حق الوكيل بأجر في الرجوع على الموكل بالتعويض عما لحقه من ضرر بسبب عزله في وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول. القضاء بالتعويض على الأساس الأول. لا حاجة لبحث الأساس الثاني. م 715/ 1 مدني.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 854
جلسة 29 من إبريل سنة 1975
برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد صدقي العصار، ومحمود عثمان درويش.
(167)
الطعن رقم 368 لسنة 40 القضائية
(1 و2) وكالة "إنهاء الوكالة". تعويض. إثبات.
(1) حق الوكيل بأجر في الرجوع على الموكل بالتعويض عما لحقه من ضرر بسبب عزله في وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول. القضاء بالتعويض على الأساس الأول. لا حاجة لبحث الأساس الثاني. م 715/ 1 مدني.
(2) إنهاء الموكل العقد للوكالة في وقت غير مناسب. تعويض الوكيل مقابل ما فاته من عمولة وما لحقه من خسارة. عدم استجابة المحكمة لطلب الموكل إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير لإثبات استمرار حصول الوكيل على أرباح لم تكن محل اعتبار في تقدير التعويض. لا عيب.
1 - النص في المادة 715/ 1 من القانون المدني، يدل على أنه وإن كان للموكل أن يعزل الوكيل في أي وقت، إلا أنه في حالة الوكالة بأجر يحق للوكيل أن يرجع على الموكل بالتعويض عما لحقه من ضرر بسبب عزله إذا كان في وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بالتعويض على أنها أنهت الوكالة في وقت غير مناسب لأنها أخطرت المطعون عليه بفسخ العقد مخالفة شروطه التي توجب أن يكون الإخطار قبل انتهاء المدة بثلاثة أشهر وأنها بذلك تكون قد أساءت استعمال حقها في إنهاء عقد الوكالة وهو ما يكفي لإقامة الحكم على أساس قانوني سليم في قضائه بالتعويض، ومن ثم فإنه لا يكون في حاجة بعد ذلك إلى بحث التعويض على أساس إنهاء الوكالة بغير عذر مقبول، لأن أحد الأساسين يكفي وحده للقضاء بالتعويض.
2 - متى كانت المحكمة قد قدرت الضرر الذي لحق المطعون عليه - وكيل بالعمولة لتوزيع منتجات شركة البيرة الطاعنة - من إنهاء الوكالة في وقت غير مناسب بمبلغ ألفي جنيه منها ألف جنيه مقابل ما فاته من عمولة عن سنة 1959 مستهدية في ذلك بالعمولات التي تقاضاها عن السنوات السابقة وألف جنيه مقدار ما لحقه من خسارة بسبب الاستيلاء على مستودعه وتأمين الزجاجات الفارغة والتعويضات التي دفعها لعماله، وهو ما يتضمن الرد على دفاع الطاعنة - بأنه لم يلحق الوكيل ضرر - لأنه ما زال يتعامل معها بصفته صاحب مقهى وبار - لأن إنهاء الوكالة قد أضاع على المطعون عليه العمولة التي كان يحصل عليها وهي بخلاف الأرباح التي كان يجنيها من بيع البيرة في المقهى والبار قبل وبعد إنهاء الوكالة، الأمر الذي لم تر معه المحكمة حاجة إلى إحالة الدعوى إلى التحقيق أو الاستعانة بخبير لتحقيق ما تدعيه الطاعنة بهذا الخصوص، ومن ثم يكون النعي في غير محله.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1907 سنة 1959 تجاري القاهرة الابتدائية ضد شركة بيرة الأهرام وكراون بريوري المندمجة في الشركة الطاعنة طلب فيها الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ عشرة آلاف جنيه، وقال بياناً لدعواه إنه اتفق مع هذه الشركة بعقد مؤرخ 24/ 7/ 1948 على أن يقوم بتوزيع منتجاتها في الزمالك بوصفه وكيلاً عنها مقابل عمولة لمدة تنتهي في 31/ 12/ 1949 على أن يتجدد العقد تلقائياً سنة بعد أخرى ما لم يخطر أحد الطرفين الآخر بعدم التجديد قبل نهاية السنة بثلاثة أشهر على الأقل، وقد أخطرته الشركة في 30/ 12/ 1955 بفسخ العقد اعتبار من 24/ 7/ 1956 ثم عدلت عن ذلك واستمرت العلاقة قائمة بينهما طبقاً لأحكام العقد، غير أنها عادت وأخطرته في 25/ 10/ 1958 بفسخ العقد ابتداء من 1/ 1/ 1959 دون أن تراعي المهلة المتفق عليها وهي ثلاثة أشهر، وإذ تعسفت الشركة في استعمال حقها ولحقته من ذلك