جواز الجمع بينهما في ظل القانون المدني القديم لاختلاف أساس كل منهما.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 1101
جلسة 17 من نوفمبر سنة 1973
المؤلفة من السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة محمد صادق الرشيدى رئيساً وعضوية السادة المستشارين/ أديب قصبجى، وحافظ الوكيل ومحمد مصطفى المنفلوطى، وممدوح عطية أعضاء.
(191)
الطعن رقم 76 لسنة 38 القضائية
(1) نقض. "نطاق الطعن".
الطعن بطريق النقض. عدم اتساع نطاقه لغير الحكم المطعون فيه. تعييب ذلك الحكم لعيب موجه إلى حكم آخر لم يطعن عليه - غير مقبول.
(2) تأمين. تعويض. مسئولية. "مسئولية عقدية". دعوى. "سبب الدعوى". التعويض المستحق للمضرور قبل المسئول. والتأمين المستحق له قبل شركة التأمين. جواز الجمع بينهما فى ظل القانون المدنى القديم لاختلاف أساس كل منهما.
1- إذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى برفض الدفع بالتقادم الثلاثى الذى تقرره المادة 172 من القانون المدنى استناداً إلى ما قام عليه قضاء الحكم الصادر من محكمة الاستئناف فى ....... باختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى، من أن التعويض المطالب به مبناه المسؤولية العقدية وليس الفعل الضار، فإن النعى بهذا السبب يكون موجهاً إلى الحكم الأخير، ولما كان الطاعنون لم يوجهوا طعنهم إلى هذا الحكم ولم يضمنوا تقرير الطعن طلباً بخصوصه، إذ حددوا فى هذا التقرير الحكم المطعون فيه بأنه هو الحكم الصادر فى موضوع الدعوى بتاريخ......، وكان نطاق الطعن بطريق النقض لا يتسع لغير الحكم الذى يطعن فيه إذ ليس فى باب النقض فى قانون المرافعات السابق الذى رفع الطعن فى ظله نص يماثل المادة 404 منه التى تقضى بأن استئناف الحكم الصادر فى موضوع الدعوى يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التى سبق صدورها ما لم تكن قد قبلت صراحة، فإنه لا يقبل من الطاعنين تعييب الحكم المطعون فيه لعيب موجه إلى حكم آخر لم يطعن عليه.
2- متى كان مؤدى حكم محكمة النقض الصادر بتاريخ أول يناير سنة 1959 فى الطعن رقم 217 لسنة 24 قضائية، المودعة صورته الرسمية ملف الطعن(1)، أن حق المطعون ضده الأول (المؤمن فى الرجوع بالتعويض على الطاعنين لم ينتقل إلى الشركة المطعون ضدها الثانية (شركة التأمين) ولم تحل محله فيه، فإن هذا الحق يبقى كاملاً للمطعون ضده الأول، ومن ثم يجوز له أن يجمع بين ذلك التعويض ومبلغ التأمين لاختلاف أساس كل منهما.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 3889 سنة 1959 مدنى كلى القاهرة ضد الطاعنين وطلب الحكم بإلزامهم متضامنين وفى مواجهة المطعون ضدها الثانية بأن يدفعوا له مبلغ 695 جنيهاً، وقال بياناً لها أنه أودع بتاريخ 19 نوفمبر سنة 1948 سيارته الخاصة بجراج بملكه الطاعنون لحفظها ليلاً، ولما تقدم لاستلامها فى صبيحة اليوم التالى لم يجدها فأبلغ الشرطة وحرر بالواقعة محضر الجنحة رقم 5542 سنة 1948 عابدين وثبت من التحقيقات التى أجريت عنها أن عمال الجراج اهملوا فى حراسة السيارة وترتب على ذلك سرقتها، وإذ كانت هذه السيارة مؤمناً عليها لدى شركة التأمين المطعون ضدها الثانية فقد قدرت قيمتها بمبلغ 650 جنيهاً ودفعته له بعد أن حول لها حقه فى التعويض قبل الطاعنين ثم أقامت هذه الشركة على الطاعنين الدعوى رقم 1732 سنة 1950 مدنى كلى القاهرة للمطالبة بهذا المبلغ وأجابتها المحكمة إلى طلباتها فى هذه الدعوى بحكمها الصادر فى 14 فبراير سنة 1952 فاستأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 358 سنة 69 ق القاهرة وبتاريخ 14 مارس سنة 1954 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن برقم 21 سنة 24 ق وبتاريخ أول يناير سنة 1959 نقضت محكمة النقض الحكم المطعون فيه وحكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن الحوالة التى تستند إليها الشركة المطعون ضدها الثانية والحاصلة بينها وبين المطعون ضده الأول لم تنعقد لتخلف شرط رضاء المدين بها كتابة الذى تتطلبه المادة - 349 من القانون المدنى القديم ولذلك وإزاء أن المطعون ضدها الثانية - شركة التأمين - سبق أن تقاضت قيمة السيارة من الطاعنين فقد أقام المطعون ضده الأول الدعوى الحالية بطلباته سالفة البيان وبتاريخ 31 مارس سنة 1962 قضت المحكمة الابتدائية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى فاستأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 898 سنة 79 ق القاهرة وبتاريخ 9 مارس سنة 1965 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وباختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى وبإعادتها إليها للفصل فى موضوعها مستندة فى ذلك إلى أن التعويض المطالب به غير ناشئ عن ارتكاب جنحة السرقة وإنما مبناه المسئولية العقدية المترتبة على إخلال الطاعنين بواجبهم فى تنفيذ عقد الوديعة. دفع الطاعنون بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أنه لا يجوز للمطعون ضده الأول الجمع بين تعويضين عن نفس الضرر كما دفعوا بسقوط حقه فى مطالبتهم بالتعويض بالتقادم الثلاثى المقرر بالمادة 172 من القانون المدنى، وبتاريخ 28 مارس سنة 1966 قضت المحكمة الابتدائية برفض هذين الدفعين وبإلزام الطاعنين بأن يدفعوا للمطعون ضده الأول مبلغ 695 جنيهاً، فاستأنف الطاعنون هذا الحكم محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافهم برقم 869 سنة 82 ق وبتاريخ 16 ديسمبر سنة 1967 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على غرفة المشورة فقررت استبعاد السبب الثالث - من أسباب الطعن وحددت لنظره فى خصوص السببين الأولين جلسة 20 أكتوبر سنة 1973 وفيها التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك أنه قضى برفض الدفع المبدى منهم بسقوط حق المطعون ضده الأول فى رفع الدعوى بالتقادم الثلاثى المقرر بالمادة 172 من القانون المدنى مع أنه لم يرفع دعواه إلا فى 2 يوليه سنة 1959 بينما وقع الحادث الذى قيد جنحة سرقة ضد مجهول فى يوم 19 نوفمبر سنة 1948 كما أن المطعون ضده الأول أسس رجوعه عليهم بالتعويض على ما أسنده إليهم من إهمال فى المحافظة على سيارته وهو خطأ تحكمه قواعد العمل غير المشروع، هذا فضلاً على أن وقوع حادث السرقة هو الذى هيأ للمطعون ضده الأول مطالبتهم بالتعويض ولو أسفر تحقيق هذا الحادث عن معرفة السارق لكان له أن يتمسك بهذا التقادم مما لا يسوغ معه بقاء مسؤولية المودع عنده الذى لم يسهم فى ارتكاب الجريمة.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى برفض الدفع بالتقادم الثلاثى الذى تقره المادة 172 من القانون المدنى استناداً إلى ما قام عليه قضاء الحكم الصادر من محكمة الاستئناف فى 9 مارس سنة 1965 باختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى من أن التعويض المطالب به مبناه المسئولية العقدية وليس الفعل الضار فإن النعى بهذا السبب يكون موجهاً إلى الحكم الأخير، ولما كان الطاعنون لم يوجهوا طعنهم إلى هذا الحكم ولم يضمنوا تقرير الطعن طلباً بخصوصه إذ حددوا فى هذا التقرير الحكم المطعون فيه بأنه هو الحكم الصادر فى موضوع الدعوى بتاريخ 16 ديسمبر سنة 1967، وكان نطاق الطعن بطريق النقض لا يقع لغير الحكم الذى يطعن فيه إذ ليس فى باب النقض فى قانون المرافعات السابق الذى رفع الطعن فى ظله نص يماثل المادة 404 منه التى تقضى بأن استئناف الحكم الصادر فى موضوع الدعوى يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التى سبق صدورها ما لم تكن قد قبلت صراحة، فإنه لا يقبل من الطاعنين تعييب الحكم المطعون فيه لعيب موجه إلى حكم آخر لم يطعن عليه.
