عدم تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بعدم استحقاق الشرط الجزائي لتخلف شرط الإعذار. عدم جواز التمسك بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض .
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1490
جلسة 5 من ديسمبر سنة 1968
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.
(227)
الطعن رقم 563 لسنة 34 القضائية
( أ ) قوة الأمر المقضي. "أثرها". حكم. "حجية الحكم النهائي".
للقضاء النهائي قوة الأمر المقضي فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو ضمنية حتمية. هذه القوة تمنع الخصوم من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها. قضاء الحكم ضمناً بصحة عقد وصيرورة هذا القضاء نهائياً. عدم جواز المجادلة - من جديد - في صحة هذا العقد بحجة بطلانه بطلاناً مطلقاً. مثال.
(ب) مسئولية. "مسئولية عقدية". عناصر المسئولية. "الخطأ".
عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي. اعتباره في ذاته خطأ موجباً للمسئولية.
(ج) نقض. "أسباب الطعن". محكمة الموضوع. تعويض.
عدم تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بعدم استحقاق الشرط الجزائي لتخلف شرط الإعذار. عدم جواز التمسك بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
(د) تعويض. "التعويض الاتفاقي". "سلطة القاضي في إعمال الشرط الجزائي".
وجوب إعمال الشرط الجزائي إلا إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر فلا يستحق التعويض الاتفاقي أصلاً، أو أثبت أن التقدير كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة فيجوز للقاضي في هذه الحالة تخفيض التعويض المتفق عليه.
1 - للقضاء النهائي قوة الأمر المقضي فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو ضمنية حتمية. ومتى جاز الحكم هذه القوة فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها، فإذا كان الحكم قد قضى ضمناً بصحة عقد حين انتهى إلى أنه وعد بتكوين شركة اشتمل على المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه وأحال الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده أن الطاعن أخل بما التزم به فيه فإن هذا القضاء القطعي الذي أصبح نهائياً يمنع الطاعن من العودة إلى المجادلة في صحة هذا العقد بحجة أنه باطل بطلاناً مطلقاً لخلوه من ركن الاتفاق على رأس مال الشركة وتحديده ولأنه تضمن شرطاً مخالفاً لمبدأ حرية الإرادة.
2 - عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي يعتبر في ذاته خطأ يرتب مسئولية.
3 - إذا كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بعدم استحقاق التعويض الاتفاقي (الشرط الجزائي) لتخلف شرط الإعذار فلا يجوز له التمسك لأول مرة أمام محكمة النقض بهذا السبب الذي لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع.
4 - وجود الشرط الجزائي يفترض معه أن تقدير التعويض فيه متناسب مع الضرر الذي لحق الدائن وعلى القاضي أن يعمل هذا الشرط إلا إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر فعندئذ لا يكون التعويض الاتفاقي مستحقاً أصلاً، أو إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة وفي هذه الحالة يجوز للقاضي أن يخفض التعويض المتفق عليه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 2292 سنة 1962 تجاري كلي القاهرة على الطاعن طالباً الحكم أصلياً بحل الشركة المكونة بينهما بالعقد المؤرخ 8/ 9/ 1960 لإنشاء محل زهور واستغلاله وتعيين مصف لها تكون له جميع الحقوق المقررة قانوناً واحتياطياً بإلزام الطاعن بأن يؤدي له مبلغ 349 ج و450 م مع فوائده القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام السداد وفي جميع الأحوال بإلزام الطاعن بأن يؤدي له