاحى مدعى التزوير وبأوراق رسمية أو عرفية معترف بها تحمل توقيعات له حتى يمكن اجراء المضاهاة المطلوبة وقد تضمن هذا التقرير المبدئى بيان اسم الخبير المنوط به عملية المضاهاة ووظيفته إذ ذكر أنه "الدكتور حسن نجم مصطفى رئيس قسم ابحاث التزييف والتزوير بالاسكندرية" أما عن طلب تقديم تقرير استشارى فإنه فضلا عن أن الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات الدعوى فى المرحلة الإبتدائية أن القضية أجلت أكثر من مرة كطلب المستأنفين لتقديم هذا التقرير فلم يقدموه فإن محكمة أول درجة إذ قضت بصحة توقيع عبد الحافظ محمد ضاحى على الفاتورة المطعون عليها قد أقامت قضاءها على اقتناعها بسلامة الأسس التى استند إليها الخبير المنتدب فى تقريره الذى قطع فيه بصحة التوقيع المدعى بتزوير ومن ثم فانها لم تكن فى حاجة إلى الاستعانة بتقرير استشارى أو ندب خبير آخر - على أنه قد تبين لمحكمة الاستئناف من اطلاعها على هذا التقرير أن الخبير المنتدب إذ قطع بصحة ذلك التوقيع قد أجرى المضاهاة على توقيعات الطاعن الواردة بورقة استكتابه وعلى توقيعه الوارد بتقرير الطعن بالتزوير وأوضح الخبير فى تقريره المشابهات التى تتكون منها الامضاءات المطعون عليها وبين مثيلاتها من حروف الامضاءات التى أجرى عليها المضاهاة. وقد قامت محكمة الاستئناف بفض المظروف المحتوى على الفاتورة المطعون عليها واطلعت على إمضاء عبد الحافظ محمد ضاحى الموقع بها على تلك الفاتورة وضاهتها على إمضاءاته الواردة بورقة الاستكتاب وعلى امضائه الوارد بتقرير الطعن بالتزوير فتحقق لها صحة ما جاء بتقرير الخبير المنتدب ومن ثم فلا جدوى من اصرار المستأنفين على طلب الاستعانة برأى خبير استشارى أو انتداب خبير آخر" - ولما كانت هذه الأسباب تحمل الرد الكافى على تجريح الطاعنين للخبير المعين فى الدعوى وتسوغ رفض طلب الطاعنين تقديم تقرير من خبير استشارى وكان تقدير المحكمة لعمل الخبير هو مما يدخل فى سلطتها الموضوعية وكانت محكمة الاستئناف قد اطمأنت إلى تقرير الخبير المعين فى الدعوى وتحققت من صحة رأيه بالمضاهاة التى أجرتها بنفسها ولم تر لزوما للإستعانة برأى خبير آخر فإنها إذ رفضت طلب الطاعنين تقديم تقرير من خبير استشارى تكون قد استعملت حقها الذى لا معقب عليها فيه إذ الأمر فى اجابة هذا الطلب وعدم اجابته متروك لمطلق تقديرها.
