الشرط الجزائي تحققه يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 1274
جلسة 18 من ديسمبر سنة 1973
المؤلفة من السيد المستشار/ عباس حلمى عبد الجواد رئيساً وعضوية السادة المستشارين/ عدلى بغدادى ومحمد طايل راشد وعثمان حسين عبد الله ومحمد توفيق المدنى - أعضاء.
(221)
الطعن رقم 26 لسنة 38 القضائية
(1) حكم "الأحكام غير الجائز الطعن فيها". دفوع.
الحكم الصادر برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبندب خبير. عدم حسمه فى المنطوق أو الأسباب المرتبطة به نزاعاً بشأن تكيف العقد القائم بين الطرفين. عدم اعتباره منهياً للخصومة كلاً أو بعضاً. الطعن فيه استقلال غير جائز م 378 مرافعات سابق.
(2) صلح. "أركان الصلح". عقد. "إبطال العقد".
عقد الصلح. من أركانه نزول كل من المتصالحين عن جزء مما يدعيه. عدم اشتراط التكافؤ بين ما ينزل عنه كل من الطرفين. الطعن فيه للغبن غير جائز.
(3) مسئولية. "المسئولية العقدية". تعويض. "شرط جزائي". إثبات. "عبء الاثبات".
الشرط الجزائى. تحققه يجعل الضرر واقعاً فى تقدير المتعاقدين. عبء إثبات عدم وقوعه على عاتق المدين.
1 - متى كان حكم محكمة أول درجة الصادر برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وبندب خبير، هو حكم صادر قبل الفصل فى موضوع الدعوى، لم تنته به الخصومة كلها أو بعضها وهو فيما قضى به من ندب الخبير لم يحسم فى منطوقة أو فى أسبابه المرتبطة بالمنطوق نزاعاً بشأن ما إذا كان العقد القائم بين الطرفين قسمة أو صلحاً، فذلك أمر لم يكن مثار نزاع أو محل جدل بينهما أمام تلك المحكمة قبل صدور الحكم المذكور، ومن ثم فإنه لم يتضمن قضاء فى الموضوع ولم يجز حجية يمتنع معها العدول عنه، ولم يكن يجوز الطعن فيه استقلالاً، وإنما يكون الطعن فيه مع الطعن فى الحكم الصادر حسب الموضوع - عملاً بالمادة 378 مرافعات سابق - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإن النعى عليه بمخالفة القانون والقصور فى التسبيب يكون فى غير محله.
2 - مفاد نص المادة 549 من القانون المدنى أن من أركان عقد الصلح نزول كل من المتصالحين عن جزء مما يدعيه وإذ كان لا يشترط فى الصلح أن يكون ما ينزل عنه أحد الطرفين مكافئاً لما ينزل عنه الطرف الآخر ومن ثم فلا محل لإدعاء الغبن فى الصلح. وكان القانون المدنى لم يجعل الغبن سبباً من أسباب الطعن فى العقود إلا فى حالات معينة ليس من بينها الصلح، إذ تقتضى طبيعته ألا يرد بشأنه مثل هذا النص، فإن النعى على الحكم المطعون فيه بعدم إجازة الطعن فى الصلح بالغبن هو نعى لا أساس له.