مبلغ 1500 جنيه تعويضاً عن الأضرار التي لحقته بسبب إخلال الطاعن بالتزاماته وفوائد هذا المبلغ بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد وقال المطعون ضده بياناً لدعواه إنه اتفق مع شقيقه الطاعن علي فتح محل للزهور بشارع عبد الخالق ثروت رقم 36 ساهم كل منهما بالنصف في رأس ماله على أن يقتسما ربحه وخسائره وذلك بعقد مؤرخ 8/ 9/ 1960 تضمنت بنوده نصوص ما تم الاتفاق عليه بينهما ولقد دفع قيمة حصته في رأس المال البالغة 349 ج و450 م إلا أن الطاعن استأثر بأرباح الشركة فرفع عليه الدعوى رقم 889 سنة 1961 مستعجل القاهرة بطلب فرض الحراسة القضائية على المحل ولما قضي برفضها استناداً إلى أن نية الطرفين انصرفت إلى مجرد وعد بالشركة أقام هذه الدعوى. وبتاريخ 6 يونيه سنة 1963 قضت محكمة أول درجة (أولاً) برفض الدعوى فيما يختص بطلب حل الشركة (ثانياً) وقبل الفصل في موضوع باقي الطلبات بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي بكافة طرق الثبوت القانونية أنه قام بدفع مبلغ 349 ج و450 م من ماله الخاص لحساب المدعى عليه وأن هذا الأخير هو الذي أخل بما التزم به بموجب العقد الابتدائي المؤرخ 8/ 9/ 1960 وأن هذا الإخلال عاد على المدعي بالضرر وللمدعى عليه النفي بذات الطرق وقطع هذا الحكم في أسبابه بأن عقد 8/ 9/ 1960 ليس عقد شركة بل مجرد وعد بتكوين شركة تعينت فيه المسائل الجوهرية الواجب ذكرها عند الوعد بإبرام عقد معين في المستقبل - وبالجلسة المحددة للتحقيق سمعت المحكمة أقوال شاهدي المدعي فقط لأن المدعى عليه لم يشهد أحداً ثم قضت في 26/ 3/ 1964 (أولاً) بإلزام المدعى عليه (الطاعن) بأن يدفع للمدعي (المطعون ضده) مبلغ 349 ج و450 م وفوائده بواقع 5% سنوياً من أول يناير سنة 1963 حتى تمام السداد (ثانياً) - وقبل الفصل في طلب التعويض بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي بكافة طرق الثبوت القانونية أن قيمة تعويضه عن الأضرار التي أصابته من جراء إخلال المدعى عليه بما التزم به من تكوين شركة بينهما تبلغ 1500 ج المبلغ المتفق عليه في العقد وللمدعى عليه النفي بذات الطرق. وقطع هذا الحكم في أسبابه بأن المدعى عليه أخل بما التزم به في العقد المؤرخ 8/ 9/ 1960 من تكوين الشركة بينه وبين المدعي. وبعد أن سمعت شهود الطرفين قضت في 25 يونيه سنة 1964 بإلزام المدعى عليه (الطاعن) بأن يدفع للمدعي - المطعون ضده - مبلغ 1500 ج والفوائد بواقع 5% سنوياً ابتداء من أول يناير سنة 1963 حتى تمام السداد. وكان الطاعن قد استأنف الشق القطعي من الحكم الصادر في 26 مارس سنة 1964 والخاص بإلزامه بمبلغ 349 ج و450 م وفوائده لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 281 سنة 81 ق تجاري طالباً رفض دعوى المستأنف عليه - المطعون ضده - قبله في هذا الشق منها ولما صدر الحكم الأخير في الدعوى بتاريخ 25 يونيه سنة 1964 استأنفه أيضاً بالاستئناف رقم 543 سنة 81 ق تجاري وطلب إلغاء ذلك الحكم بكامل أجزائه ورفض دعوى المستأنف عليه قبله وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئناف الثاني للأول قضت فيهما بتاريخ 27/ 10/ 1964 (أولاً) في موضوع الاستئناف رقم 281 سنة 1964 برفضه وتأييد الحكم المستأنف الصادر في 16 مارس سنة 1964 (ثانياً) وفي موضوع الاستئناف رقم 543 سنة 81 ق برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المستأنف بأن يدفع للمستأنف عليه مبلغ 1500 ج وإلغائه فيما قضى به من فوائد هذا المبلغ. وبتقرير تاريخه 11 نوفمبر سنة 1964 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وطلب المطعون ضده رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة انضمت فيها إلى المطعون ضده في طلب رفض الطعن وصممت على هذا الرأي بالجلسة المحددة لنظر الطعن.