أضرار يقدرها بمبلغ 10.000 ج فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. وجهت الشركة الطاعنة دعوى فرعية إلى المطعون عليه طلبت فيها الحكم بإلزامه بمبلغ 175 ج و650 م، وفي 30/ 12/ 1962 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل للاطلاع على دفاتر الشركة وعلى الرصيد الدائن والمدين للمطعون عليه وبيان الوقت الذي انقطعت فيه الشركة عن مد المطعون عليه بمنتجاتها وأسباب ذلك وبحث مدى مديونيته للشركة، غير أنه لم تقدم دفاترها ومستنداتها للخبير ثم حكمت المحكمة في 21/ 5/ 1967 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن الشركة تعسفت في استعمال حقها في فسخ عقد الوكالة وأنه لحقه من ذلك ضرر تقدر قيمته بعشرة آلاف جنيه. وبعد سماع شاهدي المطعون عليه حكمت المحكمة بتاريخ 25/ 2/ 1968 بإلزام الشركة بأن تدفع للمطعون عليه مبلغ خمسمائة جنيه ورفضت الدعوى الفرعية. استأنفت الشركة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافها برقم 155 سنة 85 ق تجاري، كما استأنفه المطعون عليه أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم 214 سنة 85 ق تجاري، وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئناف الأخير إلى الأول قضت بتاريخ 3/ 3/ 1970 ببطلان الحكم المستأنف لعدم توقيع جميع أعضاء الهيئة على مسودة الحكم المشتملة على أسبابه وبإلزام الشركة بأن تدفع للمطعون عليه مبلغ 2000 ج وقبل الفصل في موضوع الدعوى الفرعية بتوجيه اليمين الحاسمة إلى المطعون عليه. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وتقول في بيان ذلك أنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن الوكالة عقد غير لازم وقد أخطرت المطعون عليه في 30/ 12/ 1955 بإنهاء العقد اعتباراً من 24/ 7/ 1956 ثم استمرت الشركة الطاعنة تتعامل مع المطعون عليه فيكون العقد قد تحول من عقد محدد المدة إلى عقد غير محدد المدة وغير مقيد بميعاد معين للإنذار، ثم أنهت الطاعنة العقد الجديد في 25/ 10/ 1958 اعتباراً من 1/ 9/ 1959 فلا تكون قد تعسفت في استعمال حقها، غير أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بأن الشركة عدلت عن إخطارها الأول بفسخ العقد وأرسلت للمطعون عليه خطاباً في 27/ 1/ 1959 بأنها لم تنفذ هذا الفسخ وتركت العقد يستمر مدة سنتين فيكون العقد الأول ظل قائماً بكافة شروطه ورتب الحكم على ذلك أن الشركة قد خالفت شروط العقد وتعسفت في استعمال حقها حين أخطرت المطعون عليه في 25/ 10/ 1958 بإنهاء العقد اعتباراً من 1/ 1/ 1959، وهذا القول من الحكم لا يصح رداً على دفاع الطاعنة سالف الذكر لأن مثار الخلاف هو ما إذا كان العقد الأول أو العقد الجديد هو الذي يحكم العلاقة بين الطرفين، الأمر الذي يعيب الحكم بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بما قرره الحكم المطعون فيه من أن "ما أثارته الشركة - الطاعنة - من أنها سبق أن صدرت إخطاراً منها للسيد/....... (المطعون عليه) في 24/ 7/ 1956 برغبتها في إنهاء عقد الوكالة وأنه بصدور هذا الإخطار يكون العقد قد تحول إلى عقد غير محدد المدة ولا يحتاج إلى إخطار بميعاد ثلاثة أشهر قبل نهايته لأن الشركة قد عدلت عن إخطارها الأول بفسخ العقد وأرسلت خطاباً للسيد/........ في 27/ 1/ 1959 تخطره بأنها لم تنفذ هذا الفسخ بل تركته يستمر في تنفيذ العقد زهاء سنتين وذلك من شأنه أن يؤدي إلى امتداد العقد مدتين متلاحقتين، وأن العقد كان قائماً بكافة شروطه ومنها شرط وجوب الإخطار بإنهاء العقد قبل انقضاء مدته بثلاثة أشهر"، مما مفاده أن محكمة الاستئناف حصلت أن العقد الأول المؤرخ 24/ 7/ 1948 هو الذي ظل يتجدد بكافة شروطه ويحكم العلاقة بين الطرفين وهو يقضي بوجوب إخطار المطعون عليه بإنهاء العقد قبل نهايته بثلاثة أشهر واستندت المحكمة في ذلك إلى خطاب 27/ 1/ 1959 الذي أرسلته الشركة إلى المطعون عليه