وحيث إن حاصل السبب الثانى أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وفى بيان ذلك يقول الطاعنون أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأنه لا يجوز للمطعون ضده الأول الجمع بين مبلغ التأمين الذى استأداه من شركة التأمين المطعون ضدها الثانية وبين التعويض الذى يطالبهم به لأن الضرر الواحد لا يجوز تعويضه مرتين غير أن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائى فيما قضى به من إلزامهم بهذا التعويض وقال تبريراً لقضائه أن وفاء الشركة بمبلغ التأمين للمؤمن له ليس إلا وفاءً لدين له استحق فى ذمتها بموجب عقد التأمين مقابل ما دفعه لها من أقساط فلا يفيد من ذلك المسئول عن الضرر لأنه يعتبر من الغير بالنسبة لهذا العقد وهذا من الحكم مخالفة لما يقضى به القانون من عدم جواز الجمع بين تعويضين والإثراء بذلك على حساب الغير دون سبب.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أنه لما كان يبين من حكم النقض الصادر فى الطعن رقم 217 سنة 24 قضائية والمودعة صورته الرسمية ملف الطعن أن محكمة النقض قضت فى الطعن المشار إليه بجلسة أول يناير سنة 1959 بنقض الحكم المطعون فيه وحكمت فى الاستئناف رقم 358 سنة 69 قضائية القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى المقامة من شركة التأمين المطعون ضدها الثانية ضد الطاعنين استناداً إلى أنه لا مجال لتأسيس حق الشركة فى الرجوع على الغير الذى تسبب فعله فى وقوع الخطر المؤمن منه على الحلول الاتفاقى لأن وفاء الشركة بمبلغ التأمين للمطعون ضده الأول ليس إلا تنفيذاً لالتزامها تجاه المؤمن له بينما يقتضى الرجوع بدعوى الحلول أن يكون الموفى قد وفى الدائن بالدين المترتب فى ذمة المدين لا بدين مترتب فى ذمته هو، وإلى أنه لا مجال كذلك لإقامة ذلك الحق على أساس من الحوالة الحاصلة بين شركة التأمين والمطعون ضده الأول لتخلف شرط انعقادها وهو رضاء المدين بها كتابة عملاً بنص المادة 349 من القانون المدنى القديم الذى يحكم واقعة الدعوى، وكان هذا القانون قد خلا من نص يقرر حلول المؤمن محل المؤمن له فى الرجوع على من تسبب بفعله فى الضرر الذى نجمت عنه مسئولية المؤمن، وكان مؤدى ذلك كله أن حق المطعون ضده الأول فى الرجوع بالتعويض على الطاعنين لم ينتقل إلى الشركة المطعون ضدها الثانية ولم تحل محله فيه، فإن هذا الحق يبقى كاملاً للمطعون ضده الأول ومن ثم يجوز له أن يجمع بين ذلك التعويض ومبلغ التأمين لاختلاف أساس كل منهما. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعى عليه بمخالفة القانون يكون غير صحيح.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
(1) نقض 1/ 1/ 1959 مجموعة المكتب الفنى السنة 10 صـ 14.
ساحة النقاش