وحيث إن الطعن بالنسبة لقضاء الحكم المطعون فيه بمبلغ 1500 ج قيمة التعويض المحكوم به بني على سبب واحد من ثلاثة أوجه يتحصل الوجه الأول منها في أن الحكم المطعون فيه تناقض مع الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 6 يونيه سنة 1963 والحائز قوة الأمر المقضي وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن محكمة أول درجة وقد قضت بحكمها الصادر في 6 يونيه سنة 1963 برفض طلب حل وتصفية الشركة تأسيساً على أن عقد 8 سبتمبر سنة 1960 ليس عقد شركة بل اتفاق واقع في مرحلة ما قبل التعاقد فإن مقتضى ذلك عدم جواز إلزامه بأي تعويض إذ يرجع عدم قيام الشركة إلى بطلان عقدها بطلاناً مطلقاً لخلوه من ركن الاتفاق على رأس المال وتحديده مما لا يستطيع معه الشريك إلزام شريكه بالاستمرار في الشركة وهذا البطلان متعلق بالنظام العام ولم ينتج عن تقصير أحد الشريكين فلا يستطيع أي منهما أن ينسب للآخر خطأ ولو قيل بأن عدم بيان رأس المال خطأ فهو خطأ مشترك وقع فيه المتعاقدان معاً ويؤدي إلى المقاصة بين خطأ كل منهما وخطأ الآخر، هذا إلى أن ما قررته محكمة أول درجة في حكمها الصادر في 6 يونيه سنة 1963 من أن عقد 8 سبتمبر سنة 1960 لا يعدو أن يكون اتفاقاً واقعاً في مرحلة ما قبل التعاقد يتضمن القول بأن هذا الاتفاق أبرم في مرحلة المفاوضات ولم يتناول الاتفاق على المسائل الجوهرية اللازمة لانعقاد الشركة وأهمها تحديد رأس المال وبالتالي فلا يكون ثمة تعاقد قد تم ولا يجوز لذلك إلزام أي من الطرفين بتعويض للآخر عن عدم تمامه ولو كان التعويض مشروطاً في العقد إذ لا يجوز قانوناً إجبار أحدهما على الالتزام بشروط لم يرض بها لمخالفة ذلك لمبدأ حرية الإرادة المتعلق بالنظام العام ومن ثم يكون قضاء الحكم المطعون فيه بالتعويض مناقضاً لقضاء الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في 6 يونيه سنة 1963 الذي أصبح نهائياً وحائزاً قوة الأمر المقضي.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن حكم محكمة أول درجة الصادر في 6 يونيه سنة 1963 برفض طلب حل الشركة وتصفيتها لم يقم قضاءه على أن الاتفاق الحاصل بين الطرفين بالعقد المؤرخ 8 سبتمبر سنة 1960 هو اتفاق غير ملزم لهما لحصوله في مرحلة المفاوضات - كما يقول الطاعن - وإنما أقام قضاءه على أن هذا العقد وإن كان لا يعتبر عقد شركة إلا أنه وعد بإبرام عقد شركة اشتمل على المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه وفقاً لما تقضي به المادة 101 من القانون المدني وبالتالي يكون ملزماً لطرفيه وعلى هذا الأساس قضى الحكم بتحقيق ما إذا كان المطعون ضده قد أخل بما التزم به بموجب العقد المذكور أو لم يخل به. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن الطاعن أخل بما التزم به في ذلك العقد من الوعد بتكوين شركة بينه وبين المطعون ضده ورتب على ذلك قضاءه بإلزام الطاعن بمبلغ التعويض البالغ 1500 ج فإن مؤدى ذلك أن كلاً من الحكمين قد اتفق في قضائه مع قضاء الحكم الآخر ولم يناقضه. لما كان ذلك وكان الحكم الصادر في 6 يونيه سنة 1963 قد أصبح نهائياً بفوات ميعاد الطعن فيه وكان للقضاء النهائي قوة الأمر المقضي فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو ضمنية حتمية ومتى جاز الحكم هذه القوة فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها وكان ذلك الحكم قد قضى ضمناً بصحة عقد 8 سبتمبر سنة 1960 حين انتهى إلى أنه وعد بتكوين شركة اشتمل على المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه وأحال الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده أن الطاعن أخل بما التزم به فيه فإن هذا القضاء القطعي الذي أصبح نهائياً يمنع الطاعن من العودة إلى المجادلة في صحة هذا العقد بحجة أنه باطل بطلاناً مطلقاً لخلوه من ركن الاتفاق على رأس مال الشركة وتحديده ولأنه تضمن شرطاً مخالفاً لمبدأ حرية الإرادة ولا يجدي الطاعن القول بأن هذا البطلان مما يتعلق بالنظام العام إذ بفرض صحة هذا القول فإن قوة الأمر المقضي تسمو على اعتبارات النظام العام.
