إلزام المتهم بتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضريبة. دون استظهار سوء القصد وتعمد التخلص من الضريبة.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1461
جلسة 29 ديسمبر سنة 1969
برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانة، ومحمد ماهر محمد حسن.
(302)
الطعن رقم 835 لسنة 39 القضائية
(أ، ب) ضرائب. شركات. مسئولية جنائية. "المسئولية المفترضة". "المسئولية التضامنية". فاعل أصلي. اشتراك. أشخاص اعتبارية. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
( أ ) فرض الشارع الضريبة في شركات التضامن. على كل شريك. بما يتناسب وحصته في الشركة. المواد 34، 41، 48 من القانون رقم 14 لسنة 1939. علة ذلك.
تقديم الإقرار الضريبي عن الشركة من أحد الشركاء أو من مديرها. يجزئ من تقديم كل شريك إقراراً منفرداً.
مساءلة الشريك عن الغش في الإقرار الضريبي. لمحض كونه شريكاً. غير صحيحة.
(ب) عدم مساءلة الشخص جنائياً. بصفة فاعل أو شريك. إلا عما يكون لنشاطه دخل في وقوعه. المسئولية المفترضة أو التضامنية. استثناء. لا يكون إلا بنص الشارع في حدود هذا النص.
(ج) ضرائب. مسئولية جنائية. إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
تقديم مدير شركة التضامن إقرارات مدعي أنها غير صحيحة. مساءلة باقي الشركاء عنها. مع خلو الأوراق من دليل يفيد اطلاعهم عليها أو علمهم بما جاء فيها. خطأ.
(د) تعويض. ضرائب. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
إلزام المتهم بتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضريبة. دون استظهار سوء القصد وتعمد التخلص من الضريبة. خطأ.
1 - إن المستفاد من نصوص المواد 34، 41، 48 من القانون رقم 14 لسنة 1939 والقوانين المعدلة له، أن المشرع فرض الضريبة في شركات التضامن على كل شريك شخصياً عن حصة في أرباح الشركة تتناسب مع حقوقه في الشركة، وذلك تطبيقاً لمبدأ راجعية الضريبة من جهة، وتوسعه على الشركاء في حد الإعفاء بمعاملتهم فرادى لا مجتمعين من جهة أخرى، إلا أنه لم يمنع تقديم الإقرار الضريبي عن الشركة كلها من أي الشركاء أو المدير المعين للشركة، بما يجزئ عن تقديم كل منهم لإقرار منفرد، إذ لا زالت الشركة في هذا الخصوص مخاطبة كشخص معنوي متميز عن أشخاص الشركاء، وحينئذ لا تجوز مساءلة أي من الشركاء الآخرين جنائياً عن الغش الذي قد يقع في هذا الإقرار لمحض أنهم شركاء في شركة تضامن.
2 - من المقرر أن الشخص لا يسأل جنائياً بصفته فاعلاً أو شريكاً، إلا عما يكون لنشاطه المؤثم دخل في وقوعه، سواء كان ارتكاباً أو تركاً، إيجاباً أو سلباً، وذلك طبقاً لأوامر الشارع ومناهيه، ولا مجال للمسئولية المفترضة أو المسئولية التضامنية في العقاب، إلا استثناء بنص القانون، وفي حدود ما أسنه وأوجبه.
3 - متى كان المستفاد من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول بوصفه مديراً للشركة هو وحده الذي قدم لمصلحة الضرائب الإقرارات الضريبية المقول بعدم صحتها عن أرباح الشركة وحصص الشركاء فيها، وأن مصلحة الضرائب قبلت هذه الإقرارات وجرت على محاسبة الشركاء على أساسها، وكان الحكم قد أسس قضاءه بإدانة الطاعنين الثاني والثالث والرابع بوصفهم شركاء متضامنين، عن جريمة الإدلاء ببيانات غير صحيحة بقصد التهرب من أداء الضريبة، قولا بأن هذه الإقرارات لم تقدم إلا بعد اطلاعهم عليها وموافقتهم على ما جاء بها، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن أن ملف الدعوى قد خلا تماماً من هذه الإقرارات، كما لم يرد ذكر الطاعنين المذكورين في محاضر المناقشات التي أجرتها لجان الفحص الضريبي مع الطاعن الأول - مدير الشركة - وخلت أوراق الدعوى كذلك مما يعين على الجزم باطلاع هؤلاء الطاعنين على هذه الإقرارات أو موافقتهم عليها قبل تقديمها لمصلحة الضرائب حتى يسوغ اعتبارهم مسئولين جنائياً عن الغش الحاصل فيها، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً.
