الغصب عمل غير مشروع. التزام مرتكبه بالتعويض. عدم التقيد في القضاء بريع الأرض المغتصبة بحكم م 33 من قانون الإصلاح الزراعي .
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 464
جلسة 5 من مارس سنة 1974
برياسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد وعضوية السادة المستشارين/ عدلي بغدادي ومحمد طايل راشد وعثمان حسين عبد الله ومحمد كمال عباس.
(75)
الطعن رقم 439 لسنة 38 ق
(1) ريع. "تقدير الريع". تعويض. إصلاح زراعي.
الغصب عمل غير مشروع. التزام مرتكبه بالتعويض. عدم التقيد في القضاء بريع الأرض المغتصبة بحكم م 33 من قانون الإصلاح الزراعي.
(2) تعويض "تقديره". إثراء بلا سبب. إصلاح زراعي.
تقدير التعويض عن الإثراء بلا سبب. عدم الالتزام بحكم م 33 إصلاح زراعي.
(3) إثبات. "اليمين الحاسمة". استئناف حكم. "الأحكام غير الجائز الطعن فيها". نقض.
عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة بناء على اليمين الحاسمة. مناطه. أن يكون توجيهها أو حلفها أو النكول عنها مطابقاً للقانون.
1 - إذا كان الغصب باعتباره عملاً غير مشروع، يلزم من ارتكبه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] بتعويض الأضرار الناشئة عنه ولا تتقيد المحكمة بحكم المادة 3 من قانون الإصلاح الزراعي عند قضائها بالريع لصاحب الأرض المغتصبة مقابل ما حرم من ثمار، وذلك باعتبار هذا الريع بمثابة تعويض، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون بتجاوزه الحد الأقصى المقرر لإيجار الأرضي الزراعية طبقاً للمادة 33 المشار إليها.
2 - لا يلتزم القاضي في تقديره للتعويض عن الإثراء بلا سبب بحكم المادة - 33 من قانون الإصلاح الزراعي.
3 - لما كان مناط عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة بناء على اليمين الحاسمة أن يكون توجيهها أو حلفها أو النكول عنها مطابقاً للقانون. وكانت اليمين الحاسمة التي وجهها الطاعن إلى المطعون ضده أمام محكمة الاستئناف قد وجهت في واقعة غير مخالفة للنظام العام ومنصبه على المبلغ المطالب به ومتعلقة بشخص من وجهت إليه فخلفها المطعون ضده طبقاً للقانون وأعمل الحكم المطعون فيه الأثر الذي يرتبه القانون على أدائها بأن قضى بتعديل الحكم الابتدائي وحكم على مقتضاها، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون في ذلك كله قد خالف القانون، ومن ثم يكون الطعن فيه بالنقض غير جائز.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 278 سنة 1964 كلي قنا ضد الطاعن وآخرين وطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 429 جنيهاً وقال في بيان دعواه أنهم اغتصبوا أطياناً زراعية يملكها بطريق الميراث عن والده مقدارها 4 ف و2 ط موضحة بصحيفة الدعوى وأنهم استولوا على ريعها مدة ثلاث سنوات من سنة 61/ 62 الزراعية دون وجه حق وإذ امتنعوا عن أداء هذا الريع إليه فقد أقام عليهم الدعوى بطلباته السابقة. وبتاريخ 16/ 3/ 1966 ندبت المحكمة خبيراً لتحقيق وضع اليد وتقدير الريع خلال تلك السنوات وبعد أن باشر مهمته قدم تقريراً أثبت فيه أن الطاعن أقر بوضع يده وانتهى إلى تقدير الريع المستحق بمبلغ 192 جنيهاً، 087 مليماً. وفي 28/ 12/ 66 قضت محكمة أول درجة بإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضده المبالغ المشار إليه. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 38 سنة 42 ق أسيوط كما استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 114 سنة 42 ق أسيوط وأثناء نظرهما قرر الطاعن أنه سدد للمطعون ضده قيمة الريع المطالب به وقدره 429 جنيهاً وركن في إثبات ذلك إلى ذمة هذا الأخير بأن وجه اليمين الحاسمة بالصيغة الآتية: "أحلف بأني لم أتخالص مع الطاعن عن ريع 4 ف 2 ط موضوع الدعوى المطالب به من سنة 61/ 62 إلى 63/ 64 الزراعية ولا أقل من ذلك". وبعد أن حلف المطعون ضده هذه اليمين قضت محكمة الاستئناف برفض استئناف الطاعن وفي استئناف المطعون ضده بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعن بأن يؤدي إليه مبلغ 429 جنيهاً طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون ذلك أن اليمين الحاسمة التي وجهها الطاعن إلى المطعون ضده كانت متعلقة بالوفاء بمبلغ 192 جنيهاً، 87 مليماً الذي قضت به المحكمة الابتدائية وهو ما يدخل في حدود الأجرة المقررة للأرض الزراعية مثار النزاع وهي سبعة أمثال الضريبة طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي المتعلقة بالنظام العام غير أن محكمة الاستئناف عدلت الحكم الابتدائي دون أن تورد أسباباً لهذا التعديل وقضت بإلزام الطاعن بالمبلغ المرفوع به الدعوى وهو 429 جنيهاً بعد أن حلف المطعون ضده اليمين الحاسمة التي وجهها إليه الطاعن، في حين أن صيغة تلك اليمين لم تتضمن تحديداً للمبلغ وأن ما قضت به محكمة الاستئناف يزيد على الحد الأقصى للأجرة المقررة بقانون الإصلاح الزراعي والذي كان يتعين على تلك المحكمة أن تلتزمه في قضائها سواء كان المبلغ المطالب به ريعاً لأرض مغتصبة أو تعويضاً عن الإثراء على حساب الغير ولكن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى في الدعوى على أساس أن اليمين كانت متعلقة بالوفاء بالمبلغ المرفوعة به الدعوى وإلزام الطاعن به مع مخالفة ذلك للنظام العام مما يجيز له الطعن فيه بطريق النقض.
وحيث إنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على قوله: "إن الحكم الصادر بجلسة 20/ 2/ 1968 قضى حضورياً أولاً - بقبول الاستئنافين شكلاً - ثانياً - في موضوع الاستئناف الأول المرفوع من المستأنف بسقوط حقه في الطعن بالاستئناف بالنسبة للادعاء بوجود علاقة إيجارية لرفعه بعد الميعاد في هذا الخصوص ثالثاً - بإعادة القضية للمرافعة لجلسة 24/ 4/ 1968 لمناقشة المستأنف بشأن صيغة اليمين وكذلك مناقشة المستأنف عليه الأول بشأنها، وفيما جاء بأسباب استئنافه المقابل بشأن الطعن على تقرير الخبير لريع الأطيان موضوع النزاع وأبقت الفصل في المصروفات وباقي الطلبات وحيث إزاء هذا الحكم أصبح النزاع قاصراً على مطالبة المستأنف عليه للمستأنف بريع الأطيان التي يضع المستأنف يده عليها عن السنوات المطالب بريعها في تلك المدة. وأن محكمة أول درجة قضت بإلزام المستأنف أصلياً بأن يدفع للمستأنف عليه مبلغ 192 جنيه و87 مليماً والمصاريف المناسبة ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة أخذاً بنتيجة تقرير الخبير المودع في الدعوى. وقد أقام المستأنف عليه استئنافاً فرعياً طالباً تعديل الحكم المستأنف والحكم له بكل المبلغ المطالب به وقدره 429 جنيهاً مع باقي الطلبات. وأن المستأنف أصلياً والمستأنف عليه في الاستئناف الفرعي دفع الدعوى أخيراً بأنه سدد جميع قيمة الريع المطالب به وقدره 429 جنيهاً ولجأ في إثبات دفاعه إلى ذمة المستأنف فرعياً وطلب توجيه اليمين الحاسمة إليه بالصيغة الآتية: أحلف بأني لم أتخالص مع المستأنف أبو الحسن محمد