وحيث إن الطاعن ينعى في الوجه الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن ذلك الحكم لم يبين وجه الخطأ المنسوب إليه والموجب لمسئوليته، وإذ ثبت من حكم 6 يونيو سنة 1963 أنه حين توقف عن إتمام عقد الشركة مارس حقاً له في أن يتعاقد أو لا يتعاقد وكانت ممارسة هذا الحق لا يمكن أن توصف بأنها خطأ أو تكون موجبة للتعويض فإن الحكم المطعون فيه إذ ألزمه بالتعويض يكون مخطئاً في القانون وقاصر البيان، ويضيف الطاعن أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف في صحيفة استئنافه وفي مذكرته المقدمة لجلسة 27 أكتوبر سنة 1964 بأنه يشترط لاستحقاق التعويض المشروط في العقد توافر الخطأ والضرر وحصول الإعذار إلا أنها أغفلت التعرض لهذا الدفاع الجوهري ولم تحقق عنصري الخطأ والإعذار مع أنها لو بحثتهما لثبت لها أنه لم يرتكب خطأ عقدياً كان أو تقصيرياً يوجب مسئوليته عن التعويض أو إعمال الشرط الجزائي وبذلك أخل الحكم المطعون فيه بحقه في الدفاع وشابه قصور لا يتسنى معه لمحكمة النقض مراقبة سلامته من هذه الناحية.
وحيث إن النعي بهذا الوجه غير سديد ذلك أن الحكم المطعون فيه والحكم المستأنف الذي أحال إلى أسبابه قد انتهيا إلى أن الطاعن لم ينفذ ما التزم به في العقد المؤرخ 8 سبتمبر سنة 1960 من تكوين شركة بينه وبين المطعون ضده واستدل الحكمان على ذلك بما أفصح عنه الطاعن في صحيفة استئنافه من أنه عدل عن تنفيذ ذلك العقد، ولما كان عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي يعتبر في ذاته خطأ يرتب مسئوليته فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أثبت الخطأ في جانب الطاعن. لما كان ذلك وكان غير صحيح ما يقوله الطاعن من أن حكم 6 يونيه سنة 1963 أثبت حقه في التوقف عن إتمام عقد الشركة إذ أن هذا الحكم - كما سلف القول - اعتبر الاتفاق الحاصل بينه وبين المطعون ضده وعداً بعقد شركة ملزماً لطرفيه وكانت صحيفة الاستئناف قد خلت من التمسك بعدم حصول الإعذار كما أن ما جاء بمذكرته المشار إليها في سبب الطعن عن بيان للشروط اللازم توافرها لاستحقاق الشرط الجزائي ليس فيه ما يدل على تمسكه بعدم استحقاق التعويض الاتفاقي لتخلف شرط الإعذار ولهذا فلا يجوز له التمسك لأول مرة أمام محكمة النقض بهذا السبب الذي لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع. لما كان ما تقدم فإن النعي بهذا الوجه يكون في جميع ما تضمنه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى في الوجه الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون بقضائه بالتعويض دون تحقيق عناصر الضرر وقيمته وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن التعويض هو مقابل الضرر فيجب أن تتطابق قيمته مع قيمة الضرر ولا تزيد عليها وإلا كانت الزيادة إثراء بلا سبب وإذ كان مبلغ التعويض المحكوم به والبالغ 1500 ج يعتبر مبلغاً باهظاً يفوق ما كان ينتظره المطعون ضده من أرباح الشركة لو أنها تمت فعلاً واستمرت نحو عشر سنوات فإن تقدير الحكم المطعون فيه للتعويض يكون