4 - إذا كان الحكم قد قضى بإلزام المطعون ضدهم بتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضريبة دون أن يستظهر سوء القصد لديهم وتعمدهم التخلص من الضريبة المستحقة، فإنه يكون معيباً واجب النقض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في الفترة من أول فبراير سنة 1949 إلى نهاية سنة 1959 بدائرة مركز بلقاس: (أولاً) وهم ممولون لم يتقدموا لمصلحة الضرائب بإقرارات صحيحة شاملة. (ثانياً) وهم ممولون أدلوا ببيانات غير صحيحة في الإقرارات والأوراق المقدمة منهم إلى مصلحة الضرائب بقصد التخلص من أداء بعض الضرائب. وطلبت عقابهم بالمواد 47 و85/ 1 و85 مكرر فقرة أولى وثانية من القانون رقم 14 سنة 1939 المعدل بالقانون رقم 275 لسنة 1956 والقرار الوزاري 41 لسنة 1958. ومحكمة بلقاس الجزئية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الأربعة والمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهم الخامس (أولاً) بتغريم كل من المتهمين الأول والثاني والثالث ثلاثين جنيهاً وتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضريبة عن السنوات من أول سنة 1949 إلى نهاية سنة 1959 عن التهمتين بلا مصاريف جنائية. (ثانياً) بتغريم المتهم الرابع ثلاثين جنيهاً وتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضريبة عن السنوات من أول سنة 1949 إلى نهاية سنة 1957 عن التهمتين بلا مصاريف جنائية (ثالثاً) ببراءة المتهم الخامس من التهمتين بلا مصاريف جنائية. فعارض المحكوم عليهم في هذا الحكم وقضى في معارضتهم بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه بلا مصاريف. فاستأنف المتهمون هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنون الثاني والثالث والرابع على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي عدم تقديم إقرارات صحيحة وشاملة لمصلحة الضرائب وإدلائهم ببيانات غير صحيحة في الإقرارات والأوراق المقدمة منهم بقصد التخلص من أداء بعض الضرائب المستحقة عليهم قد انطوى على خطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال كما أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أسس قضاءه بإدانتهم على أن الإقرارات لم تقدم إلى مصلحة الضرائب إلا بعد إطلاعهم عليهم وإقرارهم للبيانات غير الصحيحة التي دونت بها في حين أن ذلك لا دليل عليه ولا أصل له في الأوراق. ولا تصح مساءلتهم عن الجريمة لمجرد أنهم شركاء في شركة تضامن مع الطاعن الأول الذي قدم الإقرار نيابة عنهم لأن ذلك لا يرتب تضامناً منهم في المسئولية الجنائية عن الجرائم الضريبية التي تقع من أحدهم إذ المسئولية الجنائية شخصية، أما قول الحكم بأن التسليم بدفاعهم يجعلهم في حكم الممتنعين عن تقديم الإقرارات فهو استدلال فاسد، لما يعنيه من أن المحكمة قد اتخذت من دفاعهم دليلاً عليهم، ومع ذلك فإن الشريك المتضامن يستفيد من عمل شريكه فيما يدرأ التهمة عنه إلا أنه لا يسأل جنائياً إلا عما يكون لنشاطه هو دخل في وقوعه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه عرض لدفع الطاعنين بانتفاء مسئوليتهم عن الجريمتين تأسيساً على أن الطاعن الأول هو الذي قدم الإقرارات المتضمنة للبيانات غير الصحيحة موضوع الاتهام ورد عليه بقوله "هذا الدفع هو الآخر مردود لأن الضريبة في شركات التضامن تفرض على كل شريك شخصياً عن حصته في الأرباح تعادل نصيبه في الشركة وكل شريك ملتزم بتقديم الإقرار الخاص بربحه إلى مصلحة الضرائب لاحتساب الضريبة المقررة عليه. فإذا كان المتهم الأول - الطاعن