والنعى مردود فى شقه الآخر بأن الحكم المطعون فيه قد أقر قضاء الحكم الابتدائى بتزوير تاريخ المخالصة استنادا إلى ذات القرائن التى أقيم عليها ذلك القضاء وقال الحكم المطعون فيه إن هذه القرائن سليمة تؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم المستأنف من تزوير تاريخ المخالصة وتقتنع بها محكمة الاستئناف ولما كانت هذه القرائن كما وردت فى الحكم الابتدائى هى "(أولا) أنه لو كان صحيحا أن المخالصة حررت فى 28 ديسمبر سنة 1954 لاستند إليها الطاعنون عند تحرير البروتستو فى 12 ابريل سنة 1955 ولما لجأوا إلى القول بتزوير الفاتورة المؤرخة 10 أبريل سنة 1954 والتى ثبت للمحكمة صحة وتوقيع أحدهم وهو عبد الحافظ محمد ضاحى عليها. (ثانيا) ليس من المنطق فى شىء أن يعبث المدعى عليه الأول (المطعون عليه الأول) فيعلن المدعين فى 12 أبريل سنة 1955 ببروتستو عدم الدفع لامتناعهم عن الوفاء بقيمة الفاتورة المؤرخة 10 ابريل سنة 1954 إذا كان قد سبق وأعطاهم مخالصة عن هذا الدين بتاريخ 28 ديسمبر سنة 1954 لعلمه بأنهم سيتقدمون بهذه المخالصة فلا يستطيع والحال هذه أن ينال منهم شيئا، اللهم إلا إذا كان على يقين من فقد المخالصة منهم وهو فرض لم يقل به أحد منهم. (ثالثا) مسارعة المدعى عليه الأول إلى إبلاغ النيابة عقب وصول إعلان الدعوى الحالية إليه وقوله من بادئ الأمر فى التحقيقات التى أجريت عن هذا البلاغ والتى قيدت برقم 1840 سنة 1955 إدارى العطارين أن المخالصة لم تحرر إلا بعد إعلان المدعين ببروتستو عدم الدفع فى 12 إبريل سنة 1955. وبعد أن سردت محكمة أول درجة هذه القرائن قالت أنه لهذه الاعتبارات مجتمعة يكون قد ثبت للمحكمة صحة ادعاء المدعى عليه بتزوير تاريخ المخالصة - ولما كانت هذه القرائن من شأنها أن تؤدى فى مجموعها إلى ما رتبته عليها محكمة الموضوع وكان تقدير القرائن القضائية هو مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليه فى تقديره لقرينة من شأنها أن تؤدى إلى الدلالة التى استخلصها هو منها لما كان ذلك وكانت المحكمة متى أقامت قضاءها بتزوير تاريخ المخالصة على هذه القرائن مجتمعة فإنه لا يجوز للطاعنين مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها فى ذاتها فإن النعى على الحكم بفساد الاستدلال لاعتماده على القرائن السابقة يكون على غير أساس أما عن تعييب الحكم لإغفاله الرد على الحجج التى ساقها الطاعنون لتفنيد هذه القرائن فمردود بأن ما ورد فى الحكم المطعون فيه من أن محكمة الاستئناف ترى أن القرائن التى اعتمد عليها الحكم المستأنف فى القضاء بتزوير تاريخ المخالصة سليمة وتؤدى إلى ما انتهى إليه وتقتنع بها هذه المحكمة هذا الذى أورده الحكم فيه التعليل الضمنى المسقط لتلك الحجج وما دامت المحكمة قد بينت الحقيقة التى اقتنعت بها وأوردت دليلها فإنها ليست ملزمة بعد ذلك بأن تنعقب حجج الخصوم وأوجه دفاعهم وترد على كل منها استقلالا.
وحيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى الاسناد إذ نسب إلى الطاعن الأول أنه قال للمحضر عند إعلانه ببروتستو عدم الدفع أن الفاتورة مزررة واتخذ الحكم من ذلك سندا لقضائه بتزوير تاريخ المخالصة ذلك أن هذا القول لم يصدر من الطاعن أمام المحضر بل اقتصرت إجابته على مجرد القول بأنه لم يوقع على تلك الفاتورة وأنه لا يعرف عنها شيئا.