غير سائغ خاصة وقد استندت المحكمة في هذا التقدير إلى أقوال الشهود التي لم يرد فيها بيان لعناصر الضرر كما أنه لا يجوز للمحكمة أن تستند في تقديرها للتعويض إلى رأي الشهود وإلا كان ذلك منها تفويضاً لهم للحكم في الدعوى مع أن ذلك من شئونها، وإذ كان ذلك وكان بعض الشهود قد تناقض مع نفسه حين ذكر أنه غير ملم بتجارة الزهور ولا يستطيع تقدير التعويض ثم عاد وقرر أن مبلغ 1500 ج يتناسب مع الضرر وكانت المحكمة قد أغفلت الرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن واكتفت بالقول بأن ما استخلصه الحكم المستأنف من أقوال شهود المطعون ضده سائغ وبأن التعويض المتفق عليه مناسب ومطابق لظروف الحال دون أن تبين المحكمة أساس هذا التناسب أو ظروف الحال التي جاء التعويض مطابقاً لها فإن الحكم في هذه المسألة يكون غير قائم على أساس قانوني ومشوباً بالقصور.
وحيث إن النعي بهذا الوجه غير سديد ذلك أنه يبين من أسباب الحكم المطعون فيه وأسباب الحكم الابتدائي التي أخذ بها أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على نظر حاصله أنه وإن كان وجود الشر ط الجزائي يجعل وقوع الضرر مفترضاً فلا يكلف الدائن إثباته وللمدين أن يثبت أن الدائن لم يصب بأي ضرر إلا أن الدائن (المطعون ضده) قد كلف رغم ذلك من المحكمة الابتدائية بإثبات الضرر وتضمنت أقوال شهوده - التي عول عليها الحكم دون أقوال شهود الطاعن - أنه أصيب بضرر من جزاء فتح محل الطاعن على مقربة من محله ولاعتقاد الكثيرين من العملاء بأن المحل الجديد تابع له (للمطعون ضده) وتعامل البعض معه على هذا الأساس وأن التعويض المتفق عليه يتناسب مع ما أصيب به من أضرار استخلصت المحكمة جسامتها من المستندات المقدمة من المطعون ضده والدالة على أنه من كبار المنتجين وأن الطاعن كان يعمل بمحله. ولما كان يجوز إثبات الضرر بطرق الإثبات كافة بما فيها شهادة الشهود وكان وجود الشرط الجزائي يفترض معه أن تقدير التعويض فيه متناسب مع الضرر الذي لحق الدائن وعلى القاضي أن يعمل هذا الشرط إلا إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر فعندئذ لا يكون التعويض الاتفاقي مستحقاً أصلاً أو إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة وفي هذه الحالة يجوز للقاضي أن يخفض التعويض المتفق عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها عجز الطاعن عن إثبات أي من الأمرين السابقين بل وتطوع الحكم فأثبت من جانبه بما حصله من أقوال الشهود التي اطمأن إليها ومن المستندات التي أشار إليها لحوق ضرر بالمطعون ضده يتناسب مع مبلغ التعويض المتفق عليه في العقد وبين الحكم عناصر هذا الضرر مع أن هذا الإثبات لم يكن لازماً قانوناً إذ كان حسب الحكم لإعمال الشرط الجزائي ما سجله من عجز الطاعن عن إثبات انتفاء الضرر أو المبالغة في تقدير التعويض المتفق عليه. مبالغة كبيرة. لما كان ما تقدم وكان ما حصله الحكم من أقوال الشهود والمستندات سائغاً ولا خروج فيه عما يؤدي إليه مدلولها فإن النعي بهذا الوجه يكون أيضاً على غير أساس.