الأول - باعتباره القائم على إدارة الشركة قد قدم الإقرار عن قيمة نصيبه في الشركة وكذلك عن نصيب كل من باقي المتهمين شركائه في المؤسسة بعد اطلاعهم عليه وعلمهم بمضمونه وقد وافقوا على ذلك رغم علمهم بأن الإقرارات جميعها سواء بالنسبة لهم أو للمتهم الأول غير صحيحة وأنه على هذا الأساس ستربط الضريبة على كل منهم فإنهم وقد ارتضوا هذا الوضع يكونون مسئولين عن كل مخالفة في تلك الإقرارات التي ارتضوها سلفاً وإلا كانوا قد تقدموا بالإقرارات الصحيحة بأنفسهم لأن القانون يفرض عليهم الالتزام بتقديم تلك الإقرارات لمصلحة الضرائب. والقول بغير ذلك يجعلهم في حكم من امتنع عن تقديم الإقرار في حين أنهم لم يقولوا هذا القول وإنما جاءت كلمتهم على أنهم تقدموا بإقرارات غير صحيحة ومن ثم فإنه يتعين إطراح هذا الدفع. لما كان ذلك، وكان المستفاد من نصوص المواد 34 و41 و48 من القانون رقم 14 لسنة 1939 والقوانين المعدلة له أن المشرع فرض الضريبة في شركات التضامن على كل شريك شخصياً عن حصة في أرباح الشركة تتناسب مع حقوقه في الشركة، وذلك تطبيقاً لمبدأ راجعية الضريبة من جهة، وتوسعه على الشركاء في حد الإعفاء بمعاملتهم فرادى لا مجتمعين من جهة أخرى، إلا أنه لم يمنع تقديم الإقرار الضريبي عن الشركة كلها من أي من الشركاء أو من المدير المعين للشركة، بما يجزئ عن تقديم كل منهم لإقرار منفرد إذ لا زالت الشركة في هذا الخصوص مخاطبة كشخص معنوي متميز عن أشخاص الشركاء، وحينئذ لا تجوز مساءلة أي من الشركاء الآخرين جنائياً عن الغش الذي قد يقع في هذا الإقرار لمحض أنهم شركاء في شركة تضامن إذ المقرر أن الشخص لا يسأل جنائياً بصفته فاعلاً أو شريكاً إلا عما يكون لنشاطه المؤثم دخل في وقوعه سواء كان ارتكاباً أو تركاً، إيجاباً أو سلباً وذلك طبقاً لأوامر الشارع ومناهيه ولا مجال للمسئولية المفترضة أو المسئولية التضامنية في العقاب إلا استثناء بنص القانون وفي حدود ما استنه وأوجبه. لما كان ذلك، وكان المستفاد من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول بوصفه مديراً للشركة هو وحده الذي قدم لمصلحة الضرائب الإقرارات الضريبية المقول بعدم صحتها عن أرباح الشركة وحصص الشركاء فيها وأن مصلحة الضرائب قبلت هذه الإقرارات وجرت على محاسبة الشركة على أساسها وكان الحكم قد أسس قضاءه بإدانة الطاعنين الثاني والثالث والرابع بوصفهم شركاء متضامنين عن جريمة الإدلاء ببيانات غير صحيحة بقصد التهرب من أداء الضريبة قولاً بأن هذه الإقرارات لم تقدم إلا بعد اطلاعهم عليها وموافقتهم على ما جاء بها، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن أن ملف الدعوى قد خلا تماماً من هذه الإقرارات - كما لم يرد ذكر للطاعنين المذكورين في محاضر المناقشات التي أجرتها لجان الفحص الضريبي مع الطاعن الأول - مدير الشركة - وخلت أوراق الدعوى كذلك مما يعينه على الجزم باطلاع هؤلاء الطاعنين على هذه الإقرارات أو موافقتهم عليها قبل تقديمها لمصلحة الضرائب حتى يسوغ اعتبارهم مسئولين جنائياً عن الغش الحاصل فيها هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامهم بتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضريبة دون أن يستظهر سوء القصد لديهم وتعمدهم التخلص من الضريبة المستحقة. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة بالنسبة للطاعنين الثاني والثالث والرابع وكذلك بالنسبة للطاعن الأول نظراً لوحدة الواقعة واقتضاء لحسن سير العدالة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن
ساحة النقاش