3 - مؤدى حكم المادة 224 من القانون المدنى الخاصة بالتعويض الاتفاقى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه متى وجد شرط جزائى فى العقد فإن تحقق مثل هذا الشرط يجعل الضرر واقعاً فى تقدير المتعاقدين، فلا يكلف الدائن بإثباته، وإنما يقع على المدين عبء إثبات أن الضرر لم يقع أو أن التعويض مبالغ فيه إلى درجة كبيرة. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت وجود اتفاق بين الطرفين فى عقد الصلح على التزام من يخل به بأن يدفع تعويضاً قدره..... كما أثبت إخلال الطاعنات بذلك العقد، إذ طعن فيه ولم ينفذنه، وكان لا يبين من الأوراق أن الطاعنات قد أثبتن أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضدهم لم يلحقهم ضرر، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزامهن بتعويض إعمالاً للشرط الجزائى لا يكون قد خالف القانون أو جاء قاصرا فى التسبيب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعنات أقمن على المطعون ضدهم الدعوى رقم 694 سنة 1964 مدنى كلى المنصورة بصحيفة قلن فيها أن مورث الطرفين المرحوم...... توفى وخلف تركة اتفق ورثته بعقد مؤرخ 22/ 8/ 1963 على قسمة أعيانها، وإذ كان قد لحق الطاعنات من هذه القسمة غبن فاحش فقد أقمن الدعوى وطلبن فيها الحكم بنقض القسمة عملاً بحكم المادة 845 من القانون المدنى - دفع المطعون ضدهم بعدم قبول الدعوى وبتاريخ 13/ 3/ 1965 حكمت المحكمة برفض الدفع وبندب مكتب الخبراء لتقييم الأعيان التى شملها عقد القسمة وتحقيق ما إذا كان قد لحق الطاعنات غبن ومقداره إن وجد وفى 22/ 5/ 1965 أقام المطعون ضدهم على الطاعنات الدعوى رقم 512 سنة 1965 مدنى كلى المنصورة بصحيفة قالوا فيها أنه حسماً للمنازعات التى ثارت بشأن قسمة التركة فقد أبرم الطرفان بينهما فى 22/ 8/ 1963 صلحا اتفقوا فيه على اقتسام التركة على النحو الوارد بعقد القسمة المحرر بينهم فى ذات التاريخ وعلى التزام من يخل بهذه القسمة بتعويض قدره 300 جنيه، وطلب المطعون ضدهم الحكم بصحة ونفاذ عقد الصلح وإلزام الطاعنات بالتعويض الاتفاقى المذكور. وبعد أن ضمت المحكمة الدعوى الأخيرة إلى الأولى، قضت بتاريخ 11/ 6/ 1966 فى دعوى الطاعنين رقم 694 سنة 1964 برفضها وفى الدعوى رقم 512 سنة 1965 بصحة ونفاذ عقد الصلح وبرفض طلب التعويض استأنفت الطاعنات هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة وقيد استئنافهن برقم 259 سنة 18 ق المنصورة، كما أقام المطعون ضدهم استئنافاً فرعياً قيد برقم 57 سنة 19 ق المنصورة، وبتاريخ 26/ 11/ 1967 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف فى خصوص طلب التعويض إلى إلزام الطاعنات بأن يدفعن للمطعون ضدهم 75 جنيهاً، وبتأييد الحكم فيما عدا ذلك. طعنت الطاعنات فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنات بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقلن أنه وقد حكمت محكمة أول درجة بتاريخ 13/ 3/ 1965 برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها تأسيساً على أن العقد المرفوعة بشأنه الدعوى عقد قسمة طلبت الطاعنات فى دعواهن نقضها للغبن، فإنها تكون بذلك قد قضت فى شق من الدعوى قضاءً قطعياً يمتنع عليها العدول عنه، ويكون تكييفها للعقد بعد ذلك بحكمها الصادر فى 11/ 6/ 1966 بأنه عقد صلح لا يجوز نقضه للغبن، أمراً مخالفاً للقانون وقد تمسكت الطاعنات أمام محكمة الاستئناف بذلك، وبأن الحكم الصادر فى 13/ 3/ 1965 صار نهائياً بانقضاء ميعاد استئنافه، غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع وأيد الحكم الصادر فى 11/ 6/ 1966، وبذلك يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه قصور فى التسبيب. وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك أنه لما كانت المادة 378 من قانون المرافعات (السابق) تنص على أن الأحكام التى تصدر قبل الفصل فى موضوع الدعوى ولا تنتهى بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن فى الحكم الصادر فى الموضوع سواء كانت تلك الأحكام قطعية أو متعلقة بالإثبات أو بسير الإجراءات.... و كان حكم محكمة أول درجة الصادر فى 12/ 3/ 1965 برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وبندب خبير هو حكم صادر قبل الفصل فى موضوع الدعوى لم تنته به الخصومة كلها أو بعضها، وكان الحكم المذكور فيما قضى به من ندب الخبير لم يحسم فى منطوقة أو فى أسبابه المرتبطة بالمنطوق نزاعاً بشأن ما إذا كان العقد القائم بين الطرفين قسمه أو صلحا، فذلك أمر لم يكن مثار نزاع أو محل جدل بينهما أمام تلك المحكمة قبل صدور الحكم المذكور، ومن ثم فإنه لم يتضمن قضاء فى الموضوع ولم يحز حجية يمتنع معها العدول عنه، ولم يكن يجوز الطعن فيه استقلالاً وإنما يكون الطعن فيه مع الطعن فى الحكم الصادر فى الموضوع بتاريخ 11/ 6/ 1966، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإن النعى عليه بمخالفة القانون والقصور فى التسبيب يكون فى غير محله.