وحيث إن الطعن بالنسبة لقضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعن بمبلغ الـ 349 ج و450 م بني على ثلاثة أوجه ينعى الطاعن في أولها على الحكم المطعون فيه خطأه في إلزامه برد هذا المبلغ إذ أن إلزامه برده يقتضي ثبوت استلامه له وقد خلت أوراق الدعوى مما يدل على هذا الاستلام كما أنه من مفرداته الثابتة بالدفتر الذي استند إليه الحكم المطعون فيه 200 ج دفعت لمرقص متى، 2 ج و450 م مصروفات نثرية، 145 ج مصاريف من يد المطعون ضده في 8/ 11/ 1960 مما يدل على أن الطاعن لم يتسلم شيئاً من هذه المبالغ، ولقد تمسك الطاعن بسماع أقوال مرقص متى وطلب أن يبين المطعون ضده فيما أنفق مبلغ 145 ج على المحل مع أنه كان مغلقاً بالطريق الإداري في 8/ 11/ 1960 على ما ثبت من الشهادة الرسمية المستخرجة من الجنحة المحررة لمستغله السابق وقد أغفلت المحكمة تحقيق هذا الدفاع وألزمته بالمبلغ كاملاً على الرغم من أن مفرداته المبينة بالدفتر تقل عن المبلغ المحكوم به وبذلك جاء الحكم المطعون فيه مشوباً بالقصور. وينعى الطاعن في الوجه الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه رغم اعتراضه على ما جاء بالدفتر بعدة اعتراضات سواء في مذكراته أو في صحيفة استئنافه فإن الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بإلزامه بمبلغ الـ 349 ج و450 م إلى أنه لم يطعن على ذلك الدفتر كما أنه اعتبر أن المبلغ قد دفع من المطعون ضده إلى الغير لحساب الطاعن على خلاف ما قرره المطعون ضده نفسه من أنه دفع المبلغ إلى الطاعن شخصياً، وينعى الطاعن في الوجه الثالث على الحكم المطعون فيه إغفاله الرد على وجوه دفاعه الجوهرية وفي بيان ذلك يقول إنه أشار في مذكرتيه المقدمتين لجلستي 12/ 10/ 1964 و27/ 10/ 1964 وفي صحيفة استئنافه رقم 281 سنة 18 ق إلى أنه لم يقبض شيئاً من المبالغ التي يطالب بها المطعون ضده ولا يوجد دليل على قبضه شيء منها وأنه قد ثبت فساد ما ذهب إليه المطعون ضده من أنه ساهم في رأس المال بمجموع هذه المبالغ وسلمها إليه كما ورد بحكم المحكمة من أنه لم يحصل اتفاق على تحديد رأس المال ونصيب كل منهما فيه كما ذكر الطاعن أن ما زعمه المطعون ضده من دفع 200 ج لمرقص متى في 10/ 9/ 1960 ينقضه صدور عقد الإيجار من الحراسة رأساً في 11/ 10/ 1960 ولا شأن لمرقص متى فيه وأن المحل كان مغلقاً في الفترة التي ادعى المطعون ضده أنه أنفق عليه فيها 145 ج وأن ما قرره الشهود من مديونية الطاعن للمطعون ضده كان سماعياً مصدره المطعون ضده نفسه وما قرروه من أن الطاعن أبدى استعداده لسداد ما عليه لأخيه المطعون ضده ينصرف إلى منازعات أخرى إلا أن المحكمة أغفلت دلالة المستندات المقدمة منه وتجاوزت عن كل ما أورده من وجوه الدفاع ولم ترد عليها مع أنها لو صحت لتغير بها وجه الرأي في الدعاوى وبذلك جاء الحكم المطعون فيه مشوباً بالقصور.