وحيث إن هذا النعى مردود بأنه علاوة على أن الطاعنين لم يقدموا إلى محكمة النقض ورقة البروتستو حتى تتبين منها حقيقة إجابة الطاعن فيها وما إذا كانت هذه الإجابة مطابقة لما قرره الحكم المطعون فيه أو مخالفة له الأمر الذى يكون معه النعى عاريا عن الدليل فانه بفرض أن الحكم قد أخطأ فى الاسناد على النحو الذى يقول به الطاعن فى سبب الطعن فان هذا الخطأ لا يؤثر فى صحة استدلال الحكم على تزوير تاريخ المخالصة بالقرينة المستمدة من عدم تمسك الطاعن الأول بالتخالص عند تحرير البروتستو.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون فى السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقولون أنهم لم يقفوا فى دفاعهم فى الدعوى عند حد الادعاء بتزوير الفاتورة التى عمل البروتستو بسبب الامتناع عن دفع قيمتها بل إنهم أبدوا دفاعا آخر على الفرض الجدلى بأن الفاتورة صحيحة ويقوم هذا الدفاع على بطلان البروتستو المعلن إلى الطاعن الأول لأنه وجه إليه لامتناعه عن دفع دين لا وجود له فى ذمته إذ أن الفاتورة موقع عليها من الطاعن الثانى عبد الحافظ محمد ضاحى بصفته الشخصية وليس بصفته شريكا فى الشركة وأنه ما دام الدين المحرر عنه هذه الفاتورة هو دين على الطاعن المذكور شخصيا وليس دينا على الشركة فما كان يجوز عمل البروتستو إلا له شخصيا وبالتالى يكون البروتستو الموجه إلى الطاعن الأول عن هذا الدين قد وقع باطلا لتوجيهه لغير المدين ويحق لهذا الطاعن بالتالى أن يطلب شطب هذا البروتستو وتعويضه عن الاضرار التى لحقت به نتيجة عمل ذلك البروتستو الكيدى لكن الحكم المطعون فيه قد اغفل كلية الرد على هذا الدفاع مما يجعله مشوبا بالقصور.
وحيث إن هذا النعى صحيح ذلك أنه يبين من الصورة الرسمية للمذكرة المقدمة من الطاعنين إلى محكمة الاستئناف والمودعة ملف الطعن أن الطاعن الأول تمسك فيها بأنه بفرض صحة توقيع الطاعن الثانى على الفاتورة وعدم الوفاء بقيمتها قبل تحرير البروتستو فإن هذا البروتستو قد وقع باطلا لأن الفاتورة التى عمل عنها موقع عليها من الطاعن الثانى بصفته الشخصية وليس بصفته شريكا فى شركة التضامن القائمة بينه وبين الطاعنين الآخرين أو ممثلا لهذه الشركة مما يترتب عليه اعتبار الدين المحررة به هذه الفاتورة دينا شخصيا فى ذمة الطاعن الثانى وحده ومن ثم فما كان يجوز عمل البروتستو لغيره وبالتالى يكون تحرير البروتستو للطاعن الأول بسبب الإمتناع عن دفع هذا الدين خطأ من جانب المطعون ضده الأول يستوجب مسئوليته عن تعويض الأضرار الناشئة عنه علاوة على شطب البروتستو ولما كان الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد كلية على هذا الدفاع وليس فى أسبابه ولا فى أسباب الحكم الإبتدائى التى أحال إليها ما يصلح ردا عليه إذ خلت أسباب الحكمين من بحث ما إذا كان الدين المحررة عنه الفاتورة هو دين على الشركة أو على المطعون ضده الثانى شخصيا ولما كان دفاع الطاعن الأول فى هذا الخصوص هو دفاع جوهرى من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى فإن اغفال الحكم المطعون فيه بحث هذا الدفاع والرد عليه يجعله مشوبا بالقصور - وإذ كان هذا السبب من أسباب الطعن لا يتناول قضاء الحكم المطعون فيه برفض الادعاء بتزوير الفاتورة المؤرخة 10 ابريل سنة 1954 وبصحتها ولا قضاءه برد وبطلان المخالصة المؤرخة 28 ديسمبر سنة 1954 وبصحتها ولا قضاءه برد وبطلان المخالصة المؤرخة 28 ديسمبر سنة 1954 بالنسبة لتاريخها وقد انتهت محكمة النقض إلى رفض أسباب الطعن الموجهة إلى قضاء الحكم فى هذين الأمرين فان قبول السبب الثالث الذى رأت المحكمة صوابه لا يترتب عليه سوى نقض قضاء الحكم المطعون فيه فى موضوع الدعوى دون قضائه بصحة الفاتورة وبتزوير تاريخ المخالصة وبالتالى فلا يكون للمحكمة المحال إليها القضية أن تعيد النظر فى هذين الأمرين.
ساحة النقاش