بأنها لم تنفذ الإخطار المؤرخ 30/ 12/ 1955 الخاص بإنهاء العقد اعتباراً من 24/ 7/ 1956 بل تركته يستمر مدة سنتين، وهو استخلاص سائغ يدخل في حدود سلطة محكمة الموضوع ويكفي للرد على دفاع الطاعنة بهذا الخصوص، وإذ رتب الحكم على ذلك أن الطاعنة قد خالفت شروط العقد لأنها أخطرت المطعون عليه في 25/ 10/ 1958 بإنهائه اعتباراً من 1/ 1/ 1959 دون أن تراعي المهلة المتفق عليها، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك أنه استند في قضائه إلى أن الطاعنة أساءت استعمال حقها لأنها أنهت الوكالة دون مراعاة المهلة المحددة لإنهاء العقد المبرم بين الطرفين في سنة 1948 مما يوجب مسئوليتها عن تعويض الأضرار التي لحقت المطعون عليه عملاً بحكم المادة 715 من القانون المدني، في حين أنه يحق للموكل طبقاً لهذه المادة إنهاء الوكالة لأنه ملحوظ فيها مصلحته وقد أنهت الطاعنة وكالة المطعون عليه رغبة منها في إعادة تنظيم عملها فتكون بذلك قد استعملت حقها استعمالاً مشروعاً ولا تلزم بالتعويض، غير أن الحكم لم يرد على هذا الدفاع، هذا إلى أنه كان يتعين على المطعون عليه أن يقيم الدليل على أن الطاعنة تعسفت في استعمال حقها وإذ قضى له الحكم بالتعويض دون أن يقيم الدليل على ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 715/ 1 من القانون المدني على أنه "يجوز للموكل في أي وقت أن ينهي الوكالة أو يقيدها ولو وجد اتفاق يخالف ذلك فإذا كانت الوكالة بأجر فإن الموكل يكون ملزماً بتعويض الوكيل عن الضرر الذي لحقه من جراء عزله في وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول" يدل على أنه وإن كان للموكل أن يعزل الوكيل في أي وقت، إلا أنه في حالة الوكالة بأجر يحق للوكيل أن يرجع على الموكل بالتعويض عما لحقه من ضرر بسبب عزله إذا كان في وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بالتعويض على أنها أنهت الوكالة في وقت غير مناسب لأنها أخطرت المطعون عليه بخطابها المؤرخ 25/ 10/ 1958 بفسخ العقد اعتباراً من 1/ 1/ 1959 مخالفة شروط عقد سنة 1948 التي توجب أن يكون الإخطار قبل انتهاء المدة بثلاثة أشهر وأنها بذلك تكون قد أساءت استعمال حقها في إنهاء عقد الوكالة، وهو ما يكفي لإقامة الحكم على أساس قانوني سليم في قضائه بالتعويض ومن ثم فإنه لا يكون في حاجة بعد ذلك إلى بحث التعويض على أساس إنهاء الوكالة بغير عذر مقبول لأن أحد الأساسين يكفي وحده للقضاء بالتعويض، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون عليه لم يلحقه ضرر من إنهاء الوكالة لأن توزيع البيرة كان مجرد نشاطه فرعي له بينما نشاطه الأصلي هو أنه صاحب مقهى وبار وقد استمر تعامله مع الشركة بهذه الصفة الأخيرة وما زال يحصل على الأرباح التي كان يجنيها من عمله كوكيل بعمولة، وقد طلبت الطاعنة ندب خبير أو إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا الدفاع غير أن الحكم المطعون فيه أغفل تحقيقه أو الرد عليه مما يشوبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قدرت الضرر الذي لحق المطعون عليه من إنهاء الوكالة في وقت غير مناسب بمبلغ ألفي جنيه منها ألف جنيه مقابل ما فاته من عمولة عن سنة 1959 مستهدية في ذلك بالعمولات التي تقاضاها عن السنوات السابقة، وألف جنيه مقدار ما لحقه من خسارة بسبب الاستيلاء على مستودعه وتأمين الزجاجات الفارغة والتعويضات التي دفعها لعماله وهو ما يتضمن الرد على دفاع الطاعنة لأن إنهاء الوكالة قد أضاع على المطعون عليه العمولة التي كان يحصل عليها وهي بخلاف الأرباح التي كان يجنيها من بيع البيرة في المقهى والبار قبل وبعد إنهاء الوكالة، الأمر الذي لم تر معه المحكمة حاجة إلى إحالة الدعوى إلى التحقيق أو الاستعانة بخبير لتحقيق ما تدعيه الطاعنة بهذا الخصوص ومن ثم يكون النعي بهذا السبب في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ساحة النقاش