وحيث إن النعي بهذه الأوجه الثلاثة غير سديد ذلك أن الحكم المطعون فيه قال في شأن ما يثيره الطاعن في هذا النعي ما يأتي: "... أن ما استخلصه الحكم المستأنف من أقوال شاهدي المستأنف عليه (المطعون ضده) سديد ومتفق مع ما ثبت من تلك الأقوال إذ انصبت على واقعة النزاع دون ما عداها من منازعات أخرى وأن المستأنف (الطاعن) أقر لهما بمديونيته للمستأنف عليه وأورى استعداده للسداد معلناً عدوله عن تنفيذ عقد الشركة. ولا مشاحة في أن إنكار المستأنف قيام الشركة واعتداد المحكمة بهذا النظر لم يكن ليمنعه البتة من إنكاره واقعة تحرير المبالغ الواردة بالدفتر وجملتها 349 ج و450 م والثابت أنها دفعت من يد أخيه - المستأنف عليه - أو أن يتخذ طريق الطعن في ذلك المحرر أما وأنه لم يفعل وظل صامتاً فإن احتجاجه بالشهادة الرسمية التي مفادها أن المحل كان مغلقاً في ذلك التاريخ أو أنه أبرم عقد الإيجار في سبتمبر سنة 1960 كل ذلك لا يقدح في واقعة اقتضائه ذلك المبلغ من المستأنف عليه. وحيث إنه عن السبب الثالث فمردود أيضاً بأن الحكم المستأنف إنما أطرح دفاع المستأنف بصدد مستنداته المقدمة لأنه بمنأى عن مقطع النزاع إذ ليس ثمة صلة بين تحرير المستأنف عقد إيجار المحل في 11/ 10/ 1960 وبين اقتضائه مبلغ المائتي جنيه في 10/ 9/ 1960 من المستأنف عليه لدفعها للسيد مرقص متى حسبما هو مثبت بخط المستأنف في الدفتر فضلاً عن أن المحكمة وقد أحالت الدعوى إلى التحقيق فقد كان في مكنة المستأنف إعلان السيد مرقص المذكور شاهداً فيها وأما زعم المستأنف بأن المستأنف عليه أمعن في المغالطة فأملاه مجموعاً خطأ فإنما يسأل عن ذلك المستأنف وحده وهو الذي كتب بخطه مبلغ الـ 204 ج و450 م ومن ثم يلتزم بإقراره وكذلك الشأن بالنسبة لمبلغ الـ 145 ج ولا تحفل هذه المحكمة أيضاً لما أثاره المستأنف بصدد تاريخ تأثيث المحل وتزويده بالنور الكهربائي إلى آخر ما هنالك لأن كل ذلك منبت الصلة بواقعة اقتضاء المستأنف المبلغ موضوع النزاع من المستأنف عليه...." ويبين من ذلك أن محكمة الموضوع استندت في إثبات اقتضاء الطاعن من المطعون ضده المبلغ الذي ألزمته برده إلى ما دون بالدفتر بخط الطاعن نفسه وإلى أقوال الشهود الذين اطمأنت إليهم وأطرحت المحكمة مستندات الطاعن للأسباب التي ذكرتها في حكمها المطعون فيه وإذ كان ما حصلته المحكمة من الدفتر ومن أقوال الشهود سائغاً ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها وكان الحكم المطعون فيه قد بين الأسباب التي دعته لإطراح مستندات الطاعن وأوجه دفاعه التي أشار إليها في النعي وكانت هذه الأسباب مقبولة وليس فيها ما يخالف الثابت في الأوراق وكان ما قصده الحكم من أن الطاعن لم يطعن على البيانات المدونة بخطه في الدفتر هو أنه لم يطعن عليها بالتزوير وهو ما لم يحصل فعلاً وما دام أنه قد اعترف بأنها بخطه ولم يثبت ما ادعاه من وقوع غلط فيها فإنها تكون حجة عليه. لما كان ما تقدم فإن النعي بهذا السبب لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلاً في تقدير محكمة الموضوع للدليل مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. أما ما نعاه الطاعن على الحكم من مخالفة الثابت في الأوراق حين ذهب إلى القول بأن تلك المبالغ مسددة من المطعون ضده للغير لحساب الطاعن على خلاف ما قرره المطعون ضده من أنها دفعت منه للطاعن فهو نعي غير صحيح إذ ينقضه ما أفصح عنه الحكم من أن الطاعن اقتضى المبالغ من المطعون ضده ولم يقل الحكم أن المبلغ دفع من المطعون ضده للغير لحساب الطاعن.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ساحة النقاش