وحيث إن حاصل السبب الثانى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون إذ قرر جواز الطعن فى القسمة بالغبن وعدم جواز إدعاء الغبن فى الصلح فى حين أنه عقد يجوز الطعن فيه للأسباب التى يجوز الطعن بها فى سائر العقود.
وحيث إن هذا النعى غير صحيح. ذلك أنه لما كان حكم محكمة أول درجة الصادر فى 11/ 6/ 1966 الذى أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه قد انتهى فى استخلاص سائغ إلى أن العلاقة بين طرفى الدعوى هى صلح، وكان الصلح على ما جرت به المادة 549 من القانون المدنى عقداً يحسم به الطرفان نزاعاً قائماً أو يتوقيان به نزاعاً محتملاً وذلك بأن ينزل كل منهما على وجه التقابل عن جزء من ادعائه ومفاد ذلك أن من أركان الصلح نزول كل من المتصالحين عن جزء مما يدعيه، وإذ كان لا يشترط فى الصلح أن يكون ما ينزل عنه أحد الطرفين مكافئاً لما ينزل عنه الطرف الآخر، ومن ثم فلا محل لإدعاء الغبن فى الصلح، وكان القانون المدنى لم يجعل الغبن سبباً من أسباب الطعن فى العقود إلا فى حالات معينة ليس من بينها الصلح، إذ تقتضى طبيعته ألا يرد بشأنه مثل هذا النص - لما كان ذلك فإن النعى على الحكم المطعون فيه بعدم إجازة الطعن فى الصلح بالغبن هو نعى لا أساس له يتعين رفضه.
وحيث إن الطاعنات يتعين بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور فى التسبيب لأنه أعمل الشرط الجزائى فألزم الطاعنات بالتعويض وذلك دون أن يبين عناصر المسئولية وهى الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما، هذا إلى أن مجرد إقامة الدعوى من جانب الطاعنات لا يعتبر خطأ ولم يترتب عليه ضرر للمطعون ضدهم.
وحيث إن هذا النعى مردود. ذلك أنه لما كان مؤدى حكم المادة 224 من القانون المدنى الخاصة بالتعويض الاتفاقى وهو وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه متى وجد شرط جزائى فى العقد فإن تحقق مثل هذا الشرط يجعل الضرر واقعاً فى تقدير المتعاقدين فلا يكلف الدائن بإثباته، وإنما يقع على المدين عبء إثبات أن الضرر لم يقع أو أن التعويض مبالغ فيه، إلى درجة كبيرة، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت وجود اتفاق بين الطرفين فى عقد الصلح على التزام من يخل به بأن يدفع تعويضاً قدره ثلاثمائة جنيه، كما أثبت إخلال الطاعنات بذلك العقد إذ طعن فيه ولم ينفذنه، وكان لا يبين من الاوراق أن الطاعنات قد أثبتن أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضدهم لم يلحقهم ضرر، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزامهن بتعويض إعمالاً للشرط الجزائى، لا يكون قد خالف القانون أو جاء قاصراً فى التسبيب.
ساحة النقاش