محمود عن ريع الأربعة الأفدنة وقيراطين موضوع الدعوى المطالب بها من سنة 61/ 62 إلى 63/ 64 الزراعية ولا أقل من ذلك وحددت لحلف اليمين جلسة 17/ 6/ 1968. أن المستأنف فرعياً......... حلف اليمين بالجلسة الأخيرة وأن مثار الخلاف حول ما إذا كان الريع المطالب به وقدره 429 جنيه سدد جميعه أم لا قد انحسم بحلف المستأنف فرعياً اليمين الموجهة إليه ومن ثم يكون المستأنف أصلياً.......... قد عجز عن إثبات مدعاة بأن سدد قيمة الريع موضوع التداعي أو أقل منه الأمر الذي يتعين معه تعديل الحكم المستأنف على هذا الأساس والحكم بإلزام أبو الحسن محمد محمود بأن يدفع للمستأنف فرعياً مبلغاً وقدره 429 جنيهاً. ولما كان يبين من هذا الذي قرره الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده رفع استئنافاً عن الحكم الابتدائي طالباً الحكم له بالمبلغ المرفوعة به الدعوى وقدره 429 جنيهاً وقد أجاب الطاعن على ذلك بأنه أوفى المطعون ضده بهذا المبلغ وطلب توجيه اليمين الحاسمة إليه وكانت اليمين التي وجهها الطاعن قد وجهت بشأن المبلغ المرفوعة به الدعوى ولم تقتصر على المبلغ المحكوم به ابتدائياً حسبما ذهب إليه الطاعن لما كان ذلك وكانت المادة 33 من قانون الإصلاح الزراعي تنص على أنه لا يجوز أن تزيد أجرة الأرض الزراعية على سبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة عليها. وهذا النص صريح في أنه لا يحكم سوى العلاقة الإيجارية التي تقوم بين المالك والمستأجر ولما كان يبين مما أورده الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف البيان، أن الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في 16/ 3/ 1966 والذي أصبح نهائياً بالقضاء بسقوط الحق في استئنافه لرفعه بعد الميعاد القانوني قد نفى قيام علاقة إيجارية بين الطاعن والمطعون ضده الذي كان يستغل الأرض بطريق الغصب وبغير سند من القانون - وكان الغصب باعتباره عملاً غير مشروع يلزم من ارتكبه وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بتعويض الأضرار الناشئة عنه ولا تتقيد المحكمة بحكم المادة 33 من قانون الإصلاح الزراعي عند قضائها بالريع لصاحب الأرض المغتصبة مقابل ما حرم من ثمار، وذلك باعتبار هذا الريع بمثابة تعويض، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون بتجاوزه الحكم الأقصى المقرر لإيجار الأرضي الزراعية طبقاً للمادة 33 المشار إليها - كما أن القاضي لا يلتزم في تقديره للتعويض عن الإثراء بلا سبب بحكم المادة المذكورة، ومن ثم فإن الواقعة التي وجهت اليمين الحاسمة بشأنها لا تكون مخالفة لقاعدة من قواعد النظام العام - ولما كان مناط عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة بناء على اليمين الحاسمة أن يكون توجيهها أو حلفها أو النكول عنها مطابقاً للقانون - لما كان ذلك وكان يبين مما تقدم أن اليمين الحاسمة التي وجهها الطاعن إلى المطعون ضده أمام محكمة الاستئناف قد وجهت في واقعة غير مخالفة للنظام العام ومنصبة على المبلغ المطالب به ومتعلقة بشخص من وجهت إليه فخلفها المطعون ضده طبقاً للقانون وأعمل الحكم المطعون فيه الأثر الذي يرتبه القانون على أدائها بأن قضى بتعديل الحكم الابتدائي وحكم على مقتضاها فإن الحكم المطعون فيه لا يكون في ذلك كله قد خالف القانون ومن ثم يكون الطعن فيه بالنقض غير جائز.
[(1)] نقض مدني 27/ 2/ 1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 368